قد يكون أوَّل رد فعل تقوم به عندما تواجه واقعاً مُحبِطاً هو إنكار وجود الموقف، أو تجنُّب التعامل معه كلياً، ولكنَّك تُكرِّس في هذه الحالة ودون قصد الشعور بالألم الذي ترغب بالتخلُّص منه، بمعنى أنَّك تكبت هذا الألم بداخلك، لنتخيل أنَّ شخصاً مقرَّباً منك أُصيب بالمرض، وأنَّ تقديم الدعم لهذا الشخص في مرضه يسبِّب لك الألم النفسي الشديد (رؤيته يتألم، ومحاولة دعمه نفسياً)، وقد لا ترغب بالتعامل مع هذا الألم، لذلك قد تقرِّر تجنُّبه وإدمان الكحول مثلاً، كمحاولة لنسيان هذا الواقع.
ما يحدث بلا شكٍّ أن تُصاب أنت أيضاً بالمرض بسبب عاداتك غير الصحية، بينما يستمر الألم النفسي بالتفاقم لديك، ومن الواضح أنَّ لا أحداً يرغب بهذه النتيجة، فإذا وجدت أنَّك تتعامل مع وضع مؤلم ما بالطريقة نفسها، فقد حان الوقت للتوقف، والاعتراف لنفسك أنَّك كنت تحاول التأقلم مع الوضع من خلال التجنُّب أو الإنكار، ومن ثمَّ التركيز على آلية تكيُّف أكثر صحةً وفاعلية، مثل استخدام عبارات التحفيز الإيجابية التي سنذكرها في هذا المقال للمساعدة على الراحة النفسية وتعزيز قوة عقلك.
عندما تواجه الصعوبات بذهن هادئ ومنفتح وعقلية تتقبَّل العواطف المؤلمة وتهيؤك للتعامل معها بدلاً من إنكارها، فإنَّك تكتشف أنَّ الوضع يسبِّب الضيق فعلاً، لكنَّك تعترف أيضاً أنَّك ما تزال قادراً على التعامل مع الوضع والمضي قُدماً، وينطوي هذا الانفتاح والشجاعة في التعامل مع المواقف العصيبة على تجنُّب إطلاق الأحكام المسبقة على التجربة، إضافة إلى إقرار من قبلك بأنَّك تجهل ما ستؤول إليه الأمور، وأنَّك تنظر بفضول إلى الوضع ونتائجه المستقبلية، أي إنَّك مستعدٌّ الآن للتعلُّم بعقل رزين، بدلاً من الموقف الذهني الذي تفترض بناءً عليه أنَّ الأمور ستؤول إلى الأسوأ بلا شك.
فوائد التكيف الفعَّال (الصحي) الذي تحققه من خلال وسائل مثل عبارات التحفيز الإيجابية:
لا يُعدُّ التكيف الصحي ممارسة سهلة بلا شك، ولا نسعى لإقناعك بذلك وإنَّما نوضِّح لك أنَّ النتائج تستحق العناء، ويتيح لك التكيف الفعَّال ومن خلال الممارسة، إيجاد وسائل أفضل للتعامل مع الظروف غير المتوقعة، والتي لا يمكن منع حدوثها في الحياة، ومثال عن ذلك:
1. مواجهة مهمَّة أصعب ممَّا كنت تتوقَّع:
فبدلاً من تجنُّب العمل على مهمَّة مُتعِبة، ومُربِكة فإنَّك تتقبَّلها، وتحاوِلْ اكتشاف مدى قدرتك على خوض تجربة غير مريحة ومرهِقة، واتِّخاذ الإجراءات رغم صعوبتها، ويُعدُّ تأليف كتاب مثلاً مهمةً مرهقة، لكنَّك تستطيع تأليف كتابك بالرغم من هذه المشاعر المزعجة التي تنتابك.
2. وجود شخص تحبُّه في حياتك ولكن التعامل معه يسبِّب لك الغضب والإحباط:
فبدلاً من الاستشاطة غضباً في وجه أحبائك عندما تشعر بالضيق بسببهم، اجلس بهدوء وواجِهْ مشاعرك لتعرف سببها الحقيقي، وبعد أن تهدأ أعصابك، ستعرف كيف تتعامل بلطف مع شخص يغضبك عن طريق محاولة فهمه وفهم الظروف التي يمر بها بدلاً من إطلاق الأحكام عليه.
3. الشراهة الشديدة للأطعمة غير الصحية:
قد تشعر بالرغبة الشديدة لتناول الأطعمة، والمشروبات الضارة مثل الكحول والحلويات وكل ذلك كي تخفِّف من الشعور المزمن بالتوتر، ويمكنك في المقابل أن تتكيَّف تكيُّفاً صحياً مع هذا الوضع، وتقرِّر التأمُّل في هذه الرغبة، والتعامل معها تعامُلاً مباشراً، ومن ثمَّ بناء عادات يومية إيجابية تدريجياً للتعامل بطرائق صحية مع هذه الرغبة، مثل ممارسة رياضة المشي والتأمُّل، والإفضاء لشخص ما بحقيقة مشاعرك، وربَّما كتابة اليوميات، وتكرار عبارات التحفيز الإيجابية، وما إلى ذلك.
4. الصدمة التي تتعرَّض لها عند وفاة أحد أفراد أسرتك:
عندما يتوفَّى شخص تحبه، قد تشعر بخسارة فادحة ، ويكون من السهل جداً، في هذا الموقف أن تستسلم لطرائق العيش غير الصحية للتعامل مع الألم، ولكن يجب أن تتعاطف مع نفسك، وتتأمل في أفكارك ومشاعرك المؤلمة، وتفكِّر بشجاعة في الاحتمالات المستقبلية، فتدرك وبشكل تدريجي، بعد فترة من هذه الممارسة، أنَّ الموت ليس نهاية كل شيء، بل هو بداية أيضاً، ولأنَّك على الرغم من فقدانك عزيزاً عليك، فإنَّ هذه النهاية هي بداية لشيء جديد أيضاً، وعلى الرغم من حزنك الشديد، إلَّا أنَّ فقدان هذا الشخص يدفعك إلى إعادة تصميم حياتك بطريقة جديدة، وهنا تكمن الفرصة لاكتشاف جوانب جديدة من جمال الحياة لم تكن تخطر في ذهنك من قَبل.
ما ذكرناه هو مجرد عيِّنة من الفوائد التي تحقِّقها آليات التكيف الصحية، والأمر الأساسي هو أن تدرك كيف تؤدي آليات التكيف الصحية إلى تعزيز قدرتك على التعامل مع أي ظروف تعترضك، والخروج منها أقوى من ذي قَبل، وربَّما أكثر سعادة، فنظرتك للعالم الخارجي ما هي إلَّا انعكاس لنمط تفكيرك، وأنت ترى ما يتوافق مع أفكارك، وأفكارك في النهاية هي ما يصنع شخصيتك، لذلك اختر أفكارك بعناية وحكمة، بناءً على نوع الحياة التي ترغب بها، واستخدم عبارات التحفيز الإيجابية أدناه لمساعدتك على ذلك:
40 عبارة تحفيز إيجابية تشجِّعك على تجاوز الماضي والتكيُّف بطريقة صحية:
يمكن لعبارات التحفيز الإيجابية، في أوقات الإحباط والتوتر، أن تحسِّن موقفك الذهني كثيراً، وتساعدك الاقتباسات أدناه، والتي يمكن أن تُصاغ بشكل عبارات تحفيز على التكيُّف الصحي مع خيبات الأمل التي لا مفر منها في الحياة، وهو ما يُعدُّ مهارة لا تُقدَّر بثمن من أجل عيش حياة صحية:
- ما يحدِّد حياتك هو ما تؤمن به، وليس ما تدَّعيه أمام الآخرين، فإيمانك هو أكثر الأشياء تأثيراً.
- ليس الهدف أن تتخلَّص من كل أفكارك ومشاعرك السلبية، فهذا مستحيل، والهدف هو أن تغيِّر طريقة استجابتك لهذه الأفكار والمشاعر.
- أنت المسؤول عن تحديد ما يهم وما لا يهم في حياتك، فلا قيمة لأي شيء ما لم تعطِه أنت القيمة.
- لا يمكن تغيير بعض الأمور، لذلك تعلَّم أن تتقبَّلها وأن تتعلَّم منها، فلا يهمُّ ما قمت به لغاية الآن، بل ما ستقوم به من الآن فصاعداً.
