إجراءات بسيطة للحد من التوتر في المنزل والعمل

كيف كان شعورك عندما استيقظتَ هذا الصباح؟ هل كنت متعباً؟ أم قلقاً؟ أم مكتئباً؟ أو ربما شعرتَ بقليل من الكسل وانعدام الحافز؟ لقد أثَّر الوباء وأثَّرَت الأحداث الأخيرة والانكماش الاقتصادي المرتبط بهما فينا جميعاً، ولاسيَّما رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة، حيث تسود العالم مستويات كبيرة من عدم اليقين والتوتر لم نعهدهما في حياتنا قط.



التوتر هو جزء طبيعي من الحياة، إلا أنَّه يتحول إلى مصدر قلق فقط عندما يتعاظم ونفقد السيطرة عليه، عندئذٍ قد يبدأ في التأثير في صحتك الجسدية والعقلية.

تُنشِّط الاستجابة الفيزيولوجية للضغط الاستجابة المشؤومة المعروفة باسم استجابة الكر والفر، والتي تؤدي إلى تسارع القلب، والتنفس بسرعة، وتقلص العضلات في أثناء استعداد الجسم للإقدام على تصرفٍ ما، وقد تُضعف أيضاً عقلك الواعي، مما يسبب صعوبة في اتخاذ قرارات صائبة؛ وفي حين أنَّ الهدف من هذه الاستجابة هو حمايتنا في حالات الطوارئ، إلا أنَّها قد تُمثِّل مشكلةً إذا استمرت لفترة طويلة.

قد لا تلاحظ في البداية الأعراض الجسدية للتوتر، مثل الصداع العرضي، أو مشكلات النوم، أو مشكلات في الجهاز الهضمي، أو ربما تشعر بقليل من القلق أكثر من المعتاد أو تبدأ في مواجهة صعوبات في التركيز. ومع ذلك، إذا استمرت هذه الآثار السلبية لفترة طويلة، قد تُؤثِّر في عملك، حيث تنخفض إنتاجيتك، أما بالنسبة إلى الأشخاص الطموحين، مثل رواد الأعمال، قد لا يُؤثِّر ذلك في أعمالهم فحسب؛ ولكن في حياتهم أيضاً، مما يزيد من مستوى توترهم.

من المحتمل أيضاً أن يُؤثِّر التوتر الذي تشعر به الآن على زملائك في العمل، فقد يتركون وظائفهم، وإن بقوا، ربما يُؤثِّر ذلك في أدائهم، حيث وجدَت دراسة أجرَتها جامعة وارويك (University of Warwick) أنَّه عندما كان الموظفون أسعد، ارتفعَت إنتاجيتهم بنسبة 12%، بينما كان العمال الحزينون أقل إنتاجية بنسبة 10%، مما يؤكد أنَّ سعادة الموظفين لا تُصبُّ في صالحهم فقط؛ وإنَّما في صالح شركتك أيضاً.

تحقيق رفاهية أكبر:

الرفاهية هي مصطلح بسيط نسبياً لموضوع معقد ينطوي على الشعور بالرضا أو الإيجابية تجاه الحياة، ولكن يختلف تفسيرها من شخص لآخر، ومع ذلك، هناك بعض العناصر الأساسية التي قد تُحسِّن رفاهيتنا وما نشعر به عموماً:

1. ممارسة التنفس:

أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة ييل (Yale) أنَّ التنفس العميق هو أحد أكثر الطرائق فاعلية لإدارة التوتر والظروف المرتبطة به، ومن خلال تحفيز استجابة الاسترخاء للجهاز العصبي اللاودي، فإنَّه يساعد على "إيقاف" ميل جسمك نحو استجابة الكر أو الفر، مما يؤثِّر فوراً في التوتر والمزاج والوعي، وما يُثير الدهشة أكثر، هو أنَّ الدراسة وجدَت أنَّ هذه التأثيرات كانت أقوى عند قياسها بعد ثلاثة أشهر.

