بدلاً من إظهار إحباطك لهذا العميل، يمكنك الاعتذار وطلب استراحةٍ لمدة خمس دقائق، والذهاب في نزهةٍ سريعةٍ في الخارج، والتنفسَ بعمقٍ، ثم التوقّف لشرب بعض الماء، وعندما تعود لمكتبك ستشعر بالانتعاش وتبتسم وتكون مستعداً لتقديم المساعدة.
معظم الأشخاص يعانون من قدرٍ معينٍ من التَّوتُّر والإجهاد في وظائفهم، ولكن إذا فهمت أكثر أنواع التَّوتُّر شيوعاً وتعرفت على كيفية اكتشافها ستتمكن من التحكّم بها بشكلٍ أفضل، ويساعدك هذا بدوره على العمل بشكلٍ مثمر، وبِنَاء علاقاتٍ أفضل، والعيش حياةً أكثر صحةً.
في هذه المقالة سنعرض أربعة أنواعٍ للتَّوتُّر، مع مناقشة كيف يمكن إدارة كل منها بشكلٍ أكثر فعالية.
النماذج الأربعة الشائعة للتَّوتُّر:
إن الدكتور "كارل ألبريشت" (Karl Albrecht) هو مستشارٌ في الإدارة، ومتحدّثٌ معتمدٌ في المؤتمرات في كاليفورنيا، ورائد في تطوير التدريب للحدّ من التَّوتُّر لدى رجال الأعمال، وقد حدّدَ أربعة أنواعٍ شائعةٍ للتَّوتُّر في كتابه "التَّوتُّر والمدير" عام 1979م.
نماذج ألبريشت الأربعة الشائعة للتَّوتُّر:
- تَّوتُّر الوقت (Time Stress).
- التَّوتُّر التوقعي (Anticipatory Stress).
- التَّوتُّر الموقفي (Situational Stress).
- تَّوتُّر المقابلة (Encounter Stress).
دعونا نلقي نظرةً على كلّ نوعٍ من أنواع التَّوتُّر بالتفصيل، ومناقشة كيفية التعرّف على كلّ نوعٍ والتعامل معه.
1. تَّوتُّر الوقت:
سوف تواجه هذا النوع من التَّوتُّر عندما تقلق بشأن الوقت، أو نفاذه، فتقلق بشأن عددٍ الأشياء التي عليك القيام بها، وتخشى أن تفشل في تنفيذ أمرٍ هام، وقد تشعر أنك محاصرٌ، وغير سعيدٍ، أو حتى يائس.
تتضمن الأمثلة الشائعة لتوتر الوقت القلق بشأن المواعيد النهائية، أو التسرّع لتجنّب التأخر عن الاجتماع أو المواعيد.
إدارة توتر الوقت:
الإجهاد أو التَّوتُّر الزمني هو أحد أكثر أنواع التَّوتُّر التي نشهدها اليوم شيوعاً، ومن الضروري معرفة كيفية إدارة هذا النوع من التَّوتُّر إذا كنت ستعمل بشكلٍ منتجٍ في منظمة مزدحمة الأعمال.
أولاً، تعلم مهارة الإدارة الجيدة للوقت. قد يتضمن ذلك استخدام قائمة المهام، أو برامج العمل إن كان عليك إدارة العديد من المشاريع المتزامنة.
ثم تأكد من تخصيص الوقت الكافي للمهام ذات الأولوية المهمة، ولسوء الحظ، قد يكون من السهل الانخراط في العديد من المهام المُلِحَّة التي يكون تأثيرها ضئيلاً بالنسبة لأهدافك العامة، وهذا الأمر سيجعلك تشعر بالإرهاق، أو أنك قمت بالعمل ليومٍ كاملٍ ولم تحقق شيئاً ذا قيمة.
عادةً ما تكون المهام الهامة هي التي تساعدك في الوصول إلى أهدافك، والعمل على هذه المشاريع أو المهام هو أفضل استغلالٍ لوقتك، وقد تساعدك مقالتنا حول مبدأ "آيزنهاور" للهام والعاجل بكيفية الموازنة بين المهام العاجلة والمهمة، ومقالنا حول تحديد الأولويات يساعدك على الفصل بين المهام التي يجب التركيز عليها وبين التي يعد تأجيلها أكثر أماناً أو ممكناً.
إذا كنت تشعر غالباً بأنك لا تملك الوقت الكافي لإكمال كافة مهامك، تعلم كيفية إيجاد المزيد من الوقت في أيامك، قد يعني هذا القدوم للعمل مبكراً أو البقاء لوقتٍ متأخر، بحيث تحصل على وقتٍ هادئٍ للتركيز، كما يجب عليك استخدام ذروة أوقات العمل لديك لإنجاز المهام الأكثر أهميّة لأنك ستعمل بشكلٍ أكثر كفاءة في هذا الوقت، وهذا يساعدك بالحصول على المزيد من الوقت.
على سبيل المثال إن كنت شخصاً نشيطاً في الصباح فقم بجدولة المهام التي تحتاج إلى التركيز الأكبر خلال هذا الوقت، وعليك تعلّم كيفية تحديد أولويات مهامك وتحديد مواعيدها خلال الأوقات الأكثر إنتاجيّةً في اليوم، ويمكنك ترك المهام الأقل أهمية للأوقات التي تنخفض فيها مستويات الطاقة لديك مثل التحقق من بريدك الالكتروني.
عليك التأكد أيضاً من أنّك مهذّبٌ ولكن حازم بشأن قول "لا" بالنسبة للمهام التي لا تملك القدرة للقيام بها.
2. التَّوتُّر التوقعي:
يوصف التَّوتُّر التوقعي بأنّه التَّوتُّر الذي تواجهه فيما يخص المستقبل، ويركز هذا التَّوتُّر أحياناً على حدثٍ معينٍ، مثل قلقك حول العرض التقديمي القادم لك، ولكن قد يكون هذا التَّوتُّر غامضاً وغير محدَّدٍ مثل الشعور بالرهبة حول المستقبل، أو القلق من حدوث شيءٍ ما بشكلٍ خاطئ.
إدارة التَّوتُّر التوقعي (الاستباقي) :
نظراً لأن التَّوتُّر التوقعي يعتمد على المستقبل ابدأ بالتركيز على أنّ الحدث الذي تتوقعه ليس بالضرورة أن يحدث كما تتخيّل، واستخدم تقنيات التصور الإيجابي لتخيّل أنّ الموقف يسير بشكلٍ صحيح.
تُظْهِرُ الأبحاث أن عقلك غالباً لا يستطيع تحديد الفرق على المستوى العصبي بين الموقف الذي تتصوره مراراً يحدث بشكلٍ جيد وبين ما يحدث في الواقع.
كما يمكن أن تساعدك الأساليب الأخرى مثل التأمل على تطوير التركيز لديك، والتركيز على الأمور التي تحدث في الوقت الحاضر بدلاً من التركيز على المستقبل المُتَخَيَّل، كما يمكنك التفكير بتخصيص وقتٍ مُحَدَّدٍ يوميّاً للتأمّل حتى لو كانت خمس دقائق فقط.
يمكن أن ينتج التَّوتُّر التوقعي عن ضعفٍ في الثقة، فعلى سبيل المثال قد تشعر بالتَّوتُّر نتيجة عرضٍ تقديمي عليك تقديمه الأسبوع المقبل، وذلك لأنك تخشى ألا يكون مثيراً للاهتمام، ولكن غالباً معالجة هذه المخاوف بشكلٍ مباشرٍ يساعد على تقليل التَّوتُّر، حيث يمكنك تخصيص وقتٍ إضافيٍ للتدرّب على الأسئلة الصعبة والتحضير الجيّد لها، وعندها قد تشعر بمزيدٍ من الاستعداد لهذا الحدث.
وأخيراً، عليك التعرف كيف تتغلب على الخوف من الفشل، من خلال وضع خطط للطوارئ وتحليل جميع النتائج المحتملة وبذلك ستحصل على فكرةٍ أفضل مما قد يحدث في المستقبل، فقد يساعدك هذا في تقليل خوفك من الفشل ويمنحك إحساساً أكبر بالسيطرة على الأحداث.
3. التَّوتُّر الموقفي:
قد تواجه التَّوتُّر الموقفي عندما تكون في مواقف مخيفة لا يمكنك التحكم بها، فقد تكون على شكل حالةٍ طارئةٍ، إلا أنّ الحالة الأكثر شيوعاً هو الموقف الذي ينطوي على تعارض أو فقدان للمكانة والقبول في نظر مجموعتك، فعلى سبيل المثال الفشل في إنجاز عملٍ ما أو ارتكاب خطاً كبيرٍ أمام فريقك يمكن أن يسبب ضغوطاً ظرفيّة أو موقفية.
إدارة التَّوتُّر الموقفي:
غالباً ما يظهر التَّوتُّر الموقفي بشكلٍ مفاجئٍ، فعلى سبيل المثال قد تجد نفسك في موقفٍ لم تتوقعه أبداً، ولإدارة هذا التَّوتُّر عليك أن تكون أكثر وعياً بنفسك وهذا يعني التعرّف على الإشارات الجسدية والعاطفية "التلقائية" التي يرسلها جسدك عندما تكون تحت الضغط.
على سبيل المثال تخيّل أن تلك المقابلة سوف تتحول فجأةً إلى مباراةٍ في الصراخ بين أفراد الفريق، وسيكون ردّك بشكلٍ تلقائيٍ هو المزيد من القلق، معدتك سوف تتشنج وتشعر بالانتفاخ، وبذلك سوف تنغلق على نفسك أكثر وأكثر، وإذا حاول أحدهم سؤالك عن رأيك فإنك ستواجه صعوبةً في معرفة ما الذي عليك قوله.
الصراع هو مصدرٌ رئيسيٌّ للتوتر الموقفي، لذا يمكنك تعلم بعض المهارات الفعالة لحل النزاعات الجماعية، بحيث تكون مستعداً بشكلٍ جيدٍ للتعامل مع ضغوط الصراع عند حدوثها، ومن الهام أيضاً معرفة كيفية إدارة التعارض في الاجتماعات نظراً لأن أساليب حل المشاكل الجماعية قد تختلف عن أساليب حل القضايا الفردية.
يتفاعل الأشخاص المختلفون مع التَّوتُّر الموقفي بشكلٍ مختلف، لذا من الضروري أن تتعرف على جميع الأعراض الجسدية والعاطفية لهذا التَّوتُّر لديك لكي تتمكن من معالجتها بشكلٍ مناسبٍ، فمثلاً إذا كان ميلك الطبيعي هو الانسحاب العاطفي فتعلم كيف تقوم على قدميك وتتواصل بشكلٍ أفضل خلال هذه المواقف، وإذا كان رد فعلك الطبيعي هو الغضب والصراخ فتعلم كيف تتحكم بعواطفك.
شاهد بالفيديو: 5 طرق للتعامل مع الغضب في العمل
4. توتر المقابلة:
توتر المقابلة يدور حول الأشخاص، فقد تواجه المزيد من التَّوتُّر عندما تكون قلقلاً من مقابلة شخصٍ ما أو مجموعةٍ من الأشخاص اللذين لا تحبهم، أو ربما تعتقد أنه لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم.
يمكن أن يحدث توتر المقابلة أيضاً إذا كان عملك ينطوي على الكثير من التفاعلات الشخصية مع الزبائن أو العملاء، ولاسيما إن كانت هذه المجموعة من العملاء بحالة ضائقة، فمثلاً يعاني الأطباء والأخصائيون الاجتماعيون من معدلاتٍ مرتفعةٍ من إجهاد المقابلة لأن الأشخاص اللذين يعملون معهم بشكلٍ روتيني لا يشعرون بحالةٍ جيدةٍ، أو يشعرون بالغضب الشديد.
يحدث هذا النوع من التَّوتُّر أيضاً بسبب " التواصل الزائد"، أي عندما نشعر بالإرهاق أو الانكماش نتيجة التفاعل والتعامل المتزايد مع الأشخاص.
إدارة توتر المقابلة:
نظراً لأنّ المقابلة أو المواجهة تُرَكّز بالكامل على الأشخاص فسوف تتمكن من إدارة هذا النوع من التَّوتُّر بشكلٍ أفضل من خلال العمل على مهارات الأشخاص لديك، ولمعرفة مدى جودة مهارات الناس لديك يمكنك الاطلاع على مقالتنا: "12 سؤال تختبر بهم معلومات موظفيك باحترافيَّة" والتعرف على المجالات التي تحتاج إلى تطويرها.
كما يُعَدُّ العمل على الذكاء العاطفي بدايةً جيدةً، ويعني الذكاء العاطفي القدرة في التعرف على المشاعر والاحتياجات والرغبات الخاصة بك وبالآخرين، وهذه المهارة هامةٌ للغاية في التفاعل مع الآخرين وبناء علاقاتٍ جيدةٍ.
من المهمّ أيضاً معرفة متى تصل إلى الحد الأقصى في قدرتك على التفاعل مع الآخرين، وكلّ شخص لديه أعراض مختلفة للتوتر، ولكنّ أحد الأعراض الشائعة هو الانسحاب نفسياً من الآخرين والعمل معهم بشكلٍ ميكانيكي، كما يوجد أعراضٌ شائعةٌ أخرى فقد تصبح غريب الأطوار، بارداً، وغير شخصيٍّ في تفاعلك مع الأخرين.
عندما تبدأ هذه الأعراض بالظهور عليك، افعل ما بوسعك لأخذ قسطٍ من الراحة، حيث يعد المشي وشرب الماء وممارسة تمارين التنفس العميق من الأساليب التي تساعدك للتغلب على هذا النوع من الإجهاد.
كما يُعَدُّ التعاطف من المهارات القيّمة في التعامل مع هذا التَّوتُّر لأنه يتيح لك إمكانية رؤية الموقف من منظور الشخص الأخر، وهذا يمنحك فهماً أكبر، ويساعدك على تنظيم اتصالاتك بحيث تتعامل مع مشاعر الشخص الآخر ورغباته واحتياجاته.
ملاحظة: يمكن أن تكون الغرابة والعزلة من أعراض التَّوتُّر، وإذا كنت شخصاً متحمساً، ومجتهداً، وملتزماً في عملك فتأكد أن تراقب نفسك جيداً وأن تتصرف لتجنب ذلك.
تحذير: يمكن أن يسبب التوتر مشاكل صحية حادة وفي حالاتٍ معينةٍ قد يسبب الموت، وعلى الرغم من أن تقنيات إدارة التَّوتُّر لها تأثيرٌ إيجابيٌّ للحد من التَّوتُّر، إلا أنها وُجِدت للإرشاد فقط، ويجب على القُرَّاء أخذ نصيحة المتخصصين الصحيين المؤهلين لهذا الغرض بحال كان لديهم أيّ مخاوف بشأن الأمراض المرتبطة بالتَّوتُّر، أو زيادة مستويات التَّوتُّر لديهم أو الشعور بالتعاسة.
كما يجب استشارة المهنيين الصحيين قبل إحداث أيّ تغييرٍ كبيرٍ في النظام الغذائي أو مستويات ممارسة الرياضة.
النقاط الرئيسية:
نشر الدكتور "كارل ألبريشت" (Karl Albrecht) نموذجه للأنواع الأربعة الشائعة من التَّوتُّر في كتابه "التَّوتُّر والمدير" عام 1979م، وهي:
- توتر الوقت.
- التَّوتُّر (التوقعي) الاستباقي.
- التَّوتُّر الموقفي.
- توتر المقابلة.
لأنّ كلّ شخصٍ يعاني من أعراض جسديةٍ وعاطفيّةٍ مختلفةٍ من التَّوتُّر، فمن المهمّ معرفة كيفية الاستجابة لكلٍّ منها، وعندما تتمكّن من معرفة نوع التَّوتُّر الذي تعاني منه يمكنك اتخاذ خطوات لإدارته بشكلٍ أكثر فعالية.
المصدر: مايند تولز
أضف تعليقاً