إنَّ أول تصرُّف يتبعه الإنسان في تلك اللحظة هو المصافحة والتحيَّة، وهذا التصرُّف اللبق الذي توارثته الأجيال والحضارات على مر التاريخ سنتعرَّف إليه وإلى وطرائقه ومعانيه في مقالنا هذا؛ لذا تابعوا معنا.
ما هي المصافحة؟
تُعرَف المصافحة على أنَّها التقاء وتشابك الأيدي، وتُعَدُّ نوعاً من أنواع التحيَّة والاتِّفاق أو الوداع، وتعتمد على وضع اليد اليمنى لكل شخص بشكل متشابك بينهما مع تحريكهما أعلى وأسفل، وهي من أشيع أنواع التحيات في العالم وتختلف أحياناً بين مجتمع وآخر؛ إذ تُعَدُّ المصافحة بالأيدي نوعاً من أنواع تبادل الود والمشاعر بين الناس.
طرائق المصافحة:
للمصافحة عدة طرائق سنتعرَّف إليها فيما يأتي:
1. مصافحة السمكة الميتة:
هي نوع من المصافحة لا تحمل أيَّة عواطف، ملؤها البرود واللَّامبالاة وعدم الاهتمام، ويستخدمها الغرباء أو الأشخاص الذين يحملون مشاعر الكره أو عدم الاكتراث تجاه الآخرين.
2. المصافحة المسيطرة:
وهي مصافحة تتم على أساس فرض السيطرة على الشخص الآخر؛ إذ يمسك المسيطر يدَ الشخص الآخر ويقلبها لتصبح راحة اليد إلى الأعلى وظهر اليد إلى الأسفل؛ ليدل بذلك على تحكمه وسيطرته على الشخص المُصافَح.
3. مصافحة رؤوس الأصابع:
تُعَدُّ هذه المصافحة طريقة تقوم بها النساء لتبرز رقتها ورفعتها؛ إذ تكون عن طريق مد أصابع اليد والإبهام في المصافحة دون استخدام راحة اليد.
4. مصافحة سحق العظم:
وهي تعبير شديد عن القوة وتُستَخدَم عند الرجال أكثر الأحيان، بالإضافة إلى أنَّها تُستَخدم في التعبير عن الغضب والكره لأحدهم؛ إذ تُمسَك اليد المُصافِحة وتُضغَط بقوة شديدة ومؤذية ومؤلمة.
5. المصافحة المتفوقة:
وهي نوع من المصافحة تتم عن طريق مد كف اليد وراحته متجهة نحو الأسفل قبل تشابك الأيدي؛ لتبرز تفوقه على مُصافِحه وتميُّزه عنه.
6. المصافحة الخاضعة:
وهي مصافحة تتم عن طريق مد كف اليد وراحته متجهة نحو الأعلى قبل تشابك الأيدي؛ لتبرز الخضوع والطاعة.
7. المصافحة الدافعة:
وهي نوع من المصافحة السلبية؛ إذ يدفع الشخص المُصافِح اليد الأخرى بعيداً عنه بطريقة وقحة تعبِّر عن الكره والغيظ.
8. المصافحة الساحبة:
نوع من أنواع المُصافحة المسيطرة؛ إذ يسحب من يدَّعي السيطرة يدَ المُصافِح باتجاهه ليدلَّ على أنَّه المُسيطر.
شاهد بالفديو: التواصل الجيد مع الآخرين من خلال لغة الجسد
المصافحة والشخصية:
لطالما كانت المصافحة طريقة يستخدمها الناس منذ القِدَم للتحية أو الاتِّفاق أو الوداع وغيرها كما سبق وذكرنا، ولكنَّ هذه المصافحة وطرائقها المتنوعة قد تعكس العديد من شخصيات الناس وتكشف أسراراً ومعلومات كثيرة عنهم وتميِّز بينهم.
أصبحت الآن المُصافحة تفاعلاً مؤصَّلاً في شخصية البشر عند التحيَّة والوداع والاجتماع والتهاني وغيرها، وكل شخص يتميز بطريقة مصافحة تختلف عن الآخر؛ فمنهم من يُصافح بشدة ومنهم من يُصافح بشكلٍ رقيقٍ ومنها المصافحات القصيرة ومنها الطويلة، وحسبما صرَّح موقع فوكوس الألماني عن دراسة أمريكية قام بها باحثون أمريكيون جاءت نتائجها أنَّ للمصافحة دلالات شخصية وتعكس ما في المرء من مشاعر، فكل نوع من المصافحة له تفسير ودلالة؛ إذ إنَّ مدة المصافحة وقوتها والتواصل البصري والكلام بينهما تعبِّر عن الشخصية.
وأقرَّت الدراسة أيضاً أنَّ المصافحة القوية الشديدة تُعبِّر عن ثقة المصافِح بنفسه إلَّا أنَّها تعطي انطباعاً على قلة الاحترام والتهور لدى الشخص المُصافَح، وكذلك المصافحة القصيرة والسريعة وكذلك المترهلة تعبِّر عن قلة الاحترام أو عدم الاهتمام ولامبالاة الشخص المُصافِح بالآخر، بينما المصافحة مع ارتداء قفازات تقوي الثقة ومشاعر السكينة والاهتمام، بالإضافة إلى المصافحة بقبض الأيدي تعبِّر عن الصداقة وقوة الرابطة بين المتصافحين ومشاعر الوفاء والألفة.
كذلك الأمر أجرى بعضٌ من علماء النفس في جامعة ألاباما دراسة على 112 من المتطوعين مختلفي طرائق المصافحة وتبيِّن الانطباعات والاختلافات فيما بينهم؛ إذ وجدوا أنَّ من يمتلك مصافحة قوية تميَّز بشخصية قوية واثقة يميل إلى الانفتاح على كل ما هو جديد، بينما من يملُك مصافحة ضعيفة يملك شخصية غير واثقة ويميل إلى التوتر والخجل وعدم الانفتاح على العلاقات الاجتماعية.
المصافحة المثالية:
توجد بعض التصرفات التي تقوي طريقة المصافحة الخاصة بالشخص وتجعلها مثالية قدر الإمكان كالتواصل البصري؛ إذ يُعَدُّ من أهم عوامل نجاح المصافحة؛ إذ تُعبِّر عن مدى اهتمام الشخص بالآخر ورغبته في التواصل معه؛ لذا من المُفضَّل تمكين التواصل البصري في أثناء المصافحة قدر الإمكان، لكن من الهام الانتباه وقراءة الموقف والجو المحيط في أثناء تطبيق التواصل البصري؛ إذ من الممكن أن يُفهَم بشكل خاطئ، وكذلك من الممكن أن يعبِّر التواصل البصري عن مشاعر مختلفة كالتحدي أو البغض أو الحب ويختلف الأمر بين كل مصافحٍ وآخر.
يوجد نوع من المصافحة يُعَدُّ حميمياً ويبث شعور الأمان والمحبة والتواصل الروحي وهو العناق بالأيدي، ويتنوَّع بين العناق القوي والعناق الضعيف والعناق المعتدل، وكلٌّ منهم يدل على شعور؛ إذ يدل العناق الضعيف على عدم الاكتراث والتهاون في العلاقة ويعطي شعوراً سلبياً لدى الآخر، والعناق القوي الشديد يبعث شعوراً بالاحتجاز والتنافر، لكن في نفس الوقت قد يكون تعبيراً عن الشوق والحب الشديد، أمَّا العناق المُعتدل يدل على الأمان والامتصاص والرغبة في الشعور بالراحة.
رغم ذلك، يُعدُّ العناق طريقة حميمية لا يجب استخدامها مع جميع الناس؛ إذ تكون غالباً بين الأشخاص الذين تجمعهم علاقات حب أو صداقة لا غير، ويجب أخذ ضوابط وحدود عند تأديتها من عدم تأديتها كي لا تُشعِر الشخص الآخر بالغرابة أو السيطرة على مساحته الشخصية؛ لذا يرى بعض الناس أنَّ المصافحة بالأيدي أفضل؛ وذلك لأنَّها لا تتجاوز المساحة الشخصية لكل فرد من المتصافحين.
أنواع المصافحة حسب حركة اليد واتجاهها:
1. المصافحة مع هز اليد بقوة:
يندرج هذا النوع من المصافحة تحت نوع المصافحة المُسيطرة؛ إذ ترسل نوعاً من مشاعر السيطرة وغزو المساحة الشخصية؛ لذا يُفضَّل استخدام المصافحة الهادئة الموزونة وخاصة في اللقاءات الأولى لترك انطباع جيد.
2. المصافحة باليدين مع الاهتزاز:
تُعَدُّ من أشيع أنواع المصافحات وخاصةً عند الرجال الذين يعتقدون أنَّها تعبِّر عن الألفة والمحبة، لكن هي على العكس من ذلك؛ إذ تعبِّر عن السيطرة، ونراها غالباً بين رجال الأعمال وزملاء العمل.
3. المصافحة مع هز اليدين بهدوء:
وهذا النوع من المصافحة هو النوع الموزون الهادِئ الذي يعبِّر عن عدم انتهاك المساحة الشخصية للشخص المصافَح، ويعطي انطباعاً بأنَّ الشخص المُصافِح سوي عاقل يعرف كيف يحترم الآخر ويبرز شخصيته الواثقة.
4. المصافحة مع التواصل البصري:
كما تحدَّثنا آنفاً فإنَّ التواصل البصري عامل هام جداً في أثناء المصافحة؛ إذ يُعبِّر الشخص عن اهتمامه ومشاعره للشخص المصافَح ويزيد من الرابطة والثقة بينهما.
استراتيجيات كي تكون المصافحة جذابة وصادقة ومعبِّرة:
فيما يأتي بعض الاستراتيجيات عن كيفية المصافحة التي تجذب الآخرين بشكل صادق ومعبِّر:
- يجب الاهتمام بالمظهر الخارجي والنظافة الشخصية؛ إذ ليس من القبول المصافحة بأيدٍ متَّسخة أو مُبتلَّة.
- لا يجب أن تصافح واليد ممسكة بالهاتف أو بمنديل أو حقيبة.
- عدم مد اليد للمصافحة قبل الانتباه إلى أنَّ الشخص المُراد تحيته قد انتبه إلى وجودك ونظر إليك؛ وذلك لتجنُّب المواقف المحرجة المُتضمِّنة عدم الانتباه.
- السماح لمن تصافحه بإنهاء المصافحة وعدم التسرُّع في إنهاء المصافحة فجأة أو سحب يدك من يد الآخر كي لا تُفهَم بشكل خاطئ أو تُحرج الآخر بتصرفك.
- التواصل البصري العيني في أثناء المصافحة يعبِّر عن الاهتمام والاحترام المُتبادل.
- الاعتذار وتجنُّب المصافحة في أثناء تناول الطعام أو التكلُّم على الهاتف حتى لا يسبب إحراجاً للشخص الآخر ولا يُفسَّر كنوع من عدم الاهتمام أو كتحيَّةٍ عابرةٍ.
- عدم المصافحة بيدٍ غير اليد اليمنى.
- عدم المصافحة وأنت ترتدي النظارات أو السماعات الهاتفية؛ إذ يجب خلعها قبل اللقاء والمبادرة إلى المصافحة.
- لا تصافح بيد وتضع اليد الثانية في جيبك.
- المصافحة بوجه مُبتسم بشوش، مع التحية ونطق كلمات جميلة ومهذَّبة.
- مراعاة طريقة المصافحة ولغة الجسد والجو المحيط وشخصية المصافح وجنسه وعمره؛ إذ تختلف المصافحة بين الرجل للرجل والرجل للمرأة والمرأة للمرأة، فلكلٍ منهم طرائق خاصة وأداء مُعيَّن.
المصافحة في الإسلام:
فيما يأتي بعض الأحاديث النبوية التي ذُكِرت في السنَّة عن المصافحة:
- عن أنس بن مالك، قال: لما جاء أهل اليمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أقبلَ أهل اليمن، هم أرق قلوباً منكم"، قال أنس: فهُم أول من جاء بالمصافحة.
- عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمَين يلتقيان فيتصافحان، إلَّا غفر لهما قبل أن يفترقا".
- عن قتادة قال: قلت لأنس بن مالك: أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: "نعم".
- قال الإمام النووي رحمه الله: "المصافحة سنَّة مُجمع عليها عند التلاقي".
- عن كعب بن مالك بعد تخلُّفه عن غزوة تبوك وتوبته قال: "حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله الناس، فقام طلحة بن عبد الله يهرول حتى صافحني وهنأني".
- عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ المؤمن إذا لقي المؤمن فسلَّم عليه، وأخذ بيده، فصافحه، تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر".
شاهد بالفيديو: المصافحة طرقها ومعانيها
في الختام:
لقد تعرَّفنا في هذا المقال إلى المصافحة وطرائقها ومعانيها، وتحدثنا عن طريقة المصافحة المثالية مع إعطاء بعض الاستراتيجيات لمصافحة معبِّرة وجذابة، وتحدَّثنا عن المصافحة في الإسلام مع إرفاق بعض الأحاديث الشريفة من السنَّة على أمل تحقيقه الفائدة المرجوة منه.
أضف تعليقاً