إنَّها واحدة من مُعضلات الحياة الكلاسيكية: ما الذي يجعلنا أسعد: المزيد من الوقت أم المزيد من المال؟ يؤكد بحث "آشلي" أنَّ الذي يُسعدنا أكثر هو الوقت، وقد وجدت أنَّ المال والسعادة والوقت هي عوامل يؤثر كل منها في الآخر، وشرحت ذلك في كتابها، حيث يتناول أحد المواضيع المحورية في الكتاب كيف أنَّنا من المرجح أن نسعى إلى كسب المزيد من المال بحافز أكبر من سعينا إلى كسب المزيد من الوقت. وهذا لثلاثة أسباب بسيطة:
- المال عموماً هو ضرورة في مجتمعنا.
- القول السائد بأنَّ المال والنجاح مترادفان.
- من الناحية النفسية، من السهل علينا تتبُّع الأموال والشعور بالرضا عندما نمتلكها، إذ إنَّ امتلاك 500$ في حسابك المصرفي هو أمر موضوعي وملموس، بينما كسب ثلاث ساعات من الوقت في أحد الأيام، ليس ملموساً.
هذا هو السبب في أنَّنا نتخلى عن وقتنا بسهولة أكبر مما نتخلى عن أموالنا، ولكنَّ خسارة الوقت أمر له تبعاته. تَذكُر "آشلي" بأنَّه من الأهمية بمكان بالنسبة إلينا أن نقدر وقتنا في الدرجة نفسها التي نقدر فيها أموالنا. ووفقاً إلى بحثها، إنَّ الأشخاص الذين يقولون إنَّهم يضعون الوقت في المقام الأول هم: أكثر سعادة، وأقل توتراً، وأكثر رضا عن علاقاتهم الاجتماعية؛ وكذلك يميل الأشخاص الذين يقدرون الوقت أكثر من المال أيضاً إلى أن يكونوا أكثر إنتاجية وإبداعاً، لأنَّهم يخصصون الوقت الكافي لبناء علاقات جديدة واستعادة الطاقة. هذه نتائج ملموسة وإيجابية نحصل عليها عندما نجعل الوقت أولوية قصوى.
يحدد كتاب "استخدام الوقت بذكاء" مجموعة من الاستراتيجيات المفيدة لكيفية البدء في إعطاء الأولوية للوقت أكثر من المال. والجدير بالذكر أنَّ العديد من هذه التكتيكات لا تكلف شيئاً، لأنَّها تدحض الأسطورة القائلة بأنَّ الأثرياء فقط هم من يستطيعون إيلاء الأولوية للوقت. تنقسم هذه الاستراتيجيات إلى فئتين: تكتيكات لتوفير الوقت، وتكتيكات لإعادة كسب الوقت.
تكتيكات توفير الوقت:
تدور حول التعامل مع مطبات الوقت بصورة عملية. تخيل تنبيهات الهاتف وكيف أنَّها تُعطل لحظات فراغنا. يمزق هذا المطب التكنولوجي وقتنا الثمين إلى ألف قطعة مشتتة، والتي تسميها "آشلي" "قصاصات الوقت".
تنشأ المطبات الزمنية أيضاً بسبب تأثير الإلحاح، أي الظواهر التي تجعلنا نعطي الأولوية إلى الأشياء المُلِّحة ولكنَّها ليست هامة، مثل فحص بريدك الإلكتروني دون توقف بدلاً من قضاء الوقت مع عائلتك.
لتوفر على نفسك الوقت، حاول:
- تنظيم الوقت مسبقاً: خصص جزءاً من وقتك لتركيز الاهتمام على الأعمال الهامة والتي ليس من الضروري أن تكون مُستعجَلة. اقضِ ثلاثين دقيقة في بداية كل أسبوع في تخصيص فترتَين زمنيتَين، مدة كل منهما ساعتان للتركيز على مهماتك الهامة.
- التركيز على القرارات اليومية الصغيرة التي تعطي الأولوية للوقت: إنَّ عيش يومك بمزيد من اليقظة هو أحد الأساليب لتوفير الوقت، فعندما نتخذ قراراً بترك العمل في وقت مبكر، أو نضع حداً بين الحياة العائلية والحياة المهنية، أو نتعامل مع عطلة نهاية الأسبوع القادمة على أنَّها إجازة، فإنَّنا نختار ما إذا كان علينا إعطاء الأولوية للوقت أم للمال. فكر في قراراتك اليومية وتغلب على رغبتك في التحقق من بريدك الإلكتروني، واقض الوقت مع العائلة أو الأصدقاء بدلاً من ذلك.
تكتيكات لاستعادة الوقت:
أعد صياغة القيمة المرتبطة بالوقت والسعادة. نظراً لأنَّ المال هو مقياس نفهمه جميعاً، وضعت "آشلي" مفهوم "مال السعادة" الذي يمنح قيمةً ملموسة لفوائد السعادة، التي تنشأ من اتخاذ القرارات التي تعطي الأولوية للوقت؛ وحسبت هذه القيم من خلال استطلاعات مختلفة حيث عبَّر الناس عن مستوى سعادتهم فيما يتعلق بالأنشطة المختلفة.
فكر في الأمر بالطريقة التالية:
- الأشخاص الذين يقولون إنَّهم يقدرون الوقت أكثر من المال يكسبون 4،400$ إضافي كل عام.
- تكافئ الاستعانة في مصادر خارجية لإنجاز المهمة التي تكرهها جَني 10000$ إضافي كل عام.
- تبين أنَّ التفاعل الاجتماعي مع الآخرين - أكثر من المعتاد - يجعلنا أكثر سعادة، وهو ما يعادل جَني عشرين إلى ثلاثين ألف دولار إضافي كل عام.
من المثير للاهتمام أنَّ إحدى طرائق تشجيع الناس على إنفاق الأموال من أجل توفير الوقت لأنفسهم (مثل تعيين مساعد افتراضي) هي إعادة صياغتها كقرار يفيد الآخرين. من خلال تفويض عملك، يتبقى لديك المزيد من الوقت لتقضيه مع العائلة أو للتطوع في مجتمعك. التركيز على الوقت ليس عملاً أنانياً.
يتلخص اختيار إعطاء الأولوية إلى الوقت أكثر من المال في اليقظة الذهنية، فكما تقول "آشلي": قد يؤدي عيش حياة تعطي الأولوية للوقت إلى سعادة أكبر وحياة أفضل، ولكنَّ علينا أن نقرر بوعي متابعة هذا المسار.
أضف تعليقاً