أضف إلى ما سبق أنَّ الاجتماعات من خلال الإنترنت أكثر عرضة لظاهرة تُسمى بالتراخي الاجتماعي، وتعني افتقار الشخص للحماسة، وبذل جهد أقل عند العمل مع مجموعة من الأشخاص، مقارنةً بما يبذله من جهد عند العمل، ويزداد ميل الشخص لهذا السلوك كلَّما شعر بأنَّه مجهول، ومن الطبيعي أنَّ هذا الشعور يزداد في الاجتماعات من خلال الإنترنت بسبب ما تفرضه طبيعة الاجتماعات خلال الإنترنت من حواجز تحجب أعضاء الفريق عن بعضهم بعضاً.
مع ذلك، توجد عدة نصائح تساعد على تحويل الاجتماعات عبر الإنترنت إلى تجربة ناجحة، وهذه النصائح هي حصيلة أبحاث أجراها المتحدِّث التحفيزي الأمريكي "توني روبنز" (Tony Robbins) لأكثر من 20 عاماً في مجال الاجتماعات والعمل الجماعي.
نظرة سريعة على الإدارة الرشيدة ودورها في إنجاح الاجتماعات:
وجد "توني"، بعد مئات المقابلات التي تناولت قيادة الاجتماعات مع أشخاص يواظبون مواظبةً دوريةً على حضور اجتماعات العمل، وجود قاسم مشترك بين أفضل قادة الاجتماعات وهي: أنَّهم يمتلكون موقفاً ذهنياً موحَّداً يتمثَّل بعدِّ أنفسهم مشرفين ومسؤولين عن وقت الأشخاص الذين يحضرون الاجتماع (وهو ما يُسمَّى بالإدارة الرشيدة).
الأمر المثير للاهتمام أنَّه غالباً ما يتبنَّى جميع قادة الاجتماعات هذه العقلية عندما تضمُّ اجتماعاتهم العملاء، وأصحاب المصلحة، خشية أن يشعر هؤلاء بأنَّهم أضاعوا وقتهم سدىً، ولكن غالباً ما يتخلَّى القادة عن هذه العقلية عند الاجتماع مع أعضاء الفريق أو الأقران، فتصبح قراراتك المتعلِّقة بالاجتماع مدروسة جداً عندما تتبنَّى عقلية الإدارة الرشيدة.
لا تتطلَّب الإدارة الرشيدة واتِّخاذ قرارات ذكية كثيراً من الوقت، وقد لا تحتاج أكثر من بضعة دقائق بعد فترة من الممارسة، وسنقدِّم هذه النصائح في 3 فئات: نصائح خاصة بما قبل الاجتماع، ونصائح خاصة في أثناء الاجتماع، ونصائح خاصة بنهاية الاجتماع، وتهدف جميع هذه النصائح إلى تطوير عقلية الإدارة الرشيدة للاجتماعات، والتي من شأنها أن ترتقي بجودة اجتماعاتك خلال الإنترنت مع أعضاء الفريق والعملاء.
نصائح تسبق الاجتماع:
1. تجنَّب دعوة من لا يلزم حضوره:
تنخفض جودة الاجتماعات من خلال الإنترنت كلَّما ازداد عدد الأشخاص الحاضرين، ويمكن بسهولة تسجيل الاجتماعات من خلال الإنترنت، والاستماع إليها من قِبَل المهتمِّين الذين لم يحضروا الاجتماع، ولذلك تجنَّب دعوة الأشخاص غير الضروريين، واكتفِ بإرسال نسخة مسجَّلة من الاجتماع لهم، ويمكن بهذه الطريقة لكلِّ ذي شأنٍ أن يستمع لما تمَّت مناقشته عندما يُتاح له ذلك ودون أن يضطر إلى الحضور.
أمَّا إذا كنت تخشى شعور هؤلاء الأشخاص بالتهميش نظراً لأنَّك لم تدعهم لحضور الاجتماع، فبإمكانك أن تخبرهم بإمكانية حضور أية اجتماعات مستقبلية عن الموضوع الذي نوقِش إذا رغبوا بذلك، ولن يحضر هؤلاء الأشخاص الاجتماعات المستقبلية في الغالب، لكنَّهم سيقدِّرون لك هذه اللباقة.
