أزمة منتصف العمر: ما هي؟ وكيف نتعامل معها؟

كم مرة سمعت أنَّ شخصاً في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات من عمره قد اكتفى من الحياة أو أنَّه يمر بوقت عصيب أو يواجه أزمة وجودية، أو أي شيء من هذا القبيل؟ من المؤكد أنَّك قد واجهت ذلك عدة مرات، ممَّا قد يدفعك إلى القلق من المرور بأزمة منتصف العمر.



ما هي أزمة منتصف العمر؟

يُستخدَم مصطلح أزمة منتصف العمر على نطاق واسع جداً، فقد يستخدمه رجل مرَّ بوقت عصيب في عمله، أو أمٌّ جديدة لم تأخذ قسطاً كافياً من النوم في الآونة الأخيرة؛ وفي حين أنَّ أزمة منتصف العمر قد تحدث في كلتا الحالتين، إلَّا أنَّها ليست واسعة النطاق كما يتصورها الناس.

لا يعتقد بعض الناس بوجود أزمة منتصف العمر أصلاً، ويعود إليك تصديق ذلك أم لا؛ لكنَّ الحقيقة تقول أنَّ الأشخاص في الأربعينات والخمسينات من عمرهم يواجهون أزمة حقيقية من نوع ما.

ما الذي يسبب أزمة منتصف العمر؟

نطور روتيناً في حياتنا يدور حول العمل والأسرة والأصدقاء، وغالباً ما نقضي أياماً حافلة بالعمل والتوتر يتبعها عطلة نهاية أسبوع مليئة بالحفلات، لنعيد الكرة في كل أسبوع؛ فعندما تضطرب هذه الحلقة في وقت ما، نشعر بعدم الراحة والأمان، ويكون الأمر أكثر صعوبة إذا حدث هذا الاضطراب في منتصف العمر عندما تفقد تماماً الميل إلى التكيف مع التغييرات.

بصرف النظر عن ذلك، يفقد الناس عموماً شعورهم بالرضا في هذه المرحلة؛ فبغض النظر عن جودة حياتك، يبدأ منحنى السعادة بالانخفاض من سنوات المراهقة حتى بلوغك الخمسين، ثمَّ يبدأ الارتفاع بعد ذلك مرة أخرى.

ما يحدث في هذه المرحلة هو أنَّك تشعر أنَّ أقلَّ إزعاج قد يعرِّض حياتك إلى الخطر؛ لكن بطبيعة الحال، تحدث الكثير من التغييرات بالفعل في هذا الوقت؛ مثل الخسارة المالية، والمشكلات الصحية، والتحوُّل الوظيفي، ووفاة أحد الأحباء، والخسارة العاطفية، والطلاق، وإلى ما هنالك من أمور.

قد يهز تغيير هام كالتغييرات المذكورة أعلاه كيان الشخص تماماً؛ أي بمعنى آخر: يصبح منظورهم للحياة سلبياً للغاية، فيبدو أنَّ كل شيء ينهار، وتتراكم المشكلات الصغيرة في هذا العمر، وتجعل الشخص يمر بوقت عصيب في معظم نواحي حياته.

إقرأ أيضاً: 8 أشياء يجب أن تقوم بها حتى تعيش شغف الحياة

3 علامات تدل على أنَّك تمر بأزمة منتصف العمر:

أزمة منتصف العمر ليست مجرد مصدر إزعاج بسيط، فقد يكون من الصعب في بعض الأحيان معرفة ما إذا كنت ضحية لأزمة وجودية أم كنت تمر بيوم سيئ فحسب؛ لذا نقدم لك فيما يأتي بعض العلامات التي تشير إلى أزمة منتصف العمر:

1. العلامات الجسدية:

إنَّه لمن السهل تحديد العلامات الجسدية، حيث يدرك الناس في أغلب الأحيان أنَّ شيئاً ما خاطئ بعد ملاحظة التغييرات في أجسادهم.

تتشابه الأعراض الجسدية لأزمة منتصف العمر مع أعراض الاكتئاب؛ حيث يظهر التأثير الأكثر شيوعاً على وزن جسمك، فقد تكسب أو تخسر الكثير من الوزن، ولا يوجد في كلتا الحالتين عادةً تفسير محدد لهذا التغيير باستثناء أنَّ حياتك لم تعد كما كانت.

قد تواجه أيضاً آلاماً وأوجاعاً غير متوقعة؛ فعلى سبيل المثال: قد تبدأ فجأة الشعور بألم مبرح في أسفل ظهرك دون سبب، وربَّما تشعر بالألم في ذراعيك وتُصاب بالصداع فجأة.

يمكن لأزمة منتصف العمر أن تزيد من شعورك بعدم الأمان، فتجعلك مهووساً بمظهرك الجسدي، خاصة ابتسامتك وعينيك وشكل جسمك؛ ومن ناحية أخرى، يفقد بعض الأشخاص الاهتمام بمظهرهم تماماً، ويتوقفون عن بذل أي جهد ليبدوا أنيقين، فيظهرون متعبين ولا يرتدون ملابس أنيقة.

2. العلامات العاطفية:

بالنسبة إلى الرجال، قد تكون العلامات العاطفية لأزمة منتصف العمر مقلقة بعض الشيء؛ ففي حين ترتبط أمور مثل التقلبات المزاجية بالنساء في الغالب، إلَّا أنَّ هذه الصورة النمطية تتكسر، حيث يعاني الرجل من الانفعال دون سبب خلال أزمة منتصف العمر.

بخلاف المشاعر التي لا يمكن السيطرة عليها، تغلب الغيرة على عقلك، فيمنحك كل شخص وكل من حولك إحساساً بالدونية، ممَّا يدفعك إلى الرغبة في الحصول على ما لديهم؛ وبدلاً من الشعور بالسعادة لنجاح أحبائك، تصبح حسوداً.

عندما تتعامل مع أزمة منتصف العمر، تتشتت عاطفياً تماماً، فتفقد الاهتمام بالأشياء التي كنت تحب القيام بها من قبل، وتشعر أنَّ هواياتك لم تعد جذابة، ويبدو كل شيء مملاً بالنسبة إليك؛ والأسوأ من ذلك أنَّ عقلك لا يقدر على التطلع إلى المستقبل، فيبدو أنَّك تفقد رؤيتك وتؤجل حياتك، وتميل إلى عدم الرضا عن علاقاتك؛ فربَّما كنت تعيش حياة زوجية سعيدة للغاية منذ عقود، لكنَّك تشعر أنَّ كل شيء قد انتهى الآن، ويمكنك حتى التفكير في الانفصال أو الطلاق.

3. السلوك اللاعقلاني:

تؤدي التغيرات العاطفية والجسدية بطبيعة الحال إلى سلوك غير عقلاني، وتبدأ التساؤل عن كل ما تفعله في الحياة، ولا تشعر أبداً أنَّك على المسار الصحيح بعد الآن؛ فإمَّا أن تفرط في النوم أو ألَّا تنام على الإطلاق؛ ومع أنَّك تدرك ما يحدث، إلَّا أنَّك لا تمتلك الدافع الكافي لإصلاحه.

إقرأ أيضاً: أهم الدروس التي يجب أن نتعلّمها من الحياة

كيف تتعامل مع أزمة منتصف العمر؟

إذا كنت تعتقد أنَّك تمر بأزمة منتصف العمر، فهذا رائع؛ إذ ستتمكن من خلال الوعي بوجود مشكلة من البحث عن حلول لها.

ستساعدك خطوتان بسيطتان على تحسين وضعك الحالي، وتتمكن في أثناء عملك على هذه العناصر من العودة إلى حياتك السعيدة ببطء ولكن بثبات:

1. اكتشاف معنى جديد للحياة:

الأزمة الوجودية ليست مصدر إزعاج، لكنَّها فرصة خفية قد تساعدك على تغيير وجهة نظرك لتصبح أكثر إيجابية؛ وللعثور على هذه الفرصة الخفية، عليك أن تجد معنى جديداً للحياة.

يمكنك تقسيم الحياة إلى ستة جوانب والعمل على كل منها من خلال ترتيب زمني:

  • الصحة: تناول طعاماً صحياً، وحافظ على لياقتك البدنية، وكن مستعداً جسدياً لمواجهة تحديات الحياة.
  • العلاقات: أحِط نفسك بالناس الداعمين بدلاً من الأشخاص ذوي النوايا السيئة.
  • المهنة: ركِّز على وظيفة ثابتة ذات أهداف طويلة الأمد لتجنُّب الضياع بلا هدف.
  • الثروة: لا تسمح لحب المال أن يعميك عندما تمتلك مصدر دخل ثابت يكفيك لتعيش حياة مريحة.
  • العافية الروحية: هدِّئ نفسك لاكتساب السلام الداخلي.
  • القوة الذهنية: اعمل على تحسين نقاط ضعفك لتعزيز عقليتك والتعامل مع التحديات العاطفية.

لكن ومع ذلك، وبغض النظر عن جنسك؛ إذا عملت على تحسين هذه الجوانب الستة، فسينتهي بك الأمر بعيش حياة أكثر إشراقاً وإيجابية في النهاية، حيث تمنحك هذه الخطوات نموذجاً جديداً يمكِّنك من النظر بعيداً عن التغييرات التي تسببت بأزمة منتصف العمر والانتباه إلى المعنى الجديد لحياتك.

2. التحرر من قيودك:

يمكنك من خلال منظور حياتك الجديد النظر إلى كل حدث مؤسف كفرصة خفية، فعلى سبيل المثال: قد تمنحك الخسارة المالية فرصة للعثور على مصدر دخل جديد أكثر استدامة من المصدر السابق، ويحدث هذا عندما تتحرر من كل القيود.

حاول تطوير استراتيجية طويلة الأمد بحيث تستمر هذه الإيجابية طوال حياتك، ولن تتكرر بهذه الطريقة أزمة مماثلة في وقت لاحق.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح فعّالة للتخلص من هموم الحياة

الخلاصة:

لحسن الحظ، فإنَّ أزمة منتصف العمر مشكلة يمكن التحكم بها بسهولة عندما يكون لديك جسم وعقل قويان وتتحلى بقدر كافٍ من الشجاعة؛ وإذا كان لديك كل ذلك وأكثر، يمكنك التغلب على أزمة منتصف العمر في وقت قصير، ودون بذل جهد يُذكَر.

 

المصدر




مقالات مرتبطة