- أكثر الطرائق فاعلية للتعامل مع التوتر هي قدرتك على التركيز على فكرة بدلاً من أخرى، فدرِّب عقلك على التركيز على الجوانب الإيجابية في الحياة.
- توقَّفْ عن توبيخ نفسك، فأنت في حالة من التقدُّم المستمر، وتذكَّر أنَّ تحقيق الإتقان يتطلب تراكم النجاحات البسيطة والتدريجية حتى تصل إلى النجاح الكبير.
- ابذل قُصارى جهدك، وكن مستعداً للتكيُّف بصرف النظر عن النتائج، وتعلَّم كيف تتخلَّى عن محاولة السيطرة على كل شيء، واسمح للأمور بأن تسير وفق ما هو مُقدَّر لها بما تحمله من مصاعب ونِعَم.
- إحدى أكثر اللحظات أهميةً وروعةً في حياتك هي اللحظة التي تمتلك فيها الشجاعة للتوقف عن محاولة تغيير الأشياء الخارجة عن نطاق إرادتك.
- التخلي عن المبالغة، وعن كل ما من شأنه إضاعة الوقت دون جدوى، وعن كل ما يُثقل كاهلك، ولقد حان الوقت للتركيز على ما يهم حقاً.
شاهد بالفيديو: 6 طرق لتعزيز التحفيز الذاتي
- ركِّز على الحاضر، وقدِّر ما يمنحك إياه من نِعَم، فغالباً ما نفوِّت على أنفسنا متعة عيش اللحظة بسبب الإفراط في التفكير، ومصادر التشتيت، فتوقَّف عن ذلك، واستمتع بكل ما يحيط بك.
- إذا أردت أن تبهر أحداً، فأبهِرْ نفسك، وأثبت لنفسك أنَّك قادر على تطوير ذاتك، وتحقيق التقدُّم، فلا يتعلَّق الأمر بالمنافسة مع الآخرين، بل بالمنافسة مع نفسك.
- عندما ترفض أن تسمع الآراء التي تخالف معتقداتك، فأنت لا تصغي فعلياً، فتعلَّم أن تصغيَ للآراء التي لا تعجبك أيضاً، وإلَّا لن تكون قادراً على تطوير ذاتك.
- إنَّ كل مشكلة أسهمت في تكوين شخصيته، تذكَّر هذه الحقيقة، واحترِمْ الجميع كما هم.
- لا تندم أبداً على ردِّ الآخرين الإحسان بالإساءة، فكلُّ وعاء ينضح بما فيه.
- سيخيب أملك إذا كنت تعتقد أنَّ الآخرين سيقدِّمون لك دائماً يد العون مثلما قدَّمتها لهم، فليس الجميع كريماً مثلك أنت.
- النضج هو أن تتعلَّم كيف تبتعد بمهارة عن المواقف التي تتعارض مع سلامك الداخلي، واحترامك لذاتك وقيمك وأخلاقك.
- تظهر شخصيتك الحقيقية في السرَّاء والضراء، فكُنْ متواضعاً عندما تبلغ قمة النجاح، وصبوراً عندما تختبر أوقاتاً عصيبة، وحافِظْ على إيمانك أياً تكن الظروف.
- تعلَّمْ أن تؤمن بوجود حكمة من كل شيء، حتى عندما تعجز عن إدراكها، وتحصل أحياناً على أكثر ما تحتاجه من الأشياء التي لم تكن تتوقعها، أو ترغب بها.
- عندما تتوقف عن القلق بشأن الأشياء التي لا تملك أي سيطرة عليها، فستمتلك الوقت والطاقة لتغيير الأشياء التي تقع في نطاق إرادتك، وهذا من شأنه أن يغيِّر حياتك بأكملها.
- قد تكون مرهقاً أو محبطاً أو قد تشعر بالضيق، ولكن أيَّاً يكن ما تشعر به، فإنَّ الخيار الأكثر حكمةً هو أن تمضي قدُماً متسلحاً بالأمل.
- عِشْ حياتك بتروٍ، وكُنْ ممتنَّاً للتفاصيل الصغيرة التي تعيشها يومياً، فلا تنشغل بالتفكير في الأشياء التي لا تملك تغييرها، وتقبَّل الواقع كما هو، وحاول تحقيق أفضل النتائج بما هو مُتاح لديك.
