ما الأمور التي يجب معرفتها عن المرض العقلي؟ وكيف نتعامل معه؟

على الرغم من أنَّ معظم الناس يعتقدون أنَّ المرض العقلي نادر، إلا أنَّ هذا ليس صحيحاً أبداً، ففي الواقع يعاني نحو 54 مليون أمريكي من اضطراب أو مرض عقلي في كل عام، ويصيب المرض العقلي واحداً من كل أربعة أشخاص حول العالم في مرحلة ما من حياتهم، لكن يمكن علاج العديد من هذه الأمراض عن طريق الأدوية أو العلاج النفسي أو كليهما معاً؛ لذلك سنستعرض في هذا المقال أهم ما يجب أن تعرفه عن المرض العقلي، وما هي سبل العلاج المتاحة؟ وكيف يمكنك أن تتعامل مع المرض عند إصابتك به؟ فإذا كنت من المهتمين فتابع معنا.



بعض الأمور التي يجب أن تعرفها بخصوص المرض العقلي:

1. المرض العقلي ليس خطأك:

غالباً ما يستخف المجتمع من المرض العقلي وأولئك الذين يعانون منه، لذلك يكون من السهل عليك تصديق أنَّ سبب معاناتك من هذه المشكلات العقلية هو أنَّ لا قيمة لك أو أنَّك لا تعمل بجد بما فيه الكفاية، ولكنَّ هذا ليس صحيحاً أبداً، فإذا كنت تعاني من مرض عقلي، فهذا ناتج عن حالة صحية معينة وليس عن فشل شخصي أو أي شيء آخر؛ لذلك إذا كنت تعاني من مرض عقلي ما فثق بنفسك وبقدراتك جيداً، ولا تأبه لأولئك الجهلة الذين يستخفون بك.

2. عوامل الخطر البيولوجية المحتملة:

لا يوجد سبب واحد للمرض العقلي، لكن توجد مجموعة متنوعة من العوامل البيولوجية التي من المعروف أنَّها تغير كيمياء الدماغ وتسبب اختلالات هرمونية، ومن أهم هذه العوامل:

  • التركيب الجيني: ترتبط بعض الأمراض العقلية مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب ارتباطاً وثيقاً بعلم الوراثة، فإذا تم تشخيص إصابة أي شخص آخر في عائلتك بمرض عقلي، فقد تكون أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض؛ وذلك بسبب التركيب الجيني الخاص بك.
  • الإصابات الفيزيولوجية: يمكن أن تؤدي بعض الإصابات مثل إصابات الرأس الشديدة أو التعرض للفيروسات أو البكتيريا أو السموم في أثناء نمو الجنين إلى مرض عقلي، ويمكن أن يؤدي تعاطي العقاقير المحظورة أو الكحول أيضاً إلى الإصابة بالأمراض العقلية أو تفاقمها.
  • بعض الحالات الطبية المزمنة: يمكن أن تزيد الحالات الطبية المزمنة، مثل السرطان وغيره من الأمراض الشديدة طويلة الأمد من خطر الإصابة بأمراض عقلية معينة متعلقة بالقلق والاكتئاب.
إقرأ أيضاً: 5 أسباب تدفعك للحديث عن مشكلات الصحة العقلية التي تعاني منها

3. عوامل الخطر البيئية المحتملة:

ترتبط بعض الأمراض العقلية مثل القلق والاكتئاب ارتباطاً وثيقاً ببيئتك الشخصية وشعورك بالسعادة؛ إذ يمكن أن تسبب حالات الاضطرابات وعدم الاستقرار المرض العقلي أو تفاقمه، ومن أهم هذه العوامل:

  • تجارب الحياة الصعبة: المواقف العاطفية المؤلمة للغاية في الحياة يمكن أن تؤدي إلى المرض العقلي لدى الشخص، ويمكن أن يتركز سبب الألم في لحظة معينة، مثل عند فقدان أحد الأحباء أو عند التعرض للاعتداء الجنسي أو الجسدي أو العاطفي.
  • الإجهاد: يمكن أن يؤدي الإجهاد إلى تفاقم المرض العقلي الموجود، ويمكن أن يكون أيضاً سبباً لأمراض عقلية مثل الاكتئاب أو القلق، ويمكن أن تكون النزاعات الأسرية والصعوبات المالية ومخاوف العمل كلها مصادر للتوتر ومسببة للإجهاد.
  • الوحدة: يمكن أن يؤدي عدم وجود شبكة دعم قوية وقلة الأصدقاء والافتقار إلى العلاقات الصحية إلى إثارة المرض العقلي أو تفاقمه.

