غالباً ما تُنسَب القيادة إلى قائد يحدد المسار مع الأشخاص الذين يتقدمون إلى الأمام، بينما تصف الإدارة كمجال المدير الذي يحافظ على الوضع الراهن مع الأشخاص الذي يعملون لديه؛ وتنبع الاختلافات فيما بينهما من نوعين اثنين من أصحاب المصلحة: المديرون والقادة، والمرؤوسون والأتباع، بالإضافة إلى ديناميكيات مهنهم؛ لذا يجب أن يمتلك رواد الأعمال سمات قائد ومدير قويين لتوجيه الفريق نحو النجاح، إليك بعض طرائق القيام بذلك:
1. اكتسب دور القائد، مع الحفاظ على مهام المدير:
يتبع الموظفون أوامر رؤسائهم (مديريهم)، ويرجع هذا إلى الدور أو الرتبة المنسوبة إليهم بحكم مركزهم، وليس إلى اختيار واعٍ للقيام بذلك.
تعمل العلاقة المهنية بين المدير والتابعين إلى حد كبير على إنجاز المهام اليومية دون تعريض الوضع الراهن إلى الخطر؛ ولكن عندما يحين أوان الجد، قد تهتز هذه الديناميكية وتُهدَّد؛ وإذا أُسِيئت إدارة الفرق أو معاملتها، فقد تتغير ولاءاتها بسرعة بالغة.
لقد كشف استطلاع أجرته جامعة هارفرد بيزنس ريفيو (Harvard Business Review) أنَّ 58% من الأشخاص الذين يقولون أنَّهم يثقون في الغرباء أكثر من ثقتهم في رئيسهم؛ لذا، ينبغي على رواد الأعمال أيضاً تولي دور القائد لكسب ثقة واحترام أتباعهم، إذ لابد من إرغام الأتباع على اتخاذ القرارات اللازمة للاستماع إلى القادة بناءً على إرادتهم الخاصة بدلاً من اتباع أيِّ هيكل هرمي.
تقترن كلٌّ من القيادة والإدارة في هذه الحالة لمحاولة تجنب انهيار العلاقات المهنية في مكان العمل الحالي بين المديرين والمرؤوسين، والقدرة على الاستمرار في الوفاء بالمواعيد النهائية، والقدرة على أداء المهام بشكل طوعي من قبل أتباعك.
لذا شارك في الصعوبات والتحديات التي يواجهها فريقك، واحرص على أن تكون أي مَهمَّة تفوضها لهم مَهمَّة يمكنك فهمها بشكل كافٍ، مع تقديم الدعم لموظفك عند الحاجة؛ فالمشاركة في تحقيق الهدف هي إحدى السمات المميزة للقائد الجيد.
2. اعلم أنَّ التعلم يسير في كلا الاتجاهين:
عادة ما تنطوي الإدارة على نهج أحادي الاتجاه في مجال التواصل، ممَّا قد يؤدي أحياناً إلى خنق منحنى الثقة والتعلم لجميع أصحاب المصلحة المعنيين.
تحدث هذه العلاقة عندما يكون المدير هو الخبير المختص الوحيد في الموضوع، في حين أنَّ كل شخص آخر يقوم بالمسائل التنفيذية فحسب؛ وقد يؤدي هذا أيضاً إلى الإفراط في الإدارة، إذ يميل المديرون إلى الإدارة الدقيقة والتحكم بكل صغيرة وكبيرة عندما يُمنَحون السلطة الكاملة على العاملين.
على عكس القيادة التي تقبل احتمالية أن يكون الأفراد المدرَبون قادرين بطبيعتهم، ويمتلكون قدرات قد تكون مناسبة بالقدر نفسه للتعامل مع المهام المختلفة بشكل أفضل من القائد؛ إذ يعرف القادة متى يعترفون أنَّهم لا يعرفون كلَّ شيء أو أنَّهم قد يكونون مخطئين.
يمكِّن جعل التعلم ممارسة ثنائية الاتجاه المرؤوسين من أن يكونوا أكثر جرأة، ويضمن تطور المنظمة بمرور الوقت؛ ولكن معرفة متى يتعين عليهم القيام بذلك هو الجزء الصعب.
ستحتاج بصفتك مديراً إلى إجراء تدريب منتظم لتزويد الموظفين بالمهارات والإجراءات اللازمة لإنجاز مهامهم؛ لكنَّك كقائد، تحتاج إلى عقل منفتح لضمان عدم خنق الإمكانات والإبداع داخل الفريق ومكان العمل، بغية خلق بيئة عمل يجري فيها مشاركة الأفكار بحرية.
لذا امنح فريقك ملكية وتقديراً للعمل الذي يقوم به بخبراته المتنوعة، واعترف أنَّك قد لا تكون دائماً الأفضل في كل مجال، واسعَ بدلاً من ذلك إلى مساعدة فريقك من المحترفين على تقديم أفضل ما لديهم، واخلق بيئة منفتحة لا يخشى الناس فيها التحدث.
3. اذهب بعيداً، أو اذهب أسرع:
"إذا أردت الذهاب سريعاً، فاذهب بمفردك؛ وإذا أردت الذهاب بعيداً، فاذهب مع الآخرين" - مثل أفريقي. للمسؤولين التنفيذيين خيار السعي لتحقيق الكفاءة العامة أو تحقيق الأهداف العليا كأولوية في أسلوبهم الإداري.
يميل المديرون إلى تحسين المهام من أجل الكفاءة والسرعة، ولكن دون التخلي عن السيطرة الكاملة للتحكم؛ بينما يسعى القادة إلى التخلي عن السيطرة لتمكين الفرق من اتخاذ قراراتهم الخاصة، وتمهيد الطريق وفقاً للرؤى التي يضعونها.
تعمل هذه الهيكلية على تشجيع التقدم والكفاءة الأسرع في الشركات الصغيرة والكبيرة؛ لكن لا يمكنك أن تنفذ كل شيء بمفردك، وتعدُّ قيادة الفريق الطريق للتحرك معاً بشكل أكبر وأسرع.
ستكون هناك حالات تحتاج فيها كمدير إلى التركيز بشدة على مَهمَّة ذات أولوية في المستقبل، وقد تسير في بعض الأحيان نحو خط النهاية بمفردك؛ ولكن ستحتاج في أحيان أخرى إلى قيادة فريقك للعمل معاً لسد أي فجوات في الخبرة أو الجودة، ويتعلق هذا بقبول أفكار الآخرين وتعددية الاستخدام للعب أي دور عند الضرورة.
سيتعين عليك أحياناً استشارتهم بدلاً من إلقاء الأوامر عليهم لكي تجعلهم يتبعونك، ويعدُّ التغلب على خوفك من التحدث أمام الجمهور خطوة أولى جيدة يجب أن تتخذها لتصبح قائداً أكثر ثقة.
لذا انظر إلى السعي وراء التميز باعتباره تمريناً تقوم به مع فريقك؛ فأنتم تعملون بجد معاً، وتؤدون بجد معاً، وتحصدون الثمار معاً. يحتاج المرؤوسون إلى الشعور بأنَّ لديهم مصلحة في النتيجة التي تسعى إليها، ويجب أن تتذكر كقائد أنَّك لست بمفردك.
شاهد بالفيديو: 9 صفات هامة للقائد الناجح
4. ركز على الأشخاص أيضاً، لا على المَهمَّة فحسب:
يمكن أن تؤدي الإدارة في بعض الأحيان إلى نزع الطابع الإنساني عندما يكون هناك تركيز مفرط على المهمات والإجراءات الشكلية، إذ تكشف الدراسات العالمية أنَّ 79% من الأشخاص الذين تركوا وظائفهم ذكروا "نقص التقدير" كسبب لمغادرتهم.
إنَّ لعب دور القائد هو أكثر بكثير من اتباع الخطوات والتعرف على أفضل الممارسات، ويتعلق ذلك بالإنسان المتعاطف والأصيل.
جرب قول بضع كلمات لطيفة لقاء مَهمَّة أُنجِزت بشكل جيد، واخلق بيئة يشعر فيها المتميز بالمكافأة، ولا تدع سياق العمل يُضعِف العلاقات الإنسانية التي يمكنك تطويرها مع فريقك.
باعتبارك مديراً، يدفع الأمر الشركة إلى الاستثمار في عمليات جيدة تتولى رعاية نفسها بنفسها حتى تتمكن المؤسسة من العمل وكأنَّها آلة تعمل جيداً؛ ومع ذلك، لا تزال العمليات بطبيعتها "مدعومة" من قبل البشر، وتحتاج إلى تولي دور القائد لإبقاء فريقك متحمساً لأخذ زمام المبادرة لنقل هذه العمليات إلى المستوى التالي.
لكلِّ مسؤول تنفيذي رحلته الخاصة في الحياة الشخصية والمهنية، ونحن نسعى جميعاً إلى الازدهار والمغزى والتقدم النشط، لذا يجب أن تدرك ذلك كقائد في مؤسستك، وأن تضع الأساس وتمهد الطريق أمام أعضاء فريقك لكي يتطوروا ويشعروا بالتقدير كبشر؛ لذا، توقف عن النظر في المشكلات من خلال عدسة المؤسسة، وابدأ رؤية كيف يمكنك معالجتها دون الإضرار بالروح المعنوية لفريقك.
في الختام:
يتطلب كونك مديراً تنفيذياً أو رائد أعمال مؤثر أكثر من مجرد لعب دور واحد كمدير أو قائد، إذ يتعلق الأمر بتطوير مَهمَّة موحدة ستعمل أنت وفريقك من أجلها، وخلق البيئة الرسمية اللازمة لكي يتمكن الفريق من تحقيق ذلك بطريقة ممنهجة.
عادة ما يُطلَب من القادة العظماء أن يكونوا مديرين رائعين أيضاً، وقد يبدو السعي إلى أن تصبح قائداً ومديراً قوياً في بعض الأحيان أمراً في غاية الصعوبة؛ لكن إذا اتخذت الخطوات الصحيحة تجاه ذلك، فمن المؤكد أنَّك ستشهد طفرة هائلة وإيجابية للتقدم والنمو.
أضف تعليقاً