كيف أخطط لمستقبلي وأحدد أهدافي بذكاء؟

يحلم كل شخص منا بمستقبل ناجح في جوانب الحياة كافةً سواء الدراسي منها، أم المهني، أم العائلي، أم الاجتماعي، أم حتى العاطفي، لكنَّ هذا المستقبل الناجح لا يأتي وليد الصدفة أو الحظ؛ بل يحتاج إلى إرادة وطموح وتخطيط جيد ومُتقن، ويبقى السؤال الذي يُقلقنا دائماً: "كيف نُخطط لمستقبلنا، ونُحدد أهدافنا بذكاء؟".



ماذا يتطلب التخطيط للمستقبل؟

يتطلب التخطيط للمستقبل أن يتمتع الإنسان أو يسعى إلى التمتع بالأمور الآتية:

  • الشغف: الشغف هو سر النجاح وتحقيق الأهداف؛ لذا حاول أن تكتشف شغفك، وتتبعه؛ وذلك لأنَّك لن تتوقف عن السعي إلى مستقبل أنت شغوف به.
  • الطموح: لا يمكن التخطيط للمستقبل والنجاح في تحقيق الأهداف دون أن يمتلك الإنسان طموحاً بحياة أفضل، أو بوظيفة أرقى، أو بتحصيل درجة علمية عالية، أو بالسفر إلى بلدٍ ما، أو بتحقيق مستوى معيشة عالٍ، وهنا يجب أن نُفرِّق بين الرغبة والطموح، فهناك فرق شاسع بينهما، والرغبة وحدها لا تكفي للوصول إلى الهدف، فهي لا تمنح الإنسان القوة اللازمة للتحرك والعمل، في حين يمنح الطموح صاحبه القوة والإصرار لتحقيق هدفه.
  • الثقة بالنفس: تُعَدُّ الثقة بالنفس من أهم شروط النجاح في تحقيق الأهداف، فمن يفتقد الثقة بنفسه وبإمكاناته، فلن يكون قادراً على تحقيق أي هدف أو حلم يحلم به.
  • الشعور بالمسؤولية: حتى تنجح في التخطيط لمستقبلك وتحقيق أهدافك، لا بُدَّ أن تمتلك شعوراً عالياً بالمسؤولية، كأن تشعر أنَّك مسؤولٌ تجاه نفسك، وأهلك، ومجتمعك، وتكون شخصاً ناجحاً له قيمة ولمن حوله.
  • القدوة: أحد مُحفزات النجاح في تخطيط المستقبل وتحقيق الأهداف، هو أن تختار أشخاصاً ناجحين، وتقرأ في السير الذاتية لهم، وتتخذ منهم قدوةً لك، وحافزاً للعمل والجد، وتجاوزاً للفشل والمعوقات.
  • الصبر: أهم نصيحة عند التخطيط للمستقبل، هي ألا تتوقع الكثير من البداية، فكن صبوراً ولا تستعجل النتائج، وضَعْ أهدافاً صغيرة يمكن تحقيقها، وتوصلك تدريجياً إلى أهدافك الكبيرة، فمثلاً إن أردتَ تعلُّم لغةٍ جديدة، فلا تتوقع أنَّك ستُتقنها في ليلة وضحاها؛ بل عليك أن تُدرك أنَّ الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، وللالتزام بالتقدم في تعلُّم اللغة يومياً؛ مما يُشعرك أنَّ الأمر أسهل بكثير، وأنَّك ستحقق هدفك الكبير في النهاية.

كيف أخطط لمستقبلي؟

بيَّنت الدراسات أنَّ نسبة 3% فقط من مجموع الناس، هم من يُخططون لحياتهم، وهم من ينجحون بحياتهم، ويقودون المجتمعات، وبحسب علماء النفس، فإنَّ الذين لا يُخططون لحياتهم، يكونون أكثر عُرضةً للمشكلات النفسية والاجتماعية؛ لذا يُعَدُّ التخطيط شرطاً أساسياً لنجاح أي أمر في الحياة مهما بلغَت بساطته أو أهميته، وهذه مجموعة من الخطوات التي يُنصَح باتباعها للتخطيط للمستقبل:

1. معرفة ما تُريد أن تكون مستقبلاً:

حتى تبدأ بالتخطيط لمستقبلك، يجب أن تسأل نفسك السؤال التالي: "ماذا أُريد أن أكون مُستقبلاً؟"، واسأله في جوانب الحياة كافةً، على الشكل التالي:

  1. الجانب الدراسي: ماذا تُريد أن تكون؟ هل تريد أن تكون طبيباً، أم صيدلياً، أم مهندساً، أم فناناً، أم رجل أعمال؟
  2. الجانب الشخصي: كيف تُريد أن يكون شخصك مُستقبلاً؟ هل تُريد أن تكون شخصاً مُثقفاً، أم تُريد أن تُتقن بعض اللغات، أم تود اكتساب مهارات التنمية البشرية، أم ترغب في تعلُّم مهنةٍ معيَّنة؟
  3. الجانب العائلي والاجتماعي: كيف تُريد أن تكون علاقتك بالعائلة، وما الشيء الذي ترغب في تحسينه أو تطويره فيها، وماذا عن علاقتك بالأصدقاء والآخرين كيف تُحب أن تراها مُستقبلاً؟
  4. الجانب المهني: هل تُريد الحصول على وظيفة معيَّنة، وهل تحلم بأن يكون لك عملك أو مشروعك الخاص، وهل ترغب في إنشاء صيدلية خاصة بك؟
  5. الجانب الروحي: كيف تُريد أن تكون عباداتك وعلاقتك مع الله، وكيف يُمكن أن تُغذي روحك وتُحصِّنها من الاكتئاب والأمراض النفسية؟
  6. تحديد الأهداف: تُعَدُّ خطوة تحديد الأهداف أهم خطوة في التخطيط لمستقبلنا، فالإنسان بلا هدف، كالسفينة التائهة في عرض البحر لا تعرف في أيَّة وجهة تسير، فيفقدُ الشغف والحماسة، والدافع، وتعمُّ الفوضى والكسل حياته.

شاهد بالفديو: 5 خطوات لتخطط لمستقبل ناجح

2. تنظيم الحياة:

لن تصل إلى المستقبل الذي تحلم به ولن تُحقق أهدافك، ما لم تُنظِّم حياتك، وتضع هدفاً لكل مرحلة منها، وتضع نظاماً زمنياً ليومك، فتُخصص وقتاً للعمل أو الدراسة في حال كنتَ طالباً، ووقتاً للعائلة، ووقتاً للأصدقاء، ووقتاً لتطوير ذاتك واكتساب مهارات جديدة توصلك إلى هدفك.

3. وضع خطة:

يجب أن يضع الإنسان خطةً لحياته ومستقبله، فمثلما نضع خطةً لأي مشروع نريد القيام به، مستقبلنا أيضاً مشروع يجب دراسته وتحديد أهدافه، فكيف نريده أن يكون، وماذا يتطلب تحقيقه؟ ويكون هذا من خلال خطوة بالغة الأهمية وهي وضع خطة لهذا المستقبل، ويجب أن تكون مناسبةً للإنسان ولظروفه تماماً، وبسيطةً وليست معقَّدةً.

قد يستهين بعضهم بهذه الخطوة، فوضع الخطة لا يعني أن تفكر فيها لثوانٍ، وتقول بعدها أنَّك وضعتَ خطةً لمستقبلك، فالأمر ليس بهذه البساطة على الإطلاق؛ بل يحتاج إلى التفكير والجلوس مع نفسك لمتسع من الوقت، تُفكر بأهدافك وتتخيلها، وتُفكر فيما هو مطلوب منك لتصل إليها، وتأخذ قراراً بالبدء بتنفيذ خطواتها على الفور، فالتأخر في التنفيذ يُقلل من شغفك وحماستك.

ينصح العلماء بكتابة الخطة، مع تدوين الملاحظات والتفاصيل كافةً حتى لا تنساها، والتي تُساعدك على تحقيق أهدافك، ومن الضروري أن تُراجع خطتك كل فترة، وتُقارن ما أنجزتَ بما خطَّطتَ له، ومن الجدير بالذكر أن تكون عملية التخطيط والخطط مرنةً وقابلةً للتغيير حسب التغيرات والمعطيات الجديدة، وأيضاً حسب تطوُّر وعيك ومفهومك للأمور.

ويمكن وضع الخطط للمستقبل، على مراحل عدَّة:

  • خطة طويلة الأمد: تشمل صورة شاملة للمستقبل الذي يحلم الشخص بتحقيقه، وتنقسم بدورها إلى خطط قصيرة الأمد، وهي:
  • خطة لخمس سنوات: تتضمن الأهداف التي يجب تحقيقها خلال الخمس سنوات التالية.
  • خطة سنوية: وهي الأهداف التي يجب تحقيقها خلال السنة للوصول إلى أهداف الخمس سنوات.
  • خطة شهرية: وهي الأهداف التي يجب تحقيقها خلال الشهر لتحقيق الخطة السنوية.
  • خطة أسبوعية: ما يجب تحقيقه خلال الأسبوع للوصول إلى الأهداف الشهرية.
  • خطة يومية: تتضمن تنفيذ الأعمال اليومية لتحقيق الأهداف الأسبوعية.

4. مكافأة النفس:

كافئ نفسك عند إنجازك لما هو جزء من خطتك، ويُقربك خطوةً من أهدافك، سيكون ذلك بمنزلة تحفيز لك للمثابرة والمتابعة فيما بدأتَ.

كيف أحدد أهدافي؟

كما قلنا، تُعَدُّ خطوة تحديد الأهداف من الخطوات الهامة في التخطيط للمستقبل، فمن يعيش دون أن يُحدد أهدافاً له ويسعى إلى تحقيقها، فسوف يقضي حياته كلها دون أن يُحقق أيَّة بصمة تُميِّزه عن غيره، ويُصبح كل جهد مبذول دون قيمةٍ، ويتساءل الكثير من الأشخاص عن كيفية تحديد الأهداف، وتلك مجموعة نصائح مفيدة في هذا الشأن:

1. تعرَّف إلى نفسك:

عليك أن تدرس شخصيتك قبل أن تُحدد أهدافك، وتتعرَّف إليها، وتكتشف ما هي نقاط قوَّتك ونقاط ضعفك.

2. اختر المسار:

اختر المسار الذي يُنمِّي نقاط القوة، ويُعالج نقاط الضعف، وذلك من خلال التعلم، واتباع الدورات، والقراءة.

إقرأ أيضاً: 8 طرق مهمة لتتخلّص من نقاط ضعفك بسرعة

3. صنِّف هدفك:

تُصنِّف هدفك من خلال تحديد الطرائق اللازمة لتحقيقه، والعقبات المتوقَّعة، والتحضير لها، والتفكير في إيجاد الحلول لها.

4. ابدأ برسم خطة لتحقيق هدفك:

فكِّر بالوسائل التي عليك اتباعها لتحقيق هدفك، وتقبَّل الفشل، وتذكَّر دائماً أنَّه أفضل مُعلِّم.

5. اجعل هدفك ذكياً:

لكي يكون الهدف ذكياً، يجب أن يُحقق الخصائص التالية: أن يكون دقيقاً ومحدَّداً، وقابلاً للقياس، وقابلاً للإنجاز، وواقعياً، ومُحدَّداً بزمن معيَّن؛ لذا من المفيد أن تحدد هدفك تحديداً يُحقق هذه الخصائص.

شاهد بالفديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

6. اكتب هدفك:

ينصحك خبيرو التنمية البشرية أن تكتب هدفك بكل تفاصيله، وما هي الوسائل التي يحتاج إليها ليتحقق، مثل الكتب، الدراسة، اتباع دورات، تطوير النفس، تعلُّم لغات، التواصل مع الأشخاص، وما هي نتائج تحقيقه، وما هو الوقت اللازم له؟ فمثلاً لا تكتب "أريد الحصول على وظيفة"؛ بل اكتب "أريد الحصول على وظيفة بمنصب عالٍ، في شركة مرموقة، براتب عالٍ".

7. لا تُشتت نفسك:

لا تُشتت نفسك في كثرة الأهداف؛ بل حدد القليل من الأهداف وركِّز على تحقيقها، ومن ثمَّ انتقِل إلى أهداف جديدة.

8. اجعل أهدافك مناسبةً لك وليس لغيرك:

كأن يكون الهدف نابعاً من داخل الإنسان دون أي مؤثرات خارجية، وليس كما يُريد غيره له؛ لذا ركِّز فيما يُناسبك، ولا تُقلد الآخرين، فما هو مناسب لهم، قد لا يكون مناسباً لك.

9. ركِّز على ما يوصلك إلى هدفك:

فلو كنتَ مثلاً تهدف للوصول إلى منصبٍ ما، فعليك أن تُركز على ما يخدم هدفك الأساسي، مثل تعلُّم اللغات، والتخصص في علوم المجال، وإتقان استخدام الحاسوب.

10. ضع خطةً بديلة:

من الهام أن تضع خطةً بديلة لتحقيق أهدافك، فمن الطبيعي أن تُواجهنا بعض العقبات المالية، أو الاجتماعية، أو العائلية؛ لذا يجب وضع سيناريوهات متوقَّعة، وتحضير خطةٍ بديلة للتغلب عليها.

11. راجع أهدافك:

تُعَدُّ مراجعة أهدافك من فترة لأخرى من أهم النصائح، وذلك لتقييم حجم الإنجاز والتطورات فيها، وتحديد ما إذا كنتَ تسير في الطريق الصحيح، وهل هناك تأخير أو تقصير في الإنجاز، وما هي الأسباب؟

12. اقتنِص الفرص:

يجب أن تكون مُتيقظاً وجاهزاً لاقتناص أيَّة فرصة تُساعدك على تحقيق أهدافك.

13. تجنَّب التأجيل:

ابتعِد عن التأجيل والتسويف؛ وذلك لأنَّه يُفقدك الشغف.

14. تعلَّم من تجارب الآخرين:

خذ من تجارب الآخرين وإرادتهم في تحقيق أهدافهم حافزاً لك، والاستفادة مما أخفقوا فيه كدروس لتجنُّبها، وكيف تجاوزوا الفشل ولم يسمحوا له بأن يُسيطر عليهم.

إقرأ أيضاً: الاستفادة من الفشل: كيف يمكن لإخفاقاتك أن تدعم نجاحك المستقبلي؟

15. تخيَّل:

من النصائح التي يُقدِّمها لك الخبيرون في علم النفس والتنمية البشرية، هي أن تتخيل هدفك قد تحقَّقَ فعلاً، وتعيش تفاصيله وكأنَّه حقيقة، فالعقل الباطن يتبنى السيناريو المُتخيَّل، ويُحفزنا على تحقيقه.

16. حارِب ما يُبعدك عن هدفك:

التخلي عن الأمور غير الضرورية التي تبدد طاقتك، وتُضيِّع الوقت، وتُلهيك عن هدفك، كمشاهدة التلفاز، أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لساعات طويلة، أو مرافقة رفاق السوء.

17. رافِق الأشخاص الطموحين:

احرص على مُرافقة الأشخاص الطموحين والحالمين، وتجنَّب من ليس لديه هدف في حياته، ويسعى إلى تحقيقه، بحيث تُشجعون بعضكم، ويشحذ أحدكم همة الآخر متى فَتُرَت.

إقرأ أيضاً: ما تزرعه اليوم تحصده غداً

في الختام، أهدافك هي البوصلة:

يقول حكيم عربي: "ليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا فيها شيئاً نناضل من أجله"؛ حيث يرمي الكثيرون أسباب فشلهم في بناء مستقبلهم على الظروف والأقدار، مُتناسين تماماً أنَّهم أهملوا التخطيط لهذا المستقبل، ولم يُحددوا أهدافهم، ولم يُنظِّموا حياتهم، فالإنسان دون هدف كالتائه في الصحراء دون بوصلة، لا يعرف أي اتجاه يسلك.

لذا لا تتردد في مسك ورقة وقلم، وتدوين الأشياء التي تحلم بها والأهداف التي تود تحقيقها، والتي تجد فيها شغفك وسعادةً ومنفعة لك ولغيرك، وفي نهاية كل يوم، لا تنسَ أن تسأل نفسك السؤال الآتي:

"كم اقتربتُ من هدفي اليوم، وماذا أنجزتُ، وهل تعلَّمتُ شيئاً يُقربني من هدفي، أم أنَّني بعُدتُ عن هدفي اليوم؟".

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة