ما هو الذكاء الوجداني؟
الذكاء الوجداني هو عبارة عن مجموعة من الصفات الشخصية والمهارات الاجتماعية والوجدانية التي تمكِّن الشخص من تفهُّم مشاعر وانفعالات الآخرين، ومن ثم يكون أكثر قدرة على ترشيد حياته النفسية والاجتماعية انطلاقاً من هذه المهارات.
مهارات الذكاء الوجداني:
فالشخص الذي يتسم بدرجة عالية من الذكاء الوجداني، يتصف بقدرات ومهارات تمكِّنه من أن:
- يتعاطف مع الآخرين خاصة في أوقات ضيقهم.
- يسهل عليه تكوين الأصدقاء والمحافظة عليهم.
- يتحكم في الانفعالات والتقلبات الوجدانية.
- يعبر عن المشاعر والأحاسيس بسهولة.
- يتفهم المشكلات بين الأشخاص ويحل الخلافات بينهم بيسر.
- يحترم الآخرين ويقدِّرهم.
- يُظهِر درجة عالية من الود والمودة في تعاملاته مع الناس.
- يحقق الحب والتقدير من الذين يعرفونه.
- يتفهَّم مشاعر الآخرين ودوافعهم، ويستطيع أن ينظر إلى الأمور من وجهات نظرهم.
- يميل إلى الاستقلال في الرأي والحكم وفهم الأمور.
- يتكيف مع المواقف الاجتماعية الجديدة بسهولة.
- يواجه المواقف الصعبة بثقة.
- يشعر براحة في المواقف الحميمية التي تتطلب تبادل المشاعر والمودة.
- يستطيع أن يتصدى للأخطاء والامتهان الخارجي.
سمات الذكاء الوجداني:
إذاً فأنت تلاحظ أنَّ الذكاء الوجداني مفهوم يحمل في طياته عدد من السمات والصفات التي يمكن تلخيصها فيما يأتي:
- الإدراك الواضح لدوافعه الشخصية بما في ذلك وعيه بمختلف المشاعر التي تتملَّكه حتى وهو في قمة الانفعال.
- يثق في نفسه ويتحمَّل مسؤولية أفعاله وينزع إلى الاستقلال في تصرفاته وآرائه.
- يتمتع بدرجة عالية من الصحة النفسية، بما في ذلك الخلو النسبي من اضطرابات القلق والكآبة.
- ينظر إلى الحياة بتفاؤل وإيجابية.
- قد يشعر أصحاب هذا النوع من الشخصية بالكدر والضيق أحياناً كالآخرين، ولكنَّهم يستطيعون التخلص من هذه المشاعر في فترات قصيرة؛ بسبب ما يتسمون به من عقلانية وحنكة.
- لديهم قدرة عالية على التحكم في تقلباتهم الانفعالية، مع توظيف مشاعرهم وعواطفهم لما فيه الصالح الشخصي دون تضحية بصالح الآخرين.
- يتفهَّمون جيداً ما يواجههم من آمال أو آلام، ومن ثم تتسع الفرص أمامهم للنجاح والتفوق وتكوين علاقات إنسانية فعالة بالآخرين.
- يمكنك أن تتوقع ما تستطيع تحقيقه في الحياة من فوز وتفوق إذا كنت تملك قدراً مرتفعاً من الذكاء الوجداني، بالإضافة إلى الذكاء العقلي الذي يرتبط بالنجاح الأكاديمي وتحصيل العلم والمعلومات وغيرها من المهارات الفكرية والذهنية التي تقيسها مقاييس الذكاء التقليدية.
ومنذ تبلور هذا المفهوم، أصبح من أكثر المفاهيم رواجاً في علم النفس لدرجة أنَّ الرئيس السابق "كلينتون" عندما سألوه في إحدى اللقاءات عن أهم المفاهيم التي أثَّرت في حياته المهنية ونجاحه السياسي والاجتماعي كان مفهوم الذكاء الوجداني من أكثر المفاهيم التي ذكر أنَّها أثارت تشوُّقه واهتمامه وأفادته في حياته.
شاهد بالفيديو: 14 صفة للشخص الذي يتمتع بالذكاء الوجداني
نظريات الذكاء الوجداني:
حظي الذكاء الوجداني باهتمام كثير من الباحثين من علماء النفس والمختصين النفسيين خاصة في الآونة الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى ظهور نظريات عديدة عن الذكاء الوجداني، ومن أبرزها:
1. نظرية الذكاء الاجتماعي للعالم الأمريكي "إدوارد ثورندايك ":
عرف فيها الذكاء الوجداني على أنَّه "القدرة على إدراك وفهم الرجال والنساء والفتيان والفتيات، والتصرف بحكمة في العلاقات الاجتماعية".
2. نظرية الذكاء المتعدد:
وضحت هذه النظرية أن الفوارق بين الأشخاص، لا تتمثل بدرجة الذكاء العقلي التي يمتلكونها، وإنَّما بنوعية هذا الذكاء.
3. نظرية جولمان للذكاء الوجداني:
عرفت نظرية جولمان الذكاء الوجداني أو العاطفي بأنَّه مجموعة من المهارات والقدرات التي تتركز في: الوعي الذاتي، إدارة العلاقات، الوعي الاجتماعي، والمهارات الشخصية (التحكم بالعواطف، القدرة على التكيف، الرؤية الإيجابية، التعاطف، حل النزاعات، التأثير).
4. نظرية الذكاء الوجداني أو العاطفي ل جون ماير وبيتر سالوفي:
قدمت هذه النظرية الفروع الآتية للذكاء الوجداني: (إدراك وفهم وإدارة العواطف، واستخدامها لتسهيل التفكير).
مقياس الذكاء الوجداني:
انظر إلى العبارات التالية وأجب عن كل سؤال منها بالموافقة إذا كنت تعتقد أنَّها تنطبق عليك، أو عدم الموافقة إذا كنت تعتقد أنَّها لا تنطبق عليك:
- أشعر أحياناً بالضيق بدون أن أعرف السبب في ذلك.
- بعض الأشخاص يثيرون استيائي مهما حاولت أن أبدو غير مهتم بهم.
- كل شخص يعاني من بعض المشكلات في حياته، ولكنَّ مشكلاتي النفسية أضخم من مشكلات أي شخص آخر.
- عندما تواجهني مشكلة تكون دائماً نتيجة لفشلي وخيبتي وغبائي.
- لا أشعر بالراحة في المواقف التي تحتاج للتعبير عن إظهار المشاعر الطيبة والمودة والحب.
- عندما أقرر تحقيق هدف معين، أجد كثيراً من العقبات التي تحُوْل بيني وبين الوصول إلى أهدافي.
- أشعر بالملل وفقدان الصبر.
- أشعر بالتعاسة لأسباب لا أعرفها.
- أحتاج دائماً لتأييد الناس حتى أرضى عن أي عمل أفعله.
- أحتاج لقوة دفع خارجية حتى أتمكَّن من ممارسة أعمالي بنجاح.
إذا كانت إجاباتك عن الأسئلة السابقة أو أمثالها بالإيجاب؛ فمعنى ذلك أنَّك تفتقر إلى الذكاء الوجداني، أي أنَّك من النوع الذي تسيطر عليه التقلبات الانفعالية، والاستغراق في القلق، وأنَّك تجد صعوبة في تكوين علاقات مستقرة ودافئة مع الآخرين، كما يعني أنَّك لا تشعر بالرضا عن نفسك ولا عن الآخرين ولا عن المجتمع الذي تعيش فيه.
بعبارة أخرى فإنَّ فرصك في النجاح والتفوق والسعادة في الحياة العملية والمهنية ستكون محدودة بالمقارنة مع الشخص الآخر الذي يتمتع بعكس هذه المشاعر، أي ذلك الذي يتسم بقدرة عالية من الذكاء الوجداني.
الذكاء الوجداني وعلاقته بالتوافق الزواجي:
يؤثر امتلاك الزوجين لمهارات الذكاء الوجداني أو عدم امتلاكهم تلك المهارات على نجاح الزواج وفشله؛ إذ إنه من المعلوم للجميع أن الحياة الزوجية ليست سهلة فهي مجموعة من الالتزامات والمسؤوليات التي تقع على عاتق الزوجين، ويضاف إليها الحالة المزاجية لكلا الزوجين، وإن عدم امتلاك الزوجين كلاهما لمهارات الذكاء الوجداني قد يضفي شيئا من الجفاف العاطفي أو ما يطلق عليه اصطلاحاً الطلاق العاطفي، والذي يجعلهما يكملان حياتهما الزوجية، ولكن كل بمفرده كما لو كان عازباً!
لذا يعد الذكاء الوجداني شرطاً رئيساً لنجاح الحياة الزوجية، فتمتع الزوجة بالذكاء العاطفي يجعلها أكثر فهماً لمشاعرها ومشاعر زوجها، والتحكم بردود أفعالها، والتكيف مع الظروف، وتقدير ظروف الزوج ووضعه النفسي واحتوائه، و كذلك يحتاج الزوج إلى التمتع بالذكاء العاطفي، حتى يفهم مشاعره ومشاعر زوجته، ويبرر مواقفها وردود أفعالها، ويحكم على الأمور بشكل منطقي وموضوعي، ويسيطر على انفعالاته ويضبطها، ويتخذ القرارات بعقلانية بعيداً عن العواطف، ويفكر بإيجابية ويتعامل مع الضغوط بمرونة، ويتحمل المسؤولية، ويعتذر عند الخطأ، ويتمتع بحس الفكاهة، والثقة بالنفس والتواضع، والانفتاح وتقبل اختلاف الآخر.
الذكاء الوجداني وعلاقته بالتحصيل الدراسي:
تناولت العديد من الدراسات والأبحاث العلاقة بين الذكاء الوجداني والتحصيل العلمي، وتوصلت جميعها إلى نتيجة واحدة، وهي أنَّ الطلاب الذين يتمتعون بذكاء وجداني أو عاطفي عالٍ، يكون تحصيلهم الدراسي مرتفعاً أكثر من زملائهم ذوي الذكاء الوجداني المنخفض، وفسروا ذلك بما يلي:
- يفهم الطالب المتمتع بالذكاء الوجداني؛ ما يخالجه من مشاعر، وما هي أسبابها، ويُقدر المواقف بحجمها الحقيقي من دون تهويل.
- إنَّ فهم الطالب لعواطفه تمكّنه من السيطرة عليها وإدارتها.
- قدرة الطالب على فهم مشاعر زملائه، تساعده على التعامل معهم بمرونة، وتكوين علاقات ناجحة معهم.
- القلق والخوف من الامتحانات أصعب المشاعر التي يختبرها الطالب، ولكن من خلال الذكاء الوجداني يتمكن الطالب من السيطرة على هذا الشعور وإزالته.
- التفكير الإيجابي والتفاؤل والاندفاع إلى التعلم والتطور.
- يُبدي الطالب الذكي وجدانياً تعاطفه مع زملائه، مما يُكسبه محبتهم واحترامهم.
- يسعى الطالب الذكي وجدانياً إلى تحفيز نفسه دائماً، ولا ينظر إلى الصعوبات على أنَّها عقبات بل تحديات يمكن تجاوزها.
- يتمتع الطالب الذكي وجدانياً بثقة عالية في النفس، فلا يُحبط بالانتقادات والكلام السلبي عنه.
- يتحمل الطالب الذكي وجدانياً المسؤولية، ويعترف بالخطأ، ويتقبله ويرى فيه فرصة للتعلم.
- يمتلك الطالب الذكي وجدانياً بالقدرة على حل مشاكله، واتخاذ القرارات بعقلانية بعيداً عن العواطف.
- لا يواجه الطالب الذكي وجدانياً مشاكل مع أساتذته، كونه يعرف كيف يتعامل مع مختلف الشخصيات.
كيفية تنمية الذكاء الوجداني:
ولعل من أهم جوانب التطور إثارة في موضوع الذكاء الوجداني، ما يتعلق بتدريبه وزيادته في السلوك؛ فالذكاء الوجداني - بعكس الذكاء العقلي ونسبة الذكاء التقليدية - يتصف بعدد من المهارات التي يمكن تعلُّمها واكتسابها بيسر.
وقد كشفت بحوث العلماء في هذا الصدد أنَّ الذكاء الوجداني خاصية أو مجموعة من الخصائص يمكن تدريبها وتنميتها من خلال كثير من الأساليب التي تساعد على تنميتها وتقويتها في الشخصية.
كيف اطور الذكاء الوجداني لدي؟
- الهدوء والاسترخاء: تدريب الذات على الهدوء والاسترخاء في مواجهة الأزمات.
- التعامل مع المشاعر والانفعلات السلبية: كن واعياً بالمشاعر والانفعالات السلبية التي تتملكك أحياناً دون توقع، وكن منتبهاً انتباهاً خاصاً إلى حالات القلق والاكتئاب والغضب، واعمل على التخلص أو الإقلال منها بقدر ما تستطيع؛ وذلك لأنَّها تعيق تفاعلاتك الجيدة مع الناس، وتجعل بينك وبينهم سداً منيعاً يعوق تفاعلك معهم.
- التعلم من الآخرين: لا تجعل العناد أو المكابرة يحرمانك من التعلُّم من الآخرين، حتى ولو كانوا أصغر منك أو مختلفين عنك أو أقل مركزاً أو سطوة، فالرأي الجيد والحكمة لا تعرف التمييز؛ لذا اطلبها حيثما وجدتها وأينما وجدتها ومع من تجدها.
- التعامل الجيد مع الآخرين: حافظ دائماً على مشاعر طيبة عند التعامل مع الآخرين بأن تتفهَّم مشاعرهم وما يوجههم من دوافع وحاجات شخصية واجتماعية، وتفهَّم مخاوفهم، ومشاعرهم بالغيرة والغضب حتى تكون أقدر على توجيه تفاعلاتك معهم في الطريق الإيجابي دائماً وبأقل قدر من التوتر.
- مواجهة الأزمات بهدوء: علينا أن ندرِّب أنفسنا جيداً على مواجهة الأزمات بهدوء، وأن نتصدى لحل الخلافات، خاصة تلك التي تثور عندما نواجه مختلف التأثيرات السلبية والعقبات التي قد تطرحها أمامنا بيئة اجتماعية تعيق قدراتنا على النمو السليم والصحة النفسية.
- التعامل مع النقد الخارجي: كذلك ينصح العلماء بأن تُنمِّي قدرتك على مواجهة النقد الخارجي؛ لذا انظر إلى النقد بوصفه فرصة للناقد والمنتقد للعمل معاً نحو تحقيق هدف له معنى للوصول إلى حلول ناجحة للمشكلات التي أثارت النقد، وليس بوصفه خصومة وتآمر.
- الابتعاد عن التعصب: راقب تحيُّزاتك وتعصبك الشخصي ضد بعض الأشخاص المختلفين عنك اجتماعياً أو ذهنياً، وتذكر أنَّ التعصب نوع من الجمود العاطفي؛ ولهذا تتصف الشخصية المتعصبة بالعدائية نحو المختلفين عنا في الرأي أو السلوك مهما كانت الحقائق مختلفة عما نحمل من رأي متحيز أو توجه سلبي نحو الآخرين.
- التعاطف مع الآخرين: لكي تُنمِّي شخصيتك في اتجاه الذكاء الوجداني امنح فرصة لنمو مهاراتك على التعاطف ومؤازرة الآخرين ومد يد العون لهم، وتذكَّر أنَّ العطاء لا يكون مادياً فحسب؛ بل يمتد ليشمل قدرتك على العطاء من جهدك ووقتك وعلمك؛ لذا تذكَّر أنَّه إذا كان من أهدافك أن تمد يد العون والمساعدة للآخرين، فثق أنَّك ستجد الكثير من الطرائق الملائمة لعمل ذلك، فالمجال أمامك واسع جداً لتكون خدوماً و"خادم القوم سيدهم".
- الالتزام بسمات الذكاء الوجداني: وأخيراً انظر وتأمَّل العبارات التي بدأنا بها هذه المقالة، وعاملها على أنَّها عقبة في تطورك الشخصي ونجاحك في العمل، ومن ثم تجنب ما تصفه هذه العبارات من آراء أو سلوك، واعمل على أن تتصرف بعكسها؛ أي بحسب الخصائص الثماني المذكورة في المقالة، واستمر في ذلك حتى تصبح تصرفاتك الجديدة عادية وترتبط بحق بما يسمى بالذكاء الوجداني.
