7 أمثلة عن انحياز الإغفال تؤثر سلباً في حياتك

لنفترض أنَّك تسير على الرصيف بالقرب من شارع مزدحم وترى شخصاً يرسل رسائل نصيةً ولا ينتبه إلى المكان المتوجه إليه، وتوجد مسافة قصيرة بينكما، لدرجة أنَّك قادر على منعه من السير في اتجاه السيارات التي تعبر الشارع، فعندما رأيت ذلك الشخص يستعد لاتخاذ خطوته الأخيرة على الطريق، وقفت مكانك صامتاً.



والآن، لنفترض أنَّك على نفس الرصيف بالقرب من شخص يمشي دون أن يكترث لما حوله، وأنت تلحق به، وبينما أنت على وشك تجاوزه تدفعه إلى الشارع المزدحم، وتشاهده وهو يتعثر حتى يسقط.

في أي من هذين السيناريوهين السابقين اتخذت القرار الأكثر ضرراً؟ كلاهما نتج عنه نفس النتيجة، وهي موت أحد المشاة، فإذا كنت تظن أنَّ دفع شخص ما نحو السيارات التي تعبر الشارع سيكون قراراً أكثر ضرراً، فأنت تفكر من منظور انحياز الإغفال.

ومثل الانحيازات المعرفية الأخرى، يُعَدُّ انحياز الإغفال خطأً في الحكم يؤثر في القرارات التي تتخذها، وتحدث الانحيازات المعرفية عندما تعالج المعلومات معالجة غير صحيحة؛ وذلك بسبب مشكلات الانتباه والذاكرة والإسناد وغير ذلك من الأحكام الخاطئة.

ومع أنَّ أدمغتنا قوية، إلا أنَّها تخضع لقيود؛ لذلك، تتخذ طرائق مختصرة لتبسيط الكم اللامتناهي من المعلومات التي نتعرَّض لها كل يوم، وفي هذا المقال، سنلقي نظرةً معمَّقة على تعريف انحياز الإغفال، وكيف يمكن أن يؤثر سلباً في حياتك، وبعد أن نحدد هذا الانحياز المعرفي، سنلقي نظرةً على 7 أمثلة عن انحياز الإغفال التي يمكن أن تؤثر سلباً في حياتك، وما الذي يمكنك فعله للتغلب على تأثير هذا الانحياز.

ما هو انحياز الإغفال؟

انحياز الإغفال هو أن تَعُدَّ الضرر الناجم عن التقاعس عن العمل مقبولاً أكثر من الضرر الناجم عن العمل نفسه، حتى لو كانت النتيجة واحدة، وفي معظم الأحيان، يُعَدُّ الناس النتائج الضارة التي نتجت عن العمل أسوأ من النتائج الضارة التي يسببها إهمال العمل.

وفي حين أنَّ الاختلاف بين الحالتين قد يبدو دقيقاً، إلا أنَّ العمل الذي يؤدي مباشرةً إلى عواقب وخيمة - على سبيل المثال، دفع شخص ما نحو السيارات التي تعبر الشارع - يبدو أكثر ضرراً من عدم التصرف والإغفال لمنع شخص ما من السير في اتجاه السيارات التي تعبر الشارع بطريق الخطأ، ومن ثمَّ إنقاذ حياته.

وتشير البيانات إلى أنَّ انحياز الإغفال متجذر جداً في الاختلاف بين السببية المباشرة مقابل السببية غير المباشرة؛ إذ يحكم الآخرون على الأمور المسببة للضرر حكماً مباشراً أكثر من الأمور المسببة لنفس الضرر حكماً غير مباشر؛ وذلك لأنَّك غالباً لست العامل الوحيد الذي يمكن أن يمنع الضرر أو يقلله.

يحدث انحياز الإغفال لعدة أسباب، كما أنَّ المبررات التي تجعل موقفاً ما أقل خبثاً من غيره كثيرة أيضاً، لكن عند تحليل الأساس المنطقي، من السهل رؤية كيف أنَّ طريقة التفكير هذه هي انحياز معرفي.

لذا دعنا نتحدث أولاً عن سبب تفضيل الناس التقاعس أكثر من العمل؛ إذ لا يرغب الأشخاص غالباً في القيام بعمل محفوف بالمخاطر والفشل فيه أو المخاطرة؛ وذلك بسبب الخوف من الفشل، أو فعل الأمر الخاطئ ثم الظهور بمظهر الحمقى أمام الآخرين، أو جعل الموقف السيئ يصبح أسوأ.

ومن الواضح أنَّ العمل يجعلنا عُرضةً للملاحظة أكثر من الامتناع عن العمل؛ لذلك من الأسهل أن نتخفى بعيداً عن العيون، لا سيما إذا اخترت الجلوس والامتناع عن التدخل في أعمال الآخرين.

وإنَّ اختيار تجنُّب اتخاذ إجراء في المواقف التي يمكنك فيها تقليل الضرر أو منع وقوع كارثة، يُظهِر شعوراً ضمنياً بالموافقة، وهذا الأمر مشابه لفكرة النظر دون الرؤية أو السمع دون إصغاء؛ إذ ينبع انحياز الإغفال من وجهة نظر أساسية مفادها أنَّه يجب على المرء تجنُّب أي سبب مباشر يؤدي إلى الضرر، لكن من الهام ملاحظة أنَّه يمكن أيضاً منع الضرر الذي يحدث بطرائق غير مباشرة.

على سبيل المثال، إذا رأيت مجموعةً من القادة في العمل يتصرفون تصرفات غير أخلاقية، فهل ستفعل شيئاً حيال هذا الأمر؟ أم أنَّك ستختار الصمت والسماح لهم باستغلال سلطتهم استغلالاً سيئاً؟ بالنظر إلى هؤلاء الأشخاص بصفتهم هم مَن يتحكَّمون سواء إذا كنت موظفاً أم لم تكن، هل تظن أنَّ اتخاذ إجراء يؤدي إلى حدوث خطأ فادح قد يكلِّفك وظيفتك؟

بافتراض أنَّ سلوكهم غير الأخلاقي لا يؤثر فيك تأثيراً مباشراً، فمن المحتمل أنَّك لن تخاطر بإثارة المتاعب، وسواء تحدَّثتَ أم لا، فمن المحتمل أنَّ السلوك غير الأخلاقي لن يتوقف؛ وذلك لأنَّه من المحتمل أن تكون المسألة خطأً قرَّر جميع مَن في المنظمة التغاضي عنه.

وتشير الدراسات إلى أنَّ عدداً كبيراً من الشركات لديها ثقافة تنظيمية، يدرك فيها معظم الموظفين بعض الحقائق الخاصة داخل الشركة، ومع ذلك، يبقون صامتين عن هذه الحقائق للحفاظ على حالة السلام في العمل، وقد تتجاوز بعض المؤسسات هذا الأمر من خلال إبلاغ موظفيها بأنَّه لا يجب عليهم تحدي سياسات الشركة، في حين أنَّ بعضها الآخر يجعل الموظفين يشعرون بالتردد في التحدث بصوت عالٍ من خلال عدم التسامح مع الاعتراضات الداخلية.

وفيما يتعلق بانحياز الإغفال، فإنَّ الأشخاص الذين يقترفون أعمالاً تجاريةً فاسدةً بصورة مباشرة، يرتكبون خطأً أكبر من خطئك من خلال معرفتهم بالأعمال الفاسدة وعدم قول أيِّ شيء، لكن قد يجادل آخرون بأنَّه من خلال العمل لمصلحة الشركة، فإنَّك تؤيد هذا السلوك، ومن ثمَّ تسبب ضرراً متساوياً.

إقرأ أيضاً: كيف تخدعنا عقولنا لنصدق الأشياء الخاطئة؟

7 أمثلة عن انحياز الإغفال التي تؤثر سلباً في حياتك:

1. التزام الصمت في مكان العمل:

كما ذكرنا آنفاً عن اختيار الموظفين فكرة التقاعس عن العمل عندما يتعلق الأمر بإحداث فرق إيجابي لشركتهم، فإنَّ هذا النوع من بيئة الشركات يتميز باعتقاد يؤيد انحياز الإغفال؛ إذ لا يستحق اتخاذ إجراء لإصلاح المشكلات التنظيمية الجهد الناجم عن احتمال خسارة المرء لوظيفته.

ويوازن الموظفون بين نتائج اتخاذ الإجراءات مقابل عدم اتخاذ أيِّ إجراء ويحصلون على نفس النتيجة، التي تؤكد أنَّه لن يتغير شيء؛ لذلك، مع وجود فرصة لاتخاذ قرار أخلاقي، فإنَّ القيام بذلك سيترافق بتكلفة عالية، وتُظهِر الأبحاث بعض الطرائق التي يمكن أن يؤثر بها انحياز الإغفال سلباً في حياتك في مكان العمل، ولمواجهة ذلك، يجب وضع هذه الأمور في الحسبان:

  • تتحسَّن جودة القرارات النهائية عندما يتحدث العديد من الأشخاص لتقديم وجهات نظر وبدائل.
  • عندما يتعلق الأمر بصياغة الاستراتيجية، فإنَّ وجود وجهات نظر متعددة ومتضاربة له تأثير إيجابي في جودة صنع القرار التنظيمي والأداء العام للشركة.
  • يتطلب نمو الشركة تحدي الوضع الراهن، واتخاذ إجراءات مبتكرة، والابتعاد عن المعايير، وهو ما لا يمكن أن يحدث إذا كان الموظفون يخشون التحريض على إجراءات جديدة بسبب احتمال الفشل.

يشير كل هذا إلى أنَّ امتلاك عقلية انحياز الإغفال في بيئة مهنية، يمكن أن يضر بقدرة المؤسسة على اتخاذ قرارات إيجابية أو إجراء تغييرات مفيدة، وإذا كنت في منصب قيادي، فيمكن القضاء على هذه المشكلة من خلال تشجيع مساهمات الموظفين من المستوى الأدنى والأقليات؛ وذلك لزيادة احتمالية التحليل النقدي الضروري لاتخاذ القرارات الفعَّالة والنمو التنظيمي.

شاهد بالفيديو: قوانين العقل الباطن

2. الشهادة على جريمة ما:

كان المثال المذكور آنفاً توضيحاً لطريقة تأثير انحياز الإغفال سلباً في حياتك تأثيراً منهجياً، ولكنَّ هذا الانحياز يمكن أن يكون في الأساس مشكلةً أخلاقيةً أيضاً؛ فلنفترض أنَّك وصديقك تقفان في طابور في متجر البقالة، ولاحظت سيدة مُسنَّة تُسقِط 20 دولاراً على الأرض دون أن تنتبه.

في الحالة الأولى، تنبِّه صديقك وتشير إلى المال، وتقترح عليه أن يأخذه بنفسه، وفي هذه الحالة، أنت تختار عدم تنبيه السيدة بالسرقة، في الحالة الثانية، تنحني إلى الأسفل وتضع المال بهدوء في جيبك الخاص.

أيهما الأسوأ؟

في الحالة الأولى، لم يكن لديك حالة تواصل جسدي مع المال، وكل ما فعلته هو لفت انتباه صديقك إليه؛ وهذا يعني أنَّك كنت سبباً غير مباشر في السرقة، لكن في الحالة الثانية، لقد سرقت المال، وفي كلتا الحالتين سُرِقَت أموال السيدة المُسنَّة.

وعند التفكير في انحياز الإغفال، فأنت أقل ذنباً في الحالة الأولى ممَّا أنت عليه في الحالة الثانية؛ وذلك لأنَّ المساهمة الفعَّالة في السرقة تُعَدُّ أسوأ من طريقة التفكير السلبية البديلة.

3. عمليات تلقيح الأطفال:

يبدو أنَّ قضية تلقيح الأطفال تأتي في كثير من الانحيازات المعرفية والمغالطات المنطقية، ولا يُعَدُّ انحياز الإغفال استثناءً، ويعود سبب امتناع معظم الآباء عن تلقيح أطفالهم إلى احتمال حدوث ضرر أو آثار جانبية بسبب اللقاح، ومع ذلك، تُظهِر الأبحاث أنَّ الخطر المحتمل المتمثل في إبقاء أطفالك عرضةً للإصابة بمرض يمكن الوقاية منه أكبر بكثير من الآثار الجانبية المحتملة للقاح.

فقد يمتنع بعض الآباء عن إعطاء اللقاح لأطفالهم بسبب الخطر المرتبط بالآثار الجانبية الضارة، مع إدراكهم أيضاً لخطر وفاة طفلهم من المرض الذي يمنعه اللقاح، لكنَّهم يميلون أيضاً إلى المبالغة في تقدير احتمال الآثار الجانبية التي تسببها اللقاحات؛ وذلك لأنَّ اللقاح إذا أضرَّ بصحة أطفالهم، فإنَّهم سيشعرون بالخطأ، ويفترضون أنَّهم مسؤولون عن إيذاء أطفالهم لأنَّهم وافقوا على إعطائهم اللقاح.

يشعر الآباء بالرضى عن أنفسهم عندما لا يتسببون بصورة مباشرة في وفاة أطفالهم، لكن في كلتا الحالتين يمكن أن يموت الأطفال، لكنَّ ما لا يفكر فيه الآباء غالباً هو أنَّ تفويت فرصة تلقيح أطفالهم قد يؤدي أيضاً إلى إيذائهم، لكن بسبب انحياز الإغفال يقلِّل الناس من شأن العواقب السلبية المحتملة لتقاعسهم، وقد يؤدي رفض أخذ اللقاح إلى أضرار أكبر تؤثر في مزيدٍ من الناس عموماً.

ليست كل الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات هي نفسها عندما يتعلق الأمر بمعدلات الوفيات ومدى انتشارها، لكن مهما كان خطر المرض المعني، يجب عليك تحديد ما إذا كنت على استعداد لتحمُّل هذا الخطر، فلا أحد يتوقع أن ينتهي الأمر بشخص من عائلته ليكون واحداً من بين 42000 بالغ أو 300 طفل، يموتون كل عام في "الولايات المتحدة" (U.S) بسبب أمراض يمكن الوقاية منها باستخدام اللقاح.

ومع أنَّ معظم الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتلقيح نادرة في "الولايات المتحدة"، إلا أنَّها ما تزال منتشرة في أماكن أخرى في العالم، ويمكن للأشخاص الذين يسافرون دون تلقِّي اللقاح جلب هذه الأمراض إلى الولايات المتحدة، وهذا قد يعرِّض جميع الأشخاص غير الملقحين لخطر الإصابة بمرض شديد.

ومع أنَّ الأشخاص غير الملقحين يمثلون الأقلية، إلا أنَّ تقاعسهم يمكن أن يؤدي إلى حصول الأوبئة، ويمكن ملاحظة ذلك في وباء السعال الديكي ومعدلات التلقيح ضده.

وغالباً ما يكون انحياز الإغفال في هذه الحالة أقل ممَّا هو عليه في الحالات الأخرى؛ إذ يكون الضرر وشيكاً، ونظراً لأنَّه من الشائع الحصول على اللقاحات، مع أنَّ القيام بهذا الأمر مقترن بخطر ضئيل بحدوث عواقب وخيمة، فإنَّ الناس معتادون على فكرة اللقاحات تماماً كما هم معتادون على فكرة تناول الأدوية لعلاج مرض خطير يمكن أن يكون له آثار جانبية خطيرة.

وبالإضافة إلى ذلك، توجد سلسلة سببية أطول بين تأثير اللقاحات والأدوية مقارنة بالحالات التي يوجد فيها انحياز كبير للإغفال.

إقرأ أيضاً: ما هو التحيز اللاواعي؟ وكيف تحد منه لتحقيق الأفضل؟

4. مشكلة العربة الافتراضية:

ربما سمعت عن المعضلة الأخلاقية الافتراضية المرتبطة بعربة تسير على قضبان حديدية بحيث تضحي بشخص واحد مقابل عدة أشخاص؛ على سبيل المثال، تسير عربة بأقصى سرعة إلى الأمام في المسار "أ"؛ إذ يعمل خمسة عمال أبرياء على قضبان سكة حديدية، ويوجد مقبض يمكن من خلاله إعادة توجيه مسار العربة إلى المسار "ب"، ويوجد عامل واحد هناك؛ فمهما كان المسار الذي تسلكه العربة، سيُقتَل الناس على الفور.

وإذا لم تفعل شيئاً - إغفال - حيال هذا الأمر، فسيُقتَل خمسة أشخاص، وإذا قلبت المقبض - الحركة - فستتسبب مباشرةً في وفاة شخص واحد، ويمكن تطبيق هذا الوضع الافتراضي على العديد من سيناريوهات الحياة الواقعية، وفيما يأتي بعض الأمور التي يجب التفكير فيها، وبعض المواقف ذات الصلة المتعلقة بتلك العربة الافتراضية:

  • من الواضح أنَّ جريمة القتل خاطئة، لكن ألا يقلل إنقاذ خمسة أرواح على حساب حياة شخص من المعاناة؟ في هذه الحالة، يؤدي التقاعس إلى مزيدٍ من الوفيات.
  • يؤكد مذهب النفعية على قلب مقبض مسار السكة؛ لأنَّ ذلك سيؤدي إلى تحقيق سلامة أكبر عدد ممكن من الناس.
  • ينص علم الأخلاق على أنَّ الأخلاق تعتمد على الفعل نفسه، ومهما كانت العواقب، فإنَّ الفعل هو ما يحدد الأخلاق؛ وهذا التصرف يخبرك ألا تفعل شيئاً وتترك القطار يسير في مساره الحالي، ومن ثمَّ التسبب في قتل خمسة أشخاص.
  • مَن له الحق في تقرير حياة الآخرين وموتهم؟ تظهر هذه المسألة عندما يأتي القادة السياسيون باستراتيجيات قتالية وتحديد مكان إرسال قواتهم.
  • السيارات ذاتية التحكم: عندما تكتشف السيارة ذاتية التحكم حالة طوارئ مقبلة، يجب أن تكون قادرةً تلقائياً على تحديد الإجراءات التي ستؤدي إلى أقل قدر ممكن من الضرر.

لكن كيف تحدد أقل قدر من الضرر وما إذا كان الخياران هما إصابة مجموعة من الأشخاص أو إصابة شخص واحد؟ إذا كانت السيارة على وشك الاصطدام بمركبة أخرى، فهل يجب أن تقلل الضرر الذي ستحدثه للأشخاص في السيارة الأخرى أو في السيارة نفسها؟

بعد التفكير في هذه المعضلة بمزيدٍ من التفصيل، قد لا تكون الإجابة بسيطة كما كنت تظن في السابق.

شاهد بالفيديو: 10 حقائق قد لاتعرفها عن العقل البشري

5. وحشية الشرطة:

لنفكر في قصة "جورج فلويد" (George Floyd)، الرجل الذي قُتِل على يد ضابط شرطة؛ لقد أثار الشرطي الذي تسبب في وفاة "فلويد" من خلال جلوسه على رقبته غضباً في جميع أنحاء "الولايات المتحدة"؛ وذلك بسبب افتقاره إلى الوكالة الأخلاقية، لكن ماذا عن ضباط الشرطة الذين لم يتدخلوا في هذا العمل الشنيع؟ أليسوا مسؤولين بنفس القدر عن وفاة "فلويد" بسبب تقاعسهم؟

يُظهِر القانون انحيازاً للإغفال من خلال عدم سن قانون يُطالِب الناس بالعمل لإنقاذ حياة الأشخاص عندما يكون ذلك ممكناً، ومع ذلك، يُعاقَب على الإغفال عندما يحاول شخص ما إنقاذ حياة شخص ما ولا ينجح في ذلك.

6. في المحكمة:

فكر في إفادتي شاهدين، أحدهما تجاهَل بعض التفاصيل الهامة عندما أخبر المحكمة بما يعرفه عن القضية التي كان يُدلي بشهادتها، وشاهد آخر كذب بشأن تلك القضية؛ إذ تؤدي كلتا الشهادتين في النهاية إلى سجن الشخص الذي كان يُحاكم في قضيته مع أنَّه لم يكن مذنباً.

أيُّ شاهد اتخذ الخيار الأكثر ضرراً؟ الذي كذب ليؤدي إلى دخول شخص ما إلى السجن، أم مَن بقي صامتاً وسمح لهيئة القضاة باتخاذ قرارهم الخاطئ؟ يظن الكثيرون أنَّ الكذب في المحكمة هو تصرُّف غير أخلاقي أكثر من ترك المعلومات الهامة؛ لكن كلتا الحالتين تؤدي إلى نفس النتيجة.

7. الموظف ضعيف الأداء:

غالباً ما توجد حالات يكون فيها لدى الشركات موظف لا يواكب تماماً بقية الفريق، أو ربما تكون مجالات التحسين واسعة النطاق، ومع ذلك، قد لا يرغب رب العمل في دفع تعويضات حالة البطالة للموظف إذا سمح له بالرحيل، أو ربما لا يرغب في زيادة معدل دوران الموظفين بطردهم.

وبدلاً من ذلك، فإنَّه يجعل بيئة العمل صعبة جداً على الموظف للعمل من خلال تحديد أهداف غير معقولة، أو إضافة عدة مشاريع تزيد من عبء عمله على أمل أن يختار الموظف الاستقالة أو الانتقال إلى وظيفة مختلفة بنفسه.

وبهذه الطريقة، لم تعد الشركة مضطرة إلى التعامل مع الموظف بعد الآن، لكنَّهم لم يتسببوا مباشرة في مغادرة الموظف من خلال طرده؛ وإنَّما تسببوا بصورة غير مباشرة في المغادرة من خلال إنشاء بيئة عمل صعبة، وعندما يختار الموظف المغادرة، يمكن بعد ذلك إعفاء المدير من الموقف دون الشعور بأنَّ له دوراً مباشراً في الخطأ.

وقد يفكر هذا المدير من منظور انحياز الإغفال؛ وذلك عن طريق جعل نفسه يشعر بأنَّه أقل ذنباً لرحيل الموظف.

إقرأ أيضاً: 9 أنواع للتحيزات المعرفية التي تؤثر في أحكامنا اليومية

طريقة التغلب على انحياز الإغفال:

أفضل طريقة للتغلب على الاستعداد لتقبُّل الضرر الناجم عن التقاعس هي أن تضع دائماً تكلفة عدم اتخاذ أي إجراء في الحسبان في أثناء اتخاذ قرار هام، وبالتأكيد، ستقلق بشأن الفشل عندما تبدأ مشروعاً جديداً، لكن يمكنك مقارنة ما أنت عليه الآن في الحياة باحتمال الفشل وعواقبه المحتملة؛ أي قارن تكلفة البقاء في وضعك المتوسط ​​حيث أنت الآن، مع إمكانية عيش حلمك من خلال اغتنام الفرصة.

في الختام:

راقب عن كثب اختياراتك، فمن السهل اكتشاف الإجراء اللازم، ولكنَّ اكتشاف التقاعس أقل وضوحاً؛ لذا راقب أفعالك وقراراتك، لكن ابحث عن المواقف التي تبقى فيها متمسكاً بالوضع الراهن.

نأمل أن تكون الأمثلة المذكورة آنفاً عن انحياز الإغفال قد جعلتك تدرك ما يعنيه هذا الانحياز المعرفي، الذي يمكن أن يؤثر سلباً في تفكيرك واتخاذك للقرارات؛ لذا كن استباقياً في كل ما تفعله، وتقبَّل المساءلة حتى تتمكن من عيش حياتك وتحقيق ما يهمك من أهداف.

المصدر




مقالات مرتبطة