ملاحظة: المقال مأخوذ عن الكاتب ليون هو (leon ho) الذي يحدثنا فيه عن الخوف من طلب المساعدة من الآخرين وأهمية تجاوزه.
سواء أكنت لا تعرف الإجابة عن سؤال في الفصل الدراسي، وتتلفَّت حولك لترى ما إذا كان زملاؤك يعرفونها، أم واجهت صعوبةً في إنجاز مشروع في العمل واحتجت إلى معلومات إضافية من زملائك، أم كنت في مدينة جديدة واحتجت إلى المساعدة في معرفة الاتجاهات؛ فجميعنا قد خضنا جميعنا هذه التجربة من قبل.
قد لا نعرف ما يجب علينا فعله، ومن الواضح أنَّ الحصول على بعض المساعدة سيفيدنا، ومع ذلك لا نطلبها، أو نخشى القيام بذلك أصلاً؛ وفي نهاية المطاف، نطلب المساعدة على مضض، أو نلتزم الصمت ونستمر في المعاناة وحدنا.
لماذا نخشى طلب المساعدة بشدّة؟
إذاً، ما الذي يمنعنا من طلب المساعدة التي نحتاجها؟ قد نخشى طلب المساعدة لأنَّنا لا نريد أن نبدو بوصفنا أشخاصاً ضعفاء، أو لحوحين، أو غير أكفياء أمام الغرباء أو أقراننا أو رؤسائنا.
يتجلى هذا الخوف إذا كنت تعمل في بيئة عمل تنافسية؛ فإن لم تتوخَّ الحذر، قد يُستغل جهلك في بعض الأمور ضدك، وإذا كنت منفتحاً للغاية بشأن طلب المساعدة، فقد يراك زملاؤك بوصفك شخصاً اتكالياً ودائم الاعتماد على الآخرين، وعاجزاً عن إنجاز أي شيء وحدك، ومهما حاولت الالتزام بالتعاون مع زملاء العمل، يجب أن تدرك أنَّ الجميع لا يفكرون بهذه الطريقة؛ إذ دائماً ما ستواجه أشخاصاً عدوانيين للغاية يستغلونك بكل سرور للوصول إلى غاياتهم المهنية.
إضافةً إلى كل ذلك، ستتعرض سمعتك للخطر أيضاً إذا انتشر خبر أنَّ عليك أن تطلب المساعدة بخصوص أمر ما، ممَّا سيشعرك بالحرج أو بانعدام الأمان، كما قد تشعر بأنَّ ثقتك بقدراتك انخفضت، وتقلق بشأن ما يعتقده الآخرون عنك؛ لذا، فأنت تخشى أن تجذب هذا النوع من الانتباه في العمل.
ولسوء الحظ، نميل جميعنا بصورة طبيعية إلى الحكم على أنفسنا بقسوة، وغالباً ما نصوِّر المواقف بشكل أسوأ بكثير مما هي عليه في الواقع؛ ونتيجةً لذلك، نفوِّت الكثير من المعرفة أو المساعدة المحتملة؛ وليتنا كنا قادرين على تجاوز كل تلك السلبية التي نفرضها على أنفسنا! أو أن نعلم على الأقل كيفية إدارة مثل هذه المواقف بثقة أكبر.
أقدم إليكم هذا المثال عن صديقي بول (Paul) الذي يدير شركته الخاصة؛ إذ بدأ مشواره المهني في سن صغيرة، وهو الآن رجل أعمال ناجح للغاية في سن الأربعين.
حينما طلبت من بول أن يخبرني أمراً واحداً يفعله للحفاظ على تركيزه، والبقاء على المسار الصحيح في الحياة، أخبرني أنَّ لديه مدرِّب حياة، يعقد معه جلسات شهرية منتظمة ليساعده في مختلف جوانب حياته.
لقد قلت لبول (Paul): "يبدو الأمر وكأنَّه جلسة استشارة"، فأجاب ببساطة قائلاً: "نعم"، مع ابتسامة تعلو وجهه.
بالنسبة لبول (Paul)، فإنَّ الهدف من تعيين مدرِّب حياة هو رؤية الأمور من وجهة نظر مختلفة، والتحدث عن جوانب من حياته ربما قد غفل عنها، أو أهملها.
إنَّه يرى أنَّ وجود هذا المدرِّب يفيده في تحقيق النجاح، ولا يدل على ضعفه مطلقاً.
نحن ننظر إلى الأمور من زاوية خاطئة:
يفترض الكثير من الناس بشكل تلقائي أنَّ طلب الاستشارة النفسية، أو اتباع دورات المساعدة الذاتية، يعني أنَّ أمراً فظيعاً قد حدث أو يحدث في حياتك؛ فهم يَعدُّون أنَّ كلمة "مساعدة" سلبية إلى حد ما.
ولكن إذا استطعنا النظر إلى "المساعدة" على أنَّها فعل إيجابي، فإنَّ القيام بأي أمر ذكرناه للتو سيمكنك ويمنحك القدرة التي تحتاجها؛ فليس من الضروري أن تكون في حالة مأساوية كي ترغب في التغيير، كما ليس عليك أن تواجه طريقاً مسدودة، أو تقف على مفترق طرق في الحياة كي تطلب هذه المساعدة؛ فمجرد أنَّك ترغب في تحسين أحوالك، أو إجراء بعض التحسين الذاتي لتنمية شخصيتك يُحتِّم عليك طلب المساعدة من حين إلى آخر.
يمر الجميع بفترات تغيير في حياتهم؛ فسواء كان ذلك تغييراً طبيعياً، أم "قسرياً"، فإنَّه دائماً ما يهدف إلى تحسين أحوالنا، ويتيح لنا تنمية شخصياتنا؛ ولكن لا يمكننا إجراء التغييرات، أو تجاوزها بمفردنا دائماً، وهذا أمر طبيعي للغاية؛ لذا، علينا أن نتقبَّل هذه الحقيقة، وندرك أنَّ طلب المساعدة من شخص ما أو في مكان ما هو أمر طبيعي تماماً، ولا يجب أن نخجل منه.
طلب المساعدة ليس شكلاً من أشكال الضعف:
يمنحنا الحصول على المساعدة والمشورة رؤيةً واضحةً لحياتنا وخططنا؛ إذ نُحمِّل العديد من المسؤوليات الشخصية والمهنية على عاتقنا؛ لذا، تعمل المشورة بمنزلة تذكير يمنحك وجهة نظر مختلفة للمشكلات أو المواقف التي قد تتعرض لها، وتحميك من الإرهاق والتردد أثناء السعي وراء أهدافك.
ينطبق هذا الأمر على أي شكل من أشكال المساعدة، ولا يقتصر على ما تقدِّمه لنا المشورة فقط؛ إذ أثبتت الأبحاث أنَّ: امتلاك نظام دعم له العديد من الفوائد الإيجابية، كالتمتع بمستويات أعلى من العافية في جميع المجالات، ومهارات أفضل في التأقلم، وحياة أطول وأكثر صحة.
وإذا لم يكن كل هذا الكلام كافياً لإقناعك، فحتى أكثر الأشخاص نجاحاً مثل ريتشارد برانسون (Richard Branson)، ووارن بافيت (Warren Buffett) يحتاجون إلى طلب المساعدة والنصح من الآخرين.
على سبيل المثال: يوجد وراء كل رياضي ناجح مدرب يحرص على تدريبه، وإرشاده ليبلغ طريق العظمة؛ إذ يتحلى المدربون بالقدرة على تحديد نقاط ضعف الرياضيين وتعديلها، والتركيز على نقاط قوتهم وتعزيزها.
يركِّز الرياضي على تدريب معيَّنة؛ ولكنَّ المدرب يمتلك خطةً أشمل قد وضعها من قبل، وعادات التدريب هذه التي يركِّز عليها الرياضي ما هي إلا واحدة من العديد من إجراءات التدريب التي ستؤدي في النهاية إلى نجاح الرياضي، وتميز أدائه؛ لذا دون رؤية المدرب، وخططه، وتوجيهه، سيتدرب الرياضي بشكل عشوائي، ولن يضاعف جهوده، وربما لن يحقق طموحاته أبداً.
طلب المساعدة هو شكل من أشكال القوة:
من خلال اتخاذ خطوة فعالة، وطلب المساعدة أو المشورة، فأنت تتحكم بحياتك بالفعل، ولا تسمح للظروف الخارجية (كآراء الناس وأحكامهم) بالتأثير في سلوكك وأدائك؛ فمن الشجاعة تقبُّل نقاط ضعفك؛ لذا، إذا كنت ترغب في مرحلة ما من حياتك بإحداث بعض التغييرات، أو تشعر بالعجز، فقد حان الوقت لتحويل ضعفك هذا إلى قوة من خلال طلب المساعدة.
أضف تعليقاً