ما الثقة بالنفس، وما أسباب انعدامها؟
تُعرَّف الثقة بالنفس على أنَّها إيمان الإنسان بنفسه، وبقدراته وإمكانياته، وشعوره بعلو قيمته، واحترام ذاته، والتصرف بثقة من دون خشية ردود الآخرين؛ لذا يكون الشخص الواثق بنفسه سيد ذاته من دون مُنازع، وتُميِّزه الابتسامة الدائمة على وجهه.
على عكس الشخص عديم الثقة بنفسه، الذي يشعر بأنَّه مُراقب دوماً، فيعيش في حالة من الخوف والقلق، ويتصرف حسب أهواء ورغبات الآخرين، خوفاً من تعرضه للانتقاد.
ويمكن أن تُعزى مشكلة انعدام الثقة بالنفس إلى أسباب عديدة؛ فيما يلي أهمها:
أسباب ضعف الثقة بالنفس:
1. الطفولة:
إنَّ حصول الطفل على العاطفة والاهتمام والدعم، يؤثِّر إيجاباً في ثقته بنفسه. أمَّا في حال انشغال الأهل عن الطفل، وانتقاده والتقليل من شأنه، وتوجيه الكلام السلبي إليه، أو في حال تعرضه للتنمر من الآخرين، فإنَّ الطفل سيكبر وهو يُعاني انعدام الثقة بنفسه.
2. التجارب الشخصية:
يمرُّ كل إنسان بتجارب شخصية صعبة أو فاشلة، سواءً مهنية كانت أم دراسية أم عاطفية، وقد تؤثِّر في ثقته بنفسه، فتجعله يتبنَّى اعتقاداً بأنَّه إنسان فاشل، وغير قادر على البدء من جديد لتحقيق النجاح.
3. الأمراض النفسية:
تؤثِّر الإصابة باضطرابات القلق أو الاكتئاب في الثقة بالنفس.
4. وسائل التواصل الاجتماعي:
أثبتت الدراسات التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي في الصحة النفسية لمُستخدميها، وفي ثقتهم بأنفسهم، وذلك نتيجة مقارنة حياتهم مع الحياة المثالية التي يعرضها الآخرون.
مظاهر انعدام الثقة بالنفس:
هناك مجموعة مظاهر يُعاني منها عديم الثقة بنفسه؛ من أبرزها:
- يشعر من يُعاني من انعدام الثقة بالنفس من تدني تقدير الذات.
- يميل عديم الثقة بنفسه إلى الانطواء، فهو يخشى حضور المناسبات الاجتماعية، ويتحاشى لقاء الناس؛ ذلك لأنَّه يخشى ألا يكون محل إعجابهم.
- الحساسية المُفرطة، وعدم تقبُّل الملاحظات أو الانتقادات؛ إذ إنَّه يعدُّها أمراً موجهاً إليه شخصياً.
- يلجأ دائماً إلى مقارنة نفسه بالآخرين، ويصل إلى نتيجة مفادها أنَّه أقل شأناً ونجاحاً منهم.
- لا يملك الجرأة للبوح بأفكاره ومشاركة آرائه مع الغير.
- يحكم بالفشل على أي خطوة يُقدِم عليها.
- يسعى لإرضاء الناس؛ إذ يُكرِّس حياته لأجل الآخرين ورضاهم على حساب نفسه وطاقته.
- المبالغة في مدح الآخرين وتقديرهم، والمبالغة في الاعتذار عن تصرفاته وتبريرها، ولو لم يكن له دور فيما حصل.
- ينتقد نفسه على الدوام.
- لا يصدق من يمدحه، ويعتقد أنَّه يُجامله.
- يعزي الشخص عديم الثقة بنفسه ما يُحققه من نجاحات إلى الحظ، فهو لا يؤمن بنفسه وإمكانياته.
- التأثُّر الكبير بكلام وآراء الآخرين عنه، فهو يستمد نظرته عن نفسه، من نظرة الآخرين إليه.
20 طريقة للتخلص من انعدام الثقة بالنفس:
ينصحنا أطباء وخبراء الصحة النفسية بالطرائق التالية للتخلص من مشكلة انعدام الثقة بالنفس:
1. الإيمان بالنفس:
يُعدُّ الإيمان بالنفس وتجنب التشكيك في قدراتها وإمكانياتها، أحد أهم مفاتيح التخلص من انعدام الثقة بالنفس.
2. عدم جلد الذات:
من الأخطاء التي يرتكبها الإنسان بحق نفسه، هي جلد ذاته ولومها، وعدم مسامحتها على أبسط الأخطاء، وتحميلها المسؤولية طوال الوقت عن أي تقصير أو مشكلة تحدث.
