يحتفظ المشرف بحقِّ التحكم، بينما يتمتَّع المرؤوسون ببعض السلطة أيضاً، ولهذا المفهوم البسيط لتفويض القيادة فوائد كبيرةٌ إذا نُفِّذ بالطريقة الصحيحة. تابع القراءة لمعرفة كلِّ شيءٍ عنه.
لماذا يجب عليك تفويض المهام؟
السؤال الرئيس هو: لماذا تهتمُّ بالتفويض أساساً؟ ولماذا يجب عليك استبدال نظامك القديم بهذا النظام الجديد؟ حسناً، جهِّز فنجاناً من القهوة؛ لأنَّ القائمة تطول.
1. توفير للوقت:
إنَّه لمن الواضح كيف أنَّ تفويض القيادة يوفِّر الكثير من الوقت، والصفقة الحقيقية هي أنَّه يمكنك الاستفادة من هذا الوقت المُوفَّر في مهام أخرى كثيرةٍ وهامَّة. تحتاج دائماً -كقائدٍ أو مدير- إلى مزيدٍ من الوقت؛ والتفويض بمثابة حلِّ سحريِّ للحصول عليه.
يمكن للكثير من الأشياء أن توفِّر لك الوقت؛ ولكن مع التفويض، تحصل على ما يكفي منه لمراقبة المشروع المفوَّض؛ ممَّا يمنحك مساحةً للاستمرار في العديد من المشاريع في آنٍ معاً، دون الحاجة إلى تشتيت انتباهك على أيٍّ منهم؛ كما يمكنك -في الوقت نفسه- العمل على أشياء ذات أهميةٍ أعلى لا تستطيع تفويضها.
تجلب فكرة التفويض البسيطة فوائد اقتصادية هائلة للمؤسسة على المدى الطويل؛ لأنَّ الوقت يُدار بكفاءةٍ أكبر.
شاهد بالفيديو: دليل الإنتاجية: الاستراتيجيات الفعالة لإدارة الوقت
2. تمكين الموظفين:
هل تعلم ما الفارق بين المؤسسة الناجحة جداً، وبين المؤسسة التي تكافح من أجل النجاح؟ إنَّه ليس حجم الأعمال، كما أنَّها ليست فعالية الموظفين؛ بل هو طريقة تعامل المؤسسة مع موظفيها، ولا تعني المعاملة في هذا السياق مزايا وعلاقات الموظفين، بل تشير إلى تمكينهم.
انظر الى الأمر بهذه الطريقة: هناك شخصٌ عبقريٌّ للغاية؛ لكن وبما أنَّه ليس الشخص الذي لديه السلطة الأعلى في بيئة العمل، فإنَّ قدراته محدودة، ودائماً ما يُملَى عليه ما يعمل، وكيف يعمل؛ وذات يوم، سمح له رؤساؤه بتولِّي المسؤولية. هو يعوِّل على النتائج النهائية التي يتوقَّعها، والباقي على عاتق الموظَّف. سيضع هذا التمكين المسؤولية على عاتق الفرد؛ ونتيجةً لذلك، سيبذل هذا الشخص مزيداً من الجهد، وستكون الإنتاجية أكثر من المعتاد.
يشعر المرؤوسون كما لو أنَّهم في مراكز السلطة من خلال اتباع هذا السلوك التمكيني للمؤسسة، ممَّا يزيد من كفاءتهم؛ ولا يمكن لأيِّ مؤسسةٍ أن تحقِّق النجاح دون هذا النهج.
3. اكساب مزيدٍ من المهارات للجميع:
فكِّر في مهارةٍ تعتقد أنَّك بارعٌ فيها؛ والآن فكِّر في الماضي، هل كنت دائماً خبيراً في هذه المهارة؟ بالطبع لا؛ لقد تطلَّب الأمر التدريب، والكثير من الأخطاء، والعمل الشاقَّ لإتقانها. ينطبق الأمر عينه على جميع الموظفين الذين ستُتاح إليهم الفرصة لممارسة التدريب العملي فور تفويض القيادة لهم.
عندما تبدأ التفويض في مكتبك، يمكنك البدء بإجراء دعم ورشات العمل القائمة على المهارات كذلك. تسمح طبيعة التفويض نفسها للقادة بتدريب مرؤوسيهم، والتعلُّم منهم أيضاً.
شاهد بالفيديو: أهداف التدريب
4. تشجيع الصدق:
من لا يحبُّ الموظفين الصادقين؛ فالصدق أمرٌ حيوي للغاية، ولكن لا يمكن إرغام أحدٍ عليه أبداً. يتطلَّب الأمر الصدق لتوفير التغذية الراجعة، وأداء المهام، والالتزام بالمواعيد، والحفاظ على علاقاتٍ جيدةٍ داخل مكان العمل، وكل شيءٍ آخر مطلوبٍ لبيئة عملٍ سلسة.
صدِّق أو لا تصدِّق، يمنح تفويض القيادة كلَّ فردٍ المساحة ليكون صادقاً عن طيب خاطر، ومن المستحيل أن يتمكَّن القائد من تفويض المهام، وأن يتمكَّن المرؤوسون من إكمال المهام المفوضة دون شفافيةٍ تامة. هنا يكمن أحد الأماكن التي يجب أن يبدأ الصدق بها ومن ثمَّ يصبح عادة، ليصبح في النهاية جزءاً من كلِّ موظفٍ في مؤسَّستك، وكلُّ ذلك بمساعدة عملية التفويض.
5. الحصول على مزيدٍ من العقول اللامعة:
ترتبط هذه النقطة بتمكين الموظف؛ فعندما يسيطر المرؤوسون، يفكِّرون بشكلٍ مختلفٍ عن رؤسائهم. إنَّها الطبيعة البشرية التي تقول أنَّه لا يمكن لشخصين أن يدركا المعلومات نفسها بالطريقة نفسها على الإطلاق، وهذا يعني أنَّ مزيداً من العقول ستطرح أفكارها فيما يتعلَّق بالمهمة نفسها. لذلك، وعلاوةً على ما يقترحه القائد، يمكن للمرؤوس الربط بين مزيدٍ من الأفكار وإنتاج شيءٍ مبتكر.
6. إدراكُ أنَّ القيادة تتطلَّب التخطيط:
أن تكون قائداً ليس بالأمر السهل؛ فهنالك الكثير ممَّا يجب الخوض فيه لتصبح قائداً جيداً. التخطيط من أهمِّ واجبات القائد، فليست فقط حياة القائد هي من ستزداد سوءاً دون القيام بذلك، بل سيؤثِّر هذا أيضاً في كلِّ المرؤوسين.
التخطيط والتنظيم مهمَّةٌ مُستهلكِةٌ للوقت؛ لكن ولحسن الحظ، يُفسِح التفويض متسعاً من الوقت للتخطيط الفعَّال. في الأساس، يتيح التفويض للقادة القيام بما هو أهم، بينما يتولَّى بقية الفريق المهام المفوَّضة.
7. تنظيم المهام:
إليكَ شيئاً نعلمه جميعاً ولكنَّنا نميل إلى نسيانه كثيراً: ليست كلُّ المهام متساوية، فبعضها أكثر أولوية؛ بينما يمكن تأجيل بعضها الآخر. أحياناً تظهر بعض المهام في وقتٍ لاحق، ولكنَّها تتطلَّب الانتهاء منها قبل كلِّ شيءٍ آخر؛ وهذا هو السبب بأنَّ القادة بحاجةٍ إلى التخطيط.
يمكن أن تظهر المهام العاجلة من العدم على الرغم من كلِّ هذا التخطيط، وأفضل طريقةٍ للخروج من مثل هذه الأوقات: أن يفوِّض القائد المهام؛ إذ يمكنه تفويض المهام التي لا تتطلَّب خبرة القائد 100٪. الآن، ستُنهَى المهمَّة المفوضة في الوقت المناسب. وبالمثل، يمكن معالجة أيِّ شيءٍ قد ينساه القائد وراءه على وجه السرعة.
أخطاء يجب تلافيها عند تفويض المهام:
ألست منذهلاً من كلِّ مزايا تفويض القيادة المذهلة؟ كن حذراً؛ لأنَّه وعلى الرغم من ذلك، يمكن لهذه الفوائد أن تذهب أدراج الرياح إذا قمت بالأخطاء الآتية؛ حيث يمكن لهذه الأخطاء التفويضية الشائعة أن تقلب الطاولة رأساً على عقب؛ وبدلاً من الحصول على مزاياه، فقد يجعل أسلوب التفويض الخاطئ الأمور أصعب بالنسبة إليك.
1. الإفراط في التفويض:
التفويض هو توزيع عبء العمل حتَّى يتمكَّن المفوِّض من استغلال وقته في القيام بأشياء أكثر أهمية، ولا يعني هذا أنَّ المشرفين يجب أن يفوِّضوا كلَّ المهام ويجلسون بلا عمل. يؤدِّي الإفراط في التفويض إلى زيادة العبء والضغط على الموظَّفين؛ فلا يمكن للموظَّف أن يعمل بشكلٍ جيدٍ وكافٍ تحت الضغط المستمر، كما ستصبح الأمور فوضويةً إذا فوَّضت أكثر من مهمَّةٍ في الوقت نفسه، وللفريق ذاته. يمكنك تفويض مهام متعددةٍ في وقتٍ واحد، ولكن احرص على توزيع عبء العمل بين مزيدٍ من الأفراد، بدلاً من تركيز الضغط على القليل منهم فقط.
2. الإدارة الجزئية:
يتعلَّق تفويض القيادة بتقاسم السلطة؛ فإذا كنت ستدير كلَّ خطوةٍ من خطوات مرؤوسيك، فربَّما من الأفضل القيام بهذه المهمَّة بنفسك. لا يقتصر الأمر على جعل الوقت عصيباً بالنسبة إلى المشرف، ولكنَّه يجعل الأمور أكثر صعوبةً للمرؤوسين أيضاً؛ لذلك يجب أن تعطي ما يكفي من الحكم الذاتي والسلطة لجميع المرؤوسين.
3. النقص في التواصل:
لا يعفيك تسليم جزءٍ من سلطتك لشخصٍ آخر من المسؤولية، وواجبك هنا هو التواصل الصريح. عندما تفوِّض مهمَّة، كن واضحاً جداً، ولا تترك أيَّ غموض؛ ودع المرؤوس يعرف كلَّ تفصيلٍ من تفاصيل المهمَّة، من المواعيد النهائية إلى درجة السلطة المفوَّضة له.
من الأفضل في مثل هذه الأوقات المبالغة في التواصل، بدلاً من المخاطرة بنقص التواصل. فَلْتُوَضِّح أيضاً الأشياء التي تفترض أنَّ الفريق يعرفها مسبقاً. علاوةً على ذلك، لا تتوقَّع من المرؤوسين طرح جميع الأسئلة المتعلِّقة بالمهمَّة المفوَّضة؛ فمع تقدُّمهم في المهمَّة، سيظهر مزيدٌ من الاستفسارات؛ لذا فليكن التواصل معك يسيراً لتقديم الدعم الذي يحتاجه فريقك.
4. السعي إلى الكمال:
دائماً ما يرتكب البشر الأخطاء، وترتكب أنت كقائدٍ الأخطاء أيضاً؛ وهذا ليس شيئاً لتخجل منه. المُقلق هنا هو ألَّا تكون أنت وجميع مرؤوسيك على استعدادٍ لقبولها، ومن ثمَّ تبنِّي إرادة إصلاحها. امنح أعضاء فريقك الثقة، وما يكفي من المساحة لتخفيف شعورهم بالضغط الشديد؛ وفي الوقت نفسه، كن سلطوياً بما فيه الكفاية لتطلب منهم التعلُّم من خطأهم حتَّى لا يتكرر في المستقبل، وقدِّم المساعدة بدلاً من توبيخ فريقك لارتكابه الأخطاء. حيث يتوقَّع المرؤوسون التعلُّم منك؛ نظراً إلى أنَّك تملك الكثير من الخبرة.
5. اختيار الشخص الخاطئ:
جوهر التفويض هو أنَّ المرؤوسين يجب أن يقوموا بعملٍ جيد، إذ لا يجعل التفويض كلَّ عضوٍ في الفريق ماهراً بطريقةٍ سحرية؛ فتحديد من يمكنه القيام بالمهام هو وظيفتك كقائد.
يجب عليك مراقبة الوظائف المُسندة وفقاً لمستوى مهارة المرؤوسين، إذ سيؤدِّي توزيع المهام عشوائيَّاً إلى عكس ما تتوقَّعه من التفويض؛ ولتوفير الوقت، يجب عليك تقييم جميع مرؤوسيك مسبقاً، ومن هنا ستعرف تماماً إلى من تذهب عندما تحتاج ذلك.
في الختام:
ليس هناك شكٌّ في أهمية تفويض القيادة، فإذا كنت قائداً مهتمَّاً بالإنتاجية، والضغط، وعبء العمل، والبيئة العامَّة في مكان عملك؛ فالتفويض هو طريقةٌ مفيدةٌ لتتبنَّاها.
تجنَّب أخطاء القائد المبتدئ الشائعة، ودع تفويض القيادة يفعل العجائب لمؤسستك.
أضف تعليقاً