ومن ناحية أخرى، يُعَدُّ الإجهاد الوظيفي أكثر شيوعاً ومن المرجح أن يعاني منه الجميع في مرحلة ما من حياتهم المهنية، إلا أنَّ الإنهاك والإجهاد ليسا الشيء ذاته فقد يظهر الإجهاد عندما يعاني فريقك من الإرهاق المزمن والتشكيك بمهاراته وانخفاض الإنتاجية، وإذا كنت لا تصدق تماماً معاناة فريقك من التوتر والإجهاد؛ فينبغي عليك التفكير مرة أخرى؛ وذلك لأنَّه وفقاً للمعهد الأمريكي للإجهاد (American Institute of Stress) فقد أفاد 33% من الناس بأنَّهم مجهَدون للغاية بينما عانى 77% منهم من الإجهاد الذي أثَّر في صحتهم الجسدية وتبيَّن أنَّ 73% من صحة الموظفين العقلية تتأثر بالإجهاد كما تتعطل 48% من أنماط نومهم بسبب الإجهاد أيضاً.
إذاً؛ ما هي الفروقات والاختلافات بين الإجهاد والإنهاك؟
لقد أدرجت منظمة الصحة العالمية (World Health Organization) حالات الإنهاك في تصنيفها الدولي للأمراض، ووصفتها بأنَّها "متلازمة" ناتجة عن إجهاد مزمن في مكان العمل ولم يتم إدارتها بنجاح، كما تشير تحديداً إلى الظواهر في السياق المهني ولا ينبغي اعتمادها لوصف التجارب في مجالات الحياة الأخرى؛ أي أنَّ الإنهاك مرتبط دائماً بالعمل بينما الإجهاد ليس كذلك.
وفي استطلاعات شركة غالوب (Gallup) الأخيرة التي شملت أكثر من 7500 موظف ممن يعملون بدوام كامل؛ وجدت ما يأتي:
- شعر 23% بالإنهاك في أغلب الأحيان.
- شعر 43% بالإنهاك في بعض الأحيان.
ولذلك يتعامل ما يقارب من ثلثي العاملين بدوام كامل مع الإنهاك في مرحلة ما من العمل.
ولكن كيف يمكنك تحديد إذا ما كان فريقك يعاني من الإجهاد أم أنَّه على وشك الإنهاك؟ إليك الطرائِق التي تساعدك على اكتشاف ذلك:
ابحث عن الإشارات التحذيرية:
هل يظهر على فريقك علامات الإنهاك؟ لن تعرف ذلك إلا عندما تطرح هذه الأسئلة، التي قدمتها مؤسسة مايو كلينك (Mayo Clinic)، في أثناء المكالمات أو الاجتماعات:
- هل ترغم نفسك على الذهاب إلى العمل وتشعر بثقل في فعل ذلك؟ وهل تعاني من صعوبة في بدء العمل؟
- هل تجد صعوبة في التركيز؟
- هل ينقصك الرضا عن إنجازاتك؟
- هل تشعر بخيبة أمل حيال دورك في الشركة؟
- هل تستخدم الطعام أو المنبهات لتشعر بتحسن أم لكيلا تشعر بشيء؟
- هل تغيرت عاداتك في النوم؟
إذا كانت أغلب الإجابات بالإيجاب؛ فإليك بعض النصائح لتجنب مشاعر الإنهاك لديهم:
- كن مرناً وتعاون مع موظفيك لتغيير التوقعات أو التوصل إلى حلول وسطية أو جذرية؛ لذا حاول أن تضع أهدافاً لما يجب إنجازه وما يمكن تأجيله.
- كرِّس بعض الوقت للتأمل الذهني والتمرين.
- عزز النوم من خلال تجنب قراءة الرسائل الإلكترونية المرسلة خارج إطار زمني محدد، مثل من 7:00 صباحاً وحتى 7:00 مساءً.
- أسِّس فريق دعم من خلال تعيين لجنة عمل لمساءلة بعضهم بعضاً بشأن ممارسات الرعاية الذاتية المطلوب الالتزام بها في المؤسسة.
شاهد بالفيديو: 5 علامات تدل على الإصابة بالإنهاك الناجم عن العمل
معالجة أسباب الإنهاك:
يرجع السبب في الإنهاك إلى اختلال التوازن بين متطلبات العمل وموارده، وهو أمر معقد؛ لذا فإنَّ التركيز على أحد الأعراض الكبرى فقط من دون معالجة العوامل الأكبر التي تسببه يُعدُّ خطأ فادحاً. وقد تشمل العوامل ما يلي:
1. الافتقار إلى الحرية والاستقلال الذاتي:
حيث ينبغي أن يكون لأعضاء الفريق خيار فيما يتعلق بكيفية أدائهم للمهام المتصلة بأهداف عملهم ووقت القيام بذلك.
2. العبء الناجم عن ضغط العمل والمواعيد النهائية أو الأهداف:
حيث يحتاج الموظفون إلى موارد مخصصة لجعل التوقعات قابلة للتحقيق.
3. نقص الدعم المقدم من المدير أو الزميل:
يجب أن يشعر الموظفون بأنَّهم مشمولون ومدعومون وأنَّهم جزء من الفريق.
4. عدم الإنصاف:
لا يمكن أن يكون للمحسوبية مكان في ثقافة شركتك؛ حيث يجب تقييم الجميع بالنتائج التي يحققونها والقيمة التي يضيفونها بدلاً من صفاتهم أو آرائهم السياسية.
5. فصل القيم:
هل تفعل شركتك ما تقوله أم أنَّ قيمك المعلنة لا تتطابق مع بيئة مكان العمل التي أسستها؟
6. عدم الاعتراف والتقدير:
اجعل إعطاء التغذية الراجعة البنَّاءة والاعتراف بجهود الموظفين والامتنان حدثاً يومياً.
لقد زاد الوباء من المتطلبات على فريقك، سواء في حياتهم الشخصية أم في العمل وقد حان الوقت لإعادة صياغة الحوار حول الإنهاك؛ ذلك أنَّها ليست مشكلة فردية يمكن إصلاحها باستراتيجيات المساعدة الذاتية السريعة؛ بل مشكلة تتعلق بالنظام، يجب على كل فرد - لا سيَّما القيادة - الحد من تأثيراتها، ويمكننا فعل ذلك من خلال وضع استراتيجيات هادفة تعالج أسبابها الرئيسة التي تبدأ في مكان العمل.
أضف تعليقاً