أولًا: كيف تعيش هادئ الأعصاب؟
أثبتَ الطبّ الحديث أنّ كثيرًا من الأمراض العضوية كارتفاع ضغط الدّم، والذبحة الصدرية والبول والسكري وقرحة المعدة وتقلّص القولون والربو والصداع تنشأ في كثيرٍ من الأحيان من الاضطرابات العصبيّة، وقد أمكن شفاء كثير من هذهِ الحالات بالعلاج النفسي بعد أن فشلت فيهِ جميع الوسائل الأخرى. وتظهر هذهِ الأمراض أو بعضها في الشخص المنطوي على نفسهِ ذي المزاج المرهف إذا تعرّض لصدمات نفسيّة شديدة ولم يتمكّن من التغلّب عليها، وحينئذٍ تتوتر أعصابه فتضطرب وظائف جسمه خصوصًا إذا كان هذا العضو ضعيفًا في الأصل.
ولكي تعيش بأعصابٍ سليمة إرجع إلى هذهِ الوصايا:
- تجنّب التفكير المستمر والعمل المتواصل طوال النهار والليل، وإن كان عملك غير مُحدّد أو مقيّد بوقت وكنت نشطًا دؤوبًا مخلصًا لهذا العمل أو حريصًا على زيادة كسبك منه، فاحرص على أن تسترخي وتستجم مرات أثناء العمل ولو لفتراتٍ قصيرة.
- عليك أن تخلد إلى الراحة من أعمالك ومشاغلك كلّما سنحت لك الفرصة، وعليك أن تغتنم عطلة آخر الإسبوع والعطلات الصيفيّة لتحقيق ذلك، واقضِ هذه الفترات بعيدًا عن محيط عملك، في رحلات بعيدة فإذا عدت إلى عملك كنت هادئ البال نشيطًا.
- آلام الرأس والصداع كثيرًا ما تكون إنذارًا لك، يجب عليك من بعدهِ أن تُبطئ خطاك بعض الشيئ وأنت سائر في موكب الحياة وتُعطي جسمك حقهُ من الراحة.
- إذا كنت تستيقظ متعبًا، فالسبب الأول لذلك غالبًا إنّك تذهب إلى الفراش في ساعة متأخرة، وينبغي أن تعوّد نفسك على النوم المبكر.
- سرعة غضبك دليل على أنّك تبذل مجهودًا أكثر مما ينبغي، أو أنّك أنّك كسول أكثر مما ينبغي، وعليك أن تعتدل حتّى لا يؤدي اضطراب أعصابك إلى اضطراب جهازك الهضمي أو أن يُصبح جسمك مرتعًا خصبًا لأمراض القلب وضغط الدّم وغيرها. إنّ الغضب واليأس هما أعدى أعداء أعصابك، ويجب عليك أن تتغلّب عليهما بإزالة أسبابهما وبقوة إرادتك وإيمانك.
- القلق شبح مفزع يُمكن إبعاده بالتدريب على الهدوء والتفكير المنطقي، روّض نفسك على أن تعيش ليومك الذي أنت فيهِ وحدهُ، ودع التفكير في الغد فإنّهُ ليس ملكًا لك.
ثانيًا: كيف نواجه ضواغط الحياة ونتحكّم في الإنفعالات؟
ضغوطات الحياة كثيرة، وهي جزء لا يكاد يتجزأ من حياة كل منّا، من يقول لك أنّه لا يتعرّض لأي ضغط فلا تصدقه.
والضغوطات إمّا داخليّة، يستشعرها الإنسان من جرّاء الاحتقان النفسي الذي يحصل من كلمة جارحة، أو إهانة، أو إحساس بالعجز والفشل، أو أي موقف محرج يترك أثرهُ السلبي على النفس فيكدّر صفاءها.
وإمّا خارجيّة وما أكثرها، ضغط الدراسة من أجل النجاح، وضغط المنافسة من أجل التفوّق، ضغوط الحياة المعيشيّة وتحسينها، ضغوط الأسرة وعادات المجتمع وتقاليدهِ.
فالضغط هو كل ما يُثقل كاهل الإنسان ويُرهقه ويُسبب له دوامة من الصراع أو الصداع والألم النفسي، ويؤدي إلى الضيق والاختناق مما يضطرنا إلى البحث عن متنفس أو حل نهائي يرفع معهُ الضغط ويزول.
والضغوط مهما كانت صعبة وثقيلة وقاسيّة، فإنّها ليست ممّا يستحيل إزالته أو رفعه، فحتّى الجبال الراسيّة القاسيّة تتحطّم وتتصدّع، وتُحفر فيها الأنفاق.
لا للضغوط السلبيّة:
كلمة (لا) صغيرة في لفظها وكتابتها، لكنّها كبيرة في معناها ومغزاها.
هي ضغط أو تكثيف لرفضك، وإبائك وممانعتك، فلا تستهن بمقدرتها على إنقاذك في المواقف المحرجة والضاغطة سواء التوريطيّة، أو الترهيبيّة، أو الترغيبيّة.
إنّها سلاحك الذي بهِ تُقاتل الضغوط السلبيّة صغيرة كانت أو كبيرة، ولا تنسى أنّ بعض الضغوط الصغيرة إذا استهنت بها ولم تقل (لا) فإنّها تكبر وتستفحل وتنشط لافتراسك حتّى تغدو ضغوطًا كبيرة قد تعجز عن مواجهتها.
قل (لا) لأي ضغط سلبي، مهما كان شكله ونوعه وحجمه والمصدر الذي يأتي منه، فكما أنّك تتدرّب على حمل الأثقال لبناء عضلات متينة ومفتولة، فإنّ (لا) تحتاج إلى تدريب حتّى تصبح عضلات الإرادة قويّة متماسكة، بمعنى أن تكون رافضى مقاومة، وممانعة.
ثالثًا: نصائح للتغلّب على الإحباط
إذا أصابك التوتر ووصل إلى حد الاستسلام والشعور بالعجز والرغبة في الإنطواء، فمعنى ذلك أنّ الإحباط قد تملكك. وعليك عدم الإستسلام لهذا الإحباط الذي يُعد من أخطر المشاكل التي يتعرّض لها الإنسان بصورة مستمرة في حياتهِ اليوميّة.
فالإحباط يؤثرُ تأثيرًا سلبيًا على سلوكياتنا فهو يعوق تقدمنا في مسيرة الحياة، ويجعل الشاب يبدو كهلًا مكبّلًا بالهموم عاجزًا عن الإنجاز، وهي حالة شعوريّة تطرأ على الشخص حين يتعرّض لضغوط اجتماعيّة أو نفسيّة لا يستطيع مواجهتها، فتؤدي إلى التوتر ثُمّ الاستسلام والشعور بالعجز، فيحين يتعرض الإنسان على سبيل المثال إلى مناوشات بالطريق ثُمّ اختلافات في العمل ثُمّ مشاحنات أسريّة، كل ذلك يدفع بهِ إلى الانطواء والشعور بالإحباط، وللتغلّب على هذا الشعور الذي قد يؤدي إلى الاكتئاب ننصح بالآتي:
- اتّباع طريقة التنفيس أو التهدئة الذاتيّة بأخذ شهيق عميق وزفير بطيئ.
- تفريغ المشاكل بالفضفضة مع صديق أو إنسان مقرّب.
- البكاء إذا أحسّ الإنسان بالرغبة في ذلك دون مكابرة.
- الخروج إلى الأماكن العامة المفتوحة.
- تدريب النفس على استيعاب المشاكل اليوميّة، باسترجاع التجارب المشابهة التي مرّت بهِ وتغلّب عليها فيثق في قدرتهِ على تخطي الأزمة.
- تبسيط الضغوط النفسيّة، والثقة بأنّ أي مشكلة لها حل حتّى وإنّ كان في وقت لاحق.
- ممارسة الهوايات، لأنّها تنقل الشخص إلى حالة مزاجيّة أكثر سعادة.
- أن يترك الإنسان التفكير في مشاكلهِ ويُحاول إسعاد الآخرين، فيجد سعادته الغائبة وليس الإحباط.
- تذكّر أن دوام الحال من المحال والثقة بأنّ الوقت كفيل بإنهاء هذهِ الحالة.
- الاهتمام بالغذاء والحرص على تناول البروتينات الحيوانيّة والنباتيّة، وعسل النحل والقرفة، لأنّ ما تحتويهِ هذهِ الأغذية من أحماض أمينيّة يُعتبر مضادات طبيعيّة للإحباط.
رابعًا: كيف تتغلّب على بعض الطباع
هذهِ سياحة قصيرة في التطبيق لبعض الطباع التي نُعاني منها كشبان وكفتيات، وفي طرق اجتنابها والسيطرة عليها:
الخجل:
الخجل موضع ابتلاء العديد من الشبان والفتيات، أي أنّه طبع من الطباع التي ترهق كاهل الخجول، فتراه يسعى دائمًا لمواجهة خجلهِ والقضاء عليهِ، ولهذا أدرس الإرشادات التاليّة التي تجعلك تقول وداعًا للخجل:
- نمِّ ثقافتك، فالثقافة الوجه الذي تطلّ به على النّاس.
- تحدّث باهتمامك أو ميولك وهواياتك واختصاصك ولا تدس أنفك في أمور لا تُجيد الحديث عنها.
- قل رأيك مهما كان متواضعًا، تحرر من عقدة الرأي الصواب 100% فليس هناك رأي صائب بهذهِ الدرجة، إلّا القول المقدّس.
- درّب نفسك على الشعور بالاستقلاليّة وعدم التركيز على الأجواء والأشخاص المُحيطين بك، تصوّر أنّهم لا يعلمون وتحدّث معهم كما لو كنت تريد تعليمهم أو إعلامهم.
- افتح صدرك للنقد، أظهر شيئًا من التماسك في حضرة الآخرين، وتعلّم أساليب الرد اللطيف.
- كُن مستمعًا جيدًا، انظر كيف يتحدث الآخرون، لا بأس عليك، تعلّم بعض أساليبهم، ستفيدك في القريب العاجل.
- لا تطل من حالات العزلة والانكماش لأنّها موحشة وتزيد من الخجل والانطواء.
- لا تطلب الشهرة والأضواء والتصفيق والاستحسان، أطلب المقبوليّة، أي أن تظهر شخصًا طبيعيًا مقبولًا.
الشرود الذهني (ضعف التركيز):
وهذهِ الحالة أو الطبع يُبتلى بهِ العديد من الشبان والفتيات أيضًا، خاصة أولئك الذين يستغرقون في أحلام اليقظة كثيرًا، ولو تركت هذه الحالة وشأنها لاستحالت إلى عادة ولأثّرت بشكلٍ سلبي على تفكير الشاب واستيعابهِ لا سيما وأنّ التركيز مطلوب في مراحل التعلّم المختلفة.
ومرة أخرى نقول لك: إنّ الخروج من هذهِ الأزمة أو المشكلة أمر ممكن إذا راعينا عددًا من الأمور:
- جرّب أن تركّز على شيئ معين لفترةٍ طويلة نسبيًا، علّق نظرك على لوحة فنيّة معلقة على الجدار، أدرس كل دقائقها في اللون والظلال والحركات واللفتات حتّى لا تُغادر شيئًا منها، ثُم أغمض عينيك وراجع اللوحة في ذهنك، انظر كم التقطت منها وكم فاتك، وأعد المحاولة، فإنّ هذا التمرين سيغرس فيك حالة التركيز.
- لا تنتقل من فكرةٍ إلى فكرة بسرعة، أطل الوقوف عند فكرة معينة، استغرق فيها، كما لو كنت تتأمل مشهدًا أمام عينيك، فهذا يُساعدك على التركيز وتثبيت الانتباه وجمعهِ.
- قوِّ حافظتك في حفظ القرآن والأحاديث الشريفة، والحكم وأبيات الشعر الجميلة، والنكات الظريفة، والقصص المُعبرة، فإنّ الذاكرة إذا قويت في جانب فإنّها يُمكن أن تقوى في جانب آخر.
الملل والسأم:
الكثير من الأشياء والممارسات تصبح بعد حين مملة مضجرة وتبعث على السأم خاصةً إذا تكررت كثيرًا ودخلت في حالة الرتابة والروتين.
حالة الملل هذهِ تصيب أكثر الناس وهي ليست محددة بعمر معين، وهي ليست حالة مرضيّة، لكنّها تعبير عن وضع نفسي قلق، وهي قابلة للتغيير أيضًا، ومن طرق تغييرها:
- أدخل تحسينات ولو طفيفة على الأشياء والبرامج والنشاطات، تجد أنّها تكتسي حلة جديدة، فتغيير نظام الغرفة بين آونة وأخرى يضفي عليها حيويّة جديدة.
- ابحث عن الإيجابيات الأخرى فقد تكون هناك أكثر من إيجابيّة واحدة في الشيئ الذي مللت منه.
- نوّع من أساليب التعامل مع الأشياء والأشخاص، لا تستخدم نفس الكلمات، جدد في التعبير، تمرّن على الظرف واستخدم الدعابة.
- اترك الشيئ الذي مملتَ منه لفترةٍ ثُمّ عد إليهِ بعد حين، ستجده اكتسب ألقًا ونضارةً جديدة.
الخوف والجبن:
يُقال إنّ الخوف نعمة لأنّه يقي الإنسان من مزالق ومخاطر التهوّر أو الأشياء التي تبيّت له شرًا، لكن الخوف يتحوّل إلى مشكلة إذا استشرى وأصبح عقدة مستعصيّة، أو إذا استحال إلى حالة من الجبن، فكيف تُبدّد المخاوف التي تحدق بك؟ إليك بعض المحاولات:
- ادرس كل حالة خوف دراسة واقعيّة، انظر ماذا يُخيفك فيها. هل هي خوف نابع من حالة طفوليّة قديمة لازمتك منذ الصِبا ولم تستطع التخلّص منها؟ إذا آن الأوان أن تضعها عن كاهلك وإلّا رافقتك مدى الحياة.
- اقتحم مواطن خوفك، جرّب أن تسير في الظلام لبعض الوقت، وأن تمشي في طريق ليس بهِ مارة، أو الإطلالة من بناية شاهقة.
- رافق الشجعان واقتبس من روحهم روحًا وزخمًا لروحك، أنظر كيف يتصرفون في المواقف الحرجة، والخطرة.
- تذكّر أنّ الموت أجل وكتاب.
خامسًا: كيف تتجنّب الشعور بالعجز
لقد تمّ تعريف الشعور بالعجز الوظيفي بأنّه الشعور بأنّ وظيفتك لم تعد مثيرة، مجازفة، أو مكافئة، بتعبير آخر، إنّ الأشخاص الذين يُعانون من الشعور بالعجز ينفذ وقودهم، يُصبحون بلا استجابة وفاتري الشعور، ومع ذلك يكتشف علماء النفس أنّ بذور الشعور بالعجز تبذّر في أوّل سن رشدهم، حين يضع الشبان والشابات أهدافًا لحياتهم، ويستثمرون أنفسهم لملاحقة هذهِ الأهداف بنحو كامل، ويؤسسون علاقات ستستمر طوال الحياة. واكتشف علماء النفس أيضًا أنّ المزيد من البشر يشعرون بالعجز في أواخر العشرينيات أو أوائل الثلاثينيات من عمرهم. والمأساة هي أنّ الشعور بالعجز يؤثرُ أكثر مما ينبغي في عدد أكبر من الناس. فعارضة الأزياء تجد أنّ وظيفتها تنتهي حين تصل إلى سن الثلاثين، والمدير التنفيذي متوسط العمر يُطرد في العام الذي يتوقع فيهِ أن يُصبح رئيسًا للشركة، الشعور بالعجز مسألة خطيرة. تستطيع تجنبّ الشعور بالعجز، ويفعل كثير من الناس ذلك.
لماذا يشعر الناس بالعجز؟
لماذا يشعر الناس بالعجز؟ لأنّ مشاعرنا هي فرديّة جدًا، هناك كثير من الأسباب الكامنة وراء شعور الناس بالعجز بقدر ما هناك بشر، لكن جميع هذهِ الأسباب يُمكن وضعها في فئتين:
- يشعر الناس بالعجز لأنّهم يفشلون في تحقيق أهدافهم.
- يشعر الناس بالعجز لأنّهم يُحققون أهدافهم ويخيبُ أملهم.
الفشل في الوصول إلى أهدافك:
يفشل البشر في تحقيق أهدافهم في الحياة لأسباب عديدة، بعضها خارج سيطرتهم تمامًا، وإليك بعض أكثر الأسباب شيوعًا لفشل الناس في تحقيق أهدافهم:
- أهدافهم كبيرة جدًا بشكلٍ غير واقعي.
- يُعانون من إصابات ومرض غير متوقع.
- يسقطون ضحايا لظروف خارج سيطرتهم.
- يفشل الناس أيضًا في الوصول إلى أهدافهم لأنّهم لا يكدحون بنحو كاف، أو يتخذون سلسلة من القرارات السيئة.
الخيبة من الوصول إلى أهدافك:
إليك بعض أكثر الأسباب شيوعًا لخيبة أمل الناس من الوصول إلى أهدافهم مثل الشخص الذي تسلّق سلم النجاح وقفز:
- يضعون أهدافًا متدنّية جدًا، يُمكن أن يُقرر شخص أن يُصبح مليونيرًا، وفي الوقت الذي يصل فيهِ إلى الثلاثين يكون قد عبر معلم الأرض المحدد.
- يخيب أمل شخص دومًا لأنّ أهدافه لا تلبي حاجات كان من المتوقع أن تلبيها، على سبيل المثال غالبًا ما يخيب أمل الناس الذين ينظرون إلى أهدافهم على أنّها ستحل جميع المشكلات الشخصيّة، وبغض النظر عن درجة نجاحهم، تواصل المشكلات الشخصيّة تعذيبهم.
- آخرون لا يعترفون بأهمية إنجازاتهم.
- يكتشفون أنّ أهدافهم ضيّقة جدًا.
سادساً: كيف أتعامل مع غرائزي وقدراتي؟
إنّ الذات الإنسانيّة تحمل مشاعر الحب والكراهيّة، والرضا والغضب، وغريزة الطعام والجنس، وحبّ الذات والتسلط، وحب المال والرغبة في التفوق على الآخرين، وهي التي تدفع الإنسان إلى الكثير من الأفعال الشريرة والسيئة، كما تدفعهُ إلى فعل الخير والمصلحة المشروعة.
لذا فإنّ الموقف الصحيح هو أن نفكّر في عواقب الأمور، قبل أن نقدم على أي عمل، ونعرف ما ينتج عن فعلنا وموقفنا من خير أو شر، كما أنّ من المفيد أيضًا الاستفادة من تجربة الآخرين، واستشارة من نثق بهم: الأب، الأم، الأخ، الأصدقاء، أساتذتنا، وأصحاب الاختصاص.
هناك دوافع انفعاليّة عديدة تحرّك الإنسان، فقد يدفع الإنسان الغضب أو الكراهيّة أو الأنانيّة إلى ارتكاب الجريمة أو التورّط في أفعال لا يستطيع التخلّص من نتائجها السيئة، أو الاضطرار إلى الإعتذار.
وقد يستولي على الإنسان الوهم والخيال، ويتصوّر مشاريع وآمال وهميّة لتحقيق رغبات كيف أتعامل نفسيًا لاكتساب المال أو الشهرة أو الموقع أو غير ذلك، فيبذل جهودًا ووقتًا ومالًا، دون أن يُحقق نفعًا بل يذهب كل ذلك سدى.
وقد تدفعه الشهوة والإحساس باللّذة إلى ارتكاب أفعال، وتعوّد سلوك سيئ شرير، كتناول المخدرات والتدخين والجنس المُحرّم، وغير ذلك، ممّا يجلب لهُ الندامة والكوارث، ولا يشعر بخطئه إلّا بعد فوات الأوان.
إنّ من الحكمة ونضج الشخصيّة أن لا يُكرر الإنسان خطأ وقع فيهِ، كما من الحكمة أن لا يقع الإنسان في أخطاء غيرهِ، إنّ التجارب مدرسة تعلّم الإنسان الخطأ والصواب، وعليهِ أن يستفيد من خطئهِ وخطأ الآخرين.
سابعًا: تعلّم آداب النقد كي تصل إلى غايتك
- البينيّة: ليكن نقدك لأخيك، أو لأي إنسان آخر نقدًا بينيًا، لا تنتقدهُ أمام الآخرين، فحتّى لو كان نقدك هادفًا وموضوعيًا، إلّا أن النقد في حضور الآخرين ممن لاعلاقة لهم بالأمر قد يدفع بالطرف الآخر إلى التشبث برأيهِ.
- الإنصاف: النقد هو حالة تقويم، حالة وزن بالقسطاس، وكلما كنت دقيقًا في نقدك، بلا انحياز ولا تعصّب ولا إفراط، كنت أقرب إلى العدل والإنصاف، وبالتالي أقرب إلى التقوى.
- اجمع الإيجابي إلى السلبي: وهذا الأسلوب هو من الأساليب المُحبّبة في النقد، حيث تبدأ بالإيجابي فتشيد بهِ ثُمّ تنتهي إلى السلبي، وبهذهِ الطريقة تكون قد جعلت من الإيجابيات مدخلًا سهلًا للنقد.
- الإلتفات إلى الإيجابي: وقد يكون السلبي لدى أحد الأشخاص أكثر من الإيجابي بحيث يطغى عليهِ، ويكون الإيجابي نادرًا للدرجة التي يتعيّن عليك أن تبحث أو تنقّب عنه تنقيبًا، فلا تعدم المحاولة لأنّ ذلك يجعلك في نظر المنقود كريم الطبع.
- أعطه فرصة الدفاع عن النفس: حتّى ولو كوّنت عن شخص صورة سلبيّة فلا تتعجّل بالحكم عليهِ، استمع إليهِ أولًا، أعطه فرصة كافية ليقول ما في نفسهِ وليُدافع عن موقفهِ، واترك لهُ فرصة للدفاع عن نفسهِ وموقفهِ.
- حاسب على الظاهر: قبل أن تمضي في نقدك، احترم نوايا المنقود وحاسبه على الظاهر، فلعلّ له عذرًا وأنت تلوم، أو قد يكون مضطرًا وللضرورة أحكام، وقد يكون ساهيًا ناسيًا وغير متعمّد.
- لتكن رسالتك النقديّة واضحة: لا تُجامل على حساب الخطأ فالعتاب الخجول الذي يتكلّم بإبن عم الكلام ليس مجديًا دائمًا، وقد لا ينفع في إيصال رسالتك، فإذا كنت ترى خرقًا أو تجاوزًا صريحًا فكن صريحًا في نقدهِ أيضًا، وتعلّم خلق الصراحة وعدم الاستحياء.
- لا تكل بمكيالين: إنّ من مقتضى العدل والإنصاف أن لا تكون ازدواجيًا في نقدك فإذا انتقدت صديقًا في أمر ما، وكنت سكتَ عن صديق آخر كان ينبغي أن تنتقدهُ للشيئ ذاتهِ فأنت ناقد ظالم ومنحاز بالنسبة للمنقود لأنّك تكيل بمكيالين.
- لا تفتح الدفاتر القديمة: انقد الجديد ودع القديم، لا تذكّر بالماضي لأنّ صفحته انطوت، ولا تتّكأ فقد تُضيع الهدف من النقد لما جرى مؤخرًا، وربما تُغلق مسامع المنقود عن نقدك وتستثيرهُ لأنّك نبشت ما كان دفينًا.
- لا تكن لقّاطًا للعثرات: التقاط العيوب وتسقط العثرات وتتبّع الزلات، وحفظها في سجل بغية استغلالها ذات يوم للإيقاع بالشخص الذي نوجّه نقدنا إليهِ، خُلق غير جيد، فخير لك أن تنتقدهُ في حينهِ، وفي الموضع الذي يستوجب النقد، ولا تجمع أو تحصي عليهِ عثراتهِ لتواجههُ بها ذات يوم.
وأخيرًا:
تذكّر أنّ كل إنسان يحب ذاته، فلا تحطّم ذاتهُ بنقدك القاسي الشديد، وكن أحرص على أن ترى ذاتهُ أجمل وأكمل وأنقى من العيوب، وقل لهُ ذلك، قل لهُ إنّ دافعك إلى النقد أن تراه فوق نقدك، وعندها تكسب أخًا حبيبًا بدلًا من أن تخلق لك عدوًا.
ثامنًا: بعض النصائح لمواجهة التوتر العصبي والضغط النفسي
لعلّ أفضل علاج لمواجهة التوتر العصبي يكمن في المقولة الشهيرة لرينولد نيبور التي تقول: (إلهي أعطني الشجاعة والقدرة على تغيير الأشياء التي أقدر على تغييرها، والقناعة على تقبل الأشياء التي لا يُمكن تغييرها، والحكمة على معرفة الفرق بين الأثنين).
مواجهة التوتر:
- الحرص على أخذ الكفاية من النوم 8 ساعات على الأقل، والحصول على الراحة لمدة 10 دقائق في فترة بعد الظهيرة، لاستعادة النشاط باقي اليوم.
- البدء بالخضروات والفاكهة وبكميات كبيرة وخفض كميات اللحوم والدّسم.
- الحرص على أداء التمارين الرياضيّة.
- نفس عميق وطويل، وإخراجهُ ببطئ.
- الحرص على قضاء وقت أطول مع أصدقاء مرحين يتمتعون بسلوك إيجابي وحب للمرح والضحك.
- البحث عن الضحك والمواقف المرحة في الأفلام الكوميديّة والكرتون والنكت.
- أوجد التسامح داخلك، وأعط أعذارًا للذين يضعونك في حالة توتر عصبي.
- فرّغ مشاعر الغضب والخوف والجزع عندك على الورق، بأن تكتب انفعالاتك وبعدها ألق بالورق المكتوب وانسى ما كتبتهُ.
- كن عطوفًا على نفسك ولا تلمها كثيرًا.
تاسعًا: أربع خطوات لتغيير حالتك النفسيّة
- الإقرار والإعتراف بأنّنا نعاني من حالة نفسيّة.
- أنت المسؤول عن كل ما تشعر وتحس.
- حلل ما أنت فيهِ ثُمّ قم بتجميع الأفكار.
- لا تضيّع وقتك في لوم الآخرين وأنّهم سبب ما أنت فيهِ واطرح عن تفكيرك كل ما يُسيئ إلى نفسك ودنياك وفكّر بإيجابيّة.
أخي الكريم:
امسح قدميك وسر في طريقك على بركة الله، أنظر خارج النافذة، تنفس بعمق واتجه إلى الله بالدعاء واتخذ قرارًا بتغير حالتك دائمًا للأفضل ولا تيأس من رحمة الله.
عاشرًا: أهم الإرشادات التي تساعد على التخفيف من حدّة التوتّر النفسي
في حياتنا اليوميّة المتسارعة بات مصطلح التوتر يتردد على كل لسان، فهذا الشخص يُعاني من توتر العمل وذاك من توتر البيت وآخر من التوتر الناجم عن المشاكل الماليّة والقائمة في هذا المجال.
التوتر النفسي:
التوتر النفسي يُصيب كل إنسان صغيرًا كان أم كبيرًا، فنادرًا ما نجد إنسانًا لا يُعاني من التوتر النفسي، وبالطبع تختلف الاستجابة للتوتر النفسي من شخص لآخر وفقًا لنمط شخصيتهِ ومدى نضجهِ وحالتهِ الصحيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والماديّة بشكلٍ عام. فالبعض يستجيب بشكلٍ إيجابي أي أنّهُ يُواجه التوتر ويُجابههُ فإنّ خسر يُحاول أن يُكرر المحاولة حتّى يتغلّب على التوتر والبعض الآخر وهم كثر يستجيب بشكلٍ سلبي ويستسلم للتوتر حتّى ينال منهُ بأحد الأعراض التاليّة:
- صداع شديد.
- اضطرابات معديّة، وفقدان الشهيّة والوزن.
- صعوبة النوم والأرق.
- الشعور بالاكتئاب.
- فقدان الرغبة بالعمل وغير ذلك من الأنشطة الحياتيّة اليوميّة المعتادة.
ومن أهم الإرشادات التي تساعد على التخفيف من حدة التوتر:
- تجنّب مصادر الضجيج المختلفة.
- التنظيم الجيد يجنّبك الكثير من العوامل التي تؤدي لحدوث التوتر.
- عدم الانتظار لفترةٍ طويلة أثناء دفع إحدى الفواتير، خصوصًا إذا كان الازدحام قائمًا.
- يُنصح بممارسة التمارين الرياضيّة وأهمها رياضة المشي بشكلٍ منتظم من أجل التخفيف من حدة التوتر والمحافظة على الحيويّة.
- تجنّب المنبهات واستعض عنها بشاي الأعشاب والعصائر.
- امتنع عن التدخين.
- حافظ على هدوئك في العمل.
حادي عشر: اللغة المعقّدة تغشي عقول الناس بالغموض ابتعد عنها
اللغة تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، ونتيجة لذلك على الناس أن يُقاموا النزعة المتأصلة فيهم إلى محاولة استعمال الكلمات الجديدة، والنادرة الاستعمال.
ما الذي كان سيحدث لو أنّ بعض الأقوال المأثورة قد كتبت بيد مثقلة وكلمات خياليّة؟ لا شك أنّها ستُثقل القارئ بالهموم، وتمعن في تعقيد الأمور بدلًا من تبسيطها.
فالكتابة المُقنّعة، والكلام الوجيه لا يُمكن أن يُربكا القارئ والمستمع، ويجب أن يكونا واضحين ومفهومين، وكلما كانا موجزين كانا أفضل.
بإمكانك أن تكسب المعركة مع الغموض عن طريق الإلتزام بعشرة مبادئ للكتابة الواضحة التي تتصف بالشفافيّة، وهي:
- اجعل الجمل قصيرة.
- اختر الكلمات البسيطة دون الكلمات المعقدة.
- اختر الكلمات المألوفة.
- تجنّب استعمال الكلمات غير الضروريّة.
- انطق الكلمات الدالة على الأفعال.
- اكتب كما تتحدّث.
- استخدم مصطلحات يستطيع القرّاء تصورها.
- استخدم أساليب متنوعة.
- اكتب لتعبّر عن موضوع ما لا لتأثّر فيهِ.
ينبغي عليك تشجيع اللغة البسيطة المباشرة، ومقاطعة العبارات الطنانة الخاصة بالأعمال، لا في الكتابة فحسب، بل في التحدّث أيضًا، وعليك أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك كأن تشجّع البساطة كمنهج للاستماع إلى الأفضل. فقد أظهرت الدراسات بأنّ الناس يتذكرون نسبة 20% مما سمعوه في الأيّام القليلة الماضية، وذلك بسبب إخفاق مهارة الاستماع لديهم في الأوقات الصعبة نتيجة هيمنة الثرثرة المتواصلة عن العالم الحديث على مسامعهم.
اطلب من مقدمي الإلقاءات ترجمة اصطلاحاتهم المعقدة إلى لغة سهلة مبسطة، لا تخشى مطلقًا من قول لا أفهم ما تعني، ولا تتسامح مع الغطرسة الفكريّة. لا تتشكك في انطباعاتك الأوليّة عن شيئ ما، فهي غالبًا ما تكون الأكثر دقة.
ثاني عشر: اضحك تضحك لك الدنيا
الفكاهة تُذيب الفوارق بين الطبقات المختلفة، والإنسان عندما يضحك فإنّهُ يكون أقدر على البذل والعطاء من الإنسان المتجهّم، وهناك مثل شامي يقول ( طالع وجه البقرة قبل أن تحلبها). والضحك هو الربح الذي تتقاضاه فورًا وليس مؤجلًا من الحياة، ولأنّ الضحك معد، فهو يُقوّي الروابط الاجتماعيّة بين الناس ويُزيل الغضب والعدوان, والضحك يُقوي جهاز المناعة فيُقاوم الأمراض الجسميّة ويُعالج الأمراض النفسيّة مثل القلق والتوتر والاكتئاب. وهناك كلمة غريبة تقول: (إذا كنت ما زلت قادرًا على الابتسام فإنّ الأمور سوف تتحسن حتمًا).
والضحك يُنشّط خلايا المخ فيجعل الإنسان قادرًا على أداء عملهِ، وهو يُهيئ الجسم للاسترخاء العضلي، وللضحك وظيفة نفسيّة وهي تحقيق التوازن العاطفي لدى الفرد، وتحقيق نوع من التكامل النفسي والاجتماعي لأنّهُ لا يضحك وحيدًا.
والضحك ظاهرة جماليّة، والفكاهة تفاعل اجتماعي، فلا بُدّ من مرسل يُلقي النكتة ومستقبل يتلاقي مع المرسل في الإحساس بالنكتة، والتواصل مهم جدًا في التفاعل الاجتماعي، فقد تكون النكتة جميلة لكن من يُلقيها ثقيل الظل، فلا يضحك أحد عليها، والعكس صحيح.
علوم وعلامات نفسية:
يقومل برناردشو إذا عجزت عن التخلّص من وضاعة منبتك العائلي فاجعلهُ يبدو أمام الناس كأنّهُ يتراقص ضاحكًا، وكان برناردشو شديد الفخر بعمه الذي انتحر بطريقة غير مسبوقة بأن وضع رأسه في حقيبة وأغلقها.
وفي أواسط القرن العشرين في معهد علم النفس بباريس كان الدكتور بيير فاشيه يُلقّن طلبتهِ دروسًا علميّة في الضحك، وبعد محاضرة عن فائدة الضحك في إزالة القلق كان يُدير اسطوانات مسجلة لجميع أنواع الضحكات الهادئة وعاليّة وجوفاء وهستيريّة، وكان أن انتشرت عدوى الضحك بين الحاضرين، واشتركوا جميعًا في أداء سيمفونيّة ضحك رائعة ، فالضحك يتضاعف بالجماعة ويكثر.
علامات على طريق الضحك:
- لا تبك حتّى لا يضحك عليك الآخرون، وإذا ضحكوا منك فاضحك معهم.
- إنّ أجمل ضحكة هي التي تعقب مباشرة البكاء الطويل.
- النكتة سلاح من لا سلاح له.
- الابتسامة جواز المرور لقلوب الآخرين.
- ابتسم دائمًا واضحك ثلاث مرات قبل الأكل وبعدهِ، وقهقه مرة واحدة يوميًا.
- إذا كان الضحك من غير سبب قلة أدب كما يقول المثل الشعبي، فإنّ الابتسامة دون سبب هي الأدب بعينهِ.
كانت هذهِ مقتطفات مهمة ومفيدة من كتاب تحكّم في انفعالاتك وكن إيجابيًا للدكتور ابراهيم الفقي.
المصادر:
أضف تعليقاً