ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة ستيف كوري (Steph Korey)، والتي تحدثنا فيه عن تجربتها الشخصية في تقبُّل الفشل.
لقد بنينا في شركتنا المتخصصة بتوزيع الأمتعة آوي (Away) ثقافة الاحتفاء بأخطائنا؛ ففي الواقع، ارتكبنا خطأً كبيراً جداً قبل إطلاقها، وهو أنَّنا أدركنا أنَّه لا توجد طريقة تجعل أول دورة إنتاج لدينا جاهزة في أيام العُطَل، وهي مشكلة رئيسة عندما تعمل في مجال تجارة التجزئة.
كان من الممكن أن نشعر بالذعر والخوف، لكن توصلنا بدلاً من ذلك إلى خطة مفادها إطلاق كتاب مليء بقصص السفر من مجموعة من المؤثرين، حيث بِيع جنباً إلى جنب مع بطاقة هدايا يمكن استبدالها بمنتجنا الأول "الحقائب المحمولة" (The Carry-On)، وأصبحت كل الأخطاء التي ارتكبناها مكسباً لسببين:
- أولاً: لقد منحتنا فرصة للتعريف بالعلامة التجارية وأن نُظهِر للناس ما كنا ندافع عنه أكثر من مجرد كونه منتجاً رائعاً
- ثانياً: سمحت لنا بفهم الفوائد فهماً واضحاً، ممَّا ساعدنا على تحديد احتياجات المخزون بطريقة نادرة جداً بالنسبة إلى الشركات الناشئة.
لقد عرفنا منذ البداية أنَّه لا توجد طريقة واضحة لما ننشئه في شركتنا، فقد نفشل في بعض الأشياء خلال مسيرتنا، لكنَّنا على أتم الاستعداد لتحمل بعض المخاطر المدروسة وتقبُّل الفشل عندما يحدث؛ ذلك لأنَّنا نعلم أنَّ تلك اللحظات تمكِّننا من التطور وتحقيق النمو والتطور كفريق واحد.
نقدم لك في هذا المقال أهم النقاط التي توضح لماذا وكيف يجب أن تتقبل أخطاءك:
إذا لم تفشل قط، فمن المحتمل أنَّك لن تنجح:
قد يبدو هذا الأمر غير بديهي بالنسبة إلى بعضنا، لكنَّه يُعدُّ من أهم النقاط في هذه القائمة؛ حيث يجب أن تكون هذه النقطة هي الأساس لطريقة التعامل مع كل ما تفعله.
فكر في الأمر: إذا كان كل ما تنجزه ناجحاً، فمن المحتمل أنَّك لن تخاطر أبداً؛ ممَّا يعني أنَّه حتى لو كنت تحقق مكاسب صغيرة كل يوم، فأنت لن تتحدى نفسك لتحقيق نجاحات أكبر تميِّزك عن الآخرين بطريقة هادفة ومُجدية.
في الواقع، لقد تحملت شركتنا مخاطرة كبيرة جداً قبل بضعة أشهر فقط، وانتهى بها الأمر بنجاح كبير؛ فعندما أدخلت شركات الطيران أنظمة جديدة تتعلق بالأمتعة المزودة بالبطاريات (مثل بعض حقائبنا المحمولة)، استثمرنا الكثير من الوقت والموارد للاستجابة استباقياً؛ ورغم أنَّ حقائبنا كانت تحتوي دائماً على بطاريات قابلة للإزالة بحيث يمكن استخدامها في أي مطار، فقد صُمِّمت أحدث الإصدارات لدينا باستخدام بطاريات يمكن دفعها خارج الحقيبة؛ لذلك قررنا تطوير برنامج تحديثي من شأنه أن يسمح للعملاء الذين لديهم إصدارات سابقة بترقية حقائبهم دون أي تكلفة، وبذلك تمكَّنا من خلال الميل إلى المجازفة وتقبل إمكانية الفشل من تقديم حل مدروس لعملائنا، والذي منحنا في النهاية ميزة تنافسية في الصناعة.
قد لا تتعلم أكثر ممَّا تعرفه بالفعل:
نحن نعلم أنَّنا لا نعرف كل شيء، لذلك نسعى دائماً إلى البحث عن وجهات نظر جديدة تتحدى افتراضاتنا، ونستخدم البيانات لدعم أحاسيسنا الداخلية بالمعومات؛ فنحن نعلم أنَّنا سنتخذ أفضل القرارات للشركة عندما يُخوَّل الجميع بتقديم وجهات نظرهم ويختلفون فيها.
ما كان نمونا السريع ليصبح ممكناً ما لم نتعلم باستمرار من خلال التماس وجهات النظر تلك، واختبار ما نعتقد أنَّه قد ينجح؛ ثم تكراره بناء على ما اكتشفناه؛ وإليك مثالاً عن هذا: عندما بدأنا العمل لأول مرة، كانت فرضيتنا المتعلقة بمتاجر البيع بالتجزئة غير منطقية بالنسبة إلى أعمالنا؛ نظراً إلى أنَّ منتجنا لم يكن يحتوي على مكون مناسب، وكان عنصراً كبيراً يجب الخروج من المتجر برفقته؛ كما أنَّنا قدمنا شحناً مجانياً وسياسة إرجاع سخية للعملاء الذين يشترون من موقعنا (awaytravel.com)؛ ولكن من خلال عقلية التعلم المتبعة، قررنا اختبار فرضيتنا، وتأكدنا بسرعة أنَّنا مخطئون.
اليوم، لا تكسبنا جميع متاجرنا البيع بالتجزئة جمهوراً مؤيداً لعلامتنا التجارية وزيادة المبيعات على الإنترنت في الأسواق التي ننشط فيها، ولكنَّها كانت مربحة أيضاً؛ فلو أنَّنا اعتمدنا على افتراضاتنا وتركنا الخوف من الفشل يمنعنا من فتح متجرنا الأول، كنا سنخسر فرصة تجارية ضخمة.
عندما يفشل أحد أعضاء فريقك، تحدَّث عن فشله واحتفِ به:
إنَّه لمن السهل كثيراً التحدث عن الفشل بعبارات افتراضية بدلاً من تقبُّله، ولكنَّ تسليط الضوء على هذه اللحظات عند حدوثها يساعد في إبقاء هذه العقلية جزءاً نشطاً من الثقافة التي تبنيها؛ ويعني هذا الأمر في شركة توزيع الأمتعة "آوي" (Away) تخصيص مساحة يكون من المقبول فيها أن نتشارك الأخطاء التي حدثت علناً، وما يستطيع الفريق تعلمه من هذا الفشل في المرات القادمة.
قد يبدو هذا الأمر مخيفاً لبعض الناس، ولكن دعني أذكر لك شروطاً هامة للتأكد من أنَّك تتحدث عن الفشل بطريقة صحيحة:
- أولاً: يجب أن تبدأ من القمة؛ فإذا رأى الأعضاء الصغار في الفريق رؤساءهم يتحدثون عن الفشل، فسيكون احتمال إحساسهم بتقبُّله أكبر أيضاً.
- ثانياً: يجب أن يحدث ذلك غالباً بدلاً من انتظار الوقت المناسب لإجراء محادثة صعبة.
- ثالثاً: يجب أن يُقدَّم الفشل بطريقة مدروسة وبين فردين في البداية؛ إذ لا يتعلق الأمر بالطريقة التي تفضلها لتقديم التغذية الراجعة، وإنَّما بالطريقة التي سيتلقى الشخص الفشل بصورة مفيدة له.
- رابعاً: يجب أن يُصاغ الفشل على أنَّه فائدة للشركة؛ فخمِّن ما الذي تعلمناه، وما الذي كنَّا لن نحصل عليه لولا ذلك).
لقد استمعت مؤخراً إلى حلقة من مدونة صوتية تعليمية لـ "آدم غرانت" (Adam Grant)، حيث تحدث إلى الجمهور حول المفهوم غير التقليدي للنقد المحب، وكيف أنَّ تبنِّي التغذية الراجعة الإيجابية البناءة يساعد الأشخاص في الواقع على أن يصبحوا أفضل في وظائفهم؛ وما يدعوه غرانت وضع التحسين - الذي يعني معرفة أنَّك في حالة تقدم مستمر، وأنَّك تريد دائماً معرفة طرائق التحسن.
شاهد بالفيديو: 9 دروس عظيمة تعلمها الأشخاص الناجحون من الفشل
ابدأ من القمة:
لا يمكن تعريف ثقافة الشركة من قبل شخص واحد، ولكن من الهام أن تعي قيادة الشركة فوائد الفشل في التوجيه، سواء جرى تبني هذه العقلية أم لا.
أنا أشارك كقائدة إخفاقاتي من أجل تحديد التوقعات مع فريقي بحيث يمكنهم الشعور بالراحة عند فعل الشيء نفسه، ولأوضح لهم كيف يمكن للحظاتِ الفشل أن تجعلنا أقوى؛ فكن قدوة لموظفيك عن طريق إجراء محادثات منتظمة ومفتوحة عند حدوث الأخطاء، بحيث يمكنك إبقاء الحوار خالياً من التوتر حول حقيقة الأخطاء التي تحدث.
تعدُّ حالات الفشل أحياناً نتيجة مضمونة لتجربة شيء جديد وإشارة جيدة إلى أنَّك تتجاوز بعض الحدود بطريقة صحيحة؛ لذلك من الأفضل ممارسة المرونة والقدرة على التكيف، واتقان حل المشكلات بدلاً من أن تكون سيئاً في الفشل؛ ففي النهاية، تتكون حياتك ومهنتك من العديد من الخيارات الصغيرة والهامة أساساً، وسيكون بعضها الخيار المناسب، في حين لن يكون بعضها الآخر كذلك؛ ويمكن أن يساعدك التفكير في هذا الأمر في ضمان الحفاظ على وجهات النظر الضرورية وعدم اعتبار كل فشل على أنَّه عقبة كبيرة، وإنَّما مجرد جزء مفيد من الصورة الكبرى.
أضف تعليقاً