أولًا: أسباب انتشار الآفات في المجتمع
نتيجة الانفتاح الذي نعيشه في عصرنا الحالي ازداد حجم المجتمع وأعداد الأفراد فيه، حيث أصبح المجتمع الواحد يضمّ العديد من الأفراد ذو أصولٍ وجنسياتٍ مختلفة، ولكل من هؤلاء الأفراد عاداتهم وتقاليدهم الخاصة التي ليست بالضرورة أن تكون جميعها إيجابيّة أو مُستحبة، وهذه العادات الغير مستحبة أدت إلى دمار وفشل العديد من المجتمعات، وسُميت فيما بعد بالآفات لأنّها كالعدوى التي تنتشر من شخصٍ لآخر نتيجة الاختلاط السيئ بين أفراد المجتمع، كانتشار التقاليد السيئة، الأفكار الخاطئة والغير سويّة، عدم القدرة على التمييز بين الأشياء الجيدة والسيئة، ضعف الثقافة العامة، وفضول الإنسان الذي يدفعه لتجريب كل شيئ بعيدًا عن التفكير المنطقي والعقلاني.
ثانيًا: أخطر الآفات المُسيطرة على المجتمعات العالميّة
1- المخدرات:
تُعتبر المخدرات إحدى أخطر الآفات المنتشرة بين صفوف الشباب في عصرنا الحالي، إذ أنّ هذه الآفة لم تعد تقتصر على الطبقات الغنيّة من الأفراد حيث أكدّت الدراسات التي أجرتها المنظمات العالميّة بأنّ آفة المخدرات أصبحت منتشرة بين جميع الفئات العمريّة وطبقات المجتمع الغني والفقير الذي اتجه إلى تعاطي المخدرات ليهرب من واقعهِ السيئ والظالم.
عوامل وأسباب انتشار المخدرات في المجتمع:
- ضعف الوازع الديني يُعتبر من العوامل الأساسيّة التي أدّت لانتشار المخدرات في المجتمعات العالميّة، حيث أنّ بعد الإنسان عن تعاليم الأديان السماويّة يدفعه إلى تجريب المحرمات والأشياء الخاطئة دون التفكير بعقاب الله والأضرار التي قد يُلحقها بنفسه.
- سوء الحالة الإقتصادية والمعيشيّة التي تسيطر على العديد من المجتمعات العالميّة تدفع بالفرد إلى امتهان بعض الأعمال التي تساعده على الحصول على الأموال بشكلٍ سريع، كالعمل في مجال توزيع وتهريب وتعاطي المخدرات والأسلحة.
- أسباب اجتماعيّة متعلقة بسوء العلاقات الأسريّة وتفككها، كطلاق الأبوين وتشرد الأطفال وخروجهم للعيش في الشوارع، وغياب الثقافة والوعي، ممّا يُعرّضهم لخطورة ممارسة الأعمال غير المشروعة.
- تدني الوعي الصحي، واعتقاد الإنسان بأنّ المخدرات سوف تمدّ جسده بالنشاط والحيويّة وستمنحه الطاقة الضروريّة، دون معرفة وإدراك الآثار السلبيّة الخطيرة التي ستُلحقها بهم.
- مرافقة الإنسان لرفاق السوء الذين يُحاولون اللعب في عقول البشر وجرهم لطريق الخطأ.
- غياب دور المؤسسات الإجتماعيّة التي تهدف إلى توعية البشر وتوجيههم لبناء مجتمع سليم وصحيح وخالي من الأمراض والآفات.
أضرار المخدرات على الفرد:
- إصابة الفرد ببعض الأضرار العضويّة كقلة الشهيّة لتناول الطعام، الهزال والنحافة، سواد حول العينين، اصفرار الوجه، قلّة النشاط والحيويّة، ضعف المناعة، التعرض لأمراض معدية، الصداع، احمرار العينين، واضطراب بالأعصاب.
- الإصابة بأمراض الشعب الهوايّة، والإلتهابات الرئوية الحادة، والتعرّض لخطر الإصابة بالتدرن الرئوي.
- التعرّض لبعض أمراض الجهاز الهضمي، حيث يشعر المتعاطي بالتخمة والامتلاء والانتفاخ والإصابة بحالات متكررة من الإسهال، بالإضافة لضعف في عمل غدة البنكرياس.
- تليف الكبد مما يؤدي لتراكم السموم في الجسم، بالإضافة لتآكل الخلايا العصبيّة في المخ، مما يُعرض الإنسان لخطر الإصابة بفقدان الذاكرة.
- الإصابة بمجموعة من الأمراض الخطيرة كأمراض القلب، تصلب الشرايين، الذبحة الصدريّة، تكسر كريات الدم الحمراء، فقر الدم، التسمم النخاعي، ارتفاع مستوى ضغط الدم، والسرطان.
- الضعف الجنسي، وعدم القدرة على الإنجاب بالنسبة للرجل والمرأة، وزيادة نسبة الإصابة بالتشوهات الخلقيّة للجنين.
- الإصابة بالأمراض النفسيّة الحادة كالإكتئاب، والإنفصام، القلق النفسي، وضعف عام في الإدراك الحسي، حيث يقوم الإنسان بتصرفات غريبة تدل على أنّهُ فاقد للعقل والوعي.
أضرار المخدرات على المجتمع:
- هدر الكثير من مال الدولة لمحاولة معالجة المدمنين وفتح مصحات ومشافي خاصة لهم، بدلًا من استخدام هذهِ الأمول لصالح إنشاء المدارس والجامعات والمستشفيات والتطور الزراعي والصناعي.
- انتشار الفوضى والفساد والأوبئة الخطيرة.
- ضعف إنتاج الفرد المتعاطي، وبالتالي تراجع الإقتصاد بشكلٍ عام.
- انتشار الجرائم في المجتمع وحالات الإغتصاب الجنسي، وذلك لأنّ المتعاطي لا يستطيع أن يتحكّم بأفعاله وعقله.
وسائل وطرق مكافحة المخدرات:
- توعية الأفراد لخطورة تعاطي المخدرات على الصحة النفسيّة والجسديّة.
- ملئ أوقات فراغ الشباب بالأعمال النافعة.
- غرس الأفكار الدينيّة المهمة في عقل الإنسان منذ مرحلة الطفولة، وإرشاده إلى مكارم الأخلاق.
- معالجة المدمنين نفسيًا وجسديًا، والتعامل معهم على أنّهم مرضى لا مجرمون.
- الابتعاد عن رفاق السوء والبيئة الفاسدة، ومرافقة الأشخاص الصالحين فقط.
- إتلاف المزارع الخاصة بزراعة الحشيش والمواد المخدرة.
- مراقبة محلات بيع الأدوية، ومنع بيع أي دواء دون وجود وصفة طبيّة.
- ملاحقة كل من يُحاول زراعة المخدرات، والتجارة بها، وإنزال أشد العقوبات بهم.
2- الكحول والمُسكِرات:
يُعتبر الكحول من أكبر المحرمات والمعاصي التي نهى الله سبحانهُ وتعالى الإنسان عنها في عدد من آيات القرآن الكريم، وذلك للأضرار الكثيرة التي تلحقها بصحة الإنسان النفسيّة والجسديّة، وتعتبر الكحول والمسكِرات من أكبر آفات عصرنا الحالي، وأكثرها تهديدًا لسلامة المجتمع والأفراد، حيث أنّ الفرد الذي يشرب الكحول لا يُلحق الأذى بنفسهِ فقط إنّما بكل الأشخاص الذين حوله.
عوامل وأسباب انتشار الكحول في المجتمع:
- غياب الرقابة الأسريّة، وعيش الفرد ضمن أسرة مفكّكة.
- تقليد الإبن لأبويه في حال كانوا يُدمنون شرب الكحول.
- الرغبة الدائمة لدى بعض فئات المجتمع إلى حب الإستطلاع والتجربة التي تدفعهم لتناول كأس من الكحول، وهنا تكون بداية الإدمان.
- اقتناع الإنسان ببعض الأفكار الخاطئة وهي أنّ كبار السن والراشدين لا يدمنون الكحول، وهذهِ المعلومة لا أساس لها من الصحة، إذ أن المشروبات الكحوليّة تؤثر على عقل المراهقين، والشباب، والكبار في السن.
- توهم الإنسان بأنّ الكحول ستمنحه شعورًا بالدفئ خلال فصل الشتاء، ولكنّ الحقيقة هي أنّ الكحول تتسبّب في توسع الأوعيّة الدمويّة ما يمنح شعورًا مؤقتًا بالحرارة التي سرعان ما تزول.
- كثيرًا ما يتوهم الإنسان بأنّ الكحول هي الوسيلة الوحيدة التي ستُساعده على الهروب من مجتمعهِ ومشاكلهِ وهمومهِ الكثيرة.
- تعرّض الإنسان للعديد من المشاكل والإضطرابات العاطفيّة.
أضرار الكحول على صحّة الفرد:
- معاناة الفرد من بعض الحالات والأمراض النفسيّة السيئة والخطيرة في بعض الأحيان كالإكتئاب النفسي، القلق، التوتر، والهستيريا.
- التعرّض لحالات متكررة من الصداع، الغثيان، والقيئ، وتراجع قدرة الإنسان على اللفظ بشكلٍ صحيح.
- تعرّض المرأة الحامل لحالاتٍ من الإجهاض المتكرر، وإصابة الجنين بالتشوهات الخلقيّة، أو الولادة المبكرة.
- اختلال توازن الجسم، وعدم قدرة الإنسان على السير والمشي بطريقةٍ سليمة.
- تلف الجهاز العصبي وتراجع في عمل الجملة العصبيّة في الجسم.