- تنمية الذكاء الوجداني لدى الأطفال: إذا كنت أباً أو أماً كن على وعي بالعوامل التي تيسِّر نمو الذكاء الوجداني لدى أطفالك مبكراً، وقلل من انتقاداتك لآرائهم، وناقش آرائهم في الناس والآخرين بدون تعصُّب، وشجَّعهم على التعاطف مع الآخرين والتطوع للأعمال التعاونية والخيرية، ودرِّبهم مبكراً على اكتساب المهارات الاجتماعية وتنويع صداقاتهم بفئات مختلفة من الناس، وشجعهم على التخلي عن الغضب والفورات الانفعالية بأن ترسم أمامهم بتصرفاتك قدوة لهم على الهدوء وتجنُّب الانفعالات، واطلب منهم دائماً أن يقدموا لك على الأقل ثلاثة حلول لأي مشكلة قد تواجههم أو تعترض نموهم.
هل هناك فرق بين الذكاء الوجداني والذكاء العاطفي؟
يتساءل كثيرون عن الفرق بين الذكاء العاطفي والذكاء الوجداني، ولكن حقيقة الأمر أنَّه لا يوجد فرق بينهما؛ فالذكاء الوجداني هو نفسه الذكاء العاطفي، فهو يعبّر عن قدرة الإنسان على فهم مشاعره، وضبط انفعالاته، وإدارة عواطفه، والسيطرة على المشاعر السلبية كالخوف والقلق، وامتلاك مهارات التواصل الاجتماعي، وعدم التصرف أو اتخاذ قرار تحت تأثير الغضب وردود الأفعال، وامتلاك المرونة، بالإضافة إلى فهم مشاعر الآخرين، والتعاطف معهم، والتأثير فيهم، والانفتاح عليهم، وإدارة العلاقات بنجاح، ومن الجدير ذكره أن الذكاء الوجداني لا ينتقل بالوراثة عبر الأجيال كما هو الذكاء العقلي، وإنما هو مهارة يتم اكتسابها من خلال التدريب والتمرين.
بداية ظهور الذكاء الوجداني كانت في ثمانينات القرن العشرين، عندما قامت شركة أمريكية بإجراء اختبار للذكاء العقلي IQ لموظفيها، وجاءت النتيجة مُفاجئة، فالأشخاص الذي حصلوا على درجات عالية في الذكاء العقلي، لم يكونوا في الواقع من الناجحين مهنياً أو اجتماعياً، بينما الأشخاص الناجحين فعلياً لم يحصلوا على درجات عالية في الذكاء العقلي، وبعد هذه النتيجة بدأ علماء النفس محاولة تفسير أسباب النتائج التي ظهرت في الدراسة، واستمرت الأبحاث إلى أن توصلوا إلى طرح فكرة جدية تمثلت في "الذكاء الوجداني"؛ إذ أكد العلماء والباحثون على أهمية هذا النوع من الذكاء في الحياة المهنية والاجتماعية والشخصية، وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أنَّ الإنسان حتى يحقق النجاح والسعادة في الحياة ككل يحتاج إلى يكون لديه 80% من الذكاء الوجداني، مقابل 20% من الذكاء العقلي.
ويمكن تلخيص مهارات الذكاء العاطفي أو الوجداني يما يلي:
- الوعي العاطفي وفهم المشاعر الذاتية، والسيطرة عليها والتحكم بردود الأفعال.
- التعامل مع ضغوط الحياة بمرونة وتكيف.
- التفكير الإيجابي والتفاؤل والتركيز على الحل وليس المشكلة.
- تقبل الآخر بكل اختلافاته، وتقدير ظروفه، واستيعاب ردود أفعاله.
- الشجاعة والمغامرة وحب الخروج من منطقة الراحة.
- الثقة بالنفس والتواضع في نفس الوقت.
- التمتع بحس الفكاهة والمرح.
- تحمل المسؤولية، والإقرار بالخطأ عند ارتكابه، وامتلاك ثقافة الاعتذار.
- امتلاك مهارات التواصل الاجتماعي؛ كمهارة الاستماع، وفن التفاوض، وإدارة الحوار، ولغة الجسد، والإقناع، والتأثير.
- تبادل الأدوار؛ بأن يضع الشخص الذكي وجدانياً نفسه مكان الشخص المقابل، مما يجعله يشعر بما يشعره الآخر، ويبرر له سلوكه ووجهة نظره.
- تكوين العلاقات الاجتماعية الناجحة واكتساب احترام وثقة الآخرين.
- الرغبة الدائمة بالتعلم وتطوير الذات.
- عدم التأثر بالانتقادات والكلام السلبي.
- التصرف بعفوية والابتعاد عن التصنع، فيكسب بذلك الشخص الذكي وجدانياً قلوب الآخرين.
- عدم الشعور بالاستفزاز والدخول في جدال، بل الانفتاح على الآخرين وتقبل آرائهم ولو كانت خلاف رأيه.
- يهتم الذكي العاطفي بسمعته، ويترك انطباعاً جيداً عن نفسه لدى الآخرين.
شاهد بالفيديو: 6 عادات يومية لتنمية الذكاء العاطفي
الذكاء الوجداني وعلاقته بالذكاء الاجتماعي:
يعد الذكاء الاجتماعي جزءاً من الذكاء الوجداني أو العاطفي، فالشخص الذي يتمتع بدرجة عالية من الذكاء العاطفي، سينعكس ذلك على ذكائه الاجتماعي حكماً، لأنَّه سيمتلك القدرة على فهم مشاعره وضبط انفعالاته، ومهارات التواصل الاجتماعي (الحوار والاستماع ولغة الجسد)، وفهم مشاعر الآخرين والتعاطف معهم، وتقدير الظروف المحيطة بهم، وأنماط شخصياتهم، وتكوين العلاقات الاجتماعية الناجحة، مما يجعله شخصاً محبوباً ومرغوباً من قبل الآخرين.
اقتباسات عن الذكاء الوجداني والذكاء الاجتماعي:
يقول دانيال جولمان في كتابه "الذكاء الوجداني": "الاستغراق في الذات بجميع أشكاله؛ يقتل التعاطف، ناهيك عن التعاطف، عندما نُركز على أنفسنا، فإنَّ عالمنا ينكمش، بينما تلوح مشاكلنا وانشغالاتنا بشكل كبير، لكن عندما نركز على الآخرين، يتسع عالمنا، تنجرف مشاكلنا الخاصة، إلى محيط العقل، وبالتالي تبدو أصغر، ونزيد من قدرتنا على الاتصال والعمل المريح".
يقول إدوارد و ويسلون: "الذكاء الاجتماعي دائماً في مرتبة عالية، يُمكِّن الاحساس الحاد بالتعاطف أن يحدث فرقاً كبيراً، ومعه القدرة على التلاعب والخداع".
يقول روبرت جري: "عملك هو أعظم وسيلة تحت تصرفك، للتعبير عن ذكائك الاجتماعي".
تقول ألمانيا كينيت: "إذا كنت على وسائل التواصل الاجتماعي؛ ولا تتعلم، ولا تضحك، أو لا تكون مصدر إلهام أو لا تتواصل، فأنت تستخدمه بشكل خاطئ".
أهم الكتب والمراجع عن الذكاء الوجداني:
1. كتاب الذكاء الوجداني لدانييل جولمان:
يُعد كتاب الذكاء العاطفي لدانييل جولمان – عالم نفسي وصحفي في نيويورك تايمز- أحد أهم الكتب التي تناولت الذكاء العاطفي أو الوجداني، ويُعرف جولمان الذكاء الوجداني بأنَّه "القدرة على فهم الانفعالات، ومعرفتها، والتمييز بينها، والقدرة على ضبطها والتعامل معها بإيجابية".
2. كتاب "سر التحكم في حياتك وتحويلها" لماكسويل مالتز:
يُشير مالتز -وهو أحد أشهر جراحي التجميل في العالم- في كتابه "سر التحكم في حياتك وتحويلها" إلى أنَّ تغيير المظهر الجسدي لا يكفي لتحقيق السعادة، وإنَّما يحتاج الأمر تغييراً آخر يبدأ من الداخل، ويدعو مالتز إلى التمتع بالذكاء العاطفي أو الوجداني والتدريب على التحكم بالنفس وانفعالاتها.
3. كتاب "العادات السبعة الأكثر فعالية" لستيفن ر. كوفي:
يدلنا ستيفن كوفي –وهو أستاذ محاضر ورجل أعمال مشهور- على 7 عادات مرتبطة بالذكاء العاطفي أو الوجداني، والتي تحقق للإنسان حياةً أفضل وعلاقات أنجح.
4. كتاب "بوصلة الملاحين العاطفيين" لإلسا بونتس:
تