ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان نيسون" (Evan Nison)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربة السماح للموظفين بالعمل عن بعد وفوائد هذه الآلية في العمل.
بالنسبة إلى شركتي كانت سياسة العمل عن بعد هي الأسهل دائماً وخياري الطبيعي؛ وذلك لأنَّني اختبرتُ بنفسي فوائد العمل عن بُعد، وانعكاسها على راحة الموظفين والإنتاجية والثقافة التنظيمية للشركة.
غيَّرت الجائحة النظرة العامة لمكان العمل، فكثير من الشركات طبَّقت سياسة العمل عن بعد للمرة الأولى، وحتى بعد أن أصبحَت اللقاحات متوفرة، فإنَّ الموظفين الذين يطالبون بالعمل عن بعد يزدادون يوماً بعد يوم، وبعضهم يترك وظيفته ليبحث عن وظائف تتيح له مرونة أكبر وسعادة أكبر، ويعيد الكثيرون النظر فيما يعنيه العمل بالنسبة إليهم وكيف يتم تقييم أدائهم وكيف يقضون وقتهم.
معلومة مؤكدة: عندما يكون الموظفون سعداء، فإنَّ هذا ينعكس انعكاساً إيجابياً ومباشراً على شركتك، فالشركات تزدهر عندما يشعرُ الموظفون بالرضا، وعلى الأغلب يشعر العملاء بالرضا أيضاً.
ومن خلال خبرتي سأقدم أربع طرائق لإنشاء ثقافة عمل عن بعد مُجدية، وتحقق التوازن بين عمل الموظف وحياته وسعادته عموماً:
1. السماح للموظفين باختيار توقيت ومكان العمل:
غالباً ما يسمح العمل عن بعد للموظفين باختيار توقيت عملهم بمرونة، فضع في حسبانك السماح لهم باختيار توقيت العمل الذي يكونون فيه على مستوى عالٍ من النشاط، طالما يمكن الاجتماع بهم ويلتزمون بتوقيت إنجاز المشاريع والمواعيد النهائية لإنجاز العمل.
إذا كان الموظف يفضل العمل نهاراً، فاسمح له بالعمل مبكراً، وإذا كان يفضل العمل مساءً، فاسمح له بالعمل في وقت متأخر؛ حيث تتيح مواعيد العمل المرنة للموظفين تنظيم مواعيد عملهم بما يتلاءم مع صحتهم النفسية، فهم يستطيعون مثلاً تخصيص وقت للمراجعات الطبية وتلقِّي استشارة طبية وأخذ الأدوية وغيرها، فالعمل عن بعد يعني أنَّ الموظف يستطيع العمل في أي مكان يفضله وليس فقط من المنزل.
توظِّف شركتنا أشخاصاً يعيشون ويتنقلون في كثير من المناطق عبر العالم؛ وذلك بفضل النظام الذي نعتمده في العمل عن بعد، وإمكانية حضور الاجتماعات باستخدام بعض الميزات بدءاً بمؤتمرات الفيديو وحتى المكالمات الهاتفية العادية، وهذا يسمح للموظفين المحبين للتنقل بأن يبقوا منتجين حتى لو كانوا مسافرين.
2. تشجيع التوازن بين الحياة والعمل:
شجِّع الموظفين على تخصيص الوقت للمحافظة على روتينهم وممارسة طقوسهم المنزلية، وقد يتضمن هذا أخذ استراحة لتحضير الغداء وممارسة الرياضة أو التأمل أو حتى القيام بنزهة خارج المنزل، وفي هذه الحال تكون لدى الموظفين خيارات أوسع من تلك التي يوفرها لهم جو المكتب لقضاء وقت الاستراحة.
تساعد الجدولة المرنة المؤسسات على أن تستوعب في وظائفها الطلاب والآباء وغيرهم ممن لديهم التزامات حياتية رئيسة، بالإضافة إلى الجداول الزمنية المرنة أُوصي بتفعيل سياسة داعمة عن طريق الإجازات، على سبيل المثال: تمنح شركتنا إجازة للآباء والموظفين الذين لديهم أطفال صغار، كما نُشجِّع الموظفين على العناية بالصحة النفسية خلال أيام الإجازة المأجورة.
شاهد بالفديو: الطريقة الصحيحة لإبقاء فريق العمل عن بعد على قدر عال من المسؤولية
3. السماح للموظفين بإنشاء بيئة العمل التي تناسبهم:
بالنسبة إلى العديد من الموظفين فإنَّ العمل عن بعد يساعدهم على الحد من عوامل التشتيت الشائعة في أماكن العمل التقليدية، وهذا بدوره يساعدهم على التركيز بشكل أفضل.
وفقاً لاستطلاع أجراه موقع "فليكس جوبز" (Flexjobs) في عام 2020 صرَّح 51% من المشاركين بأنَّهم كانوا أكثر إنتاجية في أثناء العمل من المنزل في فترة الجائحة، وحتى قبل الجائحة صرَّح العديد من الموظفين أنَّ العمل عن بعد يحقق إنتاجية أعلى.
استطلاع آخر أجراه موقع "فليكس جوبز" (Flexjobs) في عام 2018، وجد أنَّ الموظفين الذين مارسوا العمل عن بعد كان في مقدورهم تقليل التوتر وتحسين الإنتاجية؛ وذلك من خلال التقليل من التشتيت والمقاطعات التي يتسبب بها زملاء العمل؛ مما يسمح لهم بإنشاء بيئة عمل أكثر هدوءاً وراحة وخصوصية أو أكثر صخباً وفقاً لما يُفضِّلونه.
لكن يجب أن يؤخذ في الحسبان أنَّه يوجد مصادر للتشتيت في العمل من المنزل كالضجة من شركاء السكن أو الأطفال؛ ولذلك من الضروري على الرؤساء في هذه الحالة أن ينظروا بتعاطفٍ إلى وضع الموظفين، وأن يستوعبوا أنَّهم غالباً يطَّلِعون بمسؤوليات عدَّة في وقت واحد؛ وذلك لأنَّهم آباء أو طلاب وغيره بجانب عملهم.
شجِّع موظفيك على إنشاء مكان العمل الخاص بهم حتى لو كان مكاناً صغيراً؛ إذ نقوم في شركتنا بتعويض الموظفين عن النفقات التي يدفعونها، إذا أرادوا مثلاً شراء شاشة حاسوب إضافية أو تجهيزات أخرى للمكتب المنزلي، وعلى العكس أحياناً يكون من الأفضل الخروج من المنزل، فعندها نقوم بتأمين مستلزمات بيئة العمل ونعوضهم عن ثمن القهوة، ونشجعهم على تغيير بيئة العمل إلى ما يشبه المقهى بين الحين والآخر.
4. تشجيع الموظفين على الاستفادة من الوقت الفائض:
العمل من المنزل يعني أنَّك لن تقلق بشأن المواصلات مع ما يرافق ذلك من ضغوط؛ لذلك شجِّع موظفيك على ممارسة عادات يومية بعد العمل تساعدهم على إزالة الإجهاد، على سبيل المثال: عبَّر الكثير من موظفينا عن رغبتهم في قضاء وقت في الهواء الطلق بعد العمل، وممارسة نشاطات مثل التأمل والمشي وغيرها، ونحن نشجِّع ونشيد بهواياتهم ونشعر بالامتنان كوننا نقضي الوقت في تنمية اهتماماتنا بدلاً من إهدار الوقت في الذهاب والعودة من العمل.
يمكن أن يستفيد الموظفون وأرباب العمل على حد سواء من المرونة التي يمتاز بها العمل عن بعد، ومن خلال خبرتي رأيتُ أنَّ السماح للموظفين بالحصول على المزيد من المرونة والحرية لتحقيق التوازن بين العمل وحياتهم الشخصية ينعكس إيجاباً على جودة العمل وثقافة الشركة.
يبحث الكثير من ذوي المهارات العالية عن وظائف يمكنهم فيها العمل عن بعد، وفي كل مجال من مجالات العمل تقريباً، ويبقى على أرباب العمل اغتنام الفرصة؛ لذلك لا تفوِّت فرصة الاستفادة من الخبرات الرائعة بإلغائك لإمكانية العمل عن بعد مع ما يمثله من حافز لاستقطاب أصحاب المواهب؛ لذلك تقبَّل أنَّ المستقبل القادم هو للعمل عن بعد وغالباً سيستمر.
أضف تعليقاً