هل تبدو لك المقدمة مبالغٌ فيها؟ قد لا يبدو الأمر كذلك، لكنَّه سيكون منطقياً بينما تستمر في قراءة المقال الذي بين يديك.
إنَّ مهمة القائد توجيه مسار المرؤوسين وتحقيق أقصى استفادة من مهاراتهم ومساعدتهم على أن يصبحوا أفضل؛ حيث إنَّها مسؤولية كبيرة بما يكفي، وعلى القائد اتخاذ عشرات القرارات للوفاء بها، فإذا كان القائد غير قادر على اتخاذ قرار في الوقت المناسب، يمكن أن تتجه الكثير من الأمور في الاتجاه الخاطئ.
يتعين على المؤسسات مواجهة عواقب كل قرار يُتخذ خطأ من القادة بدون دراسة متأنية، ومع ذلك فإنَّ صنع القرار جزء لا يتجزأ من مسؤولية القيادة، فليس من الضروري اتخاذ القرارات فقط؛ إنَّما من الضروري أيضاً اتخاذ قرارات مناسبة بناءً على البصيرة والاستعداد لتحمُّل المسؤولية عن العواقب.
سنتحدث في هذا المقال عن ثلاثة محاور رئيسة:
- أسباب اتخاذ القرار وضرورته للمؤسسات.
- الأدوات والاستراتيجيات التي تساعد القائد على اتخاذ قرار ذي جودة عالية.
- أنماط القادة في اتخاذ القرارات.
في حين أنَّ بعض القادة سيكونون من صانعي القرار الحازمين ولديهم الاستعداد الفطري لاتخاذ القرارات بحزم، سيحتاج آخرون إلى تدريب ومتابعة لتطوير مهاراتهم في اتخاذ القرارات المطلوبة للقيادة الفعالة؛ حيث يجب أن يُمنحوا فرصة للحصول على تدريب مكثف على مهارات القيادة واتخاذ القرارات قبل أن يتولوا أدوارهم القيادية، فترددهم في اتخاذ القرارات يعني بالضرورة تراكم المشكلات وتأخيراً في الأداء.
ما هي أهم الأسباب التي يجب أن يتمتع القادة بها لاتِّخاذ القرار؟
فيما يلي الأسباب التي تجعل القادة بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على اتخاذ القرارات المناسبة وإظهار الحزم في وجهات النظر عند الحاجة:
1. الحفاظ على جو من الوضوح داخل الفريق:
الغموض وتأجيل القرارات يؤخر العمل ويصبح سبباً لإهدار الوقت والجهد والطاقات؛ حيث يجب على القائد التأكد من اكتمال جميع المهام في الوقت المناسب، وليضمن القائد ذلك يجب عليه الحفاظ على جو من الوضوح، بحيث لا يكون أي من أعضاء الفريق في حالة من الغموض.
عندما يشعر المرؤوسون بالغموض، فلن يؤدوا مهامهم أداءً صحيحاً، حتى أنَّهم قد يجدونها فرصة للحصول على وقتٍ للاستمتاع بدلاً من التركيز على العمل؛ لذا فإنَّ مهارة اتخاذ القرار تساعد القادة على الحفاظ على الشفافية من خلال الدقة والوضوح.
2. أخذ زمام المبادرة:
يتضمن روتين العمل اليومي اتخاذ إجراءات ومبادرات باستمرار، وما لم يتخذ القائد هذه المبادرات، فلن يتحرك أي عضو في فريق العمل ولن يكون أمامه مسار واضح؛ حيث يأخذ القائد زمام المبادرة بثقة لتحديد الاتجاه للآخرين لضمان عدم وجود انقسام داخل الفريق، ولا يمكن إنكار أنَّ المبادرات تتطلب الشجاعة والقوة العقلية؛ لذلك فإنَّ القائد الحازم فقط لديه هذه الصفات ليكون قادراً على اتخاذ الإجراءات المناسبة كلما لزم الأمر.
3. التعامل مع المواقف الصعبة:
تواجه كل منظمة أوقات اضطرابٍ، فهناك أوقات يتعيَّن فيها على القائد الاختيار بين الصواب والخطأ أو المفاضلة بين الخطأين الأقل ضرراً، وتسمى مثل هذه المواقف بالمعضلات الأخلاقية (Ethical Dilemmas)، ويطلب من القادة اختيار أهون الشرين؛ حيث يمكن لصانع القرار الجيد فقط أن يأخذ زمام المبادرة ويظل مستعداً لمواجهة عواقب أفعال فريقه، بمجرد نشر القرارات.
لا شك أنَّ مثل هذه المواقف تتطلب القوة والمرونة أمام المقاومة التي تأتي في طريق تنفيذ القرار، والقائد الجيد ذو الأعصاب القوية هو فقط القادر على اتخاذ خيارات صعبة، ومن ثم يحتاج القادة إلى قوة الأعصاب الضرورية لضمان القيادة الفعالة.
4. التعامل مع النزاعات داخل الفريق:
إنَّ التنوع جمالُ الحياة، وعندما يعمل البشر معاً، ستنشأ حتماً خلافات واختلافات، فالفريق الجيد ليس هو الفريق الذي لا توجد فيه صراعات على الإطلاق؛ إنَّما هو الذي يتجاوز كل هذه الأوقات ويرتفع فوق ذلك لتحقيق الأهداف التنظيمية بنجاح.
لكن المسؤول عن الحفاظ على استمرار المجموعة ومساعدتها على المضي قدماً بعد قبول جميع الاختلافات هو القائد؛ أي الشخص الذي يستمع للجميع في الفريق؛ ولذلك فإنَّ القائد الجيد يتمتع بالحكمة للمساعدة على صنع الاتفاق بعد الاستماع لمخاوف الطرفين واتخاذ القرارات النهائية لمعرفة طريقة وسط للتعايش والتفاهم المتبادل.
5. تجنُّب تحولات قيادة الفريق:
عندما لا يكون القادة حازمين أو قادرين على اتخاذ قرارات فعَّالة، تكون فرص استفادة مرؤوسيهم أكبر من ذلك، وعندما لا يقوم القادة بتنفيذ مسؤوليتهم تنفيذاً صحيحاً، يصبح الأمر أسهل بالنسبة إلى أعضاء الفريق من التسلسل الهرمي للارتقاء فوقهم واستبدالهم أيضاً.
بغض النظر عن مدى خبرة الشخص في مهنته، إذا لم يستطع أن يكون حازماً في قراراته، فسوف يواجه صعوبة في الأدوار القيادية؛ لذلك من الضروري تحسين مهارات الحزم لتصبح قائداً حقيقياً.
6. القدرة على تحليل البدائل:
ما يحدث للقادة غالباً أنَّه يتعين عليهم الاختيار من بين أكثر من خيار واحد معقول في الشؤون التنظيمية اليومية، وكونك قائداً، فقد تتأرجح القرارات في ذهنك بين بديلين، لنفترض أنَّ لكليهما ميزة لفريقك أو مؤسستك، ولكن يمكنك اختيار واحد فقط، فالشخص الذي يفتقر إلى القوة لاتخاذ قرارات سريعة ومنطقية سيضيِّع الوقت ويبقى غير واضح بشأن الموقف.
في مثل هذه الحالات، فقط القادة الجيدون سيكونون قادرين على أن يكونوا صُناع قرار جيدين ويختارون بسرعة دون الشعور بالحاجة إلى إعادة النظر في قرارهم مرات ومرات، وقد تواجه مثل هذه المواقف، بين الحين والآخر في أثناء قيادتك؛ لذلك من الأفضل أن تظل مستعداً بدلاً من الندم والحسرة لاحقاً.
القادة الفعالون يتخذون القرارات بسرعة وبدرجة جيدة من الجودة، فقد لا تكون دائماً القرارات صحيحة، لكنَّ أفضل القادة لديهم الانضباط والثقة لاتخاذ العديد من القرارات الصغيرة والكبيرة يومياً من أجل المضي قدماً في أعمالهم، فالتردد قد يقتل وتيرة عمل المؤسسات ويثبط الهمم والمبادرات، فكيف يفعلون ذلك دون أن يوقفهم الخوف والشك؟ والسؤال الأهم؛ هل القائد قادر على اتخاذ كافة القرارات بالقدرة نفسها من الجودة؟
الأدوات والاستراتيجيات التي تساعد القائد على اتخاذ قرار ذي جودة عالية:
دعونا نؤكد أنَّنا لا نتصور قادة بدون أخطاء فهم بشر ولديهم نسبة من الخطأ ولكنَّهم من الذكاء أن يمتلكوا أدواتٍ تقود إلى أفضل القرارات بأقل الخسائر، وإليك مجموعة النصائح المستمدة من الأدوات والاستراتيجيات التي يستخدمها القادة من أجل اتخاذ قرارات مناسبة وتقلل أخطاءهم وتجعلهم أكثر ثقة:
1. أحط نفسك بمستشارين ممتازين:
كما أخبرت جيسيكا ألبا (Jessica Alba) مجلة فوربس (Forbes): "ليس من مصلحتكَ أبداً أن تكون أذكى شخص في الغرفة".
أنت ذكي بالفريق الذي تحيط نفسك به؛ لذا تأكد من معرفة نقاط ضعفك ووظِّف أشخاصاً يستطيعون ملء هذه الفجوات المعرفية، كما يجب أن يكون لديك خبراء موثوق بهم لتقديم المشورة لك عندما يتعين عليك اتخاذ قرارات خارج منطقة راحتك، ومستشارون ممتازون يناقشون أفكارك وقراراتك للوصول إلى أفضل تلاقح للأفكار؛ فأنت تريد أقراناً يتحدون اختياراتك وينتقدون قراراتك داخلياً قبل تعميمها حتى تتخذ أفضل القرارات، ولا تفرح بمن يوافقك الرأي في كافة القرارات؛ فأنت لست بحاجة إلى هؤلاء حقاً.
2. أنجز قراراتك الكبيرة والمرهِقة أولاً:
يعدُّ التسويف أحد أكبر التحديات التي يواجهها القادة، فالمشكلة أنَّنا غالباً ما نؤجل أو نتجنَّب ما نخاف منه؛ لذا حاول أولاً معالجة المشكلات المسببة للقلق حتى تقضي عليها في مهدها وتمنع هذا التوتر من التقرح ومن أن يصبح أكثر إزعاجاً، ومن الملاحظات المتكررة؛ أنَّنا نميل أيضاً إلى تأجيل القرارات العادية أو الأقل إثارة من غيرها؛ لذا لا تدع "القرارات المملة" تعوقك.
على سبيل المثال، إذا كان عليك اتخاذ العديد من القرارات الروتينية قبل بدء موسم الصيف مثل الإجازات وتقليل ساعات العمل وتعديل مواعيد المناوبات، فلا تضعها في نهاية قائمتك حتى تصبح في طي النسيان ثم تتفاجأ بحاجتك إلى اتخاذ قرارات سريعة وغير مدروسة في اللحظة الأخيرة، ففي عالم الأعمال، إنَّ التحديات الأقل سحراً لا تقل أهمية عن التحديات الأكثر روعة وإثارة.
3. استمع للانتقادات بصدر رحب:
لكي تكون قائداً فعالاً يتخذ قرارات إيجابية، يجب أن تكون منفتحاً على النقد البنَّاء؛ لذا دائماً اسأل نفسك وأعضاء فريقك كيف يمكننا تحسين قراراتنا؟ وبعد ذلك ضع استراتيجية لكيفية الاستفادة من الانتقادات والتعليقات التي تتلقاها، على سبيل المثال، إذا سمعت أنَّ قراراً ما، على الرغم من أنَّه سليم، لم يُوضَّح بسهولة للفريق أو الأفراد ولم تُفهم أبعاده بالدقة التي ترغب فيها؛ فمن الحكمة والذكاء القيادي عقد ورشة أو جلسة توضيحية تشرح فيها القرار وأبعاده والإجابة عن الأسئلة التي يدور حولها الخلاف ويحيط بها الغموض.
هذه الممارسات تفيد في تحقيق الشفافية وتُشعر الآخرين بأهميتهم وأنَّ صوتهم مسموع ومُرحَّب به في أرجاء المؤسسة.
4. لا تنسَ القرارات الاستراتيجية:
يتخذ القادة قرارات لا تُعَدُّ ولا تُحصى على أساس يومي، ومعظمها تتم في ظل زحمة الأعمال اليومية وبأقل قدر من المعلومات؛ حيث يتذكر القائد المحنك في ظل وفرة القرارات؛ القرارات الاستراتيجية ولا يسمح لنفسه أن يتغافل عنها.
قد يكون من الصعب تذكُّر أهداف طويلة الأمد عندما يواجه القائد العشرات من القرارات الصغيرة كل يوم، ولكن يظل جزء أصيل من دور القائد التحقق دورياً من أنَّ الأهداف الاستراتيجية هي من تقود أداء المؤسسة في الاتجاه الصحيح، وكقائد يجب أن تكون قادراً على رؤية التفاصيل والمشكلات الفردية دون أن تغفل عن رؤية الصورة الكبيرة في مؤسستك.
5. مارِس ضبط النفس العاطفي:
بغض النظر عن مدى ارتباكك أو ترددك أو خوفك، لا تُظهِر لفريقك غير الهدوء والتفاؤل والنظرة الإيجابية، فأنت كقائد تمتلك مفتاح معنويات الفريق ورباطة جأشه؛ لذا تأكد من ضبط ذكائك العاطفي بحيث تخلق بيئة يزدهر فيها الموظفين، فالقائد المرهق أو الغاضب أو القلِق يجعل بيئة العمل صعبة، ويؤدي إلى فقدان ثقة الفريق بقدرته على اتخاذ القرار.
تتطلب بيئة الأعمال أفضل سلوك لدينا وفي جميع الأوقات، فقد تتفهم الزوجة والأبناء ولربما الأصدقاء مشاعرك وانفعالاتك، ولكن لا يسري هذا القانون في بيئة أعمال تغلب عليها المنافسة الشرسة.
6. تذكَّر مهارات التواصل؛ الجوهرة الذهبية في عالم الأعمال:
يمكن أن يكون القائد عبقرياً في صنع القرار، ولكن إذا لم يتمكن من توضيح كيفية ربط القرار مع الأهداف الاستراتيجية وتوافقه التنظيمي مع رؤية المؤسسة، فسيفقد القرار قوَّته وتأثيره.
إنَّ القدرة على توصيل فكر القائد وتفكيره الاستراتيجي توصيلاً فعالاً وربط ذلك برؤية المؤسسة أيضاً أداةٌ أساسية لاتخاذ القرارات، وقد نجد أنَّ بعض القادة يُقيدهم الوقت الذي يقضونه في كل قرار يصدرونه؛ وذلك حرصاً منهم على تلبية احتياجات مؤسستهم، وللقيام بذلك، تحتاج إلى تقييم المشكلة بوضوح، وتحديد الخيارات، وتعيين منهجية لاختيار الأفضل؛ لذا اجعل فريقك جزءاً من عملية صنع القرار من خلال إبقائه في حلقة صنع القرار.
على الرغم مما تحدَّثنا عنه أنَّ القائد ينبغي أن يحيط نفسه بمجموعة من الأدوات والاستراتيجيات تساعده على اتخاذ قرار ذي جودة؛ إلا أنَّنا لا يسعنا أن نهمل ميلنا دائماً –نحن البشر– في قراراتنا إلى نمط معين يغلب علينا.
ما هي أنماط القادة في اتخاذ القرارات؟
اعرف متى تستخدم الأساليب المختلفة لصنع القرار، ومتى يحين الوقت لتجربة نهج مختلف، فالمرونة هي سمة القائد الذي يتخذ قرارات صحيحة؛ حيث يعتقد الكثير من الناس أنَّ اتخاذ القرار نتيجةٌ شخصيةٌ وليس خياراً استراتيجياً، ومع ذلك يحتاج القادة إلى فهْم أنَّ الشخصية لا يمكن أن تقف في طريق اتخاذ قرارات مؤسسية حازمة، فيمكن للقادة الناجحين تغيير نهجهم في اتخاذ القرار لاستيعاب متطلبات مواقف العمل المتنوعة.
