لعلك تعيش على الأغلب، الحياة التي أرادها لك والداك وأساتذتك ومجتمعك؛ بدلاً من أن تعيش الحياة التي تحب أن تعيشها. فهل أنت على استعداد لتتحرَّر من ذلك الارتهان؟
إن كنت كذلك، فقد أتيت إلى المكان الصَّحيح؛ حيث سنتشارك معك خمس استراتيجيات تتيح لك الهروب من ذلك "السِّجن العقلي". لكن دعنا ننظر أولاً إلى ما يلي....
فوائد الثِّقة بالنَّفس:
إنَّ الكرم والتَّواضع من الخصال الرائعة التي يجب على كلِّ شخصٍ امتلاكها، ولكن إنَّ كونك متواضعاً لا يعني بأي حالٍ من الأحوال أن تسمح لأيِّ شخصٍ بأن يحول بينك وبين تحقيقك لأهدافك.
فمثلاً، لو كنت تعمل ضمن فريق، وتتولى مهاماً وراء الكواليس؛ فقد يمرّ عملك دون أن ينتبه إليه أحد. مما يعني أنَّك لن تحصل في الواقع على التَّقدير الذي تستحقه.
إنَّها إحدى مآسي هذه الحياة، لأنَّه إن لم يتم الاعتراف بجهودك، فلن يتذكرك أحدٌ عندما تُتَاح الفرص. لذا إن كنت غالباً تتصرف من مبدأ: "أنا لست جيداً بما يكفي لأداء كذا وكذا"، فالأفضل لك أن تتوقف عن ذلك فوراً.
وبدءاً من هذه اللحظة، إن أنت غيرت نظرتك لقدراتك الشَّخصية وركزت على نقاط قوتك، وقمت بتحسين (أو تفويض) نقاط ضعفك، فسوف تُعَزِّزُ ثقتك بشكل كبير، وهو ما سيترجم إلى وصولك لأهدافك.
لذا احرص على المجاهرة بما قد أنجزته، وأنا أضمن لك أنَّ موقفك الواثق هذا، سيعود عليك بما سيدهشك!
أولاً: قل وداعاً للقيود
هل غالباً ما تعيش مراحل حياتك معتقداً أنَّك لست ذكياً أو منضبطاً بما يكفي؟ وماذا عن الوقت؟ هل تشعر في كثير من الأحيان أنَّك لا تملك ما يكفي منه؟ حسناً، سبق لكل واحد منا وبكل تأكيد، أن شعر بهذا. لذا عليك اكتشاف وتطبيق تقنيات ديناميكية تسمح لك بالتَّحرر من قيودك تلك.
إنَّ الحديث الإيجابي عن الذات هو مثال واحدٌ عن إحدى هذه التقنيات. إنَّه أداة بسيطة -لكن فعالة- للخروج خارج صندوق أنماط التَّفكير المرتهنة والمألوفة لديك.
لكن، ما الذي نقصده بالضبط بـ "التَّشجيع الذاتي"؟
إنَّه الكلمات الإيجابية التي تخبر بها نفسك يوماً بعد يوم. لعلك قد تقول لنفسك مراراً وتكراراً "أنا لا أجيد القيام بـ كذا وكذا". لكن مع هذا الموقف المتغلغل في عقلك، ربما لن تصبح أبداً جيداً بما يكفي.
ولكن، كما يمكن أن تؤدي الأفكار السَّلبية إلى نتائج سلبية، يمكن للأفكار الإيجابية أن تقود أيضاً إلى نتائج إيجابية. باستخدام المثال أعلاه، غيِّر صياغة تلك الجملة إلى "أنا جيد بما يكفي للقيام بذلك"، وشاهد كيف سيقوم حديثك الإيجابي عن نفسك بتعزيز ثقتك بها، ومنحك القوة والشجاعة لتقول وداعاً لقيودك.
قد ترغب أيضاً في ممارسة طرق مجربة ومختبرة لرفع إيمانك بذاتك. أمور مثل: إيجاد الوقت الكافي لتعلُّم أشياء جديدة، وتحديد الأهداف والإدارة الفعالة للوقت.
ثانياً: لا تخف من التغيير
أنت راغبٌ في إحداث تغيير كبير في حياتك المهنية، لكنَّك تخشى أن يكون مآل الأمر إلى الفشل. كما وقد تكون راغباً في أن تطلب يد تلك الفتاة المميزة، لكنَّك تخشى أن تجابه بالرَّفض من قبلها. أو لعلَّك قد ترغب بالانتقال لكي تعيش قبالة السَّاحل، لكنَّك تخشى التَّخلي عن بيئتك المعتادة. هل يبدو لك ذلك أمراً مألوفاً؟ أعتقد أنَّ الإجابة هي "نعم"، لأنَّ الخوف من التَّغيير ربما يكون أحد أكثر الأمور التي تمنع الناس من الوصول لإمكاناتهم والقيام بالأشياء التي يتوقون للقيام بها شيوعاً.
سِرُّ التَّغلب على الخوف من التَّغيير هو أن نفهم أنَّنا إن أردنا تغيير حياتنا للأفضل؛ فعلينا أن نُجرِيَ تغييراتٍ على حياتنا. فبدون تغيير، لا شيء يتغير. الأمر بهذه البساطة. لكن على أرض الواقع، فإنَّ الخوف من التغيير هو في حقيقته المجرَّدة محضُ خوفٍ من المجهول. وبقولي هذا، أنا أدرك أنَّ المجهول يمكن أن يكونَ مكاناً مخيفاً بالنِّسبة لك. لكن هذا لا يَصُحُّ بالضرورة.
مجدداً، يتعلَّق الأمر بموقفنا ومنظورنا. فإن نحن تناولنا المجهول بروحٍ من التَّرقب؛ فلن نخاف منه بعد الآن. وستزول سطوته علينا إلى الأبد. مع هذا التَّغيير البسيط على عقليتك، يمكنك أن تجعل مخاوفك جزءاً من الماضي، وأن تبدأ عيشَ حياة تتبنَّى التَّغيير والفرصَ وترحب بها؛ حياة حقيقية ملؤها الحريَّة.
ثالثاً: ارسم صورةً في عقلك
هل تعلم أنَّ غالبيتنا يفكرون على هيئة صور؟ هذا صحيح. ففي حين أنَّنا نتكلم ونكتب بالكلمات، فإنَّ عقولنا تحول هذه الأشياء إلى صور.
فكِّر في بعض أهم ذكرياتك الخاصة؛ مثل يوم تخرجك، أو يوم ولادة مولودك الأول. هل الكلمات والجمل هي ما يتبادر إلى ذهنك؟ على الأغلب الأعم، لا. بل بدلاً من ذلك، ستقوم على الفور باستحضار صورٍ حيَّةٍ لتلك الأحداث. وليس مجرد صورٍ ثابتة، بل صور متحركة أقربَ ما تكون لمقاطع الفيديو.
بمجرد أن تفهم أنَّ العقل يعمل بالصور، فإنَّ مفتاح تغيير رأيك وحياتك أيضاً؛ هو تغيير الصور التي تضعها في عقلك حول المستقبل. فمثلاً، إن كنت تتخيل نفسك وباستمرار، عالقاً في وظيفتك، فعندئذٍ ربما سيؤول بك واقع الحالِ إلى ذلك! ولكن إذا ما بذلت جهوداً متضافرة ومستمرة لتصوّر نفسك في دور جديد يحفزك؛ فهذا هو المكان الذي من المرجح أن ينتهي بك الأمر فيه.
لربما تكون تُعْرَف هذه التقنية باسم "التَّصور". هذه التقنية، مضافاً إليها التقنيات الأخرى التي أشاركك إياها في هذا المقال، هي قطعةٌ هامَّة من أحجية النَّجاح. لذا ابدأ الآن ببناءِ صورة واضحة ومحددة عن المكان الذي ترغب أن تكون فيه خلال عامٍ واحدٍ من الآن. بمجرد ما أن تُكَوِّن تلك الصورة، استخدم عادةَ التِّكرار اليومي لترسيخها بقوة في عقلك الباطن (توقع أن يستغرق منك ذلك الأمر 30 يوماً على الأقل). قم بذلك، وسترى كيف تتحول صورك الذهنية تدريجياً إلى حقيقة ملموسة. أحب أن أدعو هذا بـ "السِّحر الحقيقي".
رابعاً: حَوّل انتكاساتك وعقباتك إلى فرص
توقّفْ للحظة، وفكر في الأيام القليلة الماضية. لا شكّ أنّه بالإضافةً للأمور الجيدة، هناك عدة مواقف مررت فيها ببعض الانتكاسات والعقبات. أشياء مثل:
- أن تجد نفسك عالقاً في ازدحامٍ مروري.
- يفوتك موعد نهائيٌّ في عملك.
- أن تتعرض لمشكلةٍ صحية أو مشكلةٍ عاطفية.
- أو أن تَحُطَّ -من غامضِ علمه- فاتورة غير متوقعة في صندوق بريدك.
هذا أمرٌ طبيعيٌّ تماماً. إذ جميعنا نمرُّ بأمورٍ مماثلة، وبصفةٍ منتظمة. لكنَّ الفرق بين الناجحين والفاشلين في هذه الحياة؛ هو أنَّ الفاشلين تغلبت عليهم تلك النكسات، بينما وجد الناجحون طريقة لجعل تلك الانتكاسات تدفعهم قُدُماً.
لا بدّ لنا هنا أن نسوقَ لك مثالاً سريعاً على ذلك:
- أنت في طريقك لإجراء مقابلة عملٍ من أجل إحدى الوظائف الهامَّة. وظيفة دائماً ما كنت تطمح للحصول عليها. لذا تقوم بتخصيص وقتٍ وافرٍ للمشي إلى محطة القطار، وركوب قطار سيتوقف ضمن ثلاث محطات، ومن ثم ركوب سيارة أجرة تقلك إلى المكتب الذي من المقرر أن تجري فيه تلك المقابلة.
- مرحلة السير مشياً على الأقدام تجري معك بشكلٍ جيد، لكن عندما تصل إلى محطة القطار، تفاجئ بأمرٍ مروِّع: لقد تمَّ إلغاء جميع الرحلات!
- أمامك الآن حلَّينِ لا ثالث لهما: إمَّا أن تصاب بالذعر؛ وربما تتصل بالشركة وتلغي أو تأخر موعد المقابلة. أو أن تُفكِّر بشكلٍ خلَّاق. هذه الوظيفة هي وظيفة أحلامك، ولا تريد أن تُفَوِّتَ على نفسك تلك المقابلة، ولا أن تُعطيَ الشركة صورة سلبيةً عنك.
- لذا تفكّر لبضع لحظات ثم تقرر إستراتيجية عملٍ مناسبة: ستدفع تكاليفَ باهظة لقاء ركوب سيارة أجرة تقلك طوال الطريق إلى مكان تلك المقابلة.
- سائق التاكسي شخصٌ كثير الكلام، لذا يسألك عن الغرض من زيارتك. فتخبره ببعض التفاصيل عن مقابلتك هذه، لتفاجأ به وهو يردُّ بشيء يثير دهشتك: إنَّه صديق لأحد الأشخاص ممَّن سيجرون معك تلك المقابلة. ويتابع الحديث عن مدى لطفهم وكيف ستنسجم معهم، للحدِّ الذي تشعرُ فيه براحة وتشعرُ بأنَّك جزء من ذلك الفريق بالفعل!
- تصل باكراً لمقابلة العمل تلك، وبسبب ذلك الدَّعم غير المتوقع -لكن المرحب به- من قبل صديقك سائق التاكسي، تتم المقابلة بسلاسة فائقة. وبعد بضعة أيام تشعر بسعادة غامرة عندما تتلقى مكالمة تُسألُ فيها متى يمكنك أن تباشر الوظيفة.
هل أوصى بك سائق التاكسي؟ ربما. لأنَّ هذا هو ما يحدث عندما ترفض الرضوخ للنَّكسات والعقبات.
نأمل أن تساعدك أساليب تحسين الذات التي أشرنا إليها في هذه المقالة على البدء في التَّحرر من قيودك، والخروج من ذلك السِّجن العقلي الذي وضعت نفسك فيه. لذا: ابنِ ثقتك بنفسك. وتقبَّل التَّغيير. وقم بهذه الخطوات الآن، وابدأ بعيش الحياة التي لطالما حلمت بها.
أضف تعليقاً