ما هي العلاقات السامة؟
العلاقات السامَّة تعدُّ من أكبر التحديات التي قد يواجهها الإنسان في مراحل حياته المختلفة، وإذ تُسبِّب له شعوراً بالوحدة وعدم الاستقرار المعنوي، فتلك العلاقات التي تُفقده الثقة بنفسه وتُضعف من معنوياته، وتُعرِّضه للهجوم الدائم وعدم التقدير، تؤدِّي بالتأكيد لتدهور حالته النفسية والبدنية، لذا من الضروري التعرُّف إلى مثل هذه العلاقات والتصدي لها بقوة لحماية أنفسنا منها.
تَظهر هذه العلاقات السامة في أماكن عملنا أو أنديتنا أو حتى داخل أسرنا، وقد تتفاقم بوجود اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب وغيرها، وهذا يتطلَّب مزيداً من الاهتمام والاعتناء، وكما يُعدُّ التنمُّر وإهانة الآخرين من الأمور المُساهمة في تدهور مثل هذه العلاقات وانهيار الحالة المعنوية.
كيف أعرف أنِّي في علاقة سامة؟
- تقديمك يفوق ما تتلقَّاه، الأمر الذي يجعلك تشعر بالاستغلال.
- إحساسك بعدم الاحترام وعدم استجابة الطرف الآخر لمطالبك.
- انعدام ثقتك بنفسك فيما يتعلَّق بالعلاقة.
- تشعر بعدم تفهُّم الطرف الآخر، وغياب الدعم أو الشعور بالتهديد دائماً.
- تكرار الشعور بنفاد الطاقة أو الغضب الشديد عند تفاعلك مع الطرف الآخر.
- عدم قدرتك على الشعور بالحرية والراحة في وجودك مع الطرف الآخر، والتركيز على تجنُّب المشكلات فقط.
- بذلُ كثير من الوقت والجهد في محاولات غير مُجدية لإسعاد الطرف الآخر.
- الشعور المتكرر بالخطأ وتحمُّل اللوم دون سبب واضح، حتى عندما يكون الخطأ من الطرف الآخر.
ما هي صفات الشخص السام؟
يشدِّد الخبراء على أهمية تحديد الأشخاص غير السامين في علاقاتنا، وتتميَّز هذه الشخصيات باجتماع صفات سلبية مثل الحقد والخداع، فكما تتبنَّى أسلوباً مدلَّلاً وملتوياً يستخدم كلاماً مغرياً، وللأسف، هؤلاء لا يعرفون الكلل بل يسعون لاستنزاف طاقتك وعواطفك.
يمكن التعرُّف إليهم من خلال تحليل كلامهم وتأثيره في مزاجك، فالكلام الخادع أو المليء بالنقد ولو كان مدسوساً بالتعابير الجميلة قد يشعرك بعدم الارتياح، فتعلَّم الاستماع لنبرة الصوت أيضاً ومدى احترام الآخر لمشاعرك.
أنماط العلاقة السامة:
تشير العلاقات السامة إلى أنماط العلاقات الضارة والمكروهة التي تكون سلبية، وتسبِّب ضرراً نفسياً وعاطفياً لك، وتوجد عدة أنماط للعلاقات السامة، ومن بينها:
1. علاقة الصداقة السامة:
من الممكن تحديد الأصدقاء السامين بسهولة من خلال مجموعة من الصفات التي يتمتَّعون بها، فمثلاً يتصرف الصديق السام بطرائق مُزعجة تجاهك ويتجاوز حدود الودِّ والاحترام عندما يتعامل معك، ويصطنع المواجهات والمناوشات الدفاعية، عندما يكون محتاجاً للصراحة والتواصل، وليس هذا فحسب، فالصديق السام أيضاً لا يُقدِّم لك الدعم والمساعدة، ولا يُبدي اهتماماً حقيقياً لمشكلاتك وهمومك، إضافة إلى ذلك، يشعر الصديق السام بالرغبة الدائمة في المنافسة والانزعاج عند نجاحك، وهذا يجعل العلاقة معه ذات طابع سامٍّ وضار.
2. العلاقات العائلية السامة:
تواجه بعض العائلات تحدياً يتمثل في وجود فرد سام ضمن أفرادها، وهذا الشخص السام يمكن التعرف إليه بسهولة من خلال سلوكاته المميَّزة، ويتبدَّد الشخص السام دائماً في مقارنة أفراد عائلته بالآخرين، ولا يشعر أبداً بالرضى تجاههم، ويعتقد هذا الشخص بأنَّه دائماً على صواب ويسعى إلى اتِّخاذ القرارات الخاصة المتعلِّقة بمصير الأفراد الآخرين في العائلة، إضافة إلى ذلك، يرفض هذا الشخص تعبير أفراد أسرته عن مشاعرهم السلبية والصعبة، ويستجيب لها بتعليقات سلبية وانتقادية، ويمارس المجاملات السطحية بلا مشاعر حقيقية.
3. علاقات العمل السامة:
يتصرَّف زميل العمل السام بطريقة تجعلك تشعر بأنَّ دوره في العمل أكثر أهمية من دورك، على الرغم من أنَّه يقوم بنفس الواجبات العملية، فيشعر هذا الزميل بالتفوق على الجميع ويستمتع بمحاولة إخبارك كيفية العمل، وأنَّه هو الوحيد الذي يعرف الطريقة الصحيحة، إضافة إلى ذلك، يتحدث الزميل السام عن زملائه في غيابهم وينشر الفتنة والتوتر بينهم، ويكون دائماً في حالة شك وقلق مستمر، وهذا يستنزف طاقة الفريق المحيط به بسبب استيائه المستمر.
4. علاقات اجتماعية سامة:
يتمتَّع الشخص السام بصفات اجتماعية تجعله يهوى السيطرة على من حوله، فينظر إلى العالم كأنَّه لعبة شطرنج يتحكَّم فيها وَفقَ رغبته، ويتميَّز بمهارة عالية في تزييف المشاعر والتظاهر بحبِّ الجميع، فيما يحاول في الحقيقة إقناعك بأنَّه مثالي، وعندما يدخل الشخص السام في علاقة حبٍّ، يبدأ في التصرف بطريقة مناقضة تماماً، فبعد أن يجذبك إليه من خلال التظاهر بالمثالية، يبدأ بتجاهلك وتقليل قيمتك، ويسعى إلى إبعادك بطرائق مؤلمة ومؤذية.
شاهد بالفيديو: كيف تعلم أنَّك في علاقة سامة؟
مخاطر العلاقات السامة على الصحة النفسية:
- تعمل العلاقات السامة على زيادة مستويات الإجهاد والتوتر، فإنَّك ستتعرَّض لضغوطات وتحديات عاطفية مستمرة تؤثر سلباً في صحتك النفسية.
- يمكن أن تؤدي العلاقات السامة إلى الاكتئاب، فتشعر بالحزن المستمر والتفكير السلبي، وهذا يؤثر في مزاجك ويقلِّل من رغبتك في المشاركة الاجتماعية.
- يتسبَّب العيش في علاقات سامة في انخفاض مستوى الثقة بالنفس، الأمر الذي يعطيك الشعور بعدم الكفاءة والقدرة على تحقيق النجاح واكتساب الحبِّ والاحترام.
- تؤدي العلاقات السامة إلى الاعتماد المفرط على الآخرين، فتصبح غير قادر على اتخاذ القرارات والقيام بالأشياء وحدك، وهذا يقيِّد استقلاليتك ويعوق تنمية مهاراتك الشخصية.
كيف أتخلص من العلاقات السامة؟
للتحرر من قيود العلاقة السامة، يجب أولاً أن تعترف بوجود المشكلة، ابدأ بتقييم العلاقة بصدق وشجاعة، واسأل نفسك عن الأثر الذي تتركه هذه العلاقة في صحتك النفسية والجسدية، فإذا وجدت أنَّ التأثير سلبي، فقد حان الوقت لوضع حدود واضحة، تعَّلم كيفية قول "لا" دون شعور بالذنب، وتمسَّك بقراراتك حتى لو حاول الطرف الآخر إقناعك بخلاف ذلك، فالاستقلالية في الفكر والعاطفة أمر حيوي لاستعادة السيطرة على حياتك.
لا تتردَّد في طلب الدعم من الأصدقاء الموثوق بهم أو المهنيين الذين يمكنهم توجيهك خلال هذه العملية الصعبة، وتذكَّر أنَّ الخروج من العلاقة السامة ليس فقط خطوة نحو السعادة، بل هو أيضاً تأكيد لقيمتك واحترامك لذاتك.
كيف أتعافى من العلاقات السامة؟
يتطلَّب التعافي من العلاقات السامة وقتاً وجهداً، ولكنَّها خطوة هامة نحو الشفاء العاطفي والنمو الشخصي، وفيما يأتي نعرض لك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها للتعافي من العلاقات السامة:
1. اكتشاف العلاقة السامة:
من الجيِّد أن تُعيد النظر في العلاقة وتحليلها بعناية، لكي تكتشف الأنماط السلبية والسامة التي كنت تعيشها، ويمكن أن تشمل هذه الأنماط التلاعب العاطفي، والسيطرة المفرطة، والإهانة، والاستغلال وممارسات أخرى مشابهة، ومن خلال فهم هذه الأنماط فهماً أفضلَ، ستكون قادراً على تحديد تأثيرها الضار في حياتك وصحتك العاطفية، كما أنَّك ستتمكَّن من العمل على إصلاح الضرر الذي تسبَّبت فيه هذه الأنماط وتسعى نحو الشفاء والنمو الشخصي.
2. قبول الواقع:
من الممكن أن يكون صعباً قبول حقيقة أنَّ العلاقة التي كنت فيها كانت سامَّة، ولكنَّ الاعتراف بهذه الحقيقة يعدُّ خطوة أساسية للتعافي، وتحتاج أيضاً إلى قبول فكرة أنَّك لا تمتلك القدرة على تغيير الشخص الآخر، وأنَّ الشفاء يجب أن يبدأ من داخلك، وفهم هذه الحقائق المؤلمة يساعدك على بناء أساس صحي للشفاء والنمو الشخصي، وبالتقبُّل الصادق للواقع، يمكنك تحرير نفسك من العبء النفسي والتوجُّه نحو مستقبل أكثر صحة وسعادة.
3. البحث عن الدعم:
من المفيد جداً أن تطلب الدعم والمساعدة من أصدقائك وأفراد عائلتك المقرَّبين خلال هذه الفترة الصعبة، ويمكن لهؤلاء الأشخاص أن يقدِّموا لك الدعم العاطفي والتشجيع الذي تحتاجه، إضافة إلى ذلك، يمكنك أن تفكِّر في الانضمام إلى مجموعة دعم تجمعك بأشخاص يمرون بتجارب مماثلة، أو استشارة مدرب عاطفي أو مستشار محترف للحصول على المساعدة المتخصصة، وهؤلاء الأشخاص المَهَرة قادرون على تزويدك بالأدوات والاستراتيجيات التي تساعدك على التعامل مع تأثير العلاقة السامة والشفاء منها.
4. العناية بنفسك:
أعطِ الأولوية لرعاية نفسك واهتمامك بها، وحاوِلْ أن تجعل الاهتمام بصحتك العقلية والجسدية أحد أولوياتك القصوى، فيمكنك تحقيق ذلك من خلال ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام لتعزيز لياقتك البدنية وتحسين حالتك المزاجية، إضافة إلى ذلك، حاوِلْ أن تتَّبع نظاماً غذائياً صحياً يتضمَّن تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية الضرورية لجسمك، ولا تنسَ أنَّ الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيِّد يؤدي دوراً هاماً في استعادة طاقتك واستقرار حالتك العاطفية، ويمكن أن تكون النشاطات الاسترخائية مثل اليوغا أو التأمُّل مفيدة أيضاً في تهدئة العقل وتخفيف التوتر والضغوطات النفسية.
5. تعلُّم وضع حدود:
من الضروري أن تتعلَّم كيفية وضع حدود صحية مع الآخرين، وعدم السماح لأنماط السلوك السامة بالتسلل مرة أخرى إلى حياتك، ويجب عليك تعزيز قدرتك على التعبير عن رغباتك واحتياجاتك بطريقة واضحة ومتوازنة، كما يمكنك الاستعانة بموارد خارجية مثل الكتب أو الدورات التدريبية التي تساعدك على تطوير قدرتك على وضع حدود صحية والتعامل مع السلوك السامي بطريقة فعَّالة.
6. العمل على الشفاء العاطفي:
يمكن أن تترك العلاقات السامة جروحاً عاطفية تحتاج إلى الشفاء، فمن الهام أن تسمح لنفسك بالشعور بالألم والغضب والحزن الذي قد تشعر به، فلا تكتم تلك المشاعر، بل حاول معالجتها بطرائق صحية، ويمكنك محاولة الكتابة اليومية للتعبير عن مشاعرك وتجربتك، فهي طريقة مفيدة لتخفيف الضغط العاطفي، إضافة إلى ذلك، يمكنك طلب الاستشارة العاطفية.
في الختام:
إنَّ العلاقات السامَّة هي كابوس يُخيِّم على حياة كثير من الناس، ولكن ثمة أمل وسبل للتخلُّص منها وبناء حياة أكثر سعادة وصحة، فلنتحدَّ العادات السلبية ونبدأ رحلة التحول نحو حياة أفضل، فقط بالشجاعة والإصرار والتفكير الإيجابي يمكننا أن نحقِّق ذلك، فلا تدَعْ العلاقات السامَّة تُعرقِل تطورك ونجاحك، بل اتَّخِذْ الخطوة الأولى نحو حياة أكثر سعادة وراحة.
أضف تعليقاً