ما هي الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة؟ وكيف تضعها؟

هل أنت راضٍ عمَّا وصلت إليه في الحياة حتى الآن؟ إذا كان الجواب "نعم"، فأنت محظوظ تماماً؛ وإذا كان "لا"، فأهلاً بك في عالم الواقع. لا يمكن أن يكون معظم البشر راضين تماماً عن حياتهم مهما عَدَّها الآخرون ناجحة؛ ذلك لأنَّنا نُحِسُّ في لحظات معينة أنَّ حياتنا بلا معنى أو هدف أو غاية؛ ومن أجل التخلص من أسلوب الحياة العشوائي هذا، عليك أن تتعلم كيف تضع خطة تنظِّم شؤون حياتك.



ما هي الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة؟ وكيف تمنحك مزيداً من الرضا عن حياتك؟ وإذا كانت مذهلة إلى هذا الحد، فكيف تضعها؟

لحسن الحظ، ستجد في هذه المقالة إجابات عن جميع هذه الأسئلة، فتابع معنا لتتعرف إلى الأسرار التي ستغيِّر حياتك كلياً.

ما هي الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة؟

لا يوجد إنسان دون أمنيات أو أحلام، بيد أنَّ معظم الناس على الأرجح يَعُدُّون أمنياتهم وأحلامهم كلها غير واقعية وغير قابلة للتحقيق؛ ونتيجة ذلك، يمنعهم خوفهم الشديد غير المُبرَّر من الإخفاق في أثناء محاولة تحقيق طموحاتهم.

إذا كان البشر يستطيعون الوصول إلى القمر والغوص تحت الماء والطيران، فكلُّ شيء ممكن، وأكثر شيء ممكن هو تحقيق أفكارنا.

قد تتساءل كيف يمكن تحقيق هذه الفكرة أو الأمنية أو ذاك الحلم، وأبسط جواب عن هذا التساؤل هو: وضع خطة تنظِّم شؤون حياتك؛ فما هي إذاً هذه الخطة؟ هل هي كتيِّب فيه تعليمات تبيِّن كيف يُفترَض أن تعيش حياتك؟ أم أنَّها شرح مفصل يتضمَّن الخطوات التي يجب عليك اتخاذها في كل دقيقة؟

الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة ليست أيَّاً من هذه الأمور، بل هي وثيقة مكتوبة تتعهد فيها بالسعي إلى تحقيق الأهداف التي تريد إحرازها؛ إذ إنَّها أشبه بتحويل الأفكار إلى كلمات مكتوبة على الورق؛ لكن ماذا لو كنت قد بلغت أوائل العقد الثالث من عمرك ولم تكن تعرف إن كانت الأهداف التي تسعى حالياً إلى إحرازها هي الأهداف نفسها التي ستسعى إلى إحرازها حينما تبلغ العقد الخامس منه؟

لا شيء يدعو إلى القلق، فأنت الذي تتحكم كلياً بخطة حياتك، وتُعَدُّ هذه الخطة مرنة في الحقيقة؛ إذ يجب عليها أن تكون كذلك، ويجب أن يوجد فيها مجال يكفي لإجراء تغييرات تتيح لك النمو وإحراز النجاح مستقبلاً.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تساعدك على التكيّف مع متغيرات الحياة

لماذا تُعَدُّ الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة هامة؟

إذا كنت لا تكتب إلَّا أفكارك، وإذا لم تكن هذه وثيقة ثابتة، فلماذا تُعَدُّ الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة هامة أساساً؟ اسأل نفسك: إلى كم فكرة تتوصل كل يوم؟ وكم واحدة تتذكر في النهاية؟ وكم واحدة تنفذ منها؟

الأفكار الوحيدة التي تتحول إلى واقع هي تلك التي تنتقل من العقل إلى الورق والعالم، حيث يُكتَب بهذه الطريقة للأفكار الحياة؛ إذ يجب أن تُبعَث الحياة في أهدافنا، حتى تلك بعيدة الأمد؛ والطريقة الوحيدة للحصول على فرصة لتحقيق هذه الأهداف عمليَّاً هي إخراجها من عقولنا.