3. تسجيل الإنجازات:
يُنصح بتسجيل ما حقق الشخص من إنجازات ونجاحات، ولو كانت بسيطة، أو تدوين مواقف أبدى فيها ذكاءً ملحوظاً، حيث يمكنه كل فترة مُراجعة ما سجَّله، لتذكير نفسه بأنَّه يستطيع؛ الأمر الذي يُعزز شعور الثقة بالنفس، ويحفزها على تحقيق المزيد.
4. جعل صوتك الداخلي إيجابياً:
يُركِّز خبراء التنمية البشرية، على ضرورة أن يكون صوتنا الداخلي الذي نُخاطب به أنفسنا إيجابياً، داعماً، مُحفزاً، وذلك باستخدام عبارات من قبيل: "أنت قادر، أنت تستطيع، أنت قوي، أنت ناجح"، والابتعاد عن الكلمات السلبية؛ مثل: "أنت فاشل، أنت لا تستطيع"؛ حيث أثبتت الدراسات والأبحاث أنَّ العقل الواعي يتبنَّى أفكارنا ويُترجمها إلى أفعال وسلوكات.
5. اعتزال الأشخاص السلبيين:
أن يعتزل الإنسان التعامل مع الأشخاص السلبيين، دائمي الشكوى والتذمر والانتقاد اللاذع وتحطيم المعنويات، ويُحاول إحاطة نفسه بأشخاص إيجابيين، داعمين لغيرهم، ينقلون عدوى التفاؤل إلى من يتعامل معهم.
6. استثمار لغة الجسد:
قد تعبِّر لغة جسدك عن خجل أو خوف أو ضعف، وذلك من خلال طريقة جلوس منحنية، أو وقوف مُرتبك، أو حركة يدن مرتجفة؛ لذا يجب على الإنسان الانتباه للغة جسده، ليعمل على إعادة توجيهها، بما يُظهر الثقة بالنفس والقوة.
7. التعرف إلى نقاط القوة ونقاط الضعف:
من المفيد أن يعرف الإنسان نقاط قوَّته ومميزاته، فيعمل على تنميتها وتذكُّرها دائماً لزيادة ثقته بنفسه. وأيضاً من الضروري الاعتراف بنقاط الضعف، والتصالح معها؛ إذ لا يوجد إنسان بلا عيوب، ثم إنَّ المهم هو العمل على تلافيها وإصلاحها.
شاهد بالفديو: 8 طرق مهمة لتتخلّص من نقاط ضعفك بسرعة
8. تجنب المقارنة:
لكل إنسان منَّا ما يُميزه، وينفرد به عن غيره، فقد ينجح أحدنا في هذا، وقد ينجح آخر في ذاك؛ لذا يجب تجنب المقارنة مع الآخرين تماماً، لأنَّها تدمر ثقة الإنسان بنفسه، وتُفقده الرضا عن ذاته وما يُحققه.
9. الاعتراف بجهودك:
لم يأتِ ما حققته من نجاح وإنجاز مُصادفةً، أو بسبب حظ وفير، إنَّما جاء نتيجة جهود بذلتها، ومهام وأعمال نفذتها، وتعب صبرت عليه؛ لذا اعترف بأنَّك نجحت بجهدك وافتخر بنفسك.
10. تقبُّل الفشل:
من أسرار الأشخاص الناجحين والواثقين بأنفسهم، تقبُّلهم الفشل، والنظر إليه على أنَّه درس وفرصة للتعلم وتدارك الأخطاء، استعداداً لانطلاقة جديدة بعزيمة أقوى.
11. تطوير الذات:
حتى يستمر الإنسان في الشعور بالثقة والرضا عن النفس، لا بدَّ أن يُثابر على تطوير ذاته، وذلك باتِّباع الدورات والكورسات التي تصقل خبراته وتُنمِّي مهاراته.
12. التعبير عن نفسك:
من أهم طرائق التخلص من انعدام الثقة بالنفس، أن يُعبِّر الإنسان عن ذاته، سواءً بطرح أفكاره وآرائه، أم بالتصرف حسب قناعته وما يُناسبه، فلا يتجاهل مشاعره الخاصة، ولا يسمح لأحد بأن يُصادره هذا الحق خوفاً من أحكام الآخرين أو من توجيه الانتقادات إليه.
13. قول كلمة "لا":
من يرضخ ويقول نعم لكل شيء، لن يعرف للثقة بالنفس طريقاً؛ لذا على الإنسان أن يتعلم قول كلمة "لا" لكل أمر لا يُناسبه، أو لا يرضيه.
14. الابتعاد عن الهوس بالكمال:
يُدمر الهوس بالكمال، والتركيز على العيوب الصغيرة، ثقة الإنسان بنفسه؛ لذا لا بدَّ أن يُحارب الإنسان هوسه بالكمال، ويُدرك أنَّ حالة الكمال مستحيلة الحدوث!
15. اتخاذ القرارات بنفسك:
قد يلجأ الإنسان إلى طلب مساعدة غيره في اتخاذ قراراته، وهذه طعنة موجهة إلى ثقة الإنسان بنفسه، لأنَّه بهذا يتبنَّى فكرة عدم قدرته على اتخاذ قرار بمفرده؛ لذا لا مانع من استشارة الإنسان غيره، ولكن يجب عليه أن يتخذ القرار بنفسه من دون أن يسمح لأحد بتقرير مصيره بدلاً عنه. وليتذكر دائماً بأنَّ القرار الخاطئ درس يتعلم منه ليُصبح أقوى.
16. مواجهة المخاوف:
الخوف أكبر أعداء الثقة بالنفس؛ لذا واجه مخاوفك، وانتصر عليها، واقبل المغامرة، وانفتح على تجربة كل ما هو جديد؛ إذ يزيد الانفتاح على آفاق جديدة الثقة بالنفس.
17. التحرر من الماضي:
يُدمر استمرار التفكير في الماضي الثقة بالنفس، ويجعل تأثيره السلبي يتأصل في حياتنا، ويصبح الإنسان يُعلِّق كل أخطائه اليوم، على شماعة الماضي؛ فلا يتعلم منها ولا يُطور نفسه؛ لذا من المهم أن نتحرر من الماضي، ونتصالح معه، لنعيش الحاضر بسلام، ونمضي قُدماً في حياتنا، ونحن مُفعمون بالثقة بالنفس.
18. كُن أنت:
لا تنزلق في مطب مُحاولة إرضاء الآخرين؛ كُن أنت، ولا تُحاول تغيير نفسك حتى تعجبهم؛ لا تكن نسخة منهم، لأنَّك بذلك تخسر نفسك!
19. الاهتمام بالشكل الخارجي:
لا يُمكن إنكار تأثير الشكل الخارجي في الثقة بالنفس؛ لذا من المُفيد أن يهتم الإنسان بتناول الغذاء الصحي، والاعتناء ببشرته ونظافته الشخصية، والالتفات إلى مظهره وأناقته بالإضافة إلى ممارسة الرياضة؛ إذ أثبتت الدراسات دور الرياضة في تحسين الصحة النفسية للإنسان، وتفريغ الطاقة السلبية، وتعزيز الثقة بالنفس. وكل ما سبق ذكره يرسل إشارات لا واعية إلى العقل، بأنَّك تستحق الأفضل!
20. المشاركة في الأعمال التطوعية:
إنَّ مشاركة الإنسان بالأعمال التطوعية، وتقديم المساعدة إلى لآخرين، يعود عليه بموجة ضخمة من المشاعر الإيجابية، والثقة والرضا عن النفس، وذلك لشعوره بأنَّ وجوده هام ومؤثِّر في حياة الآخرين.
في الختام، من أجمل ما قيل في الثقة بالنفس:
- الشخص الواثق بنفسه، هو الذي يقول لا للخطأ، ونعم للصواب.
- أُدرِك أنَّ لا أحد يُمكنه أن يتسبب في هزيمتي: إلا أنا.
- إن كانت لديك ثقة بنفسك، فأنت ستُلهم الآخرين الثقة.
- إن شككت بنفسك، فأنت تقف على أرض مُهتزة.
- عليك أن تفعل الأشياء التي تعتقد أنَّه ليس باستطاعتك أن تفعلها.
- يجب أن تثق بنفسك؛ إذ إن لم تثق بنفسك، فمن ذا الذي سيثق بك.
- ليس المهم كيف يراك الناس، لكنَّ المهم هو كيف ترى أنت نفسك.
- إنَّ الواثق بنفسه يقود الآخرين.
- من يتصرف بدافع الخوف يظلُّ خائفاً، ومن يتصرف بدافع الثقة بالنفس يتطور.
- إنَّ بإمكان عقلك أن يُدهش جسدك، إذا استطعت أن تقول لنفسك: "يُمكنني تحقيق ذلك"، "يُمكنني عمل ذلك".
- من يثق بنفسه لا يحتاج إلى مدح الناس، أمَّا من يطلب الثناء، فذلك يدل على ارتيابه في قيمة نفسه.
- إنَّ الثقة بالنفس ما هي إلا عادة، يُمكنك أن تُنميها، وتعمل على تطويرها.
- الشخص الوحيد الذي يجب عليك أن تُقارن نفسك به، هو "أنت فقط".
أضف تعليقاً