جرِّب استخدام تنفسك لتقليل التوتر، حيث يؤدي استنشاق الهواء إلى تسريع معدل ضربات القلب، بينما يؤدي الزفير إلى إبطائه، لذلك؛ عندما تشعر بالتوتر أو الغضب، حاوِل إبطاء تنفسك وتخصيص وقتٍ أطول للزفير.

شاهد بالفيديو: 15 نصيحة لتحافظ على نفسيتك وتتخلَّص من التوتر والإجهاد

2. تناوُل طعام صحي:

لم تكن مقولة "ترتبط صحتك بطعامك" يوماً أصدق من اليوم، حيث يُؤثِّر الطعام الذي تتناوله بشكل أساسي في شعورك وفي أسلوب حياتك، فاسأل نفسك، ما هو شعورك بعد تناول وجبة دسمة؟ أو الكثير من الكافيين؟

لقد أحسستَ في مرحلةٍ من المراحل على الأرجح بالاسترخاء الذي يلي تناول الطعام، وهو إحساسٌ يُؤثِّر في صحتك العقلية، فقد يجعلك تناول كميات كبيرة من السكر تَشعر بمزيد من القلق أو الاكتئاب، في حين أنَّ الكحول، المسبب للاكتئاب، قد يجعلك تشعر بمزيد من التوتر.

قد يسبب التوتر أيضاً مشكلات في الجهاز الهضمي، مما يُؤثِّر في صحة الأمعاء، والتي ترتبط ارتباطاً مباشراً بصحتك العقلية، وهذا ليس مفاجئاً، لأنَّ 90% من مستقبلات السيروتونين، الهرمون الرئيس الذي يعمل على استقرار حالتك المزاجية، ومشاعر الرفاهية، والسعادة موجودة في الأمعاء، وهذا يجعل نظامك الغذائي وصحة أمعاءك عنصرين حاسمين بالنسبة إلى شعورك.

لضمان صحة الأمعاء والصحة العامة، يجب أن تتناول مجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات، مع تقليل السكر والكافيين، والامتناع عن تناول الكحول.

إقرأ أيضاً: 12 تطبيقاً تساعد في تخفيف الشعور بالقلق والتوتر

3. ممارسة الرياضة:

لقد وثِّقت فوائد التمرين للصحة البدنية والعقلية في دراسات لا حصر لها، حيث يساعد التمرين المنتظم على تقليل القلق والاكتئاب عن طريق إفراز مادة الإندورفين، وهي مادة كيميائية طبيعية تشبه المخدر في الدماغ بالإضافة إلى مواد كيميائية طبيعية أخرى في الدماغ، مما يُعزِّز إحساسك بالرفاهية، وقد تساعدك أيضاً على تشتيت انتباهك بعيداً عن الأفكار السلبية التي قد تؤدي إلى مزيد من الاكتئاب أو القلق.

تبيَّن أيضاً أنَّ العلاج بالضحك يؤدي إلى نتائج إيجابية فيما يتعلق بالاكتئاب والأرق ونوعية النوم، وعلى الرغم من أنَّه قد لا يكون هناك الكثير مما يُثير الضحك هذه الأيام، إلا أنَّ مشاهدة المقاطع الكوميدية ​​المفضلة لديك قد تساعدك، والأفضل من ذلك أن تشاهدها برفقة الأصدقاء لتحصل على فائدة إضافية من خلال التواصل مع الآخرين.

اجعل التمرين جزءاً من يومك، سواء من خلال المشي في الهواء الطلق أم ممارسة تمارين الضغط، واجعل الضحك جزءاً من يومك سواء من خلال مشاهدة التلفاز أم الاجتماع مع الأصدقاء.

4. الاتصال والعلاقات:

أجبرنا الوباء جميعاً على إعادة تعريف معنى الاتصال واللقاء، فطوال فترة الوباء، وبمساعدة المنصات الرقمية مثل: برنامج زوم (Zoom) وغيرها، ما يزال الزملاء والأصدقاء والأحباء قادرين على "الاجتماع" عبر الإنترنت.

