ماهو العقل الباطن؟
لقد عرّف العديد من علماء النفس العقل الباطن، ولكنَّ التعريف الأشمل له هو أنَّه الجزء الذي يُخزّن المعلومات التي لا تُخزن في العقل الواعي، ووظيفته تقتصر على جمع المعلومات وتخزينها ليُعيدها إلى العقل الواعي عند الحاجة إليها، والعقل الباطن لا يقوم بتصحيح المعلومات وإعادتها إلى العقل الواعي وذلك لأنّه لا يستطيع أن يُميّز بين الخير والشر وبين السلبي والإيجابي وهذه الوظيفة هي وظيفة العقل الواعي، والعقل الباطن يقوم فقط بحفظ تلك الأمور ليُصبح مركزاً للانفعالات.
وهناك بعض العلماء الذين عرَّفوا العقل الباطن بأنّهُ ما يدل على ترسّبات القمع النفسي داخل الإنسان، بحيث لا تصل للذاكرة، وهذه الترسّبات داخل العقل الباطن هي المُحفّزة للسلوك، بالإضافة إلى كونهِ مقرَّاً للغريزة الجنسيّة والخبرات المكبوتة.
الفرق بين العقل الباطن والعقل اللاواعي والعقل الواعي:
هناك التباس بين العقل الباطن والعقل اللاواعي، فالعقل له ثلاث مستويات تعمل بشكل متظافر وبطريقة معقَّدة حيث أنَّ كل مستوى يؤثِّر بالمستوى الآخر، فالعقل الباطني هو صلة الوصل بين العقلين الواعي واللاواعي، وهو الذي يُخزِّن مجموع الذكريات والخبرات الجديدة ويصبح بالإمكان استرجاعها.
وقد قام فرويد بتطوير نموذج بناء العقل، ووصف ميِّزاته ووظائفه، فشبه فرويد العقل بالجبل الجليدي لوصف المستويات الثلاثة من العقل، حيث يشكِّل الوعي ذروة الجبل، إلَّا أنَّ هناك الكثير من العمليات التي تتم تحت تلك القمّة دون أن نشعر بها أصلاً، وهو ما يُسمَّى بالتفكير اللاشعوري.
ووفقاً لجبل فرويد الجليدي فإنَّ مستويات العقل الثلاث هي:
- العقل الواعي: وهو ذروة الجبل، ويشبه قبطان السفينة الذي يقف على السطح ويوجِّه الأوامر، ويتواصل مع العالم من خلال الكلام، والكتابة، والفكر.
- العقل الباطن: وهو بمثابة طاقم السفينة الذي يوجد في الأسفل وهو المحرِّك الحقيقي للأحداث، فبالرغم من أنّ القبطان (العقل الواعي) هو الذي يُصدر الأوامر، إلَّا أنَّ الطاقم (العقل الباطن) هو الذي يوجِّه السفينة بحسب الأحداث والتجارب السابقة التي يحملها، فالعقل الباطن هو الذي يحمل تجاربنا ويقيس عليها ويحدِّد في الكثير من الأوقات ردَّة الفعل دون أن يستشير الوعي.
- العقل اللاواعي: ويقع في أسفل السفينة، وهو عبارة عن مساحة كبيرة وعميقة يصعب الوصول إليها. فالعقل اللاواعي هو مخزون ذكرياتنا وتجاربنا، سواءً تلك التي تمَّ قمعها، أم تلك التي تمَّ نسيانها ولم تعد مهمّة، وهذا المخزون هو الذي يشكِّل معتقداتنا، وعاداتنا، وسلوكياتنا.
ويتم التواصل بين اللاوعي والوعي من خلال المشاعر، والعواطف، والأحلام، والأحاسيس، وفي الحقيقة فإنَّ مُعظم محتويات اللاوعي غير مقبولة أو غير سارَّة، مثل الشعور بالألم أو القلق أو الصراع. وحسب فرويد فإنَّ اللاوعي لا يزال يؤثِّر على سلوكنا وخبرتنا، بالرغم من عدم إدراكنا لهذه التأثيرات الهامّة والأساسيّة.
كيف يعمل العقل الباطن؟
إنّ العقل الباطني للإنسان يعمل على مدار اليوم وحتّى أثناء النوم، وهو الذي يُساعد الإنسان للوصول إلى أهدافهِ المختلفة، وذلك بناءً على طريقة تفكيرهِ سواء كانت سلبيّة أو إيجابية وبناءً كذلك على قوة تلك الأهداف ووضوحها، فإذا لم يكن هناك هدفٌ واضح فلن يُساعد العقل الباطن في الوصول إليهِ، ويُمكن تلخيص عمل العقل الباطن ببعض النقاط الأساسيّة وهي:
- يقوم العقل الباطن بتخزين جميع ذكريات الإنسان، ويقوم بتحريك عواطف الإنسان ومشاعرهِ، ويعمل كمحرك للجسم بأكملهِ.
- يحتاج العقل الباطن لخطواتٍ واضحة يتبعها ليخدم الشخص ويعطيهِ طاقة كافية للوصول إلى هدفهِ المنشود.
- مسؤول عن صناعة العادات للإنسان، لهذا فإنّ تكرار العبارة لعدة مرات في اليوم يجعلها عادةً.
- يعمل العقل الباطن على أساس أنّ هناك أشياء كثيرة من الممكن للإنسان أن يتعلمها، ويقوم بمتابعة أي معلومة تأتي من العقل الواعي.
- يستطيع العقل الباطن أن يُميّز بين الأشياء التي من الممكن أن تنجح عن غيرها بشكلٍ عفوي، وذلك بسبب تخزينهِ للذكريات والمواقف.
- يعمل العقل الباطن باستخدام قاعدة الأقل جهداً، أي أنّ على الإنسان ألّا يُجبر عقله على الإبداع وأن يبقى هادئاً ومسترخياً.
- يزداد نشاط العقل الباطن بقدر ما يستخدمه الإنسان.
- يستطيع العقل الباطن أن يُواجه مختلف المشاكل التي تواجه الإنسان بشكلٍ آلي.
- يلعب العقل الباطن دوراً في مد الإنسان بالصبر الذي يجعله ينجح في الوصول إلى الأهداف والغايات.
العقل الباطن والنجاح:
(كيف يكون العقل الباطن شريكك في النجاح؟)
إنَّ المعنى الحقيقي والأعمق للنجاح هو تحقيقه في كل مجالات الحياة، فالنجاح هو فترة طويلة من السعادة والسلام والطمأنينة التي يعيشها الإنسان على هذه الأرض.
خطوات النجاح الثلاث:
1. الخطوة الأولى:
هي إيجاد الشيء الذي تحب أن تفعله ثمَّ تقوم به، فلا يمكن للمرء أن يُعتَبَر ناجحاً في عمله إذا كان لا يحبّه، وحتّى إذا كان كل من حوله يصفِّقون له على هذا النجاح، فإذا رغب أي شخص أن يكون طبيباً نفسانيّاً، فلن يكفيه الحصول على شهادة الطب النفسي وتعليقها على الجدار، بل إن كان متحمِّساً للأمر فسيرغب بمتابعة أحدث ما توصَّلت إليه الأبحاث في هذا المجال، وحضور المؤتمرات واستكمال دراسة العقل البشري وآلياته، والمواظبة على زيارة عيادات الأطباء الأخرى والاطلاع على أحدث ما تنشره المجلات العلمية. بعبارة أخرى سوف يعمل على معرفة أحدث ما توصّلت إليه الأبحاث وأحدث تقنيات العلاج النفسي، لأنَّه يضع في مقدِّمة أولوياته مصلحة مرضاه.
2. الخطوة الثانية:
هي التخصُّص في مجال عمل بعينه، والاجتهاد للتفوُّق والنجاح فيه، على سبيل المثال إذا اختار شاب التخصُّص في العمل في مجال الكيمياء، فيجب عليه أن يركِّز على فرع من فروع هذا المجال، وأن يمنحه كل وقته واهتمامه، ويجب أن يصبح متحمِّساً بما فيه الكفاية لمعرفة كل ما هو متاح بشأن هذا المجال، ويجب عليه أن يهتمّ بعمله بشدّة ويرغب في خدمة العالم من خلال هذا الفرع، فكلَّما زادت مكانة الفرد وأهميّته كان لزاماً عليه أن يخدم العالم بأسره.
3. الخطوة الثالثة:
وهي أهم خطوة، وتقضي بأن تتأكَّد من أنَّ الشيء الذي تريد أن تفعله لا يُضاف إلى نجاحك فقط، بمعنى ألَّا تكون رغبتك أنانيّة، أي يجب أن يكون نجاحك مفيداً للبشرية. فيجب أن ترسم طريق الدائرة الكاملة، بمعنى آخر: يجب أن توجِّه رغبتك نحو إسعاد وخدمة البشرية، وستعود عليك الفائدة مُضاعفة. أمَّا إذا كنت تعمل لمصلحتك الشخصيّة فقط، فإنّك لن تكمل تلك الدائرة الأساسيّة، وقد تعتقد أنَّك ناجح، وقد تبدو ناجحاً بالفعل، ولكنَّ تلك الدائرة الناقصة التي تدور حياتك فيها سوف تؤدِّي في النهاية إلى عجزك أو مرضك.
وأخيراً فإنَّ فكرة النجاح تحتوي على كل عناصر النجاح. ردد كلمة "النجاح" لنفسك باستمرار بإيمان واقتناع، وبذلك تُصبح تحت تأثير إجباري من عقلك الباطن لتحقيق النجاح.
قوانين العقل الباطن:
إذا أردنا معرفة طريقة عمل العقل الباطن وطريقة استخدامه لا بُدّ لنا أولاً من مَعرفة قوانين العقل الباطن والالتزام بها، فالعقل الباطن تحكمه ثمانية قوانين يجب علينا اتباعها إذا أردنا تحقيق ذاتنا. حيث توصّل العلماء إلى هذه القوانين وقام بعض الأشخاص بتطبيقها في حياتهم العلميّة والعمليّة وحصدوا نتائجها، وهي:
1. قانون التفكير المتساوي:
يقول هذا القانون أنَّ كل ما نفكِّر فيه يتَّسع وينتشر من نفس نوعه، ويضيف إليه أشياء مشابهة له. فلو أنَّك فكَّرت في القلق سيتّسع وينتشر من نفس نوعه ثمَّ يفتح الباب للقانون التالي فيجعلك محبطاً وقتاً ثمَّ حزيناً وقتاً آخر ثمّ متوتِّراً. وأيضاً يعمل القانون بنفس القوَّة والنشاط والحيويّة عندما تفكِّر بأمور إيجابيّة تنمِّيك وتساعدك على تحقيق أهدافك وأحلام حياتك.
2. قانون التركيز:
أيَّ شيء تركِّز عليه يجعلك تحكم عليه، وتشعر به فيلغي العقل كلَّ شيء آخر لكي يُفسح لك المجال أن تُعطي هذا الشيء حقّه ثمَّ يعمّم الموضوع فيجعله مستمرَّاً في الزمن وفي أي مكان ثمَّ يجعلك تتخيَّل ما ركَّزت عليه في المستقبل. فمثلاً: إن ركَّزت على التعاسة فسوف تشعر بمشاعر وأحاسيس سلبيَّة وسيكون حكمك على هذا الشيء سلبي، وبالمقابل فأنت إن ركَّزت على السعادة فسوف تشعر بمشاعر وأحاسيس إيجابيّة وسيلغي مخّك أيَّ شيء فيه تعاسة.
3. قانون المراسلات:
يقول هذا القانون أنَّ عالمك الداخلي هو السبب في عالمك الخارجي فيجعلك ترى العالم الخارجي من نفس نوع عالمك الداخلي. لذلك فإنَّ أيَّ شيء ستفكِّر فيه سيؤثِّر بدوره على ما تراه في العالم الخارجي.
4. قانون الانعكاس:
ويقول أنّ العالم الخارجي هو انعكاس لما يوجد في العالم الداخلي. فالحياة عبارة عن انعكاس لأفكارنا واعتقاداتنا ولكي تغيِّر حياتك فعليك أوَّلاً أن تغيِّر أفكارك واعتقاداتك. وعندما يحدث التغيير الإيجابي في داخلك ستجد العالم الخارجي ينعكس عليك من نفس النوع أي بشكلٍ إيجابي.
5. قانون التوقُّع والانجذاب:
ويقول هذا القانون أنَّ أيَّ شيء تفكر فيه وتتوقّعه وتربط به أحاسيسك ينجذب إليك من نفس نوع أفكارك واعتقادك وأيضاً بنفس الطريقة. فإذا أراد الإنسان أن يحصل على نتيجة مُختلفة فيجب عليه أوَّلاً أن يُحدِث التغيير في الفكرة الأساسيّة التي كوَّنت توقُّعه وجعلت قانون الانجذاب يعمل ضدّه.
6. قانون الاعتقاد:
ويقول هذا القانون أنَّ أيَّ شيء تعتقد أنَّه حقيقي بالنسبة لك يُحدِّد تصرفاتك وسلوكك بما يتماشى معه حتَّى لو كان هذا الشيء غير واقعي أو حقيقي. وكإشارة على قوَّة الاعتقاد هناك مثل عربي يقول لك "اعتقد في الحجر يشفك". فالاعتقاد هو القوَّة الراسخة التي تدعم الأفكار التي يختارها الانسان فتسبِّب له الأحاسيس والسلوك وأيضاً النتائج التي يحصل عليها وتجعل حياته تماماً كما يُفكِّر.
7. قانون السبب والنتيجة:
ويقول هذا القانون أنَّ الفعل يؤدِّي إلى نتيجة من نفس نوع الفعل ولن يَحدُث أي تغيير إلّا إذا حدث تغيير في الفعل نفسه. وقانون السبب والنتيجة يعمل إيجابيّاً أو سلبيّاً، فلو أردت أن تكون سعيداً ابحث عن الأشياء التي فعلتها في الماضي وجعلتك تشعر بالسعادة وكرِّر نفس الأسباب ستحصل على نفس النتيجة، ومن ناحية أخرى لو رَجعْتَ بأفكارك إلى الماضي وركَّزت انتباهك على تجربة سلبيّة ستجد أحاسيسك سلبيّة وأيضاً سلوكك سلبيّاً وكل مرّة تفكِّر في هذه التجربة بنفس الطريقة ستحصُل على نفس الإحساس بنفس الطريقة.
8. قانون التراكُم:
ويقول هذا القانون أنَّ أيَّ شيء تُفكِّر فيه يسجّله العقل ويفتح له ملفّاً خاصّاً من نفس نوعه ولو كرَّرت هذا التفكير سيتراكم في نفس الملف ويُسبِّب لك أحاسيس من نفس النوع حتَّى ولو لم تضعه بالفعل في العالم الخارجي. فقانون التراكُم هو أحد القوانين التي يُعطي قوَّة للملفّات الذهنيّة ويجعلها مخزَّنة بعمق في العقل الباطن. وكثيراً ما نسمع عن جرائم حدثت وكان سببها تكرار المعاملة السيئة.
وفي الحقيقة لو فهمنا قانون التراكُم وكيف يعمل، فإنَّه يمكننا أن نستخدمه لصالحنا لأنّه لا يمكن للإنسان أن يتعلَّم أيَّ شيء ويتقنه فعلاً إلّا إذا كرَّره أكثر من مرّة وأضاف إليه أحاسيسه، وبسبب هذا التكرار تتراكم المهارات في الملفّات الذهنيّة الخاصّة بها وتُساعد الإنسان على النمو والتقدُّم.