نتحدث هنا عن أربعة أنماط رئيسة في اتخاذ القرار والتي يمكن للقائد الانتقال بينها، مبدياً مرونة عالية، ومتوافقاً مع احتياجات العمل:
1. صنع القرار التوجيهي – المباشر (Directive decision-making):
يضع صانع القرار التوجيهي إيجابيات وسلبيات الموقف بناءً على ما يعرفه بالفعل، وصُناع القرار الموجهين عقلانيون للغاية ولديهم قدرة منخفضة على تحمُّل الغموض، وبدلاً من الذهاب إلى آخرين –سواء خبراء أم زملاء أم اختصاصين– للحصول على المزيد من المعلومات؛ يكون مصدر قراراتهم متجذراً ونابعاً من معرفتهم وخبرتهم ومنطقهم، ويتمثل الجانب الإيجابي لهذا الأسلوب في سرعة اتخاذ القرار، وملكيته الواضحة، والتي لا تتطلب تواصلاً إضافياً مع الآخرين؛ بينما يتمثل الجانب السلبي منه كونه -في بعض الأحيان- تُتَّخذ القرارات اتخاذاً اندفاعياً ومتسرعاً دون جمع كافة المعلومات اللازمة، ولا يأخذ بالحسبان آراء الآخرين.
متى يستخدم القائد نمط اتخاذ القرار التوجيهي؟
ينجح هذا النمط من اتخاذ القرار جيداً في المواقف التي تتميز بالاستقرار والأنماط المتكررة والأحداث المتسقة الروتينية، فهذا النمط من القرارات فعَّال للحالات التي توجد فيها علاقة واضحة وغير متنازع عليها بين السبب والنتيجة (cause-and-effect relationship)؛ بمعنى آخر، الإجابة الصحيحة موجودة وتُفهم فهْماً جماعياً.
دور القائد في اتخاذ القرار التوجيهي:
يحتاج القائد إلى الإحساس بالموقف والقدرة على تصنيفه، بحيث يدعو الموقف بوضوح إلى اتخاذ قرار مباشر والاستجابة استجابةً سريعةً دون الحاجة إلى استشارة الآخرين، كما يوجد نقطة أخرى تدعم هذا التوجه، وهي وجود "أفضل الممارسات" (Best Practice) المعمول بها في العمليات وجوداً متكرراً؛ فهو يعطي القائد مرجعية مريحة لاتخاذ قرار توجيهي بثقة وقوة، مع الأخذ بالحسبان عند تصنيف الموقف، ينبغي أن يقف القائد مع نفسه وقفة تأمل ويسأل: هل هذا قرار توجيهي ويجب اتخاذه؟ وهل لدي كل المعلومات المطلوبة لاتخاذ هذا القرار؟
قد يقوم القائد بتفويض المهام إذا لزم الأمر، مع مراعاة شروط التفويض الصحيحة؛ حيث إنَّ مهمته أن يفهم متى يكون التواصل مع الآخرين غير ضروري وأن يتخذ قرارات مباشرة بناءً على المعلومات المتوفرة لديه بالفعل.
متى ينبغي للقائد أن يفكر في استخدام نمط آخر غير النمط التوجيهي؟
عندما تجري العمليات بسلاسة، يكون من السهل على القادة الوقوع ضحية الرضا عن الذات والاعتقاد بأنَّ زمام الأمور كلها في يد القائد، بينما في الحقيقة، يحتاج القادة إلى الانتباه إلى التعقيد والمتغيرات لمواقف معينة، وواحدة من أهم العلامات؛ إذا بدأ القائد باستخدام قرارات موجهة من أجل معالجة القرارات المعقدة؛ فإنَّه بحاجة إلى تغيير نمطه والتفكير في أنماط أخرى.
2. اتخاذ القرارات التحليلية – شامل (Analytic decision-making):
يختبر ويحلل صُناع القرار التحليليون الكثير من المعلومات قبل اتخاذ قراراتهم، على سبيل المثال، يعتمد القادة التحليليون على الملاحظة المباشرة والبيانات والحقائق لدعم قراراتهم وقد يراجعون السجلات والوثائق وكل ما له صلة بموضوع القرار، ومع ذلك على عكس صانعي القرار التوجيهيين، سيطلب صانع القرار التحليلي المعلومات والمشورة من الآخرين – سواء أَكانوا خبراء أم زملاء أم اختصاصين - لتأكيد أو نفي معرفتهم.
يتمتع صانع القرار التحليلي بدرجة عالية من القدرة على تحمُّل الغموض وقابلية عالية للتكيف مع المتغيرات، لكنَّه يرغب في التحكم بمعظم جوانب عملية اتخاذ القرار، ويعدُّ هذا النمط نهجاً شاملاً لاتخاذ القرار، لكنَّه قد يستغرق وقتاً طويلاً.
متى تستخدم اتخاذ القرار التحليلي؟
القرارات التحليلية مفيدة في المواقف التي قد يكون فيها أكثر من إجابة واحدة صحيحة، ويُستخدَم هذا النمط من اتخاذ القرار لحل مشكلات تكون فيها العلاقة بين السبب والنتيجة غير واضحة ولا تظهر على الفور وتحتاج إلى الكثير من البيانات والمعلومات للوصول إليها، وفي المقام الأول أنت تستخدم هذا الأسلوب لاستكشاف العديد من الخيارات أو الحلول واستخدام الإدارة القائمة على الحقائق لتوجيه الإجراء المناسب.
ما هو دور القائد في اتخاذ القرار التحليلي؟
على عكس اتخاذ القرار التوجيهي، يحتاج القادة إلى تحليل جميع المعلومات المتاحة لهم قبل اتخاذ قرار بشأن مسار العمل، فمن المفيد تجميع فريق من خبراء الصناعة للمساعدة على اتخاذ القرارات التحليلية، ومع ذلك يحتاج هؤلاء القادة إلى النظر في النصائح والأفكار المتضاربة علنياً، وإجراء المقارنات المناسبة بين المعلومات المتضاربة وصولا إلى المعلومة الأقرب وذات المصداقية الأعلى، وفي الوقت نفسه، يحتاج القادة إلى مراعاة وجهات نظر غير الخبراء أيضاً من أجل تحقيق أقصى استفادة من عملية اتخاذ القرار التحليلي.
متى ينبغي على القائد أن يفكر في استخدام نمط آخر غير النمط التحليلي؟
من أهم علامات التحذير من الإفراط في استخدام أسلوب القرار التحليلي هو الشلل التحليلي (Analysis paralysis)، فإذا وجد القائد نفسه يعمل في حالة من الإفراط في التحليل أو الإفراط في التفكير دون اتخاذ إجراء أو التوصل إلى قرار؛ فأنَّه بحاجة إلى التخلي عن هذا النهج.
3. صنع القرار المفاهيمي (Conceptual decision-making):
يأخذ أسلوب صنع القرار المفاهيمي نهجاً اجتماعياً أكثر مقارنة بالطرائق التوجيهية أو التحليلية، ويشجع صُناع القرار المفاهيمي التفكير الإبداعي والتعاون ويأخذون بالحسبان مجموعة واسعة من وجهات النظر، فصُناع القرار المفاهيمي يبحثون عن الإنجاز ويرغبون في التفكير بعيداً في المستقبل عند اتخاذ قرارات هامة.
متى يُستخدَم صنع القرار المفاهيمي؟
ينجح تطبيق اتخاذ القرار المفاهيمي على المشكلات التي تنطوي على العديد من الأفكار المتصارعة فيما بينها، ويعدُّ هذا النمط من القرار الأنسب للمواقف التي تتميز بعدم القدرة على التنبؤ بالنتائج، ومناسب للمناهج الإبداعية والمبتكرة، وفي هذا النمط من القرارات، لا توجد حلول فورية مما يتطلب تقليب وجهات النظر المختلفة والبحث عن حلول إبداعية، وغالباً ما تظهر أنماط الحلول بمرور الوقت، فصنع القرارات المفاهيمية مناسب جداً ومثمر في صنع قرارات التخطيط طويل الأمد والمتغيرات غير المعروفة.
ما هو دور القائد في صنع القرار المفاهيمي؟
لكي تكون عملية صنع القرار المفاهيمي فعَّالة، يحتاج القادة إلى خلق بيئة تفكير تشجِّع التجارب المصممة للكشف عن أفكار إبداعية وغير مستهلكة، وكذلك يحتاج القادة إلى التركيز على زيادة التفاعل والتواصل؛ لذا يرتكز دور القائد في إنشاء مجموعات تحتوي على أشخاص يمكنهم المساهمة في أفكار مبتكرة والمساعدة على تطوير وتنفيذ القرارات المعقدة، والصبر هو المفتاح السحري للنجاح في هذا النمط، وعلى القادة أن يمنحوا أنفسهم وقتاً للتفكير.
متى ينبغي على القائد أن يفكر في استخدام نمط آخر غير النمط المفاهيمي؟
إذا كان القرار الذي يتعين اتخاذه يتضمن موقفاً يحتاج إلى نتائج هيكلية ومحدَّدَة المعالم والسمات، فلا يجب استخدام نهج مفاهيمي، وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ القرارات التي يجب أن تؤدي إلى نتائج فورية والظروف التي لا يوجد فيها مجال للخطأ لا تقع ضمن عملية صنع القرار المفاهيمي.
4. اتخاذ القرار السلوكي (Behavioral decision-making):
يحاول صانع القرار السلوكي التأكد من أنَّ الجميع يعمل عملاً جيداً معاً، ومثل الأسلوب المفاهيمي، فإنَّ اتخاذ القرار السلوكي موجه نحو المجموعة، ومع ذلك بدلاً من العصف الذهني للحلول المحتملة، تُعطى المجموعة الخيارات المتاحة لها، ومن ذلك المنطلق، تبدأ المجموعة مناقشة إيجابيات وسلبيات كل اختيار، ويأخذ هذا النمط في اتخاذ القرار بالحسبان العديدَ من وجهات النظر والآراء المختلفة في العملية.
متى يُستخدَم اتخاذ القرار السلوكي؟
مثل صنع القرار المفاهيمي، يتطلب النمط السلوكي تواصلاً استباقياً، ويتَّخذ هذا الأسلوب نهجاً أكثر استبطاناً من خلال مناقشة الحلول التي نجحت في الماضي بدلاً من محاولة الكشف عن أنماط جديدة، فهو يستقي حلوله من الماضي ومن نجاحات سابقة تحقَّقت في تاريخ المنظمة.
ما هو دور القائد في اتخاذ القرار السلوكي؟
يحتاج القادة في هذا النمط إلى فتح قنوات تواصل مع المشاركين في صنع القرار، ومرة أخرى أنشئ مجموعات يمكنهم من خلالها المساهمة في آرائهم بوضوح وخلق بيئة تشجِّع المناقشات الديمقراطية بحُرية، وعند استخدام أسلوب اتخاذ القرار السلوكي، لا يفرض القائد مساراً محدداً للنقاش واتخاذ القرارات؛ بل ينظر إلى القرار الذي يخلق أكبر قدر من الانسجام داخل المنظمة.
متى ينبغي على القائد أن يفكر في استخدام نمط آخر غير النمط السلوكي؟
إذا لم تتوصل جلسات المناقشة الجماعية إلى اتفاق مطلقاً، فقد تحتاج إلى التفكير في نهج آخر، وفي المقابل، إذا لم تظهر أفكار جديدة أو لم يتحدَّ أحد الآراء المطروحة، فقد لا يكون اتخاذ القرار السلوكي الخيارَ الأفضل أيضاً.
بينما يعمل أسلوب القرار هذا لصالح المجموعة ككل، فإنَّه يتطلَّب قائداً محدداً وحازماً لإنجاز الأمور، وإذا لزم الأمر، فابحث عن طرائق وتجارب لإجبار الناس على التفكير خارج ما هو مألوف.
ملخص الأنماط الأربعة في اتخاذ القرارات:
نمط القرارات |
النمط التوجيهي |
النمط التحليلي |
النمط المفاهيمي |
النمط السلوكي |
المفهوم العام |
|
|
|
|
إيجابيات النمط |
|
|
|
|
سلبيات النمط |
|
|
|
|
متى يُستخدم هذا النمط؟ |
|
|
|
|
ما هو دور القائد؟ |
|
|
|
|
ما هي علامات تغيير النمط؟ |
|
|
|
|
يتعلَّم القادة الأكثر نفوذاً كيفية تعديل أسلوبهم في اتخاذ القرار ليناسب بيئة العمل الخاصة بمؤسستهم، وتتطلب السياقات والمواقف المختلفة استجابات قيادية ذكية وأحياناً مناهج متعددة لصنع القرار، ومن خلال فهم الأشكال المختلفة لصنع القرار -والبقاء على دراية بعلامات التحذير- يمكن للقادة تعلُّم كيفية اتخاذ قرارات أفضل في مجموعة متنوعة من السياقات المعقدة.
أضف تعليقاً