لقد فرض علينا الوباء أيضاً تحديات قد لا ندركها؛ إذ لم يَعُد لدينا في أيامنا تلك الفرص للقيام بأعمال الخير التي كانت ذات يومٍ جزءاً أساسيَّاً من حياتنا، ولم نكن نلاحظ ذلك، كما تُظهِر الأبحاث أنَّ تصرفاتٍ بسيطةً مثل: العطاء ومعاملة الآخرين بلطف تزيد من فرحتنا ومشاعرنا الإيجابية.

ابحث عن فرص لتقديم الخدمات للآخرين، وتواصَل مع المجموعات للتطوع عبر الإنترنت، واتصل بالأصدقاء والزملاء الذين قد يحتاجون إلى الدعم، وابحث عن طرائق للتعامل بمزيد من اللطف مع الآخرين يومياً، وستندهش من مدى شعورك بالتحسن.

5. النوم:

يُنظَر إلى الحرمان من النوم غالباً على أنَّه وسام شرف في مجتمعنا؛ فهو يدل على أنَّك تعمل بجد. صحيحٌ أنَّك تعمل بجد، لكنَّ إنجازاتك قليلةٌ على الأرجح، وبصرف النظر عن النعاس واحتمالية أن تغفو في أثناء حديثك على الهاتف، فقد تبيَّن أنَّ قلة النوم تؤثر في تفكيرك وقرارتك وأدائك.

وجد العلماء أيضاً أنَّ اضطراب النوم يؤثر في مستويات الناقلات العصبية وهرمونات التوتر، مما يتسبب في إحداث فوضى في الدماغ، وإضعاف التنظيم العاطفي، الذي يؤدي إلى زيادة التوتر أو القلق الذي قد تشعر به بالفعل.

من أجل الحصول على نومٍ أفضل؛ ابتعِد عن الأطعمة أو المشروبات التي تحتوي الكافيين، ومارِس المزيد من التمارين واتَّبِع عادات نوم جيدة، مثل: التقيد بجدول منتظم للنوم والاستيقاظ، وإيقاف تشغيل الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل، والحفاظ على غرفة النوم مظلمة وخالية من المشتتات، مثل: جهاز الكمبيوتر أو التلفزيون.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح سريعة لمقاومة التوتر

6. لا بأس في ألا تكون على ما يرام:

نَمُرُّ اليوم بظروف عصيبةٍ لم نَمُرَّ بها قط، ولا بأس في ألا تكون على ما يرام، فهذه مجرد اقتراحات قليلة للمساعدة في إدارة التوتر والقلق اللذين يَحدثان بشكلٍ طبيعي، ومن المهم أن تعترف بما تشعر به وأن تطلب مساعدة إضافية عندما تحتاجها.

إذا لم تكن متأكداً مما يجب عليك فعله أو من أين تبدأ، فيمكِنك طلب المساعدة بدايةً من مسؤولي الشركة، وإذا لم يكن ذلك ممكناً، فاسأل شركة التأمين التي تعاقدتَ معها عن المزايا التي تُقدِّمها في مجال الصحة النفسية، وفي حال لم تُوفَّق في نَيل ما تريد، ابحث في جوجل عن الجهات التي تُقدِّم مجاناً أو بأجورٍ رمزية خدمات الصحة النفسية.

هناك أيضاً العديد من المنظمات المحلية والوطنية التي تدعو إلى تحسين خدمات الصحة العقلية؛ حيث يمكِنك المشاركة ومعرفة المزيد حول كيفية دعم نفسك ومجتمعك بشكل أفضل.

يدل طلب المساعدة من الآخرين على القوة، وقد لا يكون ذلك سهلاً، وربما تشعر بعدم الارتياح، لأنَّك تعتقد أنَّه يجب أن تكون قادراً على التعامل مع الأمر بنفسك، لكنَّ الحقيقة، في مرحلة ما، نحتاج جميعاً إلى المساعدة، وعندما تطلب المساعدة، فأنت لا تدعم سلامتك فحسب؛ بل تمنح الآخرين الإذن لفعل الشيء نفسه.

 

المصدر




مقالات مرتبطة