وفقاً لمعهد أبحاث الدماغ الإحصائية الأميركي (Statistic Brain Research Institute)، فإنَّ 9.2٪ فقط من الأشخاص يشعرون أنَّهم ناجحون في تحقيق قرارات العام الجديد، ويستسلم 42٪ بعد الشهر الأول.
ولكن ثمة طريقة للقيام بذلك؛ فإذا كنت تريد توفير المال هذا العام، أو الوصول إلى مستوى معين من التطور الشخصي؛ فبوسعك تحويل تلك القرارات إلى أهداف وتحقيقها بنجاح، وإليك كيفية القيام بذلك:
ما هو الهدف؟ وما الذي لا يُعدُّ هدفاً؟
قد يختلف الهدف اختلافاً كبيراً، تبعاً لوضعنا وعمرنا وعملنا وغيرها من الأمور؛ ولكنَّه ليس حلماً أو أملاً؛ فإذا قلت على سبيل المثال: "أحلم بامتلاك منزل"، أو "أتمنى أن أعتني بصحتي على نحو أفضل"؛ فهذه أحلام عظيمة ومثيرة للإعجاب، ولكنَّها ليست أهدافاً؛ فالهدف شيء محدد وقابل للقياس.
لكي تحوِّل هذه الأحلام إلى أهداف، عليك أن تقول: "سأدخر 40 ألف دولار في السنوات الخمسة المقبلة، وأمتلك بذلك ما يكفي من المال لدفع مُقدَّم المنزل"، أو "سأفقد خمسة كيلو جرامات من وزني في الأشهر الثلاثة القادمة".
عندما تريد تحويل الحلم إلى هدف، ينبغي عليك أن تعرف متى ستصل إليه وتحققه؛ وهذه هي نوعية الأهداف التي تؤهلك للنجاح.
شاهد بالفيديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك
كيفية تحديد الأهداف، احلم حلماً كبيراً، وابدأ بشيءٍ صغير:
يُعدُّ تحديد أهداف مرحلية وملموسة من أفضل طرائق تحقيق الأحلام الكبيرة؛ فإذا كان حلمك هو توفير المال لشراء منزل على الأمد البعيد، فقد يكون هدفك الأول هو توفير 1000 دولار في الأشهر الثلاثة المقبلة؛ وإذا كان حلمك أن تتمتع بصحة أفضل، فقد يعني ذلك تناول كمية كبيرة من الخضار يومياً لمدة شهر، أو المشي لمدة 5 أيام في الأسبوع.
احلم أحلاماً كبيرة، ولكن ابدأ بهدف يمكِّنك من خطو خطوة واقعية نحو تحقيق كل حلم من هذه الأحلام؛ إذ يجب أن يكون تحديد الهدف الفعلي صغيراً وملموساً؛ وبمجرَّد أن تصل إلى الهدف الأول، يمكنك تحديد هدف آخر يدفعك إلى تحقيق حلمك.
كيف تحقق أهدافك؟
1. واجِه أفكارك المخيفة:
عندما نحدد أهدافاً لكي نسعي إلى تحقيقها، نواجه بعض المخاوف والأفكار التي تدفعنا إلى التردد؛ لذا، يتعيَّن عليك أن تكون على دراية بما يدور في ذهنك؛ فعندما تبدأ تحديد هدفك، دوِّن أيضاً أفكارك المخيفة عن طريق التفكير فيها واختيار فكرة واحدة صغيرة وواقعية، ثم حاول التخلص منها عن طريق إعادة صياغتها.
على سبيل المثال: إذا كنت تفكِّر في أنَّك لست بارعاً في إدارة أموالك، فكِّر في هذه الجملة، واسأل نفسك: "هل هذا صحيح حقاً؟ وماذا تعني هذه الجملة الشاملة؟"؛ إذ ربَّما لم تتمكَّن من ادخار المال في الماضي، لكنَّك اتخذت بعض الخطوات الآن؛ لذا فبدلاً من الاستسلام إلى هذه الأفكار السلبية، أعد صياغتها، كأن تقول: "لقد تمكَّنت من إدارة أموالي في بعض الأحيان" أو "إنَّه لمن السهل أن أتعلَّم كيفية إدارة أموالي"؛ فإذا كنت تسير في اتجاه معين، ويسير عقلك في اتجاه آخر؛ فلن تصل أبداً إلى حيث تريد.
2. قسِّم جميع الخطوات للوصول إلى هدفك:
لنعد مرة أخرى إلى هدف توفير 1000 دولار على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة، إذ ربَّما تساءلت: كيف ستفعل ذلك؟
هناك العديد من الخطوات التي عليك اتخاذها للقيام بذلك، ولنضرب مثالاً عليها:
- حدِّد جميع الأشياء التي تنفق عليها الأموال على مدار شهر (أو عدة أشهر).
- دوِّن بالضبط المبلغ الذي تجنيه كل شهر.
- من أجل توفير 1000 دولار في ثلاثة أشهر، سينبغي عليك توفير 333 دولاراً في الشهر.
- أعِد النظر في جميع الأشياء التي تنفق فيها الأموال، واكتشف ما يمكنك التخلي عنه أو الإنفاق أقل عليه.
- إذا كان ذلك ممكناً، حدِّد أيضاً ما إذا كانت هناك سبل يمكنك من خلالها كسب مزيد من المال في الأشهر القليلة القادمة.
قد تبدو القائمة مربكة بعض الشيء، ولكن تذكَّر أنَّك لست مضطراً إلى تنفيذ المَهمَّة دفعة واحدة.
3. ضع جدولاً زمنياً لتنفيذ جميع المهام:
بعد أن تنتهي من كتابة القائمة، راجع تقويمك، وابحث عن وقت لجدولة كل مَهمَّة، فعلى سبيل المثال: ستنظر في طريقة إنفاقك يوم الثلاثاء في الساعة الثانية مساء، وستنظر في مصادر دخلك يوم الخميس في الساعة السابعة مساء، وهكذا؛ بحيث تعمل على اجتياز القائمة عن طريق القيام بخطوة واحدة في كل مرة.
تعدُّ جدولة كل مَهمَّة طريقة رائعة لإدارة هذه القائمة الضخمة؛ فعندما تحين الساعة الثانية ظهراً يوم الثلاثاء، عليك فعل شيء واحد فقط، ولا داعي للقلق بشأن كل الخطوات الأخرى؛ فأنت قد خططت بالفعل متى ستقوم بكلٍّ منها.
إذاً، تُعدُّ جدولة كل خطوة أمراً ضرورياً لبلوغ أهدافك بنجاح، حيث يمكنك بعد كل هذا التحليل أن تلخِّص الطريقة الفعلية لتحقيق هدفك في تغيير بسيط واحد في عاداتك.
لنفترض مثلاً أنَّك تبتاع بعض القهوة مرة أو مرتين يومياً في أثناء ذهابك إلى العمل على مدار الأسبوع، وقد تشتري أحياناً بعض الحلوى لتتناولها معها. عندما تضيف هذا إلى النفقات، يتبين أنَّك تنفق حوالي 10 دولارات يومياً لشراء كوبين من القهوة وبعض الحلوى، أي بما يعادل 200 دولار شهرياً.
إذا أجريت تغييراً واحداً وأحضرت القهوة من المنزل كل صباح، فسيصبح بإمكانك إحراز تقدُّم كبير نحو هدفك.
4. اسأل نفسك "ماذا ستفعل إذا واجهت عقبات؟":
لقد أجرى الدكتور "بيتر جولويتسر" (Peter Gollwitzer) -أستاذ علم النفس في جامعة نيويورك- بحثاً رائعاً حول فاعلية التخطيط للعقبات، ووجد أنَّ الناس يكونون أكثر ميلاً إلى تحقيق الأهداف إذا خططوا مسبقاً لما يتعين عليهم القيام به إذا ساءت الأمور؛ وهذا سيحدث في الواقع، حيث ستواجه بعض العراقيل بالتأكيد.
فمثلاً: إذا التزمت بإحضار قهوتك من المنزل كل صباح، قد يحدث أي شيء يعيقك، كانسكاب الكوب مثلاً، وعدم امتلاكك الوقت لإعداد كوب آخر؛ فماذا ستفعل؟
حسناً، هناك عدة خيارات، حيث يمكنك أن تشتري كوب قهوة في أثناء ذهابك إلى العمل ولكن من مكان أقل تكلفة، أو يمكنك تناول قهوتك بمجرد وصولك إلى المكتب إذا كان هناك آلة لصنع القهوة في غرفة الطعام هناك.
رغم أنَّ هذه الخيارات قد تكون بديهية، إلَّا أنَّك لن تستطيع التفكير فيها في اللحظة نفسها؛ لذلك، يجب عليك وضع خطة مسبقة لتتمكَّن من مواجهة العقبات، ولن تُصاب هكذا بالإحباط والحنق؛ فأنت قد توقعت ما حدث وخططت له فعلاً، وما عليك الآن سوى اتباع خطتك من أجل الاقتراب من هدفك.
5. كافئ نفسك على جهودك:
لقد أدركت الآن أنَّ مفتاح الوصول إلى هدفك المتمثل في توفير 1000 دولار على مدار ثلاثة أشهر يكمن في تغيير عادة بسيطة، وهي تغيير المكان الذي تحصل منه على قهوتك؛ ولكن تُظهِر الأبحاث أنَّه من المرجح أن تصل إلى هدفك إذا كافأت نفسك على تغيير هذه العادة.
يتحدث "تشارلز دوهيج" (Charles Duhigg) -مؤلف كتاب "قوة العادة" (The Power Of Habit)- عمَّا يُسمَّى حلقة العادة؛ إذ هناك ثلاث خطوات في هذه الحلقة:
- الإشارة أو المحفِّز.
- الروتين.
- المكافأة.
في المثال الذي نتحدث عنه، الإشارة هي الصباح، والروتين الذي تحاول إنشاءه هو إحضار قهوتك من المنزل؛ ولكن من أجل ترسيخ الروتين الجديد حقاً، لا بد أن تجعل هذه العادة الجديدة مُرضِية؛ لذا عليك هنا مكافأة نفسك.
قد تكون مكافأتك هي شرب نكهة قهوة تستسيغها، أو شراء كوب جديد يعجبك شكله، أو إضافة بعض المنكهات إلى كوبك لتحسين مذاقه، فالخيار لك؛ ولكنَّ الفكرة واضحة، وهي أنَّك ستحظى بمزيدٍ من النجاح في تحقيق أهدافك الكبيرة إذا وجدت المكافأة المناسبة للخطوات الصغيرة.
6. لا تجلد ذاتك على الإخفاقات:
إنَّ تغيير العادات ليس بالأمر السهل، وكذلك الوصول إلى أهداف جديدة؛ فأنت تدفع نفسك إلى النمو وتجربة أشياء جديدة، وستواجه بعض الإخفاقات بالتأكيد؛ ولكن إذا كنت عطوفاً على نفسك وأدركت ألَّا أحد مثالي، فستستمر في المضي قدماً، وتبلغ ما تريد في النهاية، وتحتفل بعدها بما أحرزته من تقدُّم.
الخلاصة:
يقول "هنري ديفيد ثورو" (Henry David Thoreau): "يتمكَّن المرء على الأمد الطويل من بلوغ ما يهدف إليه فقط؛ لذا فمن الأفضل أن تكون أهدافك عظيمة"؛ فبدلاً من الانصياع للحياة ومواكبة التيار، اتخذ خطوات استباقية نحو التحرر وصنع المستقبل الذي تريده.
صحيح أنَّنا غير قادرين على التحكم بكل ما يحدث لنا، ولكن يمكننا التحكم بأنفسنا من خلال تحديد الأهداف اللازمة لتحقيق أحلامنا الكبيرة.
أضف تعليقاً