4. العلامات والأعراض التحذيرية العقلية:

تبدأ بعض الأمراض العقلية منذ الولادة وتتطور مع مرور الوقت، أو حتى يمكن أن تظهر فجأة، وفيما يأتي بعض الأعراض التي يمكن أن تكون علامات تحذيرية للأمراض العقلية:

  • الشعور الدائم بالحزن أو الانفعال.
  • الشعور الدائم بالارتباك.
  • سيطرة مشاعر اللامبالاة أو فقدان الاهتمام.
  • القلق والغضب المفرط والميل إلى العدوانية والعنف.
  • الشعور بالخوف وجنون العظمة.
  • مشكلة في التعامل مع العواطف.
  • صعوبة في التركيز.
  • صعوبة التعامل مع المسؤوليات.
  • العزلة أو الانسحاب الاجتماعي.
  • مشكلات في النوم.
  • الأوهام والهلوسة.
  • أفكار غريبة ومنفصلة عن الواقع.
  • الميل إلى تعاطي الكحول أو المخدرات.
  • تغييرات كبيرة في عادات الأكل أو الدافع الجنسي.

شاهد بالفيديو: 6 عادات لتحسين الصحـة العقلية

5. العلامات والأعراض التحذيرية الجسدية:

في بعض الأحيان يمكن أن تكون الأعراض الجسدية بمنزلة تحذيرات لوجود مرض عقلي، فإذا استمرت هذه الأعراض لديك فاطلب المساعدة الطبية، وتشمل الأعراض التحذيرية ما يأتي:

  • تعب.
  • آلام مستمرة في الظهر والصدر.
  • سرعة دقات القلب.
  • فم جاف.
  • مشكلات في الجهاز الهضمي.
  • الصداع.
  • التعرق.
  • تغيرات جذرية في الوزن كالانتقال من النحول الشديد إلى البدانة المفرطة أو خلاف ذلك.
  • دوخة.
  • تغييرات جذرية في أنماط النوم.

6. خطورة الأعراض:

تظهر العديد من هذه الأعراض التي ذكرناها آنفاً بوصفها استجابة للأحداث اليومية، ومن ثم فهي ليست بالضرورة مؤشرات على إصابتك بمرض عقلي، لذلك يجب عليك أن تراقب هذه الأعراض فيما إذا كانت مستمرة أو إذا كانت تؤثر سلباً في قدرتك على العمل في الحياة اليومية، وتذكَّر ألا تخف أبداً من طلب المساعدة الطبية المتخصصة.

ما هي أهم المساعدات الطبية المتاحة أمامك بوصفك مريضاً عقلياً؟

1. الأطباء النفسيون:

هم أطباء أكملوا اختصاصهم في الطب النفسي، وإنَّهم أكثر المتخصصين النفسيين تدريباً على نطاق واسع، وهم عادة أفضل مصدر لمساعدتك على إدارة الأدوية الموصوفة، كما يتم تدريبهم أيضاً على تشخيص الأمراض العقلية بما في ذلك الأمراض الشديدة، مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب.

2. علماء النفس العياديون الحاصلون على درجة الدكتوراه في علم النفس:

عادة ما يكونون قد أكملوا فترات تدريب أو إقامات في مرافق الصحة العقلية، فيمكنهم تشخيص الأمراض العقلية وإجراء الاختبارات النفسية وتقديم العلاج النفسي، لكن إن لم يكن لديهم ترخيص خاص، لا يمكنهم عادةً كتابة الوصفات الطبية.

3. ممرضو الطب النفسي أو الصحة العقلية:

هم أشخاص حاصلون على الأقل على درجة الماجستير وتدريب متخصص في الصحة العقلية، ويمكنهم تشخيص الأمراض العقلية ووصف الأدوية، وفي بعض الحالات يمكنهم أيضاً تقديم العلاج النفسي، واعتماداً على حالتك قد يتطلب الأمر منهم التعاون مع طبيب نفسي.

4. الاختصاصيون الاجتماعيون الحاصلون على درجة الماجستير على الأقل في العمل الاجتماعي:

أكمل الاختصاصيون الاجتماعيون المرخصون فترات تدريب أو إقامات في مرافق الصحة العقلية، وتلقوا تدريباً جيداً في استشارات الصحة العقلية، لذلك يمكنهم توفير العلاج، لكن لا يمكنهم وصف الأدوية، وعادة ما يكونون على دراية بأنظمة الدعم الاجتماعي.

5. المستشارون الحاصلون على درجة جامعية في مجال الإرشاد:

عادة ما يكونون قد أكملوا فترات التدريب في مرافق الصحة العقلية، ويميلون إلى التركيز على قضايا الصحة العقلية مثل الإدمان وتعاطي المخدرات، وعلى الرغم من أنَّهم يستطيعون تقديم المشورة لمجموعة متنوعة من قضايا الصحة العقلية، إلا أنَّهم لا يمكنهم وصف الأدوية، وفي كثير من الدول لا يمكنهم تشخيص المرض العقلي.

إقرأ أيضاً: كيف تساهم الكتابة في تحسين الوعي الذاتي والصحة العقلية؟

كيف يجب أن نتعامل مع الأمراض العقلية بصفتنا مصابين؟

1. تجنَّب الحكم على نفسك:

من الشائع أن يشعر الأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية، وخاصة الأمراض المتعلقة بالاكتئاب والقلق، بأنَّهم ضعفاء كما لو أنَّهم يجب أن يكونوا قادرين على التخلص منها، لكن اعلم كما أنَّك لا تستطيع أن تتخلص بسرعة وسهولة من مرض السكري أو أمراض القلب، فأنت أيضاً لا تستطيع التخلص من المرض العقلي بسهولة.

2. أنشئ شبكة دعم:

إنَّ وجود شبكة من الأشخاص الذين يتقبلونك ويدعمونك أمر هام جداً لك، وخاصة إذا كنت تتعامل مع مرض عقلي، فالأصدقاء والعائلة أساس جيد للبدء منه بالتعافي، ويوجد أيضاً العديد من مجموعات الدعم الأخرى المتاحة؛ فابحث عن مجموعة دعم في مجتمعك، أو ابحث عن مجموعة عبر الإنترنت.

شاهد بالفيديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

3. ضع في حسبانك التأمل أو الرياضات الروحية:

في حين أنَّ التأمل لا يمكن أن يحل محل المساعدة المهنية المؤهلة أو الأدوية، إلا أنَّه يمكن أن يساعدك على إدارة أعراض بعض الأمراض العقلية، ولا سيما تلك المتعلقة بالإدمان وتعاطي المخدرات أو القلق؛ لذلك احرص على ممارسة بعض أنواع التأمل والرياضات الروحية مثل اليوغا؛ إذ يمكنك تعلم مثل هذه الرياضات الروحية في مراكز تدريب خاصة أو يمكنك أيضاً الاشتراك بكورس إلكتروني خاص.

4. حافِظ على نظام غذائي جيد ومارس الرياضة يومياً:

بينما لا يمكن للنظام الغذائي والتمرينات الرياضية أن تمنع الإصابة بالأمراض العقلية، إلا أنَّها يمكن أن تساعدك على إدارة بعض الأعراض، لذلك يعد الحفاظ على جدول منتظم والحصول على قسط كافٍ من النوم أمراً هاماً وخاصةً إذا كنت تعاني من مرض عقلي حاد، مثل الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب.

قد تحتاج إلى الانتباه بشكل مكثف إلى نظامك الغذائي وممارسة الرياضة إذا كنت تعاني من اضطراب في الأكل، مثل فقدان الشهية أو الشره المرضي أو الأكل بنهم، واستشر اختصاصياً للتأكد من أنَّك تحافظ على عادات صحية.

5. تجنَّب استهلاك الكحول:

يعد الكحول من مسببات الاكتئاب، ويمكن أن يكون له تأثير سلبي كبير في مشاعرك على الأمد البعيد، لذلك إذا كنت تعاني من مرض عقلي مثل الاكتئاب أو إدمان المخدرات، فقد يكون الكحول شيئاً يجب عليك الابتعاد عنه تماماً، واحذر جيداً من تناول الكحول في أثناء تناولك لبعض الأدوية الموصوفة، وتحدث مع طبيبك المعالج حول كيفية إدارة الأدوية الخاصة بك.

في الختام:

إنَّ الإنسان يعيش حياة واحدة في جسد واحد وروح واحدة، لذلك عليه الاعتناء بجسده وروحه جيداً لكي يتمكن من عيش حياة سعيدة وزاخرة بالنجاح والإنجاز.




مقالات مرتبطة