كيف تتصرف إذا وجَّهَ إليك أحدُهم نقداً؟
أولاً: المحافظة على الهدوء
هل سبق لك أن تلقيت نقداً من مديرك في العمل، أو تلقيت نقداً من أحدهم في الطريق أو غيرها من المواقف، قد تكون ردة فعلك هي أن ترد النقد بالنقد والإهانة بالإهانة ولكنك لن تستفيد شيئاً، بل هذا سيفاقم الأمر، وقد تفقد أعصابك أنت، أو قد تتخذ موقفاً آخر، فهل هذا هو إعلان منك بفوزه؟
كلا بل إن أعظم نصر لك هو أن تحتفظ بهدوئك، حتى إنه في المثل المعروف بأن الكلمة الطيبة تخرج الثعبان من وكره، إن الكلمة الطيبة كالماء الذي يطفئ لهيب الغضب، وحتى إن بقيت هادئاً والآخر يصرخ عليك، ما إن تمر فترة حتى يشعر بسخفه لأنه يصرخ لوحده، فيتوقف عن الصراخ ويهدأ، فعليك إذاً عندما يوجه أحدهم نقداً إليك أن تصمت ليفرغ ما عنده أولاً ثم تقابل نقده بالهدوء والروية، وهذا سيعمل على تهدئتك أنت ويَحُوْل دون إثارة ثائرتك، كما أن مظهرك الهادئ سيضفي عليك منظراً من الهيبة ورباطة الجأش وقوة الشخصية.
وهذا ما يقره علم النفس التطبيقي، فعندما تكون على موقف يكاد أن يخرجك من طورك فتعمَّد أن تخفض صوتك وأن تهدئ الإيقاع، وهذا يشجع الطرف الآخر أن يخفض صوته أيضاً، وإذا تحرى الطرف الآخر الهدوء واللين في كلامه فمستحيل أن يظل ثائراً لفترة طويلة.
ثانياً: الاستفسار والاستفهام حول موضوع النقد الموجَّه
افصل بين نقده وهو كشخص مقدر ومحترم، وتلقى النقد أيضاً بفصله عنك كشخص محترم ومقدر، ولا تدافع عن نفسك أبداً لأنك إن دافعت عن نفسك فستخسر المعركة، كما يقول المثل من يحتاج لأن يدافع عن نفسه فهو إنسان ضعيف، فأنصاره وحلفاؤه هم من سيدافعون عنه، بل على العكس استفهم من الآخر عن نقده واتجه للرسالة خلف النقد وافهم ماذا يريد أن يقول لك ولا تركز على طريقته في النقد.
وكثير من النقد يكون غير موضوعياً وغير صادق، والناس ينتقدون ما ينقصهم فيريدون أن يجدوه في الآخرين، فلا عليك يا صديق، وفرق بين النقد الصادق الصحيح والنقد الجائر الذي لا يستند إلى الصحة، وفي كلا الحالات فعليك أن تحتفظ بهدوئك ولا تنفعل.
سألني أحدهم مرة ولكن إن انتقدني شخص أمام الجموع فإن هذا سيصيبني بالإحراج وقد تتزعزع مكانتي وموقفي بين الناس من نقده هذا؟ فقلت له إن نقده سيظل قائم وصحيح هذا، فعليك أن تستفهم منه أولاً ثم ترد فإن كان غيرك هو من أخطأ وليس الخطأ بخطئك فعليك ألا تقبل أن تلام على أخطاء الآخرين مهما كانوا حتى لو كان الخطأ صادر من رئيس مجلس الإدارة أو أي شخص فلن تقبل أن تلام على أخطاء أحد، وثانياً إن كنت أنت من قد أخطأ فعليك أن تتعامل مع الخطأ بالطبع بالرجوع لفصل التعامل إذا أخطأت.
ثالثاً: مواجهة الناقد بحقائق عنه
ولكن في حالات معينة يكون هذا الشخص مركز على أخطائك حتى يفقدك سيطرتك، ويقول أحد قوانين الإدارة من يفقد أعصابه فقد سيطرته، إذا عليك بالهدوء دائماً في مثل هذه المواقف.
ولكن ماذا تفعل إن تمادى هذا الشخص في النقد، وكما يقول عنه علماء تحليل الشخصيات بأنه يوجد شخص في الاجتماعات هو الشخص الذي يطلق عليه اسم “أنا لك في المرصاد”، ففي هذه الحالة عليك أن تجمع بعض المعلومات عنه وعن مشاكله، فإذا تجاوز حده فاضرب له بواحدة أو اثنتين فيعرفها دون أن يفهم الآخرون ماذا تقصد وفقط هو من يفهمها فيعرف كيف يصمت، وفي جميع الحالات عليك بالهدوء والروية.
وكما يقول الشافعي في أبيات له بليغة:
تعمدني بنصحك في انفرادي فإن النصح بين الناس نــوع فإن خالفتني وعصيت قولي |
وجنبني النصيحة في الجماعة من التوبيخ لا أرضى استماعه فلا تجزع إذا لم تعط طاعة |
وهو نوع من الأشخاص يسميه “ريك برينكمان” و”ريك كيرشنر” في كتابهما التعامل مع من لا تطيقهم، بأنه الشخص القناص الذي يختبئ في مكان ثم إذا به يقنصك ويصيدك ليجعلك في موقف الغبي، فاسأله أسئلة كشافة تظهره من مكانه الذي يختبئ به مثل وما علاقة ما تقول بموضوعنا وغيرها.
كيفية التعامل مع نماذج مختلفة من الناقدين:
أو قد يكون الشخص الدبابة الذي يسحق كل من أمامه، فعليك أن تكسب احترامه وتقترب منه دون خوف منه فتوقفه، أو قد يكون الشخص القنبلة الذي يكون هادئاً فينفجر فيك دفعة واحدة، فتآلف معه وتعاطف معه بدون أن تحمل نفسك الخطأ والمشكلة، فهدفك أن تسيطر على الموقف، وغيرها من أنواع الناس الذين ينقدون، فباستماعك كي تفهم تستطيع أن تتعامل مع أصعب الناس مراساً، وأن تتحدث لكي يفهمك الآخرون بهدوء وروية بعد أن ينتهوا من نقدهم.
وكما يقول تعالى “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” سورة النحل الآية 125.
فلا تقابل من يسيء لك بالإساءة بل دعه يرى النور المحمدي فيك، بأن تقابله بالهدوء وكأنها برداً وسلاماً، وتخرج أفضل ما فيه، فكن هادئاً عند تلقيك النقد.
أضف تعليقاً