حلَّل الباحثون في حلقة البحث، نتائج 126 مقال بحثي شمل ما يقارب من 200000 مشارك من جميع أنحاء العالم، ويجب أن تستوفي الدراسات التي اختاروها جميعاً معايير معينة، مثل مشاركة البالغين فقط والإبلاغ عن بيانات إحصائية جيدة، كان بعضها عبارة عن تجارب.
عمل الناس على ممارسة اللطف لملاحظة آثاره، بينما استطلع بعضهم الآخر آراء الناس عن مقدار لطفهم وسعادتهم، وقاست الدراسات الرفاه بطرائق عدة، بما في ذلك الصحة العقلية والجسدية.
كما هو متوقع، كان الأشخاص الطيبون يميلون إلى التمتع برفاهية أعلى، وتفاجأ الباحث الأساسي "براينت هوي" (Bryant Hui) بأنَّ العلاقة لم تكن أقوى مما كانت عليه، لكنَّ النتائج ما تزال تشجعه.
ويقول: "مع ضعف العلاقة العامة بين السلوك الاجتماعي الإيجابي - اللطيف والمفيد - والعافية، ونظراً لأنَّ العديد من الأشخاص حول العالم يتصرفون تصرفاً إيجابياً اجتماعياً، إلا أنَّ التأثير المتواضع لا يزال من الممكن أن يكون له تأثير كبير في المستوى الاجتماعي".
إنَّ تأثيراً صغيراً مثل هذا - متوسط جميع تجارب المشاركين - يمكن أن يخفي أحياناً أنماطاً أخرى تحدث تحت السطح؛ لذلك فكَّر هو وزملاؤه في متى قد يكون للطف تأثير أكبر في سلامتنا.
الشيء الوحيد الذي وجدوه هو أنَّ الأشخاص الذين أجروا أعمالاً بلطف عشوائية وغير رسمية، مثل إحضار وجبة إلى صديق حزين، يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة من الأشخاص الذين يؤدون أعمالاً لطفية أكثر رسمية، مثل التطوع في مطبخ الحساء، فمن الممكن أن تؤدي المساعدة غير الرسمية إلى سد احتياجاتنا النفسية الأساسية للاستقلالية والعلاقات الوثيقة؛ ولهذا السبب قد تؤدي إلى سعادة أكبر.
وجد الباحثون أيضاً أنَّ الأشخاص الذين كانوا لطفاء تكون "السعادة المعنوية" لديهم أعلى - الشعور بالمعنى والهدف في الحياة - من "السعادة المادية" - الشعور باللذة والراحة - ربما يكون هذا منطقياً، بالنظر إلى أنَّك بصفتك طيباً يتطلب جهداً، وهو ما يقلل من الراحة، ولكن يمكن أن يجعل الناس يشعرون بتحسن تجاه أنفسهم وقدراتهم؛ وهذا يوفر إحساساً بالمعنى.
تحقق الطيبة السعادة المعنوية للنساء أكثر من الرجال أيضاً، وفقا لـ "هوي" (Hui)، قد يكون هذا لأنَّه في العديد من الثقافات، من المتوقع أن تكون النساء أكثر لطفاً من الرجال؛ لذلك قد يكون لديهن المزيد للاستفادة منه.
ويقول إنَّ المشاركين الأصغر سناً شعروا بسعادة أكبر عندما كانوا لطفاء من المشاركين الأكبر سناً، ربما لأسباب تنموية، يكون البالغون الأصغر سناً في مرحلة من مراحل حياتهم يميلون فيها إلى اكتشاف هويتهم، والسعي بنشاط إلى الهدف والمعنى في الحياة الذي يمكن أن يجلبه اللطف، وليس المتعة والراحة.
ما هي الفوائد الأخرى المحددة للتعامل بلطف؟ وجد الباحثون أنَّ الأشخاص الطيبين يميلون إلى زيادة احترام الذات والشعور بالفاعلية الذاتية، وبدرجة أقل، عانوا أيضاً من اكتئاب وقلق أقل وتحسُّن الصحة البدنية، مع كون الروابط الصحية أقوى لدى كبار السن.
لا يعرف "هوي" (Hui) على وجه اليقين لماذا قد يكون للتصرف اللطيف هذه التأثيرات المختلفة في المجموعات المختلفة من الناس، لكنَّه يشير إلى النظريات التي طرحتها الباحثة "إليزابيث ميدلارسكي" (Elizabeth Midlarsky) التي تقول: "كوننا لطفاء قد يجعلنا نشعر بتحسن تجاه أنفسنا بصفتنا أفراداً، أو حول معنى حياتنا، أو تأكيد كفاءتنا الذاتية، أو صرف انتباهنا عن متاعبنا وضغوطاتنا، أو منحنا شعوراً دافئاً، أو يساعدنا على أن نكون اجتماعيين أكثر مع الآخرين.
وكل هذا يمكن أن يحسن من سلامتنا ويقلِّل التوتر لدينا، ويحسِّن الحالة المزاجية، أو يحسِّن المجتمع، ويمكن أن يكون للطافة أهمية أكبر في مراحل مختلفة من الحياة أيضاً".
شاهد بالفيديو: فوائد فعل الخير على الفرد والمجتمع
من خلال فهم العلاقة بين اللطف والسعادة، يعتقد "هوي" (Hui) أنَّ الباحثين يمكنهم عمل دراسات أفضل تضع في الحسبان جميع العوامل ذات الصلة، ويمكن للمبدعين إنشاء ممارسات طيبة أكثر فاعلية، ويأمل في المستقبل أن تكون هناك تطبيقات لطيفة، أو برامج عبر الإنترنت يمكن أن تصل إلى عدد أكبر من الناس، وتُحدِث تأثيراً أكبر في جميع أنحاء العالم.
من خلال ذلك، يقول "هوي" (Hui): "إنَّ أكبر استفادة من بحثه هي ما سمع "الدالاي لاما" (Dalai Lama) يقوله منذ فترة طويلة: "إذا كنت تريد أن يكون الآخرون سعداء، فعليك أن تكون رحيماً، وإذا كنت تريد أن تكون سعيداً، فيجب أن تكون رحيماً أيضاً".
أضف تعليقاً