ويُذكَر منها ما يأتي:
- عدم التزام الفرد ببرامج اللياقة البدنية رغم حاجته لتحسين صحته الجسدية.
- استخدام الهواتف المحمولة لأوقات طويلة بدل الدراسة والتحضير للامتحانات.
- الاندفاع لخوض التجارب الجديدة أحياناً ومحاولة التملُّص منها في أحيان أُخرى.
يُنصَح بالاطِّلاع على نظريات الكفاءة الذاتية وفهمها والاستفادة منها في تنمية الحماسة والدافع للعمل والإنجاز.
نظرية التوقُّعات العقلانية:
اقترح كل من عالِمَي النفس "إدوارد تولمان" (Edward Tolman)، و"كورت ليفين" (Kurt Lewin) - اقتراحاً منفصلاً - نظرية التوقعات العقلانية في النصف الأول من القرن العشرين، وتفترض النظرية أنَّ مستوى الحماسة هو ناتج عملية حسابية تجري فيها المفاضلة بين الفوائد والتكاليف المتوقعة من القيام بفعل معيَّن ضمن العقل الباطن، وفيما يأتي معادلة حسابية لتقدير مستوى الحماسة وَفقَ النظرية:
الحماسة = الفوائد x احتمال تحقيقها – التكاليف:
فيما يأتي مثال عملي يشرح فكرة النظرية والمعادلة الحسابية:
مستوى حماسة الفرد لممارسة التمرينات الرياضية هو حصيلة ضرب الفوائد المتوقَّعة باحتمال تحقيقها مطروح منه تكاليف الجهود المطلوبة للالتزام ببرنامج اللياقة.
هذه التوقُّعات عقلانية كما يوحي اسم النظرية، وهي تفترض أنَّ افتقار الفرد للدافع والحماسة هو نتيجة منطقية لمعادلة حسابية مبنية على تفضيلاته، ويمكن أن يختار الفرد مشاهدة التلفاز بدل ممارسة التمرينات الرياضية؛ لأنَّه يفضِّل متابعة هذه العروض أكثر من الحصول على جسد رشيق ورياضي.
تتعلَّق المسألة بالتفضيلات والأولويات وهي حسابية ومبينة على المنطق بناءً كاملاً، وتفسِّر هذه النظرية مصدر حماسة الفرد بطريقة حسابية تقريبية، وهي تُعدُّ آلية بحتة تحاكي العمليات البرمجية التي تفاضل بين مجموعة من الخيارات المتاحة وترشِّح الخيار الأمثل.
نظرية حماسة الإنسان:
بيَّن عالِم النفس "ألبرت باندورا" أنَّ مستوى الحماسة لا يتعلَّق فقط بالنتيجة أو المكافأة المتوقَّعة من القيام بفعل معيَّن، بل إنَّه يعتمد على توفر القدرات والإمكانات اللازمة للقيام بهذه الأفعال، وبالعودة إلى مثال التمرينات الرياضية، يَفترض "باندورا" أنَّ النتائج التي يتوقَّع الفرد حدوثها لا تكفي لتحديد مستوى الحماسة، بل يجب النظر في القدرات والإمكانات التي يستطيع تخصيصها للقيام بالفعل المطلوب.
يؤدِّي غياب أحد هذين العاملين وهما المكافأة والقدرة إلى انخفاض مستوى حماسة الفرد، وتساعد نظرية الكفاءة الذاتية على تحديد سبب امتناع الفرد عن القيام بفعل معيَّن رغم حاجته لتحقيق النتائج المتوقعة منه، ويُذكَر من هذه الأمثلة ما يأتي:
- لا يتعلَّق مستوى الحماسة برغبة التخرُّج من الجامعة فقط، بل بثقة الفرد بقدرته على تعلُّم المواد وتقييمه لإمكاناته.
- لا يتعلَّق مستوى الحماسة برغبة الفرد في امتلاك عمل تجاري خاص به فحسب، بل إنَّه يعتمد بدرجة كبيرة على ثقته بقدرته على تحقيق النجاح.
- لا يتعلَّق مستوى الحماسة برغبة الفرد في تكوين علاقات مثمرة، بل إنَّه يعتمد بدرجة كبيرة على ثقته بقدرته على التعرُّف إلى الآخرين دون أن يتعرض للرفض.
يفترض العالِم "باندورا" أنَّ رغبة الفرد بتحقيق نتيجة معيَّنة غير كافية لتحفيزه ودفعه للقيام بالعمل المطلوب، بل يجب عليه أن يثق بقدرته على القيام بالأفعال المطلوبة للوصول لهذه النتيجة.
مفاهيم خاطئة عن موضوع الكفاءة الذاتية:
تنتشر كثير من المفاهيم الخاطئة عن موضوع الكفاءة الذاتية ويُذكَر منها ما يأتي:
1. الخلط بين مفهومَي الكفاءة الذاتية والتقدير الذاتي:
التقدير الذاتي هو إحساس الفرد بقيمته وأهميته، في حين يعبِّر مفهوم الكفاءة الذاتية عن ثقة الفرد بقدرته على تحقيق النجاح عند القيام بعمل ما، وقد يؤمن الفرد بأهميته وفائدته، لكنَّه لا يثق بقدرته على تعلُّم موضوع معيَّن.
2. الخلط بين مفهوم الذات والكفاءة الذاتية:
يشمل مفهوم الذات تصورات الفرد ونظرته تجاه نفسه، في حين تعبِّر الكفاءة الذاتية عن تقييم الفرد لقدرته على تأدية مجموعة من الأفعال.
3. الخلط بين مفهومَي الثقة بالنفس والكفاءة الذاتية:
يشرح "باندورا" أنَّ "الثقة بالنفس مصطلح عام يشير إلى يقين الفرد وإحساسه بأهميته، لكنَّه لا يحدِّد بالضرورة مصدر هذا الشعور، فقد يكون واثقاً من تعرُّضه للإخفاق في المحاولة التي سيقوم بها".
الكفاءة الذاتية نظرية أكاديمية، ولكن لدى جميع الأفراد تجارب سابقة مع هذا المفهوم، ويثق الفرد بإمكاناته في بعض تجارب حياته، لكنَّه يشكِّك في قدرته على تحقيق النجاح في تجارب أخرى، ويدرك الفرد تأثير هذه المعتقدات على مستوى حماسته.
شاهد بالفيديو: 6 طرق لتعزيز التحفيز الذاتي
مصدر الكفاءة الذاتية:
كشفت دراسات العالِم "باندورا" عن وجود 4 مصادر رئيسة للكفاءة الذاتية، وتنقسم إلى مجموعتين:
أولاً: مصادر غير مضمونة للكفاءة الذاتية
1. التحفيز الجسدي:
تشمل أعراض التحفيز الجسدي تعرُّق راحتَي اليدين، وتسارع نبضات القلب وشعور الرهبة والغثيان الذي ينتاب الفرد قبل إجراء امتحان مصيري، وتؤدِّي هذه الأعراض إلى إضعاف الأداء وفاعلية العمل.
2. الإقناع اللفظي:
تؤثر عبارات التحفيز والإحباط في أداء الفرد ومستوى كفاءته الذاتية، ولكن لا يمكن التعويل على تأثير هذه العوامل.
يوضِّح "باندورا" أنَّ تأثير المصدرين آنفي الذكر غير مضمون.
ثانياً: مصادر مضمونة للكفاءة الذاتية
1. التجربة غير المباشرة:
تزداد الكفاءة الذاتية عند مراقبة شخص يعمل على تأدية المَهمَّة المطلوبة، ويتعلَّم الفرد بهذه الحالة طريقة مضمونة لتنفيذ المَهمَّة ويُكرِّر الخطوات اللازمة لتحقيق النتيجة نفسها.
تساعد هذه الطريقة على تحفيز الفرد وتزويده بالدافع الذي يحتاج إليه للقيام بالفعل الذي لا يتجرأ على الإقدام عليه في الظروف العادية.
2. الإتقان الشخصي:
يتحسَّن مستوى الكفاءة الذاتية عند تحقيق النجاح في تأدية مَهمَّة معيَّنة، ويثق الفرد بقدرته على تحقيق النجاح في مجال تطوير البرمجيات عندما يبلي حسناً في صف البرمجة.
ترتفع مستويات الكفاءة الذاتية والحماسة والدافع للعمل على تحقيق الأهداف والطموحات عند الفرد الذي سبق أن حقَّق نجاحات شخصية وخاض تجارب غير مباشرة.
نتائج نظرية الكفاءة الذاتية:
فيما يأتي 3 نتائج لنظرية الكفاءة الذاتية:
1. تتولَّد الحماسة والحافز من النجاح:
يمكن أن يؤدِّي تكرار حالات الفشل في المراحل الأولى من التجربة إلى إحباط الفرد وتثبيط عزيمته ويشرح "باندورا" الفكرة على النحو الآتي:
عندما ينجح الفرد في إنجاز مَهمَّة معيَّنة، يزداد إحساسه بالكفاءة الذاتية والقدرة على تحقيق النجاح في التجارب المستقبلية، ولأنَّ هذه الإنجازات تعتمد على تجارب شخصية فردية، فإنَّها تُعدُّ أكثر مصداقية من المصادر الأخرى لتوقُّعات الكفاءة، وترفع النجاحات من توقعات الإتقان، في حين يؤدي تكرار التجارب الفاشلة إلى تخفيضها، خاصة عندما تحدث هذه العثرات في المراحل الأولى.
يرتفع مستوى توقُّعات الكفاءة عند تكرار التجارب الناجحة، ويصبح الفرد بفضلها قادراً على التعامل مع حالات الفشل العرضية، وقد يتعرَّض الفرد لتجارب فاشلة وينجح في التغلُّب عليها بجده ومثابرته، وهو ما يزيد من حماسته ودافعه وقدرته على تجاوز الصعوبات المستقبلية مهما بلغت شدتها.
تحدد مجموعة من العوامل تأثير الفشل في الكفاءة الشخصية، ويُذكَر منها توقيت الفشل ونمط التجارب التي يمرُّ بها الشخص، فيكوِّن الفرد خلال تجاربه توقعات الكفاءة الذاتية الخاصة به ويبدأ بتطبيقها وتعميمها على مناحي حياته والحالات المشابهة الأخرى.
يُنصَح بتحقيق مستوى معيَّن وثابت من النجاح والثقة بالنفس، للتَّغلب على مشكلة الكفاءة الذاتية المنخفضة، ويساعد هذا المستوى المرجعي على تعزيز الكفاءة الذاتية وزيادة فاعليتها عند التعرُّض للتحديات والأزمات، وسوف تدرك حينئذٍ أنَّك قادرٌ على تحقيق النجاح رغم الصعوبات التي تتعرَّض لها.
2. الثقة بالنفس قابلة للزيادة أو النقصان:
تشكِّل حسابات الكفاءة الذاتية حلقة تغذية راجعة إيجابية تتكون من المراحل الآتية:
- لديك مستوى معيَّن من الكفاءة الذاتية التي تؤهِّلك للقيام بعمل ما وتحقيق النتيجة المطلوبة.
- يرتفع مستوى كفاءتك الذاتية عند نجاحك في تحقيق النتيجة المطلوبة.
- سوف تصبح أكثر حماسة لتكرار الفعل في المرة المقبلة.
- تكرار العملية.
تصل الحماسة بعد عدة تكرارات إلى مستوى محدَّد، وهذا يفسر عدم حماسة الفرد لتأدية المهام التي يمتلك القدرة اللازمة للقيام بها مثل تنظيف الأطباق مثلاً، وينخفض مستوى الحماسة مع تدني الكفاءة الذاتية وفق المراحل الآتية:
- لديك مستوى معيَّن من الكفاءة الذاتية، فتقوم بعمل ما لكنَّك تفشل في تحقيق النتيجة المطلوبة.
- ينخفض مستوى الكفاءة الذاتية نتيجة عجزك عن تحقيق النتيجة المرجوة.
- تقلُّ حماستك عندما تكرِّر الفعل السابق مرة ثانية.
- تكرار العملية.
تنعدم الحماسة والدافع بعد عدة تكرارات، وعندها يتوقف الفرد عن المحاولة، وهذه النتيجة مألوفة لكلِّ فرد حاول تحقيق هدف ما لعدة مرات لكنَّه فَشِل وخسر حماسته ولم يعد يجرؤ على تكرار المحاولة.
3. التعلُّم من الآخرين وتحقيق النجاح:
الكفاءة الذاتية هي جزء من نظرية التعلم الاجتماعي التي وضعها العالِم "باندورا"، وفيها يفترض أنَّ الفرد يكتسب معظم المعلومات والمعارف من الآخرين، ويتعلَّم طريقة القيام بمعظم الأعمال والمهام عن طريق مراقبة سلوكات الآخرين وتكرارها، أي إنَّ الإنسان يستفيد من تجارب الآخرين أكثر من محاولاته الشخصية وتجاربه.
بناءً على ما سبق يمكن تنمية الكفاءة الذاتية عن طريقة دراسة تجارب الأشخاص الذين نجحوا في تحقيق الهدف الذي تسعى إليه، وتحديد القرارات والأفعال التي قاموا بها والدافع الكامن وراء كل واحد منها، والنجاح هو نتيجة منطقية تنجم عن مجموعة معيَّنة من القرارات والأفعال، وتساعد هذه الطريقة على تنمية الكفاءة الذاتية وشعور الحماسة والدافع للعمل على الأهداف الصعبة.
أضف تعليقاً