الراحة النفسية: تعريفها، وقوانينها، وأهم طرق الوصول إليها

تُعدُّ الراحة النفسية هدفاً ومطلباً يسعى إليه الجميع، فمَن منا لا يحلم بحياة تملؤها الراحة النفسية والسلام الداخلي، خاصةً في ظل إيقاع الحياة السريع الذي نعيشه اليوم، والضغوطات والواجبات التي تزداد علينا يوماً بعد يوم.



ما هي الراحة النفسية؟

تُعد الراحة النفسية من أبرز دلالات الصحة النفسية للإنسان، وتُعرف أنَّها: الشعور بالسعادة والسكينة الداخلية، والتصالح مع النفس، والاستجابة للمتغيرات المادية والمعنوية بطريقة سليمة ومتوازنة.

يحتاج كل شخص منا للراحة النفسية؛ فالشخص الفاقد للراحة النفسية ستكون حياته مضطربة وغير مستقرة، ويعيش في قلق وتخبُّط دائم، وغير قادر على العطاء والانسجام مع محيطه، أو اتخاذ القرارات الصائبة، ويَفتقد إلى الثبات الانفعالي؛ فنجده غير قادر على التحكم بانفعالاته، ويغضب ويثور لأتفه الأسباب، كما أنَّه غير قادر على التركيز في حياته، وبالتالي لن يتمكن من تحقيق التميز والنجاح سواء في عمله أو في حياته الشخصية.

شاهد بالفيديو: 10 نصائح للحصول على الراحة النفسية

كيف تحصل على السلام الداخلي وما هي أسباب الراحة النفسية؟

ماهي قواعد وأسباب الراحة النفسية؟ هناك مجموعة من القواعد التي تُساعد الإنسان ليحصل على الراحة النفسية، أبرزها:

1. الاعتذار عند الوقوع في الخطأ:

يمنح اعتذار الإنسان عند ارتكابه للخطأ شعوراً بالراحة والطمأنينة، ويُريحه من تأنيب الضمير وجلد الذات، كما أنَّه يُحسِّن من نظرة الآخرين إليه ويجعله يكسب احترامهم ومحبتهم، مما ينعكس عليه بالسعادة وراحة البال.

2. التسامح:

الحقد والبغضاء أعداء الراحة النفسية؛ فهي تجلب الطاقة السلبية لصاحبها وتحرمه الراحة النفسية، لذا فإنَّ التسامح والعفو وتجاهل زلات من حولنا، سلوكٌ ضروريٌّ لراحة الإنسان ومنحه السلام الداخلي.

3. التفكير بإيجابية:

من أهم أسباب الراحة النفسية، أن يبتعد الإنسان عن الأفكار السلبية والتشاؤم، ولا يترقب الأخبار السيئة، أو العيش في قلق دائم من وقوع المصيبة، وعلى العكس من ذلك، يجب أن يتبنى الإنسان التفكير الإيجابي، ويُبقي الأمل والتفاؤل ملازمَين لحياته، ويبني أساساً نفسياً متيناً تجاه الأفكار السلبية التي من شأنها أن تُزعزع استقراره وراحته النفسية.

4. التدريب:

تأتي الراحة النفسية بالتدريب؛ أي التدريب على تجاهل مشاعر القلق والتعاسة والبؤس، وعدم السماح لها بالسيطرة عليه، والبحث عن الوسائل التي تُعزز مشاعر السعادة والاستمتاع.

5. تحديد الهدف:

يجعل العيش بلا هدف الإنسان ضائعاً بلا غاية، ودائم القلق والخوف، فلا يَعرف ماذا يُريد أو ماذا يفعل، مما يُفقده الراحة النفسية.

6. الثقة بالنفس:

لابُدَّ للإنسان أن يَثق بنفسه وبقدراته وإمكاناته؛ لينعم بالراحة النفسية وعدم التأثر في أي انتقاد أو ملاحظة سلبية قد يُوجهها الآخرون له؛ فمَن لا يَثق بنفسه لن يَشعر بالراحة النفسية أبداً، وسيبقى في حالة من عدم الرضا والتشكيك بذاته وقدراته، ومقارنة نفسه بالآخرين، وإحساسه بالدونية تجاههم.