- لم يحدث شيء عبثاً، لأنَّ كل ما حدث ساهم فيما أنت عليه الآن، الحياة سلسلة من الدروس التي لا يمكن فهمها دون عيشها.
- لا تبدأ يومك بالأسف على ما حدث البارحة، فابدأ من جديد، لأنَّ كل يوم هو فرصة جديدة لبدء حياة جديدة.
- السعادة هي التخلِّي عن تصوراتك بشأن ما يجب أن تكون عليه الحياة في الوقت الراهن، والشعور بالامتنان لكل ما توفِّره لك حالياً.
- اعلَمْ أنَّك تمتلك كل ما تحتاجه، ويجب فقط أن تستثمره بأفضل طريقة ممكنة.
- انظر إلى من حولك وكن ممتناً لما تمتلكه الآن، وكن ممتناً لصحتك ووجود العائلة والأصدقاء والمأوى، وتذكَّر أنَّه حتى النعَم التي تبدو بسيطة لا تدوم للأبد.
- لا شيء يدوم للأبد، وستكون قادراً على تحقيق كل ما تتمناه تقريباً عندما تفهم هذه الحقيقة، لأنَّك لم تعد تتشبَّث بأي شيء.
- يصبح كل شيء مزعجاً قليلاً عندما يحين وقت التغيير، وهذا الشعور جزء من عملية تطوير الذات، لكنَّ الأمور ستتحسن، ويجب فقط أن تكون صبوراً.
- عندما تعجز عن تغيير شيء ما، فإنَّ مهمتك هي تغيير نفسك، وهذا كفيل بتغيير كل شيء.
- اعلَمْ أنَّك بأمسِّ الحاجة للتفكير بإيجابية عندما تنتابك مشاعر سلبية، وتذكَّر أنَّ تفكيرك الإيجابي في هذه الحالات هو العامل الحاسم في تحقيق أفضل النتائج.
- لا يعني التفكير بإيجابية تجاهل السلبيات، بل يعني التغلُّب على أفكارك السلبية، وثمة فرق كبير بين الأمرين.
- تحويل الإحباط وخيبة الأمل إلى حماسة، بدلاً من الاستكانة، وتذكَّر أنَّك تتحكَّم في طريقة استجابتك لما تواجهه في الحياة.
- استبدال الغضب بالفضول، والحسد بالإعجاب، والقلق بالعمل، والإيمان بالشك.
- ستسيطر على حياتك بالمطلق عندما تتعلَّم كيف تتحكم في تركيزك وانتباهك، واختَرْ بعناية أين توجِّه طاقتك.
- لا تهدر وقتك وطاقتك في محاولة مقاومة الواقع، بل استثمر طاقتك ووقتك في تغييره والوصول إلى أهدافك.
- الصبر هو أبلغ تعبير عن الثقة واليقين والإيمان بقدراتك، فالصبر دليل قوة، فتدرَّب عليه.
- اعتنِ بنفسك واسترح ومارس التمرينات الرياضية، وتناوَلْ طعاماً صحياً واقرأ وخصِّصْ الوقت للنشاطات الإبداعية، واستمتِعْ وتجنَّبْ الوصول إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي، فيتطلَّب النجاح الحفاظ على صحتك على الأمد الطويل.
- أحِب نفسك عندما تقوم بأي شيء، وابدأ بذلك من اليوم.
- ستتعلَّم، بينما يتقدَّم بك العمر، أن تقدِّر قيمة الوقت والعلاقات الصادقة، والعمل الهادف، وراحة البال أكثر من أي شيء آخر.
- من المستحيل أن توقف الزمن أو أن تعيد الماضي، فلا يمكن سوى أن تعيش الحاضر، وتستمتع به بكل ما فيه.
في الختام:
يمكنك أن تفكِّر في أية عبارة ملهِمَة بالنسبة إليك وتصيغها على شكل عبارة تحفيز إيجابية، الأمر الهام هو أن تحفِّز عقلك دائماً على تبني هذا النمط من التفكير، والتعامل مع الواقع من خلال آليات التكيُّف الصحية، وتذكَّر أنَّك تفسح المجال لسيطرة الأفكار السلبية عندما تتخلَّى عن التفكير الإيجابي، والخيار متروك لك.
أضف تعليقاً