2. حدِّد مدة مناسبة للاجتماع:
أصبح من الصعب في عصرنا الحالي التركيز في مَهمَّة واحدة لفترة طويلة، لذلك من الأفضل أن تتجنَّب الاجتماعات التقليدية التي تستغرق ساعة كاملة، وليس هناك ما يمنع من أن تكون مدة الاجتماع بين 20 إلى 25 دقيقة، وجدير بالذكر أنَّ تقليص مدة الاجتماع قليلاً يؤدي إلى نوع من الضغط الإيجابي، وتُظهر الأبحاث أنَّ الفرَق التي تعمل تحت مستوى معيَّن من الضغط تُقدِّم أداءً أفضل بسبب ازدياد تركيز أعضاء الفريق.
3. صِغْ بنود جدول الأعمال بشكل أسئلة:
حاول بدلاً من مجرد تحديد الموضوعات التي ستُناقَش، أن تصيغ بنود جدول الأعمال على شكل مجموعة من الأسئلة التي تحاول أنت وباقي الحاضرين الإجابة عنها، وتؤدِّي هذه الطريقة إلى زيادة التركيز الذي يُفتقر إليه غالباً في الاجتماعات من خلال الإنترنت، ومن خلال صياغة موضوعات الاجتماع على شكل أسئلة، ستمتلك فكرة أفضل عن الأشخاص الذين تجب دعوتهم للاجتماع، إضافة إلى سهولة تحديد مدى نجاح الاجتماع من خلال الإجابة عن هذه الأسئلة.
4. استخدِمْ تقنية الفيديو:
يعدُّ تعزيز "الحضور" أمراً هاماً في الاجتماعات من خلال الإنترنت، نظراً لأنَّ هذه الاجتماعات تُجرى عن بُعد، ومن الهام أن تُحفِّز الأعضاء على المشاركة النَّشِطة، ويعزز استخدام تقنية الفيديو إمكانية حدوث ذلك، وتصبح الاجتماعات خلال الإنترنت أكثر فاعلية عندما يُتاح لكل عضو رؤية تعابير وجه الأعضاء الآخرين، لذلك ضع في حسبانك الطلب من كل عضو الجلوس مقابل كاميرا الويب الخاصة به لتقوية حضور الأعضاء، وإضفاء طابع أقرب إلى الاجتماعات الشخصية.
شاهد بالفيديو: كيف تتجنب إضاعة الوقت في اجتماعات العمل التي تجريها من منزلك؟
نصائح في الاجتماع:
1. ابدأ في الوقت المحدَّد:
لا شيء يؤثِّر في حماسة المدعوين أكثر من التأخُّر في بدء الاجتماع عن الوقت المحدَّد له، بسبب أشياء تتعلَّق بتثبيت برمجيات معيَّنة، أو مشكلات تقنيَّة تتعلَّق بالصوت والصورة مثلاً، ويجب أن ينضمَّ جميع المدعوين للاجتماع قبل 5 دقائق على الأقل من الوقت المحدَّد للتأكُّد من عدم وجود أية مشكلات تقنية، وأظهرت أبحاث "روبنز" أيضاً أنَّ التأخُّر في إنهاء الاجتماع عن الوقت المحدد له يؤدي إلى شعور الأعضاء بتوتر كبير، لذلك تجنَّب أن يستغرق الاجتماع أكثر من الوقت المحدَّد له.
2. احرِصْ على أن تكون في حالة مزاجية جيدة:
كونك الشخص الذي يدير الاجتماع، فمن الهامِّ جداً أن تكون في حالة مزاجية جيِّدة، لأنَّها تؤثر في الجو العام للاجتماع وفي معنويات الحضور أيضاً، واحرِصْ على أن تكون إيجابياً، ومتحمِّساً ومتفائلاً عند بدء الاجتماع، فيؤدي ذلك إلى تعزيز الشعور والحالة المزاجية الإيجابية لدى باقي الأعضاء، وهذا يتيح الفرصة لمزيد من الإبداع والإصغاء والأفكار البَّناءة.
3. ضَعْ بعض القواعد لضبط سير الاجتماع:
حدِّد مع باقي الأعضاء تحديداً دورياً التوقعات المتعلقة بالعوامل التي تؤدي إلى نجاح الاجتماع، ولا تتوقَّع أن تُجري اجتماعاً ناجحاً خلال الإنترنت إذا لم تتناقش مع أعضاء الفريق فيما يجب فعله وما يجب تجنُّبه، واعرض توقُّعاتك على باقي الأعضاء، مثل عدم تجاوز مدة أية مداخلة لدقيقة واحدة حتى تُتاح فرصة التحدث للجميع، أو كأن تقترح أن يُعرِّف أي شخص عن نفسه قبل التحدُّث كأن يقول الشخص: "أنا فلان وأعتقد أنَّه يجب كذا وكذا"، فيساعد هذا الأمر على جعل الاجتماعات خلال الإنترنت أقرب إلى الاجتماعات الشخصية.
4. قُمْ بدور الميسِّر:
هذا الأمر هام جداً في الاجتماعات خلال الإنترنت، ويجب أن يمارس قادة الاجتماعات دور الميسِّر في الاجتماعات التي تجري خلال الإنترنت، ويمكنك بهذه الطريقة أن تزيد من اندماج الأعضاء، كأن تدعو الشخص باسمه، وتطلب منه مشاركة أفكاره، وضع في حسبانك الاحتفاظ بقائمة بأسماء الحاضرين للتأكُّد من مساهمة الجميع، وتجنَّب طرح الأسئلة العامة، مثل: "هل من تعليق؟"، واطلب من شخص محدَّد التعليق بدلاً من ذلك، وتدخَّل أيضاً لمنع الأعضاء من الإسهاب في الحديث حتى لو اضطررت إلى مقاطعتهم حتى تمنح الجميع فرصة المشاركة في النقاش.
5. استخدِمْ التكنولوجيا والتطبيقات:
من الهامِّ أن تدرك أنَّ الصمت لا يعني بالضرورة الموافقة أو الرضى أو الفهم، فيوجد كثير من التطبيقات التي تتيح لك جمع التعليقات والتغذية الراجعة من أعضاء الفريق، مثل تطبيق "كلاكسون" (Klaxoon)، و"مين تايمتير" (Mentimeter)، و"بول إيفري وير" (Poll Everywhere)، وتسمح هذه التطبيقات وغيرها للأعضاء بالتصويت بسهولة لمعرفة مدى التوافق والإجماع على مُقترح أو رأي معيَّن.
يمكنك استخدام هذه التطبيقات في الاجتماع، أو بعد انتهائه، ويجب إضافة إلى ذلك أن تستخدم إحدى تطبيقات المراسلة الفورية، أو غُرَف الدردشة، وليس ذلك بهدف إتاحة المجال للأعضاء لإجراء محادثة جانبية، وإنَّما لإعلامك في الاجتماع برغبة أحدهم بالتحدث، أو إخبارك بأنَّ شيئاً ما قد فاته، فيساعد استخدام التكنولوجيا على مشاركة، واندماج الأعضاء في إجراء الاجتماعات خلال الإنترنت.
نصيحة ما بعد انتهاء الاجتماع:
احرص مع قُرب انتهاء الاجتماع، على توضيح النقاط الأساسية، وحدِّد تحديداً واضحاً مسؤولية كل شخص من الحضور عن أي إجراء عملي اتُفِقَ عليه، وستتجنَّب بهذه الطريقة أن يخرج أحد الحضور من الاجتماع دون أن يعرف على وجه الدقة ما اتُفِقَ عليه، وما الذي يجب القيام به لاحقاً.
في الختام:
قد يكون من المستحيل جعل الاجتماعات خلال الإنترنت تجربة مثالية، لكنَّك ستكون قادراً، مع الجهد المتواصل الذي يهدف إلى التحسين والإدارة الرشيدة، على تحويل الاجتماعات خلال الإنترنت إلى تجربة ممتعة وناجحة، ويمكنك أن تكون القدوة التي يحتذي بها الآخرون في هذا المجال، لذلك ابدأ بتطبيق هذه النصائح في اجتماعك التالي خلال الإنترنت، وستجد نتائج رائعة.
أضف تعليقاً