أمراض القلب: أسبابها، وأعراضها، وطرق الوقاية منها

لا زالت أمراض القلب حتَّى يومنا هذا أحد المسبِّبات الرئيسة للوفاة حول العالم، حيث تُعَدُّ أمراض القلب الأمراضَ الأكثر فتكاً على مستوى العالم، إذ إنَّها مسؤولةٌ عن ثلث حالات الوفاة، وتُعادِل نسبة الوفاة الناتجة عن أمراض القلب ضعف نسبة الوفاة الناتجة عن أمراض السرطان التي تُعدُّ ثاني أسباب الوفاة في العالم. سنقدِّم لكم في هذا المقال أسباب أمراض القلب، وأعراضها، وكيف نستطيع وقاية أنفسنا من الإصابة بها.



1. أمراض القلب:

يشمل مُصطَلَح أمراض القلب مجموعةً متنوِّعةً ومختلفةً من الحالات المرضية التي تؤثِّر في القلب، ويُطلَق على أمراض القلب بحسب الوصف الطبي الصحيح لها اسم "الأمراض القلبية الوعائية"، وذلك للعلاقة الوثيقة التي تربط صحَّة القلب بصحَّة الأوعية الدموية في الجسم.

أمراض القلب: مجموعة من الاضرابات التي تُصيب عضلة القلب وتؤثِّر فيها، وتشمل: أمراض الشرايين القلبية والأوعية الدموية، واضطرابات دقات القلب، واعتلال القلب، والعدوى القلبية، والعيوب الخَلقيَّة في القلب، وأمراض الصِّمامات القلبية؛ والتي تنتج عن مجموعةٍ من العوامل التي تلعب دوراً كبيراً في زيادة خطر الإصابة بهذه الأمراض.

تُصيب أمراض القلب عضلة القلب، أو صمَّاماته، أو الغشاء المحيط به، أو الشرايين والأوردة الرئيسة من القلب وإليه؛ وتبدأ هذه الأمراض بنوباتٍ من الألم الحاد التي تنتج عن انسداد أحد الشرايين المسؤولة عن توصيل الدم والأوكسجين إلى القلب، فيقلُّ مُعدَّل الأوكسجين الذي يصل إليه؛ أو قد يتوقَّف كلياً، مسبِّباً الجلطات القلبية والذبحات الصدرية، وغيرها من الأمراض المزمنة التي قد تشكِّل خطراً على حياة المريض.

2. أنواع أمراض القلب:

  • أمراض القلب الخُلُقيَّة: يُشير هذا المصطلح إلى أيِّ تشوُّهٍ أو اضطرابٍ خَلقي في القلب، والذي ينشأ في أثناء نموِّ الجنين، ويُولَد الإنسان به.
  • اضطراب نظم القلب: يشير هذا المصطلح إلى عدم انتظام ضربات القلب بالشكل الصحيح، حيث يمكن أن يَحدُث تسارعٌ أو تباطؤٌ في نبض القلب؛ إضافةً إلى أنَّه من الممكن أن يحدث رجفانٌ في نبض القلب، أو انقباضاتٌ بطينيةٌ سابقةٌ لأوانها (الانقباضات الشاردة).
  • فشل القلب: يحدث عند عدم قدرة القلب على ضخِّ الدم بكفاءة، وقد يتأثَّر الجانب الأيسر أو الأيمن من القلب بهذا الخلل، ونادراً ما يتأثَّر كلا الجانبين.
  • أمراض الشريان التاجي: تعمل الشرايين التاجيًّة على تزويد عضلة القلب بالمغذِّيات والأكسجين، وتحدث أمراض الشريان التاجي عندما تصبح هذه الشرايين معتلَّةً أو تالفة، ومن أمثلة هذه الأمراض:
  • اعتلال عضلة القلب: حالةٌ مرَضيةٌ تُصيب عضلة القلب بشكلٍ يجعل من الصعب ضَخُّ الدم من القلب إلى باقي الجسم، وينقسم اعتلال عضلة القلب إلى عدَّة أنواع:
    • اعتلال عضلة القلب التوسُّعي.
    • اعتلال عضلة القلب الضخامي.
    • اعتلال عضلة القلب المقيد.
  • أمراض صمَّامات القلب: تشمل أمراض صمَّامات القلب الأنواع التالية:
    • ارتجاع الصمَّام التاجي.
    • انسدال الصمَّام التاجي.
    • انسداد وتضيُّق صمَّامات القلب.
    • التضيُّق الرئوي.
  • العدوى: التي تنتج عن البكتيريا أو الفيروسات أو الكائنات الطفيليَّة الأخرى، ومنها:
    • التهاب شغاف القلب.
    • التهاب عضلة القلب.
إقرأ أيضاً: أسباب خفقان القلب بعد تناول الطعام

3. أسباب وعوامل خطر أمراض القلب:

تنتج أمراض القلب عن مجموعةٍ من العوامل التي تلعب دوراً كبيراً في زيادة خطر الإصابة بهذه الأمراض، ومنها:

وفقاً لدراسةٍ حديثةٍ نشرتها دوريَّة "يوربيان جورنال أوف بريفينتف كارديولوجي" (European Journal of Preventive Cardiology)، التي تَصدُر عن الجمعية الأوروبية لأمراض القلب: يزيد الإرهاق المزمن من احتمال الإصابة بأمراض القلب؛ وقد ربطت الدراسة بين "متلازمة الإرهاق المزمن"، والإصابة بمرض "الرجفان الأذيني" الذي يُشير إلى تسارُعٍ غير منتظمٍ في ضربات القلب، والذي قد يزيد نسبة خطر تعرُّض الشخص إلى السكتات الدماغية أو فشل القلب، أو أيَّ مُضاعفاتٍ أخرى متعلِّقةٍ بالقلب. كما تُشير الدراسة إلى أنَّ مؤشِّرات إصابة الفرد بالإرهاق المزمن قد تشمل: "الشعور بالتعب المُفرِط، وانعدام الطاقة، والإحباط، وسرعة الانفعال".

هناك أيضاً أسبابٌ أخرى قد لا نعلمها، إلَّا أنَّها قد تُسهِم في حدوث الإصابة بأمراض القلب، ومنها:

إقرأ أيضاً: 8 خطوات لقلب أكثر صحة

4. أعراض أمراض القلب:

تشمل غالباً ما يشعر به المريض من ألمٍ وانزعاج، أو ما يلاحظه من علاماتٍ جسديَّةٍ يشعر بها، وتُشكِّل إشاراتٍ واضحةً لأنَّ هناك شيئاً خاطئاً يحصل داخل الجسم.

تُعدُّ هذه المشاعر والأحاسيس جزءاً من مُسمَّى الأعراض التي تُفصِحُ لنا عن المشاكل والاختلالات التي قد تَحدُث داخل الجسد، أو تُساعد المُصَاب وتحذِّره من المشاكل التي يمكن أن تَحدُث.

رغم وجود أعراض متشابهةٍ بين أنواع الأمراض القلبية المختلفة، إلَّا أنَّها قد تؤدِّي إلى ظهور مجموعةٍ مختلفةٍ من الأعراض؛ لكن يمكن عموماً إجمال أبرز الأعراض المرافقة لأمراض القلب الأكثر شيوعاً فيما يأتي:

1. أعراض أمراض القلب الخَلقيَّة:

قد تُشخَّص عيوب القلب الخَلقيَّة قبل الولادة، أو بعد الولادة مُباشرة، أو في مرحلة الطفولة، أو في سنِّ البلوغ؛ أو قد لا يكون هناك خللٌ أو أعراضٌ على الإطلاق.

الأعراض المبكِّرة التي تظهر بعد ولادة الطفل:

قد تشمل الأعراض ما يأتي:

  • الازرقاق (لونٌ مُزرَقٌ في الجلد، والأظافر، والشفتين).
  • تورُّمٌ في الساقين أو البطن أو المناطق حول العينين.
  • انقطاع نفس الرضيع في أثناء الرضاعة، الأمر الذي يؤدِّي إلى سوء التغذية وعدم اكتسابه الوزن.

الأعراض المتأخِّرة لدى البالغين:

  • ضيق في التنفس.
  • التعبُّ السريع، والقدرة المحدوة عند اللعب أو مزاولة أيِّ نشاطٍ أو رياضة.
  • تجمُّع السوائل في القلب والرئتين.
  • تورُّم اليدين والكاحلين والقدمين.

2. أعراض اضطراب نظم القلب:

وتشمل أعراضه:

  • الشعور بتسارُع أو تباطُؤ في نبضات القلب.
  • الإصابة بالدوار.
  • التعرّض لنوبات إغماء.
  • الشعور بالدوخة.
  • ألم في الصدر.

3. أعراض فشل القلب:

يمكن أن تشمل أعراض فشل أو قصور القلب ما يأتي:

  • الشعور بضيق التنفس، والذي يَظهَر في أثناء ممارسة التمرينات، وفي أثناء الراحة، وبشكلٍ خاصٍّ في أثناء الاستلقاء على السرير بشكلٍ مستقيم.
  • سُعالٌ يصاحبه بلغمٌ أبيض.
  • زيادةٌ سريعةٌ في الوزن.
  • تورُّم الكاحلين، والساقين، والبطن.
  • دوخةٌ وغثيان.
  • تعبٌ وضعف.
  • نبضات القلب السريعة وغير المنتظمة.
  • خفقانٌ وألمٌ في الصدر.

4. أعراض أمراض الشريان التاجي:

تتضمَّن ما يأتي:

  • ألمٌ في الصدر.
  • عدم الارتياح، والشعور باختناقٍ في الصدر.ضيقٌ وانقطاعٌ في النفس.
  • عدم انتظام نبض القلب.
  • ضعف عامٌّ ودوار.
  • غثيان.
  • تعرُّق.

كما قد تشعر بأعراضه في مناطق أخرى غير الصدر، مثل: الكتف، أو الذراعين، أو العنق، أو الظهر، أو الفك؛ وتكون علاماته: الشعور بنوعٍ من الثقل، ووجود ضغطٍ وألمٍ متقطع الوتيرة، والشعور بالحرقة، والإحساس بالخدر والتنميل، والشعور بالامتلاء؛ وغالباً ما تكون الأعراض أكثر وضوحاً لدى النساء.

5. أعراض اعتلال عضلة القلب:

قد لا يُعاني العديد من المصابين بمرض اعتلال عضلة القلب من أيِّ أعراض، وقد تظهر لديهم أعراضٌ بسيطةٌ فقط ويعيشون حياةً طبيعية؛ لكن في المُقابل، يوجد أشخاصٌ تتطوَّر لديهم الأعراض، وتتفاقم مع تفاقم الضرر بوظيفة القلب.

قد ينتج عن اعتلال عضلة القلب الأعراض الآتية:

  • ألمٌ أو ضغطٌ في الصدر، وعادةً ما يحدث عند ممارسة الرياضة أو أيَّ نشاطٍ بدني، كما قد يحدث أيضاً عند الراحة أو بعد تناوُل الطعام.
  • أعراض فشل القلب.
  • تعب.
  • انتفاخ.
  • إعياء.
  • إغماء.
  • تورُّم في الأرجل، خاصَّةً في الكاحل والقدمين.
  • ضيقٌ في التنفُّس.
  • تسارُعٌ في النبض.

6. أعراض أمراض صمَّامات القلب:

قد تشمل أعراض مرض صمَّام القلب ما يأتي:

  • ضيقٌ أو صعوبةٌ في التنفٌّس، خاصَّةً عند ممارسة التمرينات، أو عند بذل جهد، أو حتَّى عند الاستلقاء في السرير.
  • ضعفٌ أو دوار.
  • عدم الراحة في الصدر، أو الشعور بضغطٍ على الصدر عند ممارسة التمرينات أو التعرُّض إلى هواءٍ بارد.
  • خفقان، نتيجة عدم انتظام ضربات القلب.

7. أعراض العدوى القلبية:

تتضمَّن الأعراض التي تظهر نتيجة إصابة القلب بعدوى ما يأتي:

  • ألمٌ في الصدر.
  • سعال.
  • حمَّى.
  • قشعريرة.
  • طفح جلدي.

قد لا يعرف المريض -رغم ما سبق- بم يشعر في بعض الأحيان، فقد تكون أعراض النوبة القلبية مُشابهةً لعسر الهضم، كأن تتضمَّن شعوراً بالثقل في الصدر أو وجعاً في المعدة أو حرقةً في المعدة؛ كما أنّ النوبة القلبية قد تحدث في أيِّ وقت، بما في ذلك في أثناء الراحة.

في حال استمرار آلام القلب لمدّةٍ أطول من 15 دقيقة لديك أو لدى أحد أقربائك، فقد تكون بداية نوبةٍ قلبية؛ وعلى عكس الذبحة الصدرية، لا يمكن تخفيفها عن طريق الراحة أو الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم؛ كما قد تبدأ الأعراض الأولية بانزعاجٍ خفيفٍ يتطوَّر تدريجياً إلى ألمٍ كبير.

قد تَحدُث النوبة في بعض الحالات دون أيِّ أعراض، وهو ما يُعرَف باسم "احتشاء عضلة القلب الصامت"، ويكون أكثر شيوعاً بين كبار السن والمصابين بالسكُّري.

في حال كنت تتعرَّض إلى نوبةٍ قلبية، فلا تُغادِر مكانك، واتصل فوراً بالطوارئ للحصول على مساعدة.

5. أمراض القلب عند الأطفال:

يُولَد بعض الأطفال مع مُشكلاتٍ في القلب، وتُسمَّى هذه المشكلات "العيوب الخلقية في القلب"، والتي تحدَّثنا عنها أعلاه.

تُعدُّ أمراض القلب الخَلقية من أمراض القلب التي يُولَد بها الأطفال، والتي قد تكون بعضها بسيطةً ولا تحتاج إلى علاج؛ إلَّا أنَّ هناك عيوب قلبٍ خلقية أكثر تعقيداً وخطورة، وتُخلِّف آثاراً طويلة المدى على صحَّة الطفل، وتحتاج إلى العلاج بالجراحة والأدوية؛ كما قد تُجرَى في الحالات الشديدة عمليات زراعة القلب، التي يحتاج الأطفال بعدها إلى المراقبة والعلاج مدى الحياة.

تنشأ هذه العيوب مع بداية تكوُّن القلب منذ الأسابيع الستَّة الأولى من الحمل، ما يجعل من السهل تشخيص الإصابة بها قبل الولادة، وتظهر أعراض هذه التشوُّهات بعد ولادة الطفل بأشهرٍ قليلة.

من أنواع أمراض القلب لدى الأطفال:

  1. ثقوب القلب.
  2. عرقلة تدفُّق الدم من وإلى القلب.
  3. الأوعية الدموية غير الطبيعية.
  4. تشوُّهات صمَّام القلب.
  5. مزيجٌ من العيوب: تظهر في شكل أربعة عيوبٍ وهي:
  • ثقبٌ في الجدار بين البطينين في القلب.
  • ممرٌّ ضيقٌ بين البطين الأيمن والشريان الرئوي.
  • تحوُّلٌ في اتصال الشريان الأورطي للقلب.
  • العضلات الكثيفة في البطين الأيمن.

شاهد بالفيديو: 7 أعراض تنذر بإصابة الطفل بمرض القلب

6. الوقاية من مرض القلب:

رغم أنَّ تغيير بعض العادات والأنماط الحياتية قد يُسهم في تحسين حالة بعض مرضى القلب، أو منع الإصابة بالعديد من أنواع أمراض القلب؛ إلَّا أنَّ هناك بعض أنواع أمراض القلب التي لا يمكن منعها، مثل: عيوب القلب الخَلقية.

يمكن من خلال اتباع الخطوات التالية تحسين أو منع حدوث بعض أمراض القلب، وتشمل هذه الخطوات:

وفقاً لدراسةٍ منشورةٍ في مجلَّة جمعية القلب الأمريكية: هناك علاقةٌ بين النظام الغذائي القائم على النباتات، وبين أمراض القلب والأوعية الدمويَّة؛ حيث يعدُّ استهلاك كميَّاتٍ كبيرةً من الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات يوميَّاً أمراً مفيداً للغاية لصحَّة القلب. كما خلصت الدراسة إلى أنَّ الأشخاص الذين تناولوا الأطعمة الصحية النباتية كانوا أقلُّ عرضةً للإصابة بأمراض القلب بنسبة 16%، مقارنةً بأولئك الذين تناولوا الكربوهيدرات واللحوم.

إقرأ أيضاً: 8 طرق وقائية لحماية المرأة من أمراض القلب

7. اليوم العالمي للقلب:

بدأ الاحتفال باليوم العالمي للقلب ابتداءً من عام 1999م، وذلك بقرارٍ من الاتحاد الدولي للقلب، والذي دعمته منظمة الصحة العالمية ووافقت عليه، بالإضافة إلى منظمة اليونسكو، وغيرها من المنظمات الدولية المعنية.

كان يُحتَفَل باليوم العالمي للقلب في آخِر يوم أحدٍ من شهر سبتمبر/ أيلول من كلِّ عام، إلَّا أنَّه جرى تغيير الموعد منذ عام 2011م، إلى يوم 29 من الشهر نفسه؛ بهدف رفع مستوى الوعي لدى المجتمعات بخطورة أمراض القلب والأوعية الدموية، وكيفية الوقاية منها.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة