اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عند البالغين

تعرَّف على علامات وأعراض مرض الـ (ADHD) عند البالغين، وما يمكنك القيام به حيال ذلك.

يمكن أن تكون الحياة عبارةً عن عمليَّة توازنٍ بالنِّسبةِ لأيِّ شخصٍ بالغ، ولكن إذا وجدت نفسك متأخراً دوماً، وغير منظمٍ ودائم النِّسيان، ومسؤولياتك تطغى عليك؛ فقد تكونُ مصاباً باضطرابِ فرط الحركة وتشتت الانتباه. يؤثر اضطراب تشتت الانتباه على العديد من البالغين، ويمكن لمجموعة واسعة من الأعراض عرقلة كل شيء بدءاً من علاقاتك وصولاً إلى حياتك المهنية. لكنَّ المساعدة متوفرة، والتَّعلم عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هو الخطوة الأولى. وبمجرد فهمك للتَّحديات، يمكنك أن تتعلم كيف تُعَوِّض نقاط ضعفك وتستفيد من نقاط قوتك وتصل بإمكاناتك لأقصى مدىً لها.



1- فهم اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه عند البالغين:

في حين أنَّ العلماء ليسوا متأكدين تماماً ما الذي يسبب اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) -المعروف سابقاً باسم فرط الحركة (ADD)- إلا أنَّهم يعتقدون أنَّه من المحتمل أن يكون سبب ذلك هو مزيج من الجينات والبيئة والاختلافات الطَّفيفة في كيفية عمل الدماغ. إذا تمّ تشخيص إصابتك باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD / ADD، فمن المحتمل أنَّك قد مررت على الأقل ببعض الأعراض في مرحلة البلوغ. ولكن حتَّى لو لم يتم تشخيصُ إصابتك به عندما كنت طفلاً، فإنَّ هذا لا يعني أنَّه لا يمكن أن يؤثر عليكَ كَشخصٍ بالغ.

غالباً ما لم يتم التعرُّف على الـ (ADHD) في مراحل الطفولة، إذ كان هذا شائعاَ بشكل خاص في الماضي، عندما كانَ عددٌ قليلٌ جداً من الناس على درايةٍ بفرط الحركة وتشتت الانتباه. وبدلاً من التَّعرّف على الأعراض الخاصَّة بك وتحديد المشكلة الحقيقية، ربما تكون عائلتك أو المُدَرِّسُونَ أو غيرهم قد أطلقوا عليك لقب "الحالم" أو "الأبله" أو "الكسول" أو "مثير للمتاعب" أو مجرد طالب سيء. وبشكلٍ بديل، ربما قد كنتَ قادراً على تعويض أعراضِ اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عندما كنت صغيراً، إلى أن واجهتكَ المشاكل تزامناً مع زيادة مسؤولياتك. إذ كلما زاد عدد الكُرَات التي تحاول الاحتفاظ بها في الهواء -متابعة ممارسة مهنة أو تربية أسرة أو إدارة أسرة- كلما زاد الطَّلب على قدرتك على التَّنظيم والتَّركيز والبقاء هادئاً. قد يكون هذا أمراً صعباً بالنِّسبة لأيِّ شخص، ولكن إذا كُنتَ تُعاني من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فيمكن أن تشعر أنَّ ذلك أمرٌ مستحيل.

لحسن الحظ هو أنَّه بغضِّ النَّظر عن مدى الشَّعور السَّاحق الذي يرافقه، فإنَّ تحديات اضطراب نقص الانتباه يمكن التَّغلب عليها. إذ من خلال التَّوعية والدَّعم والقليل من الإبداع، يمكنك أن تَتَعلم كيفية إدارة أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى البالغين، بل وحتَّى تحويل بعض نقاط الضعف لديك إلى نقاط قوة. إذ لم يَفُتْ بعدُ أوانُ التَّغلّب على مشاكل الـ (ADHD) عند البالغين، والبدء في النَّجاح وفقاً لشروطك الخاصة.

