علامات احتقار الذات:
تكون بعض علامات نقص تقدير الذات واضحة جداً، في حين يكون بعضها الآخر خفياً؛ لذا نستعرض لكم فيما يأتي العلامات الشائعة والأقل شيوعاً للشخص الذي يعاني من قلة تقدير ذاته:
1. العلامات الشائعة لتدني تقدير الذات:
- غالباً ما يكون غير واثق برأيه.
- مفرط التفكير.
- يخاف من مواجهة التحديات، ويقلق من عدم قدرته على التغلب عليها.
- قاسٍ على نفسه، لكنَّه متسامح مع الآخرين.
- يعاني الاضطرابَ العاطفي ونوبات القلق والخوف المتكررة.
2. العلامات الأقل شيوعاً لتدني تقدير الذات:
2. 1. الإدمان على العمل:
يعتمد العمل على تحديد توقعات وخطط صريحة للإجراءات والمهمات؛ ومهما زادت ضغوظات العمل، فهي لا توازي عدم اليقين وقلة السيطرة التي يمكن أن يختبرها المرء في العلاقات الاجتماعية المنفتحة؛ لذا فمن الأسهل تلبية توقعات العمل وتقديم أداء جيد فيه، فهذا ما يجعل الأشخاص الذين يفتقرون إلى تقدير الذات يحوِّلون تركيزهم إلى العمل بالكامل والعمل على تقييم الذات، ويوظفون طاقاتهم وأفكارهم فيه حصراً.
2. 2. الإنجاز الزائد أو ضعف الإنجاز:
نجد هنا الوجه الآخر للأشخاص الذين يعانون من تدني تقدير ذواتهم؛ فهم يميلون غالباً إلى أن يكونوا ضعيفي الإنجاز، ويعود ذلك إلى خوفهم من مواجهة التحديات والأفكار الجديدة، بالإضافة إلى قلة ثقتهم بأنفسهم، فلا يتمكنون من توظيف طاقاتهم وإظهار مواهبهم؛ لكن ومع ذلك، نجد بعض الحالات الاستثنائية المعاكسة تماماً، فهناك أشخاص يخافون من الفشل وترعبهم فكرة أن يكونوا غير ناجحين في المجتمع ومرفوضين من وسطهم؛ لذلك يبذلون قصارى جهدهم، ويعملون بطاقات قصوى لإثبات جدارتهم وقيمتهم لمن حولهم.
شاهد بالفيديو: 10 عادات تُدمّر الذات والثقة بالنفس
اسباب تدني تقدير الذات:
ترتبط معظم اسباب عدم تقدير الذات بطفولتنا بشكلٍ أو بآخر، وسنذكر فيما يأتي بعض التجارب السلبية التي ربَّما حدثت في تلك المرحلة العمرية المبكرة، والتي تؤدي إلى تدني تقدير الذات:
- كثرة العقاب.
- كثرة الإهمال.
- سوء المعاملة المزمن أو المتكرر.
- القواعد الأبوية الصارمة.
- التنمر على الطفل ومقاطعة أقرانه له.
- أن يصبَّ شخصٌ ما جام يأسه وإحباطه وتوتره على الطفل.
- قلة الثناء على الطفل وعدم إحاطته بالدفء والمودة وإظهار المحبة له.
- التحيز لشخصٍ آخر في الأسرة أو ضمن مجموعةٍ معينةٍ دون تلقي الاهتمام اللازم.
تتشكل "الاعتبارات الذاتية" (Bottom Line) والقواعد الحياتية في فترة الطفولة، والتي تؤثر بدورها في طريقة تفكيرنا عموماً؛ ولهذا السبب قد يكون للتجارب السلبية في هذه المرحلة تأثيرات طويلة الأمد في جميع مراحل الحياة.
كيف تؤثر "الاعتبارات الذاتية" في تقدير الفرد لذاته؟
تُعرَّف "الاعتبارات الذاتية" بأنَّها الطريقة التي تشعر بها تجاه شيءٍ ما، أو الاعتقادات السلبية التي تكوِّنها بناء على التجارب السابقة (خاصةً في مرحلة الطفولة)؛ فعلى سبيل المثال: يشكِّل شعور الفرد عند مغادرة المنزل لأوّل مرّةٍ في سنٍّ مبكّرةٍ اعتباراً ذاتياً عاطفياً يحدد طريقة تعامله عندما يغادره أيّ شيءٍ آخر في الحياة مهما كانت قيمته أو موقعه في حياته، وذلك وفقاً للمعالج النفسي "روبرت تايبي" (Robert Taibbi).
عندما نتحدث عن تقدير الذات، تتعلق "الاعتبارات الذاتية" بالطريقة التي يعاملنا بها الناس من حولنا، حيث إنَّنا نصبح معتمدين على نصائح الأشخاص الهامين لنا، أو الذين يمتلكون تأثيراً مباشراً في حياتنا؛ فمثلاً: هل أخبرك أحدهم بأنَّك شخص سيئ، أو أنَّك لست جيداً بما فيه الكفاية؟ أم هل أهملوك للحد الذي جعلك تشعر أنَّك شخصٌ بلا قيمة؟
سيؤثر كل ذلك تأثيراً جوهرياً في الطريقة التي نحكم بها على أنفسنا، ويؤثر ذلك في تقديرنا لذواتنا.
كيف تحدد "الاعتبارات الذاتية" قواعدنا الحياتية؟
نحن نحدد قواعد حياتنا المعيشية بكل تفاصيلها استناداً إلى اعتباراتنا الذاتية، حيث تشكل هذه القواعد استراتيجيات التعامل مع الحياة؛ فعلى سبيل المثال: إذا كان لديك اعتقاد بأنَّك أقل شأناً من الآخرين، فستنص قواعدك على الحديث بصوت منخفض دائماً، وعدم مواجهة أي تحديات وضغوطات، والبقاء بعيداً عن أنظار الآخرين لتجنب أي مشكلة أو موقف مهما كان بسيطاً.
كيف يؤثر تدني تقدير الذات على جوانب حياتنا؟ وما هي عواقب ذلك؟
1. نخلط بين الحب وبين تدني تقدير الذات:
يدفعنا عدم تقدير ذواتنا إلى الاعتقاد بأنَّ الناس سيعاملوننا بطريقة سيئة؛ فعندما يتعامل معك الناس بلطف، تشعر بسعادة غامرة، ويتكون لديك مشاعر طيبة وغير واقعية تجاه هؤلاء الأشخاص؛ ونتيجة لذلك، يكون من السهل أن تخلط بين هذه المشاعر وبين مشاعر الحب، ممَّا يخيف الأشخاص الذين يهتمون بك ويتقربون منك ليكونوا أصدقاء لك فحسب.
2. يجعلنا تدني تقدير الذات أشخاصاً غير مناسبين لبعض العلاقات:
قد تعتقد أنَّ شريكك شخصٌ مناسبٌ لك تماماً، فتتحمل منه أشياء كثيرة لا يجب أن توافق عليها عموماً؛ لكنَّك في هذه الحالة تخلط بين الحب وتقدير الذات، وتجد نفسك أمام سؤالٍ هام: هل أنت تستسلم حقاً لأفكار هذا الشخص لأنَّك تحبه كثيراً، أم أنَّك لا تجرؤ على الحديث والتفاوض معه؟
3. يجعل تدني تقدير الذات أرباب العمل يشعرون أنَّك شخص غير موهوب:
يمكننا القول أنَّ الأشخاص الذين يعانون من قلة تقدير الذات قد يكونون موهوبين بالفعل، ولكنَّهم لا يعرفون كيف يُظهِرون مواهبهم ويثيرون إعجاب الآخرين بهم؛ فهم يلتزمون الصمت في أثناء اجتماعات العمل، وتجدهم يتحدثون بصوتٍ منخفضٍ في أثناء تقديم العروض، ويكثرون من الاعتذار والتشكيك في كلامهم في أثناء خوض المحادثات اليومية مع الناس؛ ونتيجةً لذلك، ينظر أرباب العمل والزملاء الآخرون إليهم على أنَّهم لا يمتلكون الكثير من المواهب، وأنَّهم ذوو مؤهلات ضعيفة نسبياً.
4. قد يؤدي تدني تقدير الذات إلى الاكتئاب:
يمكن أن يؤدي تدني تقديرنا لذواتنا إلى الاكتئاب والشعور بالوحدة لعدم القدرة على التواصل مع الأشخاص بطريقة مناسبة، وذلك حسب دراسة أجراها باحثون من جامعة بازل (University of Basel)؛ كما يضيف عالم النفس الدكتور "لارس مادسن" (Dr. Lars Madsen) قائلاً: "يعدُّ تدني تقدير الذات عاملاً رئيساً في تطور الاكتئاب واستمراريته".
طرق تحسين تقدير الذات:
يعدُّ تدني تقدير الذات مشكلةً كبيرةً يجب الوقوف عندها، إذ من الممكن أن تؤدي إلى الكثير من العواقب.
لا يعدُّ حلُّ هذه المشكلة أمراً سهلاً، لكنَّه ليس مستحيلاً إذا اتبعنا طرائق صحيحة وخطوات دقيقة؛ وإليك أهمها:
1. تجاهل كل النصائح حول "الإيجابية":
ربَّما يخبرك الآخرون بضرورة أن تبقى إيجابياً ومتفائلاً، لكنَّ الأشخاص الذين يعانون الاكتئابَ يعلمون أنَّ هذا الكلام غير مفيد ولا يمكنهم التقيد به واتباعه، فهو يمنحهم شعوراً بالسوء.
كذلك الأمر مع الأشخاص الذين يعانون من تدني تقدير الذات، فعندما تُوجَّه بعض الملاحظات إليهم مثل:
- "أنت رائع بالنسبة إلي".
- "أنت حقاً رائع".
- "لماذا لا تُقدِّر نفسك بصورة أفضل؟".
أو حتى عبارات أسوأ من ذلك مثل: "يجب أن تكون أكثر ثقة بنفسك". لا تُحسِّن هذه العبارات من تقدير هؤلاء الناس لأنفسهم، وإنَّما يشعرون بالنقص أو الذنب لعدم تناسب سلوكهم وأفكارهم مع هذه الإطراءات.
2. ركِّز على أمور أخرى:
أنت لا تشعر بالسعادة لمجرد قولك أنَّك شحصٌ سعيدٌ جداً، وإنَّما تحتاج بعض الطرائق الملموسة التي تصل بك إلى تلك المشاعر اللطيفة والسعيدة، مثل: السعي وراء تحقيق هدف يهمك، أو حلم معين، أو الوصول إلى نجاح عظيم، أو قضاء وقت ممتع مع من تحب.
عندما تريد تحسين تقدير ذاتك، لا تحاول البحث عن طرائق محددة للقيام بذلك، وإنَّما يجب أن يكون حصيلة للرضا عن حياتك عموماً؛ فوفقاً لعالم النفس "أبراهام ماسلو" (Abraham Maslow): لكي نعيش حياةً مُرضِية، يجب أن نهتمَّ بالمستويات الخمسة من الاحتياجات الأساسية للإنسان.
المستويات الخمسة من الاحتياجات الأساسية للإنسان:
تتمثل المستويات الخمسة للاحتياجات الأساسية للإنسان بالخطوط العريضة التالية (بدءاً من الاحتياجات الأساسية إلى الاحتياجات السامية):
- الاحتياجات الفيزيولوجية: مثل توفر الطعام والماء والنوم والاستقرار.
- الأمان: يتمثل بتوفر الأمان الجسدي والوظيفي والصحي، وأمان الموارد والعائلة والممتلكات.
- الحب والانتماء: كوجود الأصدقاء والعائلة والعلاقة الحميمية المستقرة.
- التقدير: يتعلق بتقدير الذات والثقة بالنفس والإنجاز، وتبادل الاحترام مع الآخرين.
- تحقيق الذات: ينطوي هذا المستوى على الأخلاق والإبداع وحل المشكلات وانعدام الظلم وتكافؤ الفرص.
بقدر ما تجهز نفسك بالمهارات اللازمة لتلبية الاحتياجات السابقة، تنسى فكرة تدني تقدير الذات، وتجد نفسك تشعر بالفخر والتميز عندما تكتسب الكثير من المعلومات والمواهب الإبداعية التي لا يمتلكها غالبية الناس.
الخلاصة:
إذا وجدت نفسك تعاني من تدني تقدير الذات وعدم القدرة على تعزيز قدراتك وثقتك بنفسك، فلا تيأس من ذلك، وكن على ثقة أنَّ بإمكانك استعادة تقدير ذاتك، وبأنَّك ستصبح شخصاً واثقاً من نفسه وناجحاً في حياته، مستحقاً كل المشاعر الطيبة والنبيلة والحب؛ لذا حاول أن تفهم أسباب تدني تقديرك لذاتك، وتغلب عليها باتباع النصائح الواردة في هذه المقالة.
أضف تعليقاً