والآن عد بمخيلتك لما كنت عليه قبل خمس سنوات من الآن؛ هل تعيش حياتك الآن كما تخيلتها في ذلك الوقت؟ وهل كانت لديك النية في أن تكون أفضل ممَّا أنت عليه الآن؟
وفقاً لأبحاث تحديد الأهداف التي أجرتها جامعة الدومينيكان (Dominican University)، فإنَّ من بين الأشخاص الذين يحددون أهدافاً بالفعل، يحقق 34% من هؤلاء فقط هذه الأهداف، أمَّا إن أخذنا عدد السكان ككل، فإنَّ هذا الرقم سيكون أصغر؛ وذلك لأنَّ عدداً قليلاً منهم قد وضع أهدافاً بالأساس. إذا أخذت في الحسبان إحصاءات وأبحاث قرارات السنة الجديدة التي أجرتها منصة "ستاتيستيك برين" (StatisticBrain)، فإنَّ 38% من الأمريكيين لم يسبق أن وضعوا أهدافاً أبداً، فضلاً عن أنَّ 8% فقط من الأشخاص هم من يحققون بالفعل أهداف العام الجديد.
لكنَّ هذا لا يعني أنَّ احتمالية تحقيق أهدافك هي 8% فقط؛ حيث إنَّك إذا قمت بالأمر بشكلٍ صحيحٍ، فإنَّ البحث الذي أجراه روَّاد نظرية تحديد الأهداف، لوك ولاثام (Locke & Latham)، يشير إلى تحسُّن هائل بنسبة 90% في الأداء والإنجاز.
إذاً، باستخدام الأدوات المناسبة، يمكنك تحقيق أهدافك العظيمة منها والبسيطة، والبدء بعيش الحياة التي تحلم بها، وفي هذا المقال، سنوضح لكم الطريقة المثلى لوضع الأهداف، وسبب كونها أساسية لتحقيق أهدافك وأحلامك طويلة الأمد، وذلك من خلال الخطوات الثماني الآتية:
1. تحديد رؤيتك الكبيرة:
إنَّ الخطوة الأولى في أيِّ عملية لتحديد الأهداف هي توضيح "رؤيتك الكبيرة"، وأن تحدد أين تريد أن تكون بعد 10 سنوات من الآن. حدد بوضوحٍ ما يجب أن يكون عليه مستقبلك، وكيف ستبدو الحياة التي تحلم بها؛ حيث يمكن أن تقول مثلاً:
- سأعيش في منزل أحلامي المطل على الشاطئ، ويكون لديَّ حديقة يمكنني الاعتناء بها كل يوم؛ وذلك لأنَّني لست مضطراً إلى أن أتنقَّل وأعمل ساعاتٍ طويلة ومتعبة.
- سيكون لديَّ برنامج سفرٍ خاص بي، وسأقضي ستة أشهر من كل عام في استكشاف بلدان وثقافات جديدة.
- سوف أتقاعد وتكون لديَّ حرية السفر وأتمكن من زيارة جميع أحفادي الذين يعيشون في بلدان مختلفة.
- سوف أتسوَّق لشراء أطعمة صحية، وأقابل مدرباً شخصياً 3 مرات في الأسبوع؛ وذلك لأنَّ الوقت والمال لن يشكِّلا مشكلةً بعد الآن.
- سأكون راضيةً عن وظيفتي 3 أيام في الأسبوع كممرضة في وحدة العناية المشددة في مستشفى كبير؛ لأتمكن بذلك من توفير الرعاية لعائلتي ومرضاي.
لن تضرك أحلام اليقظة وقضاء الوقت لاستكشاف ما هو أكثر أهمية بالنسبة إليك؛ لذا تخيَّل بالضبط ما ستشعر به بمجرد أن تدع الأمور الهامة تدخل إلى حياتك.
إن لم تسعفك ذاكرتك هنا - لأنَّك لم تسمح لنفسك حتى أن تحلم بمستقبل أفضل - تذكَّر فحسب الأشياء التي تجعلك سعيداً؛ حيث يمكنك القيام بذلك عن طريق كتابة قائمة بالأمور التي تسعدك.
2. تحويل هذه الرؤية إلى أهداف محددة بوضوح:
ما إن تحدد رؤيتك، حتى يحين الوقت لتقسيمها إلى أهداف فعلية يمكن تحقيقها. يجب أن يساعدك أيُّ هدف تحدده في الانتقال من وضعك الحالي إلى النتيجة المرجوة خلال وقت معيَّن. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تريد أن تعيش في منزل أحلامك المطل على البحر، فقد تسير أهدافك كما الآتي:
- سأشتري منزل أحلامي في غضون السنوات العشر القادمة.
- سأزيد الدخل السنوي في غضون السنوات العشر القادمة، وسيأتي نصف هذا الدخل من الأعمال والاستثمارات الشخصية.
- سيسمح لي هذان الهدفان بالعيش برفاهية، ويعطياني الوقت لأعيش رؤيتي الكبيرة.
سيسمح لك تحديد أهدافك التي تبلغ مدتها 10 سنوات، بالكشف عن العديد من الأهداف الصغيرة التي تحتاج إلى تحقيقها طوال رحلتك؛ إذ إنَّك لن تدرك رؤيتك الكبيرة بين عشية وضحاها، وسوف يستغرق الأمر العديد من الخطوات للوصول إليها. ستدعم جميع أهدافك الصغيرة رؤيتك الكبيرة وتوجِّه الخيارات التي تتخذها كل يوم.
شاهد بالفديو: 5 قواعد ذهبية مثبتة علميًا في تحديد الأهداف
3. استخدام الأهداف بعيدة الأمد لتحديد الأهداف البسيطة والمتوسطة الأمد:
إن كان هدفك يتعلق بالمستقبل البعيد، فهو مجرد أمنية، ولن يكون أمراً تدركه على الفور؛ لذا فأنت لن تجد حافزاً كافياً للعمل عليه الآن. وهذا هو السبب في ضرورة تقسيم أهدافك بعيدة الأمد إلى أهداف أصغر ومتوسطة وقصيرة الأمد، وهذه هي الأهداف التي ستشعر بأنَّها أكثر واقعية وقابلية للتحقيق، ممَّا يؤدي إلى اكتساب المزيد من الحافز والدافع للعمل على رؤيتك الكبيرة.
تذكَّر دائماً: ستتضمن الرحلة إلى تحقيق رؤيتك الكبيرة العديد من الخطوات، وستحتاج إلى التخطيط لها بالتفصيل حتى لا تضل الطريق.
4. تحويل أهدافك متوسطة الأمد إلى أهداف مدتها عام واحد:
الخطوة التالية هي التفكير فيما تحتاج إلى تحقيقه في العام المقبل، وذلك لكي تكون على المسار الصحيح لتحقيق أهدافك متوسطة الأمد، وستكون هذه هي أهدافك الممتدة على طول عام واحد.
5. استخدام أهدافك التي تريد تحقيقها بعد عام واحد لتحديد أهدافك لمدة 90 يوماً:
أهدافك لمدة 90 يوماً هي أهم الأهداف التي يجب التركيز عليها؛ ذلك لأنَّها تعكس رؤيتك الكبيرة فضلاً عن أنَّها تحدد مهامك الأسبوعية واليومية. سيؤدي تحقيق هذه الأهداف إلى دفعك نحو تحقيق أهدافك التي عليك تحقيقها خلال عام واحد، ثم أهدافك التي تبلغ مدتها 5 سنوات، وهكذا حتى تبلغ النجاح الشامل.
6. تقسيم أهداف 90 يوماً إلى أهداف شهرية:
ستظلُّ أهدافك خلال 90 يوماً محطَّ اهتمامك دائماً، لكن ما زال يتعيَّن عليك تقسيمها إلى خطوات أصغر يسهل تحقيقها، وهنا تظهر أهمية تحديد أهدافٍ شهرية؛ حيث ستساعدك هذه الأهداف الصغيرة على تحديد ما عليك القيام به اليوم لتحقق النجاح في الغد.
7. تحديد المهام الأسبوعية والإجراءات اليومية:
التقدم هو النتيجة الحتمية للعمل اليومي، على أن تكون تلك الأعمال اليومية مقصودة. وبالنظر إلى أنَّ عملية تحديد الأهداف تشكِّل إجمالي الرحلة التي ستقوم بها، فعليك تحديد أهداف أسبوعية وعادات يومية؛ حيث إنَّ هذه الخطوات الصغيرة ستوصلك إلى الحياة التي لطالما حلمت بها.
8. استخدام مخطط أهداف لمدة 90 يوماً:
إذا لم تكن معتاداً على استخدام مخطط، فقد يبدو هذا كخطوة مملة أو غير ضرورية؛ لكنَّ الأمر ليس كذلك. ستعترض حياتك عقبات كثيرة، فإن لم تكن لديك طريقة لمنح الأولوية لأهدافك، وتذكير نفسك بها كل يوم، فلن تحرز تقدماً كبيراً. سوف تغريك الحياة بالمئات من المهام اليومية، ولكن باستخدام المخطط، يمكنك اكتساب عادة مراجعة الأمور الأكثر أهمية في حياتك. سيسمح لك هذا بترتيب وقتك وفق أولويات؛ حيث يمكنك أن تتخيل بوضوح أين أنت الآن وإلى أين ستتجه.
العنصر الضروري الآخر لتحديد الأهداف الناجحة هو تتبُّع تقدمك؛ لذا عند استخدامك مخططاً يمكنك بسهولة تحديد ما قمت به بالضبط للعمل على أهدافك وتتبُّع تقدمك بمرور الوقت.
هل يمكنك إنجاز الأمر من دون استخدام مخطط الأهداف؟ الأمر ممكن؛ لكنَّه يتطلب دافعاً قوياً للتغلب على عوامل التشتيت في الحياة، والبقاء متحفزاً لتحقيق أهداف كبيرة. وحتى مع وجود هدف محدد بوضوح، فمن المحتمل أن يكون التقدم أبطأ ممَّا لو طورت نظاماً لكتابة أهدافك وتقسيمها وتعيين المهام اليومية وتتبُّع تقدمك.
تُعدُّ أهدافك البالغة 90 يوماً أمراً ضرورياً إن كنت ترغب في التقدُّم على طريق بناء حياتك التي تحلم بها؛ إذ إنَّه يجب الوصول إلى هذه الأهداف من أجل إحراز تقدم في أهدافك قصيرة وطويلة الأمد وتحقيق رؤيتك الكبيرة، ومن دون هذه الأهداف، لن يتغير شيء. قد تحرز بعض التقدم هنا وهناك، ولكن قد تجد أنَّه بعد 5 سنوات من الآن، ما زلت في مكانك. وقد لا يكون هذا أمراً سيئاً، ولكن إذا كنت تحلم بشيء أفضل، فإنَّ اتباع الخطوات السابقة سوف يرشدك في رحلتك لتحقيق حلمك بالفعل.
المعلومات ليست هي الحل:
"لو كان الحل يكمن في المزيد من المعلومات، لكنَّا جميعاً من أصحاب المليارات والقوام الممشوق". المؤلف الأمريكي ديريك سيفرز (Derek Sivers).
إنَّ المعلومات متاحة في متناول أيدينا، ونعلم بالفعل ما يتعيَّن علينا القيام به؛ لكنَّ الصعوبة تكمن في تطبيق تلك المعلومات. ولو كانت مجرد معرفة كيفية إنقاص الوزن والحصول على اللياقة هو كل ما نحتاج إليه، لكنَّنا جميعاً بصحة جيدة ووزن مثالي. لماذا إذاً نسعى إلى الحصول على المعلومات ابتداءً، عندما نريد تحقيق هدف؟
هناك الكثير من المعلومات على نطاق واسع، ومتاحة مجاناً؛ حيث نقرأ الكتب ونشاهد الندوات عبر الإنترنت ونحضر الأحداث المباشرة، كما ننفق المئات أو حتى الآلاف على التعليم، الذي يَعِد بأن يقودنا إلى حيث نريد أن نكون في هذه الحياة. إنَّ هذه هي أسهل طريقة يمكننا من خلالها خداع أنفسنا للاعتقاد بأنَّنا سنحرز تقدماً، لكنَّها لن تكون كافية لتحقيق أهدافك.
إذ إنَّ ما يتطلبه الأمر هو العمل، والذي يكون عبارة عن عادات يومية صغيرة تدفعنا إلى الأمام مع الإصرار والمثابرة. قد يكون الأمر بطيئاً ومن دون نتائج فورية تراها، لكنَّك ستتقدَّم.
لماذا لا تعيش الحياة التي حلمت بها؟
اكتساب المزيد من المعلومات لن يحقق أهدافنا، لكنَّ هذا ليس العامل الوحيد الذي يمنعنا من النجاح؛ إذ إنَّ هناك أموراً أخرى مثل:
- العادات السيئة.
- عدم وجود الحافز.
- قلة التركيز والوضوح.
- عدم المثابرة.
- طريقة التفكير المحدودة.
هذه كلها عوامل تجرنا للوراء عندما نحدد أهدافنا، فلا نحققها في الواقع. تذكَّر أنَّ حوالي 20% فقط من الأشخاص الذين وضعوا أهدافاً، يواصلون تحقيقها. لكن لا يجب أن يكون حالك هكذا.
كيف تحقق أهدافك؟
إنَّ تحديد الهدف الصحيح والعمل اليومي هو ما سيقودك إلى النجاح؛ إذ إنَّك بحاجة إلى هدف محدد بوضوح، وتحديد سبب أهمية هذا الهدف بالنسبة إليك، ووضع خطة واضحة تملي عليك بالضبط كيفية تحقيق هذا الهدف. ستساعدك الخطوات الثماني لإعداد الأهداف في إرشادك خلال عملية تحديد رؤيتك الكبيرة بوضوح، فضلاً عن تحديد جميع الأهداف طويلة الأمد وقصيرة الأمد التي ستوصلك إلى هدفك النهائي.
الخلاصة:
يمكنك أن تعيش الحياة التي تحلم بها من خلال تحديد حلمك في خطوة الرؤية الكبيرة، وتحويل هذا الحلم إلى هدف واضح بعيد الأمد، ثم تقسيم هذا الهدف الكبير إلى خطوات أصغر لتحقيقها على طول الطريق. وعندما تحدِّد مسارك، يمكنك البدء بمهامك الأسبوعية والتقدُّم نحو تحقيق أهداف الـ 90 يوماً الخاصة بك. وسيتكرر ذلك حتى تعمل في طريقك لتحقيق رؤيتك الكبيرة.
إن لم تكن قد أحرزت التقدم الذي كنت تأمل بتحقيقه في الحياة حتى الآن، فمن المحتمل أنَّ ذلك يرجع إلى أنَّك لم تحدد أهدافك الكبيرة بوضوح أو الأهداف والعادات الأصغر اللازمة لإحراز التقدم.
الهدف البعيد للغاية في المستقبل هو مجرد أمنية. لكنَّ الأهداف الصغيرة قصيرة الأمد المبنية على أهداف 10 سنوات القادمة هي ما سيقودك إلى النجاح.
أضف تعليقاً