برمجة العقل الباطن:
1. قواعد برمجة العقل الباطن:
هناك عدد من القواعد الرئيسيّة لبرمجة العقل الباطني وهي:
- يجب أن تكون الرسائل التي توجّهها للعقل الباطن واضحة ومحدَّدة.
- يجب أن تكون رسائلك للعقل الباطن رسائل إيجابيّة لذلك ابتعد عن الأفكار السلبيّة تماماً.
- يجب أن تدل الرسائل التي توجّهها للعقل الباطن على الوقت الحالي.
- حاول أن تكون هذه الرسائل مترافقة مع إحساس قوي من قِبَلك ليتقبّلها عقلك الباطن ويتقبَّل مضمونها ويبرمجها عمليّاً.
- إنَّ التكرار قاعدة أساسيّة لتنجح ببرمجة العقل الباطن فهي من أهم الطرق لتثبيت البرمجة بشكلٍ صحيح، لذلك تذكَّر دائماً أن تقوم بتكرار الرسالة بشكلٍ دائم ليتم تخزين الفكرة في العقل الباطن وبالتالي تنمية العقل الباطن أكثر.
- تذكَّر مهما تأخّرت نتائج رسائلك فيجب عليك أن تثق بأنَّها حتماً ستتحقَّق.
2. طُرق برمجة العقل الباطن:
هُناك العديد من التساؤلات حول كيفيّة برمجة العقل الباطن وفي الحقيقة فهناك طريقة عمليّة وهامّة جدّاً وهي طريقة طرح الأسئلة الشخصيّة التي تُساعدك على برمجةِ عقلك الباطن.
- والقاعدة الأساسيّة التي تُساعد على تثبيت أيَّ فكرة في عقلك الباطن هي تكرار السؤال، لذلك فإنَّ طرحك أسئلة شخصيّة على نفسك بشكل متكرِّر ومستمر لا يترك خياراً أمام عقلك الباطن سوى أن ينتبه ويبدأ في إعداد الإجابات. فمثلاً إذا كان موضوع صحّتك أو أيَّ أمر آخر يهمّك فيمكنك أن تطرح على نفسك سؤالاً شخصيّاً صغيراً: (إذا كانت صحّتي أمراً مهماً بالنسبة لي، فما الأمر المختلف الذي يمكنني أن أقوم به اليوم؟) أو (ما هي الطرق التي يمكنني أتبعها للنهوض في وقت باكر صباحاً؟)، (ماهي الأساليب التي ستساعدني على المواظبة على قراءة الكتب).
وتذكَّر مهما كُنت مقتنعاً أنَّه لا وقت لديك للاهتمام بصحّتك أو اتّباع أيَّ عادةٍ أُخرى، فإنَّ طرحك هذه الأسئلة البسيطة على نفسك بشكلٍ مُستمر على مدى عدَّة أيام وبشكلٍ مُتكرِّر سيجعلك أكثر وعياً وإبداعاً للقيام بما تُريد، وستصل لطرق مُبتكرة لبرمجة عقلك الباطن، وإدراج العادات الجيّدة والمُفيدة في نظامك اليومي.
- ابتعد عن طرح أسئلة كبيرة جدّاً والتي تُثير الخوف لدى برمجتك لعقلك الباطن، واتّبع أسلوب الأسئلة الشخصيّة الالتفافيّة لبرمجة عقلك الباطن، مثال: كيف أُصبح مشهوراً؟ كيف أُصبح ثريّاً؟ …الخ. فهذه الأسئلة ستجعل العقل الباطن يشعر بالخوف، ويعجز عن الاستجابة بشكلٍ حُر مُبدع فيُعيق المسلك نحو المخ المركزي، وعليه لا نحصل على إجابة واضحة.
لذلك الجأ لطرح أسئلة شخصيّة صغيرة، والتي تسمح لك بالالتفاف حول مخاوفك كما تُتيح لعقلك الباطن التركيز على حل المشكلة، ومن ثمَّ اتخاذ الإجراءات، حيث يصحو العقل المركزي ويبدأ بالملاحظة ومعالجة السؤال ومن ثمَّ يُعِدُّ الإجابات فور استعداده، وقد يحدث ذلك في أيَّ وقت خلال اليوم، فقد يحدث أثناء الاستحمام، أو قيادة السيارة أو تناول الطعام.
- ومن الطُرق الهامة أيضاً لبرمجة العقل الباطن "طرح الأسئلة التحفيزية" ويُمكنك القيام بذلك من خلال طرح الأسئلة بالمقلوب على نفسك، وجعل صيغتها إيجابيّة، مثلاً: (لماذا أنا أمتلك الكثير من المال؟) قد يجعلك هذا السؤال تشعر بالحيرة فأنت لا تظن أنّك تمتلك الكثير من المال فعلاً، لذا قم بطرح هذا السؤال على نفسك واترك مهمّة الإجابة عليه لعقلك الباطن الذي حتماً سيجد لك الإجابة المناسبة، وسيجذب لك الحلول.
أمّا إن قلت لنفسك (أنا أمتلك الكثير من المال)، بدون استخدام صيغة السؤال فأنت ستكون حتماً غير مقتنع بهذه الجملة التقريريّة بالإضافة لذلك فإنَّ عقلك الباطن سيرفضها أيضاً، لذلك فإنَّ طرح التساؤلات الإيجابيّة حتماً سيعمل على تحفيز عقلك الباطن.
شاهد: 10 حقائق قد لاتعرفها عن العقل البشري
3. مخاطر البرمجة السلبيّة للعقل الباطن:
تحدَّثنا سابقاً على ضرورة طرح أسئلة بصيغة إيجابيّة على نفسك وعليه يجب الانتباه والابتعاد عن الأسئلة السلبيّة مثل:
- لماذا لا أنجح؟
- لماذا أنا فاشل؟
- لماذا لست محبوباً؟
- لماذا لا أستطيع تحقيق النجاح بعملي.
وغيرها من الأسئلة التي تُصيبك بالإحباط وتُبرمج عقلك الباطن الذي يقوم على تأكيدها وحفظها، فهذه النوعية من الأسئلة ستجذب اهتمام عقلك الباطن وبالتالي ستبرمجه بطريقة سلبيّة.
لذلك عندما يخطر في بالك تلك التساؤلات السلبيّة ننصحك بالقيام بنشاط ذهني بشكل يومي لعدَّة دقائق، وهو أن تسأل نفسك عن فعل إيجابي قُمت به، أو أي فكرة إيجابيّة تخطُر لك، ومع التكرار وخلال فترة قصيرة ستنجح في برمجة عقلك الباطن بأفكارٍ إيجابيّة، وستتخلَّص من الأفكار السلبيّة، كما أنَّ ذلك سيجعلك ترى المشاكل أصغر ممَّا كانت تُصوِّرها لك نفسك، وأنّ تصحيح أخطاءك ليس بالضرورة أن يكون عن طريق اللوم وذم النفس.
لذلك ماذا تنتظر؟ ابدأ من الآن، فسواءً كنت تريد الوصول لاكتشافٍ مُبْتَكَر، أو اتباع عادةٍ معيّنةٍ، أو تحسين فكرة أو تحقيق هدف، فيمكنك الوصول لذلك من خلال طرح الأسئلة الصغيرة على نفسك والتي ستكون بمثابة خطوة أولى نحو وصولك لما تحلم به.
برمجة العقل الباطن قبل النوم:
تُعتَبَر الدقائق الخمس التي تسبق نومك من أهم الأوقات في يومك، ففي هذا الوقت من كل يوم، يقوم عقلك الباطن بإخبارك بما تشعر به، كما يقوم بترسيخ حالتك المزاجيّة في اليوم الذي يليه، وفي الحقيقة فإنَّ العقل الباطن لا يملك القدرة على التمييز بين ما كنت تشعر به أثناء يقظتك، وبين ما تتمنّاه أو تتخيّله لذلك يمكنك أن تستفيد من ذلك، لأنَّ العقل الباطن يملك القدرة على التأثير على عقلك الواعي أثناء يقظتك.
لذلك ادفع عقلك الباطن للتفكير بشكل صحيح، فإذا شعرت بالنعاس وكنت على وشك أن تنام، اطرح على نفسك الأسئلة التالية:
- "كيف كنت سأشعر في حال تحقَّقت جميع رغباتي؟".
- "كيف كنت سأشعر في حال نجحت في دراستي أو عملي.. الخ".
ثمَّ تخيَّل مشاعر السعادة بما حقَّقت أو بأيّ تغيير قمت به أو نجاح حقَّقته إلى أن يَسقُط جسدك تماماً في النوم. اعمل على تكرار ذلك حتّى ترتسم صورة ذهنيّة جديدة تشمل التغييرات التي تخيّلتها. بهذه الطريقة ستقوم بإعادة برمجة عقلك الباطن للعمل بشكل إيجابي، بدلاً من برمجته على أفكار سلبيّة من خلال استرجاع مواقف أو مشاعر سلبيّة كالقلق أو الحزن أو الغضب وستترسّخ في عقلك الباطن وتؤثِّر على يومك التالي.
قد تُفكِّر في نفسك" "ماذا أفعل هذا سخيفٌ وغيرُ مُجدٍ"، "أنا لا أشعر بالسعادة أنا لست على ما يرام.. الخ"، لذلك عليك أن تتخلَّى نهائيّاً عن هذه الأفكار واعتبر أنَّ هذه الدقائق الخمس هي مساحتك الحرّة لتفكِّر بما تشاء.
واظب على هذه الطريقة بشكلٍ يومي وحتماً ستُلاحظ تغييراً في طريقة تفكيرك والمشاعر التي تشعر بها، فإذا كنت صادقاً وجادّاً فيما ترغب به، وواضحاً ومحدّداً فيما تريده، فتأكَّد أنَّ عقلك الباطن لن يخذلك أبداً.
وأخيراً انتبه من الأفكار السلبيّة قبل النوم ففي حال أتتك فكرة سلبيّة أوقف التفكير بها فوراً واستبدلها في الحال، ولا تسمح لها أن تبقى في عقلك الواعي أبداً وذلك من خلال عكس الفكرة بطريقة إيجابيّة. لذلك لا تسمح لنفسك بالنُعاس والدخول في حالة النوم إلّا بعد أن تفكِّر بشكلٍ إيجابي وتشعُر بمشاعرٍ إيجابيّة صادقة تجعلك تشعر بالراحة.
إنَّ المشاعر هي الأدوات التي يستعملها عقلك الباطن ويتأثَّر بها ويؤثِّر بالتالي على عقلك الواعي، لذلك حاول أن تستخدمها في برمجة عقلك الباطن بطريقة صحيحة تضمن لك أن تعيش الحياة التي تستحقّها.
كيفَ تُسيطر على العقل الباطن؟
- ممارسة الحديث الإيجابي مع النفس كتكرار بعض العبارات مثل: "أنا ناجح"، "أنا إنسانٌ سعيدٌ"، "أنا متفائلٌ"، "أنا متفوّقٌ".
- التفكير ببعض الأشياء الجميلة التي تسعدك وتمنح الاسترخاء لعقلك.
- رسم صور ذهنيّة جميلة في عقلك وتصورها بشكلٍ دائم.
- فكّر وبشكلٍ دائم بمحبة وعظمة الله سبحانه وتعالى لتحصل على الانسجام، والسكينة، والصحة النفسيّة.
- لا تتوقف عن تخيّل أحلامك وتصورها إلى أن تشعر بأنّها أصبحت حقيقة ملموسة في الواقع.
وأخيراً ننصحك أن تُحْسِنَ برمجة عقلك الباطن من خلال اتباع الطرق التي ذكرناها أو أيّ طريقة أخرى تفضلها، وحتماً ستنجح في الوصول لتحقيق أهدافك المهمة في الحياة.
أضف تعليقاً