2- الخرافات والحقائق حول اضطراب تشتّت الانتباه عند البالغين:

  • خُرافة: إنَّ مرض الـ (ADHD) هو مجرد نقص في الإرادة. إذ يُرَكِّزُ الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بشكل جيد على الأشياء التي تهمّهم؛ كما ويمكن أن يركزوا على أيَّةِ مهامَ أخرى إذا كانوا يريدون ذلكَ حقَّاً.
    حقيقة: إنَّ مرض الـ (ADHD) يشبه إلى حدٍّ كبير مشكلة قوة الإرادة، لكنَّه ليس كذلك. إنَّه مشكلة كيميائية في أنظمة إدارة الدماغ.
  • خرافة: إنَّ الأشخاص الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لا يمكنهم الانتباه مطلقاً.
    حقيقة: إنَّ الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه غالباً ما يكونون قادرين على التَّركيز على الأنشطة التي يستمتعون بها. ولكن مهما حاولوا، فإنَّهم يواجهون صعوبةً في الحفاظ على التَّركيز عندما تكون المهمة قيد البحث مملَّة أو متكرِّرَة.
  • خرافة: جميعنا لديه بعض أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وأيٌّ شخص يمتلك الذَّكاء الكافي يمكنه التَّغلب على هذه الصعوبات.
    حقيقة: إنَّ اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يؤثر على النَّاس على اختلاف مستوى ذكائهم. وعلى الرَّغم من أنَّ كل شخص يعاني أحياناً من أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إلَّا أنَّه فقط أولئك الذين يعانون من عجزٍ مزمن من هذه الأعراض، تستدعي حالتهم تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
  • خرافة: لا يمكن للشخص أن يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ويعاني أيضاً من الاكتئاب أو القلق أو أي مشاكل نفسية أخرى.
    حقيقة: يكون الشخص المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أكثرَ عرضة من غيره وبستة أضعاف للإصابة باضطراب نفسي أو اضطراب آخرَ في التَّعلم. إذ عادةً ما يتداخل فرط الحركة وتشتت الانتباه مع اضطراباتٍ أُخرى.
  • خرافة: ما لم يتم تشخيصُ إصابتك باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو فرط الحركة (ADD) كطفل، لا يمكنك أن تُصابَ بها كشخصٍ بالغ.
    حقيقة: إنَّ العديد من البالغين يعانون طوال حياتهم مع أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه غير المعترف بها. ولم يتلقوا المساعدة المناسبة لأنَّهم افترضوا أنَّ صعوباتهم المزمنة، مثل الاكتئاب أو القلق، ناجمة عن عيوبٍ أخرى لم تَستَجِب للعلاج المعتاد.
إقرأ أيضاً: اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

3- علامات وأعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه عند البالغين:

غالباً ما يبدو اضطراب تشتت الانتباه عند البالغين مختلفاً تماماً عنه عندَ الأطفال، وأعراضه فريدة لكل فرد. تُلقي الفئات التالية الضَّوء على الأعراض الشائعة لـ (ADHD) عند البالغين. ابذل قصارى جهدك لتحديد المناطق التي تواجه فيها صعوبة. وبمجرد تحديد الأعراض الأكثر إشكاليّة، يمكنك البدء في تنفيذ استراتيجياتٍ من أجلِ التَّعامل معها.

1. مشاكل في التَّركيز والبقاء في حالة تركيز

يمكن لـِ "نقص الانتباه" أن يكون علامة مضلِّلة. إذ يتمكّن البالغون المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من التَّركيز على المهام التي يجدونها مُحَفِزّة أو جذّابة، لكنَّهم يواجهون صعوبةً في التَّركيز على المهام الحياتية وتلبيتها. قد يُصرَف انتباهك بسهولة بواسطة مشاهد وأصوات غير ذات صلة بما كُنتَ تقوم به، أو تنتقل من نشاط إلى آخر أو تشعر بالملل بسرعة. يتم التغاضي أحياناً عن الأعراض في هذه الفئة لأنَّها أقل اضطراباً خارجياً من بقيَّةِ أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه، ولكنَّها قد تكون مزعجة، إذ:

  • تصبح مشتتاً بسهولة بسبب أحداث ليست بتلك الأهميَّة أو الأحداث الخارجية التي يميل الآخرون إلى تجاهلها.
  • وجود الكثير من الأفكار المتزامنة بحيث يصعب اتِّباع فكرةٍ واحدة فقط.
  • صعوبة في الاهتمام أو التركيز، مثل عند القراءة أو الاستماع للآخرين.
  • تكثر من أحلام اليقظة أو تشرد بتفكيرك من دون أن تدرك ذلك، حتى لو كنت في خضم المحادثة.
  • تكافح لإكمال المهام، حتى تلك التي تبدو بسيطة.
  • الميل إلى التَّغاضي عن التفاصيل، مما يؤدي إلى أخطاء أو عمل غير مكتمل.
  • ضعف مهارات الاستماع؛ على سبيل المثال، تواجه صعوبة في تذكر المحادثات واتِّباع الإرشادات.
  • الشُّعور بالملل بسرعة والبحث عن تجارب محفزة جديدة.

2. الافراط في التَّركيز: الوجه الآخر للعملة

على الرَّغم من أنَّك تُدرك على الأرجح أنَّ الأشخاص الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يجدون صعوبة في التَّركيز على المهام التي لا تهمّهم، إلا أنَّك قد لا تعرف أنّ هناك جانباً آخر: الميل للغوصِ في المهام المُحَفّزة والمُجزية. يدعى هذا العارض المتناقض بـ "الافراط في التَّركيز".

إنَّ الافراط في التَّركيز هو في الواقع آلية للتَّغلب على الالهاء، وسيلة لضبط الفوضى. يمكن لهذا الافراط أن يكون شديداً لدرجة أنَّك تصبح غافلاً عن كل ما يجري من حولك. فمثلاً قد تكون منخرطاً جداً في قراءة كتاب أو مشاهدة برنامج تلفزيوني أو في العمل على حاسوبك بحيث تفقد الإحساس بالوقت وَتُهمِلُ مسؤولياتك تماماً. يمكن أن يكون الافراط في التَّركيز أحد المزايا القيِّمة عند توجيهه إلى أنشطة إنتاجية، ولكنَّه قد يؤدي أيضاً إلى مشاكلَ في العمل والعلاقة إذا تُرك بدون تحديد.

إقرأ أيضاً: النجاح في العمل: كيف تصل إلى التركيز وسط جميع الإلهاءات اليومية؟

3. النسيان والفوضى

عندما يكون لديك اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، غالباً ما تبدو الحياة فوضوية وخارجة عن السَّيطرة. وقد يكون البقاء منظماً وعلى رأس الأمور أمراً صعباً للغاية، مثل فرز المعلومات ذات الصلة بالمهمة الحالية، وتحديد أولويات قائمة المهام الخاصة بك، وتتبع المهام والمسؤوليات، وإدارة وقتك. وتشمل الأعراض الشائعة لعدم التنظيم والنِّسيان ما يلي:

  • ضعف المهارات التنظيمية (المنزل أو المكتب أو السَّيارة تعمهم الفوضى للغاية ويكونون مزدحمين بأشياء كثيرة).
  • الميل إلى المماطلة.
  • مشكلة في البدء والانتهاء من المشاريع.
  • تأخر متكرر عن أيَّة موعد.
  • نسيان المواعيد والالتزامات والمواعيد النهائية بكثرة.
  • فقدان أو إضاعة الأشياء باستمرار (المفاتيح، المحفظة، الهاتف، الوثائق، والفواتير).
  • التقليل من الوقت الذي سوف يستغرقه إنجاز المهام.

4. الاندفاع

إذا كنت تعاني من أعراض في هذه الفئة، فقد تواجه مشكلة في كبحِ جماح سلوكياتك وتعليقاتك وردود أفعالك. قد تتصرّف قبل التفكير، أو تتفاعل دون التفكير في العواقب. وقد تجد نفسك تقاطع الآخرين، وترمي التَّعليقات باندفاع، وتهرع للقيام بالمهام من دون قراءة التعليمات. إذا كنت تعاني من مشاكل في الاندفاع، فإنَّ بقاءك صبوراً أمرٌ صعبٌ للغاية. سواءً أَكانَ للأفضل أم للأسوأ، فقد تغوص في المواقف وتجد نفسك في ظروف محفوفةٍ بالمخاطر. تشمَلُ أعراضُ الاندفاع:

  • مقاطعة الآخرين بشكل متكرر أو التَّحدث أكثر منهم.
  • ضعف ضبط النفس، ظهور ميول إدمانية.
  • الافشاء عن الأفكار الوقحة أو غير المناسبة من دون تفكير.
  • التَّصرف بتهور أو عفويَّة دون اعتبار للعواقب.
  • لديك مشكلة في التَّصرف بطرق مناسبة اجتماعياً (مثل الجلوس أثناء اجتماع طويل).

5. الصُّعوبات العاطفيَّة

يواجه العديد من البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه صعوبةً في إدارة مشاعرهم، خاصَّةً عندما يتعلَّق الأمرُ بالعواطف مثل الغضب أو الإحباط. تشملُ الأعراض العاطفية الشَّائعة لفرط الحركة ونقص الانتباه:

  • أن يتم استفزازك وإرباكُك بسهولة.
  • أن تكون نَزِقَاً وَسريعَ الغضب.
  • تدني احترام الذَّات والشُّعور بعدم الأمان أو انخفاض الانتاجية.
  • لديك مشكلة في البقاء متحفزاً.
  • شديد الحساسيَّة تجاه النَّقد.

6. فرط النشاط أو عدم الرَّاحة

فرط النَّشاط عند البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه قد يبدو كما هو عند الأطفال. قد تكون نشطاً للغاية "مستعداً بشكل دائم" كما لو كان يحركك محرك سيَّارة ما. بالنِّسبة للكثير من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، تصبح أعراض فرط النَّشاط دقيقة ومبطَّنة أكثر مع تقدمهم في السِّن. الأعراض الشائعة لِفرط النشاط لدى البالغين تشمل:

  • مشاعر الأرق الداخلية، والإثارة، واندفاع الأفكار.
  • الشُّعور بالملل بسهولة والرَّغبة الشَّديدة بالحصول على الإثارة، والميل إلى المخاطرة.
  • التحدُّث بشكل مفرط، والقيام بالكثير من الأمور في آنٍ معاً.
  • لديكَ مشكلة مع الجلوس ساكناً، وشعورٌ بالتَّململ المستمر.

4- لا ضرورة لأَن تكون مفرط النشاط حتَّى تكونَ مصاباً بفرط الحركة وتشتت الانتباه:

إنَّ البالغين المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هم أقلُّ عُرضةً لإظهار فرط النشاط مقارنة بنظرائهم الشباب. إذ فقط شريحة صغيرة من البالغين الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتُّت الانتباه، في الواقع يعانون من أعراضٍ بارزة من فرط النشاط. تَذَكَّر أنَّ الأسماء قد تكون خادعة، وقد تكون مصاباً باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وبشدَّة؛ إذا كان لديك واحد أو أكثر من الأعراض المذكورة أعلاه، حتى لو كنت لا تعاني من فرط النشاط.

5- آثار فرط الحركة وتشتت الانتباه عند البالغين:

إذا اكتشفت مؤخراً أنَّك مصابٌ باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، فمن المحتمل أنَّك قد عانيت على مدار الأعوام بسبب مُشكلة غير معترف بها. قد تشعر أنَّك تكافح من أجل إبقاء رأسك فوق الماء، وتطغى عليكَ الضغوط المستمرة الناجمة عن التسويف، وعدم التنظيم، والتَّعامل مع المطالب في اللحظة الأخيرة. ربما يكون الناس قد أطلقوا عليك لقب "كسول" أو "غير مسؤول" أو "غبي" بسبب نسيانك أو صعوبة إكمال بعض المهام، وربما تكون قد بدأت في التَّفكير في نفسك بهذه الشروط السَّلبية أيضاً. إنَّ مرض فرط الحركة ونقص الانتباه غير المشخَّص وغير المعالج؛ يمكن أن يكون له آثار واسعة النِّطاق ويسبب مشاكل في جميع مظاهر حياتك تقريباً.

مشاكل الصحة البدنية والعقلية:

يمكن أن تساهم أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في مجموعة متنوعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك تناول الطعام القهري وتعاطي المخدرات والقلق المزمن والتوتر وقلة احترام الذات. كما قد تقع أيضاً في مشكلة بسبب إهمال الفحوصات الهامَّة وعدم الالتزام بمواعيد الطبيب وتجاهل الإرشادات الطبية ونسيان تناول الأدوية الحيوية.

العمل والصعوبات المالية:

غالباً ما يواجه البالغون المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه صعوبات مهنية ويشعرون بإحساس قوي بقلَّة الانجاز. كما قد يواجهون مشكلةً في الحفاظ على الوظيفة، واتِّباع قواعد الشركة، والوفاء بالمواعيد النهائية، والالتزام بروتين دوام العمل منذ التَّاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً. كما قد تشكل إدارتهم لشؤونهم المالية مشكلة أيضاً: فقد يواجهون مشاكل تتمثل في الفواتير غير المدفوعة أو الوثائق الضائعة أو الرُّسوم المتأخرة أو الدَّين بسبب الإنفاق الطَّائش.

مشاكل العلاقة:

يمكن أن تسبب أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ضغطاً كبيراً على عملك وعلاقتك العاطفية وشؤونك الأُسرية. قد تشعر بالضِّيق من الالحاح المستمر عليك من أحبائك حتى تُصبِحَ أكثرَ ترتيباً، أو لكي تُصغيَ مليَّاً، أو حتى تصبحَ مُنَظَّماً. من جهة أخرى، قد يشعر المقربون منك بالأذى والاستياء من "انعدام المسؤولية" أو "التَّلبد" الملموس لديك. ويمكن أن تؤدي التأثيرات واسعة النطاق جراء الاصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى الشُّعور بالإحراج والإحباط واليأس وخيبة الأمل وفقدان الثِّقة. كما قد تشعر أنَّك لن تكون قادراً على التَّحكم في حياتك أو تحقيق إمكاناتك. لهذا السَّبب يمكن أن يكون تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه البالغ مصدراً هائلاً للرَّاحة والأمل. كما يساعدك ذلك على فهم ما تواجهه للمرة الأولى وإدراك أنَّك لستَ مُلاماً، وذلك لأنَّ الصعوبات التي واجهتها تنبع من اضطراب نقص الانتباه، فهي ليست نتيجةً لضعفٍ شخصيٍّ أو خللٍ في الشَّخصية.

إقرأ أيضاً: ضعف الانتباه وفرط النشاط عند البالغين قد يؤثر على القدرات العقلية

6- ليس من الضَّروري أن يُعيقُكَ فرط الحركة وتشتت الانتباه:

عندما يكون لديك اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، من السَّهل أن تعتقدَ أنَّ فيكَ خطباً ما. لكن لا بأس بأن تكونَ مُختلفاً، فالـ (ADHD) ليس مؤشراً على الذَّكاء أو المقدرة. صحيحٌ أنَّك قد تواجه صعوبةً أكبر في بعض المجالات، لكن هذا لا يعني أنَّه لا يمكنك العثور على مكانتك وأن تُحقِّقَ النَّجاح. فَسِرُّ ذلك هو اكتشاف نقاط القوة لديك والاستفادةِ منها.

قد يكون من المفيد النَّظر إلى اضطراب نقص الانتباه على أنَّهُ مجموعةٌ من الصِّفاتِ الإيجابية والسَّلبية على حدٍّ سواء، مثله مثل أيِّ مجموعةِ صفاتٍ أُخرى قد تمتلكها. فعلى سبيل المثال، مع التَّهور وعدم التنظيم من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، غالباً ما يأتي الإبداع المذهل، والعاطفة، والطَّاقة، والتفكير خارج الصندوق، والتَّدفق المستمر للأفكار الأصلية. لذا اكتشف نقاط قوتك وقم بإعداد بيئتك بطريقة تدعمها.

7- المساعدة الذاتية لِفرط الحركة وتشتت الانتباه عند البالغين:

مُسَلَّحاً بفهمٍ كافٍ للتَّحديات التي يفرضها الـ (ADHD)، وبالاستعانة باستراتيجيّاتٍ مُنَظَّمة، يمكنك إجراء تغييرات حقيقية في حياتك. لقد وَجَدَ العديد من البالغين الذين يعانون من اضطرابِ تشتت الانتباه، طُرقاً مفيدة للتَّحكم بالأعراض التي تنتابهم، والاستفادة من مواهبهم، وعيشِ حياةٍ منتجة ومُرضية. لن تحتاج بالضَّرورة إلى تدخُّلٍ خارجي، على الأقل ليسَ بشكلٍ فوري. إذ لديك الكثير مما يمكنك القيام به لمساعدة نفسك والسَّيطرة على الأعراض التي تنتابك، مثل:

1- ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي:

قم بممارسة الرياضة بنشاط وبشكلٍ منتظم، فذلكَ يُساعدكَ على التَّخلص من الطاقة الزائدة والعدوانيَّة بطريقة إيجابية، بالإضافة لتسكينِ وتهدئة الجسم، تناول مجموعةً واسعةً من الأطعمة الصِّحية وقم بالحدِّ من الأطعمة السُّكَّريَّة لكي تَحُدَّ من تقلُّبِ المزاج.

2- النَّوم كثيراً:

عندما تشعر بالتَّعب، يكونُ من الصَّعب عليك التركيز والتَّعامل مع التَّوتُّر والحفاظ على الإنتاجية والإبقاء على مسؤولياتك. ساعد نفسك عبرَ إطفاء جميع الشَّاشات قبل النوم بساعة على الأقل، والحصول على ما بين 7-9 ساعات من النوم كُلَّ ليلة.

3- إدارة الوقت بشكلٍ أفضل:

حدِّد المواعيد النِّهائية لكل شيء، حتَّى بالنسبة للمهام التي تبدو صغيرة. واستخدم أجهزة ضبط الوقت وأجهزة التَّنبيه لإبقائك على مساركَ الصَّحيح. كما قُم بأَخذ استراحاتٍ على فتراتٍ منتظمة، وتجنَّب أكوام الأعمال الورقيَّة أو المماطلة وذلك عبرَ التَّعامل مع كل عنصر حالَ وروده. وقم بإعطاء الأولوية للمهام المستعجلة ودوِّن كلّ مهمّة أو رسالة أو فكرة هامَّة.

4- اعمل على علاقاتك:

قُم بجدولة الأنشطة مع الأصدقاء وحافظ على ارتباطاتك. ابق متيقظاً في المحادثة والاتصال عبر الإنترنت، استمع عندما يتحدث الآخرون ولا تحاول التَّحدث -أو إرسال رسالة نصِّية أو رسالة عبرَ البريد الإلكتروني- بسرعة كبيرة. قم بترسيخ العلاقات مع الأشخاص المتعاطفين معك والذين يتفهَّمون وضعك ونضالك مع الـ (ADHD).

5- إنشاء بيئة عمل داعمة:

استفد بشكل متكرر من القوائم وترميز الألوان والتذكير والملاحظات الشَّخصيَّة والملفات. وإذا كان ذلك ممكناً لك، فاختر العمل الذي يُحَفِّزُك ويثيرُ اهتمامك. لاحظ كيف ومتى تعمل بشكلٍ أفضل، وقم بتطبيق هذه الشروط على بيئة العمل الخاصة بك قدر الإمكان. يمكن للتَّعاون مع أشخاصٍ أقلَّ إبداعاً وأكثرَّ تنظيماً أن يساعدك أيضاً، التعاون يمكن أن يكون مفيداً لكلا الطرفين.

6- التَّدرب على الوعي الذِّهني:

بينما يصعب على بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أن يتأملَّوا حتَّى، فإنَّ التأمل المنتظم للذّهن يمكن أن يساعدك على تهدئة عقلك المشغول واكتساب المزيد من التَّحكم في المشاعر. حاول التَّأمل لفترة قصيرة وقُم بزيادة الوقت كلما أصبحت أكثر ارتياحاً لهذه العملية.

7- ألقِ اللَّوم على الـ (ADHD)، لا على نفسك:

غالباً ما يُلقي البالغون المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه اللَّوم على أنفسهم بمشاكلهم، أو ينظرون إلى أنفسهم بصورةٍ سلبيَّة، مما يمكن أن يؤدي إلى مشاكل تتعلَّق بتقدير الذَّات، أوالقلق، أو الاكتئاب.

ولكن معاناتك من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، هو ليس خطأك، فبينما لا يمكنك التَّحكم في تركيبة دماغك، يمكنك اتخاذ خطوات للتَّعويض عن نقاط الضعف لديك وتعلم أن تزدهر في جميع مجالات حياتك.

إقرأ أيضاً: مبدأ "آيزنهاور" للهام والعاجل

8- متى يجب عليك أن تطلب مساعدة خارجية لـ (ADHD) عند البالغين:

إذا كانت أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ما زالت تعترض سبيلك، على الرغم من جهود المساعدة الذاتية لإدارتها والتَّحكُّم بها، فقد يكون الوقت قد حان لطلب الدَّعم الخارجي. يمكن للبالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الاستفادة من عددٍ من العلاجات، بما في ذلك التدريب السلوكي، والعلاج الفردي، ومجموعات المساعدة الذاتية، والإرشاد المهني، والمساعدة التعليمية، والأدوية.

يجب لعلاج البالغين الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه، مثله مثل علاج الأطفال، أن يشمل فريقاً من المحترفين، إلى جانب أفراد أسرة الشخص وزوجته. يمكن أن يساعدك المحترفون المُدَرَّبُون على حالات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، على التَّحكم في السلوكيات الاندفاعية وإدارة وقتك وأموالك والتنظيم والبقاء منظمين وزيادة الإنتاجية في المنزل والعمل، وإدارة التوتر والغضب والتواصل بصورةٍ أكثرَ وضوحاً.

المصدر




مقالات مرتبطة