- تراجع صحة البشرة، والتعرّض لخطر الإصابة بالتجاعيد وعوامل الشيخوخة المبكرة، بالإضافة لظهور النمش والتصبغات والهالات السوداء حول العينين.
- المعاناة من مشكلة الجفاف والعطش، والحساسيّة اتجاه الضوء والصوت.
- الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي، وتهيُّج المعدة، وتشمع الكبد وتضخمهِ.
- الإصابة بأمراض السرطان وبشكلٍ خاص سرطان الكبد، البنكرياس، المثانة، البروستات، البلعوم، والمعدة، وتراجع في إدراك الفرد وقدرتهِ على التركيز.
أضرار الكحول على المجتمع بشكلٍ عام:
- دفع الإنسان إلى ارتكاب الجرائم والأعمال السيئة كالسرقة والاغتصاب الجنسي، وغيرها من الأعمال التي تسيئ للمجتمع بشكلٍ عام.
- التسبب بحوادث السير الخطيرة التي تؤدي إلى الوفاة في كثيرٍ من الأحيان، وذلك بسبب تأثير الكحول على عقل الإنسان وإدراكهِ للأمور.
- التسبّب في خلق أجواء متوترة مع الأشخاص المحيطين كالعائلة، والجيران، والأصدقاء.
- ارتفاع نسبة الطلاق والتفكك الأسري.
- تعرّض الأطفال للتشرد الناتج عن التفكك الأسري وغياب الرقابة.
- خلق شرخ وفجوة في المجتمع.
- تزايد ظاهرة العنف بأشكالها العديدة، كالعنف اللفظي، العنف الجسدي، والعنف الجنسي.
- تزايد حالات الإنتحار بسبب الحالة النفسيّة السيئة التي يُعاني منها الأفراد المدمنين على شرب الكحول.
- تدني الأخلاق في المجتمع وانتشار التشرد والبطالة والتراجع في الوضع الإقتصادي.
نصائح ووسائل فعّالة لمعالجة مشكلة إدمان الكحول:
- التقرّب من الله سبحانه وتعالى، وتذكير المدمن بآيات الله التي نهت عن هذهِ المشروبات الضّارة، ومساعدتهِ على أداء العبادات اليوميّة التي تجعله يبتعد عن هذهِ العادة.
- الابتعاد وبشكلٍ نهائي عن رفاق السوء الذين يسعون لبث الأفكار الخاطئة في عقل الإنسان والاكتفاء فقط بالأصدقاء الأوفياء الذين يخافون الله سبحانه وتعالى.
- تعزيز الإرادة القوية لدى الإنسان، والرغبة العميقة في السعي والعمل من أجل التخلص من عادة شرب الكحول والخمر.
- الإكثار من شرب المياه في اليوم، وذلك لأنّ المياه تساهمُ في غسل الجسم وتخليصهِ من كافة السموم الضّارة التي تتراكمُ فيهِ، وبالتحديد آثار المواد الكحوليّة، وتناول الغذاء الصحي الغني بالمعادن والفيتامينات التي تغذي العقل والدماغ.
- التخلّص من كافة الأشياء التي تذكر الإنسان بالكحول كالأكواب، الزجاجات الفارغة، والمواد التي تؤكل مع المشروبات كالمكسرات، وعدم الجلوس في المقاهي التي تقدم المشروبات الكحوليّة، والجلوس في المقاهي العامة المفتوحة بدلًا من المغلقة.
- الابتعاد عن الروتين، والعمل على إدخال بعض النشاطات والأعمال الجديدة إلى الحياة اليوميّة، كالذهاب في نزهات مع الأصدقاء، التنزه في السوق، والخروج في رحلاتٍ إسبوعية.
- المواظبة على ممارسة التمارين الرياضيّة اليوميّة في ساعات الصباح الأولى.
- الخضوع لجلساتٍ من العلاجات الطبيعية كالمساج الطبيعي، بالإضافة لممارسة بعض من تمارين التأمل والاسترخاء واليوغا تحت إشراف المدرب المختص، واستشارة الطبيب المختص أو المرشد النفسي الذي سيقدم بعض النصائح الفعّالة للتخلّص من هذهِ العادة شكلٍ سريع.
- تجنّب اليأس والثقة بقدرة الإنسان الكبيرة في التخلص من عادة شرب الكحول، وزرع الأفكار الإيجابيّة في العقل والدماغ، كأن يقول الإنسان بعض العبارات لنفسهِ مثل أنا سأقلع عن عادة شرب الكحول، أنا سأنجح في استعادة صحتي، أنا أتمتع بإرادةٍ قوية.
كما رأيت عزيزي فإنّ هذهِ الآفات تؤثر بشكلٍ سلبي على المجتمع وسلامة الأفراد فيهِ، لهذا يجب عليك أن تتقيّد بكافة النصائح المهمة التي قدمناها لك، لتحافظ على صحتك النفسيّة والجسديّة، ولتحافظ على سلامة المجتمع الذي تعيشُ فيهِ.
المصادر:
أضف تعليقاً