7. الراحة الجسدية:

تُعدُّ الراحة الجسدية أمراً بالغ الأهمية لتحقيق الراحة النفسية؛ فلن ترتاح النفسية ما لم يَكُن الجسد مرتاحاً، وتتحقق الراحة الجسدية في الاهتمام بنيل الجسد القسط الكافي من النوم، وممارسة الرياضة، والاهتمام بتناول الطعام الصحي.

8. القضاء على الخوف:

يبدأ الإنسان الشعور بالراحة النفسية عندما يتحرر من الخوف؛ فالإنسان الذي يخاف لن يَعرف للراحة النفسية طريقاً، وسيُرافقه القلق، والتوتر، والتردد طوال الوقت.

9. قضاء الوقت مع من نحب:

يُعدُّ قضاء الوقت مع من نحب من عائلة وأصدقاء من الأشياء التي تمنحنا سعادةً وراحة نفسية؛ لذا على الإنسان ألا يَغفل أهمية هذه الأوقات، لِما لها من تأثير إيجابي في راحته النفسية، يقول الدكتور أحمد خالد توفيق: "الحل الوحيد للمشكلات النفسية هو: لا تَكُن عاطلاً ولا تكن وحيداً".

10. الابتسامة:

الابتسامة هي سر السعادة؛ إذ يقول خبراء علم النفس: "يكفي أن تبدأ يومك بالابتسامة لتضمن الحصول على يوم سعيد، فالابتسامة كالدرع الذي يحمي نفسية الإنسان من التوتر والعصبية، مهما كان يومه شاقاً ومليئاً بالصعوبات".

11. تطوير الذات:

يجب على الإنسان أن يسعى دوماً لتطوير ذاته ومهاراته، عن طريق قراءة الكتب بشتى المجالات واتباع الكورسات، فكلما زادت معارف الإنسان، زاد وعيه، وزاد شعوره بالرضا عن نفسه وبالراحة النفسية.

12. إدارة الوقت:

تُعدُّ إدارة الوقت من أهم القواعد التي تجعل حياة الإنسان منظمةً ومُجدية، وهذا يمنحه الشعور بالرضا والراحة النفسية لأنَّه لا يُضيِّع وقته بدون فائدة.

13. فِعلُ ما تحب:

من أهم أسباب الراحة النفسية أن يفعل الإنسان ما يُحب وليس ما يحبه الآخرون، ويتعلم أن يقول "لا" لفعل الأشياء التي لا يريدها أو لا تناسبه.

14. القناعة:

القناعة كنز لا يفنى، فيجب على الإنسان أن يَقتنع بما لديه ويتطلع إلى التحسين والتطوير، لكن دون مقارنة نفسه مع الآخرين وبما لديهم.

15. تمارين التنفس العميق:

تساعدنا تمارين التنفس العميق على الاسترخاء والهدوء في المواقف التي نَشعر فيها بالتوتر والحزن؛ وذلك بأخذ نفس عميق بالشهيق عبر الأنف، وحبس الهواء لثوانٍ، ثمَّ إخراجه بالزفير عن طريق الفم بهدوء.

16. تَخطِّي الماضي:

من مُعيقات الراحة النفسية أن يكون الإنسان أسيراً للماضي والذكريات، حيث يجب أن يتحرر من ماضيه ويَنظر إليه على أنَّه دروساً تعلَّمها، ويركِّز على الحاضر والاستمتاع به، ويُخطِّط للمستقبل.

17. مساعدة الغير:

أن ينتسب الإنسان للجمعيات الخيرية ويقوم بالإعمال التطوعية، فقد أثبتَت التجارب أنَّ مساعدة الإنسان لغيره تمنحه شعوراً بالسعادة والرضا.

18. الكتابة:

يَنصح خبراء علم النفس بالكتابة كوسيلة للراحة النفسية؛ لأنَّها أثبتَت فاعليتها في تفريغ ما نَشعر به من مشاعر سلبية، واستبدالها بمشاعر الراحة والصفاء.

