6 أخطاء تستهلك وقتك كله

تبلغ نسبة احتمال أن تكون واحداً من أفقر الناس في العالم 80%، ومع ذلك، عندما أقول إنَّك فقير، فأنا لا أتحدَّث عن حسابك المصرفي على الرغم من أنَّ الفقر المادي هو بالفعل مسألة مُلِحَّة للكثيرين منا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "آشلي ويلانز" (Ashley Whillans) وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها في تحديد عقبات استثمار الوقت التي تستهلك وقتها.

الفقر الذي أعنيه هنا هو فقر الوقت؛ أي لديك الكثير من الأشياء لتفعلها وليس لديك وقت كافٍ للقيام بها؛ لذا يؤثر فقر الوقت في جميع الثقافات ويتجاوز جميع الطبقات الاقتصادية، ويشعر معظمنا أنَّنا نعاني منه.

أفاد حوالي 50% من الأمريكيين العاملين في عام 2012 بأنَّهم مستعجلون دائماً، و70% بأنَّه لم يكن لديهم أبداً وقت كافٍ، وفي عام 2015، قال أكثر من 80% إنَّهم ليس لديهم الوقت الذي يحتاجونه.

إذا كنت تعتقد أنَّ هذه مشكلةٌ تافهة وأنَّه يجب عليك تقبُّلها، فأنت مخطئ، فضيق الوقت مشكلة خطيرة لها تأثيرات جسيمة في الأفراد والمجتمع؛ حيث تُظهر البيانات التي جمعتُها أنا والآخرون وجود علاقة متبادلة بين ضيق الوقت والبؤس، فالأشخاص الذين يعانون من فقر الوقت هم أقل سعادة وأقل إنتاجية وأكثر توتراً؛ حيث يمارسون الرياضة بشكل أقل، ويأكلون الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون، ولديهم معدل أعلى للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

يجبرنا ضيق الوقت على تقديم تنازلات، فبدلاً من إعداد عشاء مغذٍ مثلاً، نحضر رقائق البطاطس والصلصات ونأكلها بلا تفكير في أثناء التحديق في الأجهزة الإلكترونية.

التفسير الأكثر وضوحاً هو أنَّنا ببساطة نقضي وقتاً أطول في العمل مقارنة بالأجيال السابقة ولكنَّ الأدلة لا تدعم هذه النظرية؛ إذ تُظهر سجلات العمل اليومية أنَّ وقت فراغ الرجال في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، قد زاد من 6 إلى 9 ساعات في الأسبوع في الخمسين عاماً الماضية، بينما زادت ساعات الفراغ عند النساء من أربع إلى ثماني ساعات في الأسبوع؛ إذاً، لماذا نشعر بضيق الوقت أكثر من أي وقت مضى؟

لا ينشأ ضيق الوقت عن عدم التوافق بين الساعات المتوفرة لدينا والساعات التي نحتاجها؛ بل عن طريقة تفكيرنا وتقديرنا لتلك الساعات؛ إنَّها قضية نفسية بقدر ما هي هيكلية، فنحن متصلون بالإنترنت بلا انقطاع، وعندما يحين وقت الفراغ، نكون غير مستعدين لاستخدامه؛ لذلك نضيعه، أو نقول لأنفسنا إنَّه لا ينبغي لنا أن نأخذ استراحة لذلك نعمل خلال هذه الأوقات.

الخطوة الأولى لتصبح ذكياً في استغلال الوقت هي تحديد عقبات الوقت التي يمكن أن تقف في طريقك:

1. مصادر تشتيت الانتباه التي سببها التكنولوجيا:

توفر لنا التكنولوجيا الوقت أحياناً، ولكنَّها تضيِّعه أيضاً، وهذا ما يُعرَف بـ "مفارقة الاستقلالية" (autonomy paradox)، فنحن نعتمد تقنيات الهاتف المحمول لاكتساب استقلالية بشأن وقت ومدة عملنا، ولكن من المفارقات أن ينتهي بنا المطاف بالعمل طوال الوقت؛ حيث تقاطع أجهزتنا باستمرار أوقات فراغنا الطويلة التي اعتدنا الاستمتاع بها؛ مما يثقل كاهلنا معرفياً ويشتت وقت فراغنا بطريقة تجعل الاستفادة منه صعبةً.

نطلق على هذه الظاهرة اسم "قصاصات الوقت"، وهي الأجزاء الصغيرة من الثواني والدقائق الضائعة بسبب تعدُّد المهام غير المنتج؛ فكل جزء صغير منها ليس سيئاً للغاية وحده، لكنَّ اجتماعها كلها يضيف شيئاً أكثر ضرراً.

لنفترض مثلاً أنَّ لديك ساعة فراغ واحدة في الساعة السابعة مساءً، وتلقَّيت خلالها رسالتين إلكترونيتين، وتحققت منهما ورددت على واحدة فقط، ثمَّ تلقَّيت أربعة إشعارات من موقع "تويتر"، وقرأت الردود على أحدهما، ثمَّ تلقَّيت ثلاثة إخطارات على برنامج "سلاك" (Slack) من زملائك يطرحون عليك أسئلة أو يطلبون منك خدمة، ورددت على واحد منها وتجاهلت اثنين، وبعدها انطلق منبه يذكرك بالاتصال بوالدتك غداً في عيد ميلادها، وأربع رسائل نصية من صديق يحاول وضع خطط لعطلة نهاية الأسبوع المقبِلة، ورددت عليها جميعها.

يستغرق كل حدث من هذه الأحداث ثوانٍ فقط، ولكنَّها مجتمعة تترك تأثيرَين سلبيَّين؛ الأول هو الحجم الهائل للوقت الذي تسرقه من ساعة راحتك؛ حيث يمكن لبعض المشتتات التي تبدو غير ضارة أن تستحوذ على 10% من وقت فراغك، ومع ذلك، تُظهِر الأبحاث أنَّنا متحفظون في تقديرنا لمصادر تشتيت الانتباه؛ لذلك قد يكون تأثيرها أسوأ من هذا عادةً.

التأثير الثاني والأكثر سوءاً لقصاصات الوقت هو الطريقة التي تقسم بها ساعة وقت الفراغ، فعلى الأرجح، تتوزع مصادر تشتيت الانتباه هذه عشوائيَّاً على مدار الساعة بحيث تنقسم ساعة الفراغ إلى أجزاء عدة أصغر، أحياناً تكون مدتها 5 أو 6 دقائق فقط.

حتى إذا كنت منضبطاً بشأن عدم الاستجابة أو بشأن تأخير الاستجابة، فإنَّ تشتيت الانتباه يقوِّض نوعية تلك الأجزاء من وقت الفراغ من خلال تذكيرك بجميع النشاطات التي ينبغي عليك القيام بها.

تستغرق عقولنا أيضاً وقتاً للتعافي من الانتقال من لحظات الحاضر إلى نشاط يثير التوتر، وينتهي الأمر بنا بالاستمتاع بوقت فراغنا بشكل أقل، وعندما يُطلَب منا التفكير في الأمر، نُقدِّر أنَّه لدينا وقت فراغ أقل مما هو في الواقع؛ لذا تجزئة الوقت تجعلنا نشعر بأنَّنا أكثر فقراً به مما نحن عليه حقيقةً.

2. التركيز الكثير على المال:

الفخ الآخر هو الهوس الثقافي بالعمل وكسب المال، لقد تعلَّمنا خطأً أنَّ المال، وليس الوقت، سيجلب سعادة أكبر.

تُظهِر الأبحاث أنَّ المال يحمي من الحزن لكنَّه لا يشتري الفرح، وبمجرد أن نجني ما يكفي من المال لدفع فواتيرنا، وتوفير القليل منه للمستقبل وللاستمتاع ببعض المرح، لا يفيدنا العمل الإضافي ولا يضيف شيئاً إلى سعادتنا.

اكتشف الباحثون في بيانات جُمِعَت عن 1.7 مليون شخص في 165 دولة، المبلغَ الدقيق بالدولار الذي لا يؤدي ازدياد المال بعده إلى زيادة السعادة؛ فبعد أن نجني 65000 دولار أمريكي في السنة، أو 60000 دولار أمريكي على مستوى العالم، لا تعود الأموال مؤشراً على مقدار ضحكنا أو ابتسامتنا كل يوم، وبعد أن نجني 105000 دولار أمريكي في السنة أو 95000 دولار أمريكي على مستوى العالم، يتوقف المال عن التنبؤ بمقدار حسن أدائنا في الحياة.

فبمجرد أن يكسب الناس الكثير من المال؛ أي 105000 دولار في السنة في الولايات المتحدة، يبدؤون بالتفكير في أنَّهم يبلون بلاءً أسوأ في الحياة، وعندما نصبح أغنياء، نبدأ بمقارنة حياتنا بأشخاص أكثر ثراءً منا.

امتلاك المال بالتأكيد يحمينا من الإجهاد، فعندما تتعطل سيارتك، يوفر المال حلاً، كما أنَّ وجود النقود في متناول اليد يوفر راحة البال في حالة عدم وجود أزمة، لكنَّ تجنُّب النتائج السلبية يختلف عن إنشاء نتائج أكثر سعادة.

سأكرر هذه النقطة؛ وذلك لأنَّها هامة جداً: المال لا يشتري السعادة.

تعتقد الثقافة المهووسة بجني المزيد من المال خطأً أنَّ الطريقة لتصبح أكثر ثراءً من ناحية الوقت هي أن تصبح أكثر ثراءً من الناحية المالية، فنحن نعتقد أنَّنا إذا عملنا بجد وحصلنا على المزيد من المال سنتمكن من توفير المزيد من وقت الفراغ لاحقاً، وهذا حل خاطئ؛ فالتركيز على مطاردة الثروة يؤدي فقط إلى زيادة التركيز على مطاردة الثروة.

شاهد بالفديو: كيف تتقن فن إدارة الوقت؟

3. الاستهانة بقيمة وقتنا:

يؤدي الهوس الثقافي بالمال إلى حماية الكثير من الناس أموالهم بطرائق تؤدي إلى نتائج عكسية على الثراء المتعلق بالوقت.

قال 52% من الأشخاص الذين كانوا مرتاحين مالياً ولكنَّهم يعانون من فقر مدقع في الوقت - آباء عاملون مع أطفال صغار مثلاً- إنَّهم يفضلون الحصول على الأموال أكثر من الحصول على الوقت، وعندما سُئلوا كيف سينفقون جائزة افتراضية قدرها 100 دولار لزيادة سعادتهم، قال 2% فقط من الآباء العاملين إنَّهم سينفقونها لتوفير الوقت، مثل طلب توصيل البقالة إلى منازلهم.

من الواضح أنَّ الأشخاص الذين يمكنهم تحمُّل تكاليف الوقت - الأشخاص الذين لديهم متوسط 3 ملايين دولار في البنك - لا يزالون يقولون إنَّهم يفضلون الحصول على المزيد من المال.

من الصعب علينا قياس قيمة الوقت، حتى إذا أجرينا مفاضلة سيئة بين الوقت والمال - مثل القيادة لمسافة ميلين بعيداً عن طريقنا لتوفير 10 سنتات للغالون الواحد من البنزين - فلن نشعر بأنَّه خيار سيئ؛ وهذا لأنَّنا لا نعرف حقاً قيمة الوقت الذي استغرقناه.

عندما تحجز للسفر من خلال رحلات عدة متتالية بالطائرة للحصول على سعر أرخص قليلاً، فإنَّك تقع في فخ الوقت؛ فلنفترض أنَّك وفرت 300 دولار على تلك الرحلة، لكنَّها ستأخذ 8 ساعات إجمالاً من وقت إجازتك وستزيد من إجهادك وتوترك لأنَّك يجب أن تستيقظ مبكراً وتبدِّل الطائرات، فهل ستدفع 300 دولار مقابل ثماني ساعات إضافية من الإجازة - تساوي يوم عمل كامل - جنباً إلى جنب مع إجهاد وتعب أقل؟

الفخ بسيط: نحن نختار بالغريزة الأقل تكلفة عندما لا ينبغي لنا ذلك؛ لذا دعنا ننظر إلى مثال البنزين عن كثب؛ لنفترض أنَّك تقود باستمرار ست دقائق إضافية إلى محطة مختلفة لتوفير 15 سنتاً للغالون الواحد، وتذهب لملء 15 جالوناً أربع مرات في الشهر، وللوهلة الأولى يبدو أنَّ الأمر يستحق ذلك؛ إذ 6 دقائق ليست كثيرة، وستزيد مدخراتك.

  • إذا ضربنا 15 سنتاً بعدد الغالونات 15 غالوناً يكون الناتج 2.25 دولاراً توفيراً لكل رحلة.
  • 25 دولاراً أمريكياً ضرب 4 زيارات شهرياً يساوي توفير 9.00 دولارات أمريكية شهرياً.
  • 9.00 دولارات أمريكية شهرياً على مدار 12 شهراً توفر 108 دولارات أمريكية سنوياً.

لكنَّ أي شخص على دراية بعقبات الوقت سيرى الأمر من زاوية مختلفة:

  • 6 دقائق لكل رحلة مضروبة بـ 4 وهو عدد الزيارات في الشهر = خسارة 24 دقيقة في الشهر.
  • 24 دقيقة مضروبة بـ 12 عدد أشهر السنة يساوي 4.8 ساعة ضائعة في السنة.

بالنظر إلى الأمر بهذه الطريقة، فقد قضيت ما يقرب من خمس ساعات لتوفير 108 دولارات؛ فهذا لا يأخذ في الحسبان تكلفة ما كان يمكن أن تفعله بهذه الساعات الخمس بدلاً من القيادة بعيداً عن طريقك لتوفير المال.

قد لا تزال تشعر أنَّ هذه المقايضة تستحق العناء، لكنَّ القيام بهذه الحسابات يجعلك ترى قيمة الوقت التي تحاول التقليل من شأنها كثيراً بشكل مختلف.

إقرأ أيضاً: قيمة الوقت: كم يستحق وقتك حقاً؟

4. جعل الانشغال رمزاً للمكانة:

باتت هوياتنا ترتبط بالعمل أكثر من أي وقت مضى؛ إذ تُظهِر البيانات أنَّ الأشخاص الذين يعيشون في الولايات المتحدة يتطلعون تطلُّعاً متزايداً إلى العمل، وليس إلى الأصدقاء أو العائلات أو الهوايات للعثور على هدف، وفي استطلاع عام 2017، قال 95% من الشباب إنَّ الحصول على مهنة ممتعة وذات مغزى كان هاماً للغاية بالنسبة إليهم.

نظراً للأهمية التي نوليها للعمل، فإنَّ الانشغال فيه يحمل مكانة عالية؛ حيث نعدُّه وسام شرف، ونريد أن يُنظَر إلينا على أنَّنا الموظفون الذين يعملون لساعات أطول، حتى عندما تكون هذه الساعات غير منتجة.

يؤدي ازدياد انعدام الأمن المالي أيضاً إلى زيادة العمل، وعندما تقلُّ المساواة في المجتمع، يشعر الناس بعدم الأمان بشأن مستقبلهم المالي، بصرف النظر عن مكانتهم الحالية، ويقلق أولئك الذين لديهم عمل جيد بشأن فشلهم وكم سيكلفهم ذلك، ويخشى أولئك الذين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم التراجع أكثر.

يتأقلم معظمنا مع هذا من خلال العمل أكثر ومحاولة كسب المزيد من المال، ونشعر بالذنب بشأن إنفاق الأموال على الأشياء التي تجعلنا سعداء، مثل تناول الطعام بالخارج أو الإجازات.

نظراً لانغماس هويتنا الذاتية في العمل والإنتاجية، فإنَّ المظهر الاجتماعي للانشغال يجعلنا نشعر بالرضى عن أنفسنا، وفي المقابل، فإنَّ تركيز انتباهنا على شيء آخر غير العمل يمكن أن يهدد مصدر رزقنا ومكانتنا، فنحن قلقون من عدم تقديرنا، ونحن على حق جزئياً.

تبيَّن أنَّ روَّاد الأعمال يكافئون في الغالب على زيادة الانشغال؛ إذ تُظهر الأبحاث أنَّ الموظفين الذين يتفاخرون بالعمل دون توقف وكونهم مشغولين للغاية ينظر إليهم الآخرون على أنَّهم أفضل العمال وعلى أنَّه لديهم المزيد من المال والمكانة، حتى لو لم يكن ذلك صحيحاً، كما يُعتقَد أنَّهم أكثر جاذبية جسدياً.

حتى لو كان من الجيد في الوقت الحالي أن يرى شخص ما البريد الإلكتروني الذي أرسلته مساءً يوم العطلة مباشرةً، فإنَّ هذا السلوك يساهم في حياة غير صحية وغير سعيدة.

5. النفور من الكسل:

حتى لو عشنا في مجتمع متساوٍ تماماً، فإنَّنا لا نزال نختلق ضغوطات زمنية لأنفسنا؛ وذلك لأنَّ البشر ليسوا معتادين على البطالة.

يسمي الباحثون هذا "النفور من الكسل"، ويجعلنا نفعل بعض الأشياء الغريبة؛ لذا وضع "دان جيلبرت" (Dan Gilbert)، أستاذ علم النفس في "جامعة هارفارد" (Harvard)، بعض طلاب الجامعات في غرفة فارغة ولم يمنحهم شيئاً ليفعلوه؛ لذا فضَّل الكثيرون أن يكونوا متوترين على أن يُترَكوا وحدهم مع أفكارهم.

وأظهرت دراسة أخرى أنَّ الآباء العاملين شعروا "بالضيق" و"الإجهاد" في أثناء النشاطات الترفيهية؛ مما يشير إلى أنَّه حتى أكثر الأشخاص فقراً بالوقت بيننا لا يعرفون كيفية الاسترخاء.

قد تساعدنا التكنولوجيا على تجنُّب أن نكون وحدنا مع أفكارنا، لكنَّها فخ يساهم في التوتر وفقر الوقت، فالاتصال المستمر بأجهزتنا يمنع الدماغ من التعافي، ويحافظ على ارتفاع مستويات التوتر ويبعدنا عن الحاضر.

في الواقع، لقد ثبت أنَّ الكسل هو شكل ثمين من أشكال الترفيه ويمكن أن يزيد من ثراء الوقت، والفوائد الجسدية والنفسية لإراحة الدماغ أكثر قيمة بكثير من الإجهاد الناتج عن إبقاء العقل منشغلاً في جميع الأوقات.

إقرأ أيضاً: 10 خطوات بسيطة للتغلب على الكسل

6. الاعتقاد أنَّه لدينا وقتاً أكثر مما نمتلكه بالفعل:

معظمنا مفرط في التفاؤل بشأن مستقبله؛ إذ نعتقد خطأً أنَّه سيكون لدينا وقت غداً أكثر مما لدينا اليوم، ويشار إلى هذا أحياناً باسم "خطأ التخطيط" (planning fallacy). واسمح لي أن أوضِّحه لك:

يوم الاثنين الماضي، سألَتني صديقة عما إذا كان في إمكاني مساعدتها على الانتقال من منزلها يوم السبت، وأخبرتُها بأنَّه ما من مشكلة في ذلك، ويوم الثلاثاء، طلبَت مني زميلة أخرى مراجعة تقريرها بحلول يوم السبت، ووافقتُ، ويوم الأربعاء، دعاني صديق آخر لتناول العشاء يوم السبت في مطعم جديد أردت تجربته، ووافقتُ أيضاً؛ وافقت مراراً وتكراراً حتى جاء صباح يوم السبت، عندما استيقظت وقلت لنفسي: "ما الذي كنت أفكر فيه؟".

في الواقع، بصفتي باحثة عن السعادة، أعرف ما كنت أفكر فيه: "على الرغم من أنَّني مشغولة جداً الآن؛ إلا أنَّ يوم السبت بعيد، وسيكون لدي وقت للقيام بهذه الأشياء".

إحصائياً، أفضل مؤشر على مقدار انشغالنا الأسبوع المقبل هو مقدار انشغالنا الآن، وغالباً ما تنسى عقولنا هذه النقطة الهامة وتخدعنا للاعتقاد بأنَّنا سنحصل على وقت أكثر لاحقاً مما نفعل الآن؛ وهذا التفاؤل المفرط يعني أنَّنا متباهون بالإيجابية التي نمتلكها، حتى عندما يتعلق الأمر بأشياء صغيرة لا نريد القيام بها، فنحن نرغب أيضاً في الموافقة على كل شيء؛ إذ نرى هذا وسيلة للتغلب على الكسل وطريقة للشعور بالإنتاجية والتواصل والتقدير والاحترام والحب.

ولكن من أين سيتوفَّر لدينا الوقت لفعل كل ما وافقنا على فعله؟ من وقت الفراغ الذي يمكن أن نستخدمه لنشعر أنَّه لدينا المزيد من الوقت، بالطبع، ومن المفارقات أنَّ الانشغال الدائم يقوِّض الأهداف التي وضعناها وأردنا تحقيقها من خلال انشغالنا في المقام الأول.

في حين أنَّ هذه العقبات الست هي الأكثر شيوعاً، إلَّا أنَّ هناك بالطبع العديد من الأسباب الأخرى التي تجعلنا نفشل في تحديد أولويات الوقت، وفي الوقت الحالي، يجب أن يكون هدفك هو التعرف إلى الفخاخ الزمنية التي تقع فيها في أغلب الأحيان وتوثيقها.

تذكَّر: لن تكون العقبات الزمنية الخاصة بك هي نفسها التي يقع فيها الآخرون؛ فالعقبة هي ما يجعلك غير سعيد ويسرق وقتك الذي كنت ستستخدمه بطريقة تجعلك سعيداً.

لدينا جميعاً القدرة على التغلب على عقبات الوقت التي وقعنا ضحيتها، فمثل الحصول على اللياقة البدنية، تتطلب زيادة ثراء وقتك اتخاذ خطوات صغيرة ومدروسة كل يوم للحصول على المزيد من وقت الفراغ والاستمتاع به، ومثل الحصول على اللياقة البدنية، لن يكون الأمر سهلاً في البداية.

وكما يحدث في التمرينات الرياضية؛ حيث لا يجب أن تعاقب نفسك على عدم التزامك التزاماً كاملاً في عادات التمرين، لا تضغط على نفسك أبداً إن كنت سيئاً في تحديد أولويات الوقت؛ فهناك أمور عدة تجعل الأمر صعباً.

فنحن لا نستجيب استجابة طبيعية لفقر الوقت بطريقة تتحكم به، وفي الواقع، تظهر الدراسات أنَّنا عندما نشعر بالانشغال نتولى مهام صغيرة يسهل إكمالها؛ وذلك لأنَّها تساعدنا على الشعور بالمزيد من التحكم بوقتنا، وبهذه الحالة، نحصل على شعور زائف بالسيطرة لا يخفف من السبب الجذري لانشغالنا.

على الرغم من أنَّ فقر الوقت مشكلة تواجه الجميع، إلا أنَّ ثراءه يبدو مختلفاً لهم؛ فقد يعني ذلك قضاء 15 دقيقة أخرى في العزف على الجيتار بدلاً من تصفُّح هاتفك، أو 10 دقائق من التأمل، أو قضاء صباح يوم السبت لتتعلم كيفية استثمار مدخراتك بدلاً من الثرثرة مع زملاء العمل.

بصرف النظر عما يعنيه الثراء في الوقت بالنسبة إليك، فإنَّ أسعدنا وأغنانا وقتاً هم الدقيقون في قضاء أوقات فراغهم، ويتمحور العمل من أجل ثراء الوقت حول التعرف إلى العقبات الزمنية في حياتنا والتغلب عليها وتعمُّد اقتناص لحظات أكثر سعادة وذات مغزى كل يوم.

المصدر




مقالات مرتبطة