من ناحية أخرى، تُعَدُّ الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة نوعاً من أنواع الالتزام، وهي أشبه بتوقيع وثيقة رسمية، لكنَّك في هذه الحالة السلطة التي تَسنُّ القوانين؛ إذ إنَّها في النهاية التزام بخطة تنظِّم شؤون حياتك جميعها، وإذا تغيرت أهدافك وأولوياتك مستقبلاً، فإنَّ لديك سبباً وجيهاً يدعوك إلى استبدالها أو تعديلها بما يتناسب مع هذا التغيير.

لكنَّ الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة تحافظ على التركيز في معظم الأحيان، وتقدم لك التوجيهات التي تحتاج إلى اتباعها خلال سنوات حياتك؛ وعن طريق هذه الخطة، تظلُّ الرؤية التي تسعى إلى تحقيقها نُصب عينيك، وتبقى كل الأعمال التي تفكر في القيام بها متناسقة مع الخطط بعيدة الأمد.

شاهد بالفديو: كيف تزرع التفاؤل في حياتك؟

كيف تضع خطة تنظِّم شؤون حياتك؟

دعنا ننتقل الآن إلى الجزء الأهم، ألا وهو طريقة وضع خطة تنظِّم شؤون الحياة؛ إذ لا يوجد استراتيجية محددة أو قاعدة ثابتة حينما يتعلق الأمر بطريقة وضع هذه الخطة، وكل ما تحتاج إليه هو أن تَصدُق مع نفسك.

لكن قبل كل شيء، اتبع النصائح التالية حتى تضع خطة واقعية وممكنة التنفيذ تنظِّم شؤون حياتك وتلبي احتياجاتك:

1. كُن واعياً بإخفاقاتك:

يجب على معظم الخطط أن تبدأ بنقاط القوة التي تمتلكها، مثل الإنجازات التي أحرزتها، والمهمات التي لم تخطئ قطُّ في تنفيذها، والمهارات التي تتقنها؛ لكنَّ هذا ليس أصدق وجهة نظر في الحياة.

في الحقيقة، نحن جميعاً نخفق، وتحدث إخفاقاتنا بوتيرة أكبر من قدرتنا على تقبل الاعتراف بها؛ لكن يجب علينا أن نتقبل إخفاقاتنا لكونها في النهاية تساعدنا على تطوير شخصياتنا، وهي دليل يثبت أنَّنا نعمل.

إذا بدأت الخطة بالإخفاقات، فستفهم مباشرة وبوضوح في أي الطرق ستسير مستقبلاً؛ إذ تبيِّن الإخفاقات الطريق الذي تبذل في اتباعه جهوداً صادقة، ويُعَدُّ استمرار الإخفاقات بعد العديد من المحاولات والتغييرات إشارة تَدُلُّ على الحاجة إلى اتباع طريق آخر.

حينما تدرك إخفاقاتك، تعرف مباشرة وبوضوح إلى أين تتجه، والأشياء التي تحتاج إلى إصلاح حتى تسير باقي الرحلة بسلاسة.

إقرأ أيضاً: الاستفادة من الفشل: كيف يمكن لإخفاقاتك أن تدعم نجاحك المستقبلي؟

2. حدِّد رؤيتك وقيمك على الأمد البعيد:

يجب على الخطط أن تتماشى مع الأخلاق والمعتقدات، ويجب عليك أن تحدد قيم الحياة التي تؤمن بها قبل وضع أيِّ خطة؛ إذ سيمنعك ذلك من وضع خطة تتعارض مع قيمك الروحية وتُخِلُّ بالتوازن الذهني؛ لذلك يُعَدُّ الالتزام بالقيم أمراً هاماً جداً لعيش حياة سعيدة.

في حال كنت شخصاً يؤمن إيماناً راسخاً بأهمية التعاطف مع الآخرين، فيجب عليك أن تتأكد من أنَّ خططك بعيدة الأمد لا تؤذي الأشخاص الذين يحيطون بك؛ إذ لا يستطيع الشخص الذي يبدي تعاطفه مع الآخرين العمل مثلاً في مصنع مستحضرات تجميل يجري تجارب على الحيوانات.

شاهد بالفديو: كيف تضع خطة وتصل إلى أهدافك في الحياة؟

3. قيِّم نفسك باستمرار:

ألقِ نظرة على الماضي، وفكر في أبرز الأمور والأحداث الحاضرة في ذاكرتك، وتعلم منها الدروس من خلال الاستفادة من الأمور الجيدة التي فيها وتحديد طرائق لإصلاح السيء منها، وحدد الأشياء التي لن تعود إلى القيام بها أبداً والأمور التي تريد الاستمرار فيها؛ إذ يجب عليك ألَّا تدع الماضي يشغل تفكيرك، ويُعَدُّ إجراء عملية تقييم متعمقة أمراً ضرورياً قبل المضي قدماً إلى المستقبل.

4. رتِّب أولويات المستقبل:

لقد حان الوقت الآن لترتيب خطط المستقبل ترتيباً زمنياً؛ فأنت في هذه المرحلة تحديداً لا تُقسِّم الهدف أو الخطة، بل تحتاج إلى ترتيب الأمور من حيث الأولوية في ضرورة إنجازها.

على سبيل المثال: إذا كان عمرك الآن 30 عاماً، فربَّما يكون الحصول على منزل بعد سنتين أولى أولوياتك، وقد تكون الأولوية التالية بعد ذلك الزواج عند بلوغ سن الـ 35، وقد تسعى بعد ذلك إلى إطلاق مشروع تجاري جديد.

إقرأ أيضاً: تحديد الأولويات: أفضل استثمار للجهد والوقت

تنظيم الأهداف ووضع خطة عمل:

لقد أصبحت الصورة واضحة في ذهنك الآن، وقد رتَّبت أيضاً أولوياتك المستقبلية، وقد حان الوقت لوضع كل شيء موضع التنفيذ.

ابدأ وضع أهداف ذكية (SMART) لكل خطة من الخطط التي تنوي تنفيذها مستقبلاً، ثم ضع خطة عمل اعتماداً عليها؛ فأنت في حاجة أساساً إلى تقسيم الأهداف إلى خطوات صغيرة وعملية وقابلة للتنفيذ.

مثلاً: من أجل شراء منزل، أنت بحاجة أولاً إلى ادِّخار المال، ويجب على خطتك أن تتضمَّن جميع الطرائق الممكنة لادِّخار مزيد منه وشراء منزل مناسب.

طلب المساعدة:

أنت تضع خطة تنظِّم شؤون حياتك بحيث تُعَدُّ المسؤول الوحيد عنها والمستفيد الوحيد منها؛ لهذا السبب تحتاج إلى أشخاص يقدمون لك الدعم، ويشجعوك على عيش الحياة بكل تفاصيلها، والنهوض مجدداً حينما تُحِسُّ بالإرهاق والرغبة في الاستسلام؛ إذ تُعَدُّ الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة عديمة النفع إذا لم تُحِط نفسك بأشخاص تريد أن تكرس حياتك لأجلهم.

تتعلق المسألة كلها في النهاية بك وبرغبتك في تطوير حياتك؛ فإذا أردت في يوم من الأيام أن تفخر بإنجازاتك، تُعَدُّ الخطة التي تنظِّم شؤون الحياة خير ما تبدأ به.

في إمكانك أن تتخذ من دروس الحياة نماذج مجانية سهلة التطبيق، فلا عذر يبرر لك التردد بعد الآن؛ لذا ابدأ من الآن إعداد خطة تنظِّم شؤون حياتك، بحيث تتمكَّن من الإحساس بالامتنان حينما تتذكَّر الماضي بعد عدة سنوات.

المصدر




مقالات مرتبطة