19. الرقص:

قد يَستهجن كثيرٌ منا فكرة الرقص كوسيلة للراحة النفسية، لكن بالفعل تُشير الأبحاث أنَّ الناس الذين يشعرون بقلق أقل هم من هواة الرقص!

20. استنشاق روائح معيَّنة:

يُمكِن لبعض الروائح أن تُغيِّر مزاجنا وتساعدنا على الاسترخاء، مثل رائحة الزهور كاللافندر، وأزهار الحمضيات، يقول الدكتور هير برج - رئيس قسم الصيدلة والتشخيص بجامعة النمسا - "الحفاظ على جرة جديدة من الزهور بالقرب منك يُساعد على الاسترخاء والهدوء، فكلما شعرتَ بالتوتر والقلق، عليك فقط شم هذه الزهور".

21. أطعمة تؤدي إلى الراحة النفسية:

يؤثِّر ما نتناوله من أطعمة في الدماغ، وبالتالي يتأثر مزاجنا، وأجسادنا، وأفكارنا، وسلوكنا، ومن أهم الأطعمة التي تُحسِّن المزاج هي تلك التي تحتوي على مضادات الأكسدة والأحماض الدهنية، إضافة إلى الفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم والدماغ، مثل: سمك السلمون، والثوم، والتوت، وزيت الزيتون، والفاكهة، والخضراوات الطازجة والموسمية، والشوكولاتة الداكنة.

شاهد بالفيديو: 6 عادات خاطئة تقضي على صحتك النفسيّة

اسباب عدم الشعور بالراحة النفسية:

1. الأشخاص السامين:

الشخص السام هو شخص سلبي، ومتشائم، ودائم الشكوى والتذمر، حيث يَنقل طاقته السلبية لمَن حوله؛ لذا يُنصح بتجنب هؤلاء الأشخاص، ووضع الحدود للتعامل معهم.

2. الإفراط في لوم النفس:

قد نتعرض للفشل في العمل، أو في علاقة ما، وقد نقع في الخطأ سواء عن قصد أو عن غير قصد، حيث يجب أن نتعلم من أخطائنا، ولكن لا نقع في دوامة جلد الذات ولوم النفس طوال الوقت، فالأخطاء جزء من الطبيعة البشرية ويجب تقبُّلها والتعلم منها.

3. الإفراط بالتشاؤم والسلبية:

لا يُمكِننا منع حدوث الأشياء السيئة، فالشعور بالحزن والمشاعر السلبية أمرٌ طبيعيٌّ، لكن دون السماح لها بالتمدد والسيطرة علينا.

4. دور الضحية:

يعيش كثيرٌ من الأشخاص دور الضحية، ولوم القدر والظروف طول الوقت، فعلى الإنسان أن يتجنب هذا الأمر، وأن يتحمل مسؤولية حياته ويعرف أنَّ سعادته بيده.

5. الكمال:

يُدخل السعي للكمال الإنسان في حلقة مُفرغة من الخوف والقلق وانعدام الرضا، لأنَّه لن يشعر بالرضى مهما حقق من إنجازات، فالوصول للكمال أمرٌ مستحيلٌ.

6. إرضاء الآخرين:

إرضاء الناس غاية لا تُدرك؛ لذا يجب التحرر مِن هذه الفكرة لأنَّها تَحرم الإنسان من الراحة.

7. الإفراط بوسائل التواصل الاجتماعي:

أثبتَت الدراسات الحديثة أنَّ الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، سببٌ للقلق والاكتئاب، وتهديد راحتنا النفسية.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح للحصول على السلام الداخلي وراحة البال

قانون الراحة النفسية:

قانون الراحة النفسية يعتبر مبدأً أساسيًا في الحياة اليومية، وهو يرتكز على أهمية إيلاء الاهتمام لحاجاتنا العاطفية والنفسية. تشير قوانين الراحة النفسية إلى أنه من الضروري أن نمنح أنفسنا الوقت والرعاية اللازمة للحفاظ على صحة عقلية قوية وسعادة داخلية. وقدَّم أحد الأطباء النفسيين قوانينَ للراحة النفسية تتمثل بـ:

  • الراحة النفسية: الانسحاب من الفوضى راحة لا تُقدَّر بثمن.
  • الذكاء العقلي: التجاهل يُعيد كل شخص إلى حجمه الطبيعي كائناً مَن كان.
  • الاستغناء: ليس كل ما تستغني عنه خسارة، فبعض الأمور الاستغناء عنها بداية أفضل.
  • التغيير: إن لم تتغير، فأنت تخسر حياتك.
  • تطوير الذات: يعني أن تَجد مكاناً في القمة، ففي القاع ازدحام شديد.
  • إثبات الذات: على الإنسان أن يقوم بين حين وآخر بتحديث قوانينه وأسلوبه حتى يُصبح مميزاً.
  • التمييز: وهو أن تُبدِع أسلوباً وأنت في قمة الاسترخاء، ويُقلدك الجميع.
  • التحدي: حيث تجد لنفسك مكاناً وسط الكبار، فيعترفون بنجاحك.
  • إدارة الوقت: هو أن تكون أنت كالسفينة التي تمشي بين الأمواج بالعلم والمعرفة.
  • الوعي: إن لم تدرك أخطاءك، فلن تتعلم الصواب.
  • الأهداف: حياةٌ من غير هدف مثل جسدٍ من غير روح، الاثنين ليس لهما قيمة.
  • التعلم: إن لم تتألم، فلن تتعلم.
إقرأ أيضاً: الراحة النفسية وكيفية الوصول لها

الراحة النفسية في البيت:

يُمكِن أن نجعل من البيت مكاناً للراحة النفسية، عن طريق ما يلي:

  • أن يكون الاحترام قائماً بين أفراد العائلة في كل الأوقات، واتباع أسلوب الحوار والنقاش في كل القضايا، واحترام وجهات النظر حتى في حال اختلافها.
  • أن يكون البيت الملاذ الآمن للإنسان من كل ضغوط الحياة في الخارج.
  • تصميم البيت بألوان هادئة تبعث الراحة في النفس، وتصميم إضاءة البيت بطريقة تُحقِّق الراحة النفسية والاسترخاء.
  • فتح النوافذ في النهار لتدخل أشعة الشمس، فالشمس لها طاقة إيجابية تجعل البيت مكاناً صحياً ومريحاً.
  • المحافظة على البيت مرتباً ونظيفاً، وتجنُّب الفوضى لِما تَبعثه من طاقة سلبية في المكان.
  • تزيين البيت بالورود والنباتات الخضراء، لما للون الأخضر من دور إيجابي في الشعور بالراحة النفسية والاسترخاء.
  • تصميم ركنٍ هادئٍ في البيت، مخصص للجلوس والاسترخاء وتناول كوبٍ من الشاي الأخضر والاستماع إلى موسيقى هادئة تهدئ الأعصاب.

في الختام، ابحث عن الراحة النفسية في داخلك:

سأل شاب حيكماً صينياً عن سر السعادة، فأجابه: "إذا أردتَ أن تكون سعيداً يا بني؛ فتعلَّم كيف تتحكم في شعورك وتقديراتك، وتأكَّد دائماً أن يكون كوبك خالياً، فهذا هو مفتاح السعادة".

كثيرٌ منا يبحث عن السعادة والراحة في الخارج، أو في الأشخاص، أو في الأماكن، كل هذه الأشياء تجلب سعادة وراحة مؤقتة؛ فأنت لم ولن تجد السعادة والراحة النفسية الدائمة ما لم تَبحث في نفسك وداخلك، لذا لا تُهدر وقتك وطاقتك في محاولة تغيير الآخرين؛ بل ركِّز على نفسك وإدارة أفكارك ومشاعرك لكي تجعل الإيجابية تعمُّ حياتك، وتجعل كوبك فارغاً من السلبية والحقد والبغضاء.




مقالات مرتبطة