تأثير المشاعر السلبية على الجسد وكيفية التخلص منها

كل لحظة في حياة الإنسان الطبيعي ترتبط بشعور معيَّن؛ وكل حدث يترك أثره في نفس الإنسان سواء كان إيجابياً أم سلبياً، وقد يكون هذا الأثر دائماً وخاصة الأحداث السيئة، وكل تغيير يحدث في الجسد ينعكس تأثيره على الحالة النفسية، فإنَّ الحالة النفسية والمشاعر الجيدة والسلبية لها تأثير كبير في الحالة الجسدية، ولكنَّ المشاعر الإيجابية كاسمِها تترك تأثيرات إيجابية، أمَّا المشاعر السلبية فهي التي يجب الانتباه جيداً إليها لما تتركه من تأثيرات خطيرة في صحة جسم الإنسان.



مفهوم المشاعر السلبية:

هي كل شعور غير مرغوب فيه وغالباً هو شعور غير مُحتَمل لأنَّه يفسد متعتك باللحظة التي تعيشها، وقد يفسد متعتك بالحياة ككل ويُفقِدك الشغف والحافز لتطوير نفسك، ولا يوجد شخص لا يعاني من وقت إلى آخر من هذه المشاعر المؤذية نفسياً وجسدياً.

تأثير المشاعر السلبية في الجسد:

مع تعرُّضنا للكثير من ضغوطات الحياة اليومية نشعر بمشاعر سيِّئة كالقلق والتوتر والغضب، وهذه المشاعر قد تزول بعد أخذ قسطٍ من الراحة، ولكنَّ الضرر الجسدي الذي حصل نتيجتها سيبقى؛ إذ تقول البحوث إنَّ جسم الإنسان ونتيجة المشاعر التي يشعر بها ينتج مواد كيميائية تختلف باختلاف طبيعة المشاعر.

على سبيل المثال، يفرز الجسم هرمونات الدوبامين أو السيروتين أو الأوكسيتوسين نتيجة الشعور بالسعادة والفرح، وعند الشعور بالتوتر والضغط يفرز الكورتيزول ويسمى بهرمون الإجهاد؛ وهذا الهرمون يضع الجسم في حالة غير جيدة.

شاهد: 6 طرائق فعالة لتحمي نفسك من الطاقة السلبية

لنتعرَّف إلى تأثير كل شعور في جسم الإنسان:

  1. المشاعر السلبية باختلافها من قلق أو خوف أو حزن أو توتر أو غضب جميعها تؤثر سلباً في صحة القلب؛ وذلك لأنَّها تتسبب في إثارة هرمونات معينة في الجسم فيتسبَّب ذلك في زيادة معدل ضربات القلب والزيادة في احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم والإصابة بأمراض الشريان التاجي وزيادة استهلاك الأوكسجين في الدماغ. وليست فقط المشاعر السلبية هي التي تتسبب في إضعاف القلب فإنَّ المشكلات العاطفية تساهم في ذلك أيضاً؛ وذلك لأنَّ الإنسان عندما يتعرَّض لمشكلات عاطفية يمكن أن يمارس سلوكات لها تأثير سلبي في الجسد مثل التدخين والتناول المفرط للطعام، بالإضافة إلى الاكتئاب الذي يشعر به؛ وكل ما سبق يتسبب في زيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب.
  2. شعور الخوف له تأثيرات سيئة في عمل الكلى والمثانة، ويشعر الإنسان بالخوف غالباً عندما يتذكر تجارب مخيفة وسيئة حصلت له أو عند وجود أشياء وعوامل محيطة به تستدعي الخوف، ولا يمكنه السيطرة على هذا الشعور، ويمكن ملاحظة كثرة التبوُّل في هذه الحالة أو الشعور الدائم بالرغبة في التبول؛ وهذا يؤثر في صحة الكلى مع مرور الوقت.
  3. القلق له تأثيرات سلبية في الطحال والمعدة أيضاً فغالباً عندما تفكر كثيراً في أمر معيَّن أو عندما تتوتر لاقتراب موعد معيَّن كالامتحانات مثلاً تبدأ بالشعور بوجود آلام في البطن، والتي تنتج عن مشكلات في الهضم ومشكلات في الطحال وهو موجود بمكان قريب من المعدة، وقد تشعر بتشنُّج في المعدة فلا يمكنك تناول الطعام بشكل مريح، ويمكن أن يتطور الأمر مع مرور الوقت إلى فقدان الشهية. وفي كثير من الأحيان لا تتمكن من النوم نتيجة التفكير الزائد والأعراض الناتجة عن التفكير، فتتسبب قلة النوم بشحوب في البشرة وتعب في العين؛ وهذا يزيد من توترك وقلقك ويفسد قدرتك على ممارسة حياتك اليومية الطبيعية.
  4. الغضب الذي تشعر به عندما لا يحدث ما خططت له أو عند حدوث شيء يعوق حياتك اليومية، ولكنَّ كثرة الغضب هي أمر ينعكس سلباً على صحة الكبد، ومن أبرز تأثيراته في الجسد هو الإسهال وعسر الهضم، وكما يسبب الغضب أيضاً اضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء، بالإضافة إلى أنَّ كظم الغيظ وإخفاء مشاعر الغضب وعدم القدرة على التعبير عنه بوضوح يؤدي إلى إضعاف الكبد ويمكن أن يؤدي إلى إتلافه في بعض الحالات، وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ المرارة تتأثر سلباً عند الغضب.
  5. الحزن يُتعِب الجهاز التنفسي وهو أكثر المشاعر التي يتعرَّض لها الإنسان عند فقدانه لشيء معيَّن أو شخص مقرَّب منه وتأثيراته في الرئتين سلبية جداً، ويمكن ملاحظة ذلك بشكل واضح؛ وذلك لأنَّ الإنسان عندما يكون حزيناً يتنهد بكثرة ويشعر بصعوبة في التنفس. ويؤكد المتخصصون أنَّ تنفس الصعداء يدخل إلى الرئتين ضعف حجم الهواء الذي يدخل عند التنفس الطبيعي؛ وهو أمر ضروري عند الحزن لتتمكن الرئتان من الاستمرار في التنفس.
  6. المشاعر السلبية تتسبب في إضعاف الذاكرة؛ إذ توضِّح الدراسات أنَّ المشاعر الجيدة والجميلة تبقى الذاكرة مُحتَفظة بها بدقة، بينما يعمل العقل الباطني جاهداً من أجل نسيان المشاعر السلبية؛ وهذا يؤثر سلباً في الذاكرة.

شاهد أيضاً: كيف تطرد الطاقة السلبية من الجسد

كيف تتخلص من المشاعر السلبية؟

يجب ألَّا نسمح لهذه المشاعر السلبية بتدمير صحة أجسادنا مع مرور الزمن؛ لذلك فإنَّ الاهتمام بالحالة النفسية هو أمر ضروري جداً وليس ثانوي كما يظن بعضنا، والعمل على استبدال المشاعر السلبية بأخرى إيجابية يساعدك على الحفاظ على صحتك الجسدية وإنقاذ نفسك من الأمراض المختلفة؛ ويمكن ذلك من خلال اتِّباع التعليمات الآتية:

  1. عندما تكون في موقف يستدعي الغضب وتريد الصراخ بشدة؛ عليك البدء فوراً بعملية التنفُّس بالشكل الآتي: خذ شهيقاً عميقاً لمدة لا تقل عن 4 ثوانٍ ومن ثم اقطع نفسَك في الداخل لمدة 2 ثانية وبعدها ازفر طويلاً لمدة لا تقل عن 8 ثوانٍ. ويُفضَّل تكرار هذه العملية ثلاث مرات حتى تشعر بأنَّك أصبحتَ هادئاً وتحكَّمتَ بغضبك جيداً ويمكنك التعامل مع الموقف بمرونة وبساطة أكثر، وهذا الأمر له دور إيجابي كبير في حماية نفسك من اتِّخاذ قرارات خاطئة يمكن أن تسبب لك الشعور بالندم أو الشعور بالذنب فيما بعد.
إقرأ أيضاً: ماذا لو أمكنك التخلص من المشاعر السلبية بضغطة بسيطة؟
  1. حاول ألَّا تسمح لأي شخص باستفزازك وإثارة غضبك، وابتسم في وجه كل شخص يحاول إغضابك كي لا يتمادى في استفزازك؛ فإن لم تُعطِه أهمية وتغضب منه، لا يستطيع أن يجعلك تشعر بالتوتر ويولِّد لديك مشاعر الحقد والكراهية التي تُشعرك بالضيق وتُتعب جسدك فيما بعد.
  2. حاول ألَّا تفكر في أحداث سيئة من الماضي؛ وذلك من خلال وضع جدول لأعمالك اليومية إذ لا تترك وقت فراغ دون أن تجد عملاً تقوم به وتشغل نفسك؛ وذلك لأنَّ التفكير في الماضي يُعيد شعورك بالحزن على ما فقدته ويولِّد لديك الشعور بعدم الرضى عن واقعك الحالي، وهذه المشاعر تدخلك في حالات نفسية سيئة من الصعب الخروج منها.
  3. احرص على تخصيص وقت يومياً لممارسة التمرينات الرياضية إن أمكن؛ وذلك لأنَّ الرياضة تزيد النشاط الهوائي والذي يقلل بدوره من مستوى المواد الكيميائية التي تسبب التوتر؛ وهذا يسمح لك بالتعامل مع المشاعر السلبية والتخلُّص منها بشكل أفضل.
  4. شاهد أشياء ممتعة عندما تشعر بأنَّك في حالة غير جيدة؛ مثل الأفلام الكوميدية المضحكة أو الوثائقية إن كنتَ تفضِّل هذا النوع من الأفلام أو استمع إلى موسيقى أو أغنية تحبها، واحرص على الابتعاد عن كل شيء يحرك مشاعر الحزن لديك أو يُذكِّرك بشخص يرتبط ذكره بمشاعر سلبية بالنسبة إليك.
  5. غيِّر مكانك عند الشعور بالقلق أو التوتر أو الغضب؛ إذ يمكنك تحويل غضبك إلى حركة فمثلاً عندما تشعر بالغضب ابدأ بالجري أو المشي السريع؛ وذلك لأنَّه يساعدك على التخلُّص من هذه المشاعر، أو اذهب فوراً إلى مكان تحبه ويُشعِرك بالراحة، أو يمكنك التحدث إلى صديق مقرَّب عن كل ما يزعجك ويحزنك لأنَّ ذلك يساعدك على خروجك من حالتك السيئة حتى وإن لم يستطِع أن يساعدك على حل مشكلاتك؛ فبعد تحدُّثك عن همومك هو أمر جيد ومفيد.
  6. خطِّط دائماً إلى زيارة أماكن جديدة أو الخروج في رحلات مع الأصدقاء أو حضور نشاطات أو حفلات مختلفة؛ وذلك لأنَّ القيام بهذه النشاطات الترفيهية يساعدك على إعطاء طاقة إيجابية ويخلِّصك من المشاعر السلبية ويخفِّف من همومك وأحزانك، ومن ثم تشعر بأنَّك بصحة جيدة.
  7. احرص على اتِّباع نظام غذائي صحي؛ لأنَّ الحزن أو الإحباط قد يزيد من رغبتك في تناول كميات كبيرة من الطعام، وتقول الدراسات إنَّ الحزن يجعل قدرة الإنسان أكبر على تذوق النكهات المختلفة الحامضة والحلوة والمرة أيضاً، وغالباً ما يلجأ الشخص عند الحزن إلى تناول الحلويات؛ وهذا الأمر يعرِّضه لخطر زيادة الوزن وأمراض القلب وارتفاع الضغط ومرض السكري.
  8. أَحبب ذاتك كما هي وتقبَّل نفسك كما أنت ولا تلُم نفسك باستمرار على أشياء قمت بها ولم تكن النتيجة لمصلحتك، ولا تحزن على فرصة أضعتها؛ بل اعمل جاهداً على تطوير نفسك باستمرار ولا تسمح لشيء بأن يُشعِرك بالفشل؛ لأنَّه دائماً يمكننا البدء من جديد ويمكننا النجاح بعد السقوط مراراً، واحرص على التركيز أكثر في التعاطف مع الذات حتى تساعد نفسك بنفسك على النجاح وتخطِّي كل الأحداث السيئة.
  9. مارِس التأمل لأنَّ الدراسات تؤكد بأنَّ الأشخاص ممن يتأملون ويفكرون في أفضل ما لديهم لمدة 5 دقائق يومياً ولمدة أسبوعين؛ يصبحون بمزاج إيجابي أكثر وتفاؤل أكثر من الذين يفكرون في نشاطاتهم اليومية فقط.
  10. الابتعاد عن أسباب التوتر ضروري فيمكنك التفكير ملياً عند شعورك بمشاعر سلبية في الأسباب التي أدَّت إلى ذلك؛ إذ يمكن أن يجعلنا أحد الأشخاص نشعر بالضيق والتوتر بسبب كلامه المحبط أو نظرته السلبية للحياة، ففي هذه الحالة يجب أن تحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان، وفي بعض الأحيان يمكن أن يسبب لنا مكان معيَّن الحزن لأنَّه يُذكِّرنا بشخص أو حدث لا نريد تذكره، ومن ثم يجب تجنُّب الذهاب إلى هذا المكان نهائياً.
  11. ثق بنفسك أكثر لأنَّ ثقة الإنسان بنفسه هي مفتاحه للنجاح في الحياة ومن ثم السعادة بما يملك وبما يحقق؛ وهي الدافع الأساسي إلى السعي نحو حياة أفضل وعدم الاستسلام والسماح لليأس بالسيطرة عليه.
  12. غيِّر من طريقة تفكيرك لأنَّ عقل الإنسان الباطني يتأثر في الكلام الذي يقوله والأفكار التي تخطر له؛ لذلك ابتعد عن التحدُّث السلبي كي لا تجذب الأحداث السيئة لك، واستبدله بالكلام الإيجابي.
إقرأ أيضاً: لماذا يجب أن تتعلم تقبل مشاعرك السلبية؟

على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "أنا أستطيع النجاح" وتكرر هذه الجملة على مسمعك حتى تصبح حقيقة، وتجنَّب أسلوب النفي فمثلاً لا تقل: "لا أريد أن يكون يومي سيِّئاً"؛ بل عليك القول: "سيكون يومي جيداً" فقد تظن أنَّ هذه الأمور بسيطة لكن لها تأثير كبير في عقلك الباطني، ومن ثم في حالتك النفسية.

المشاعر السلبية تمنعنا عن عيش الحياة الطبيعية وعن الاستمتاع بما نملك، وتقلل من ثقتنا بأنفسنا ومن رضانا عن ذاتنا وعن الحياة بشكل عام، فضلاً عن الأضرار الجسدية الكثيرة؛ لذلك يجب السيطرة عليها والتخلُّص منها من أجل حياة أفضل وصحة نفسية وجسدية أفضل.

المصادر: 1،2،3،4،5،6،7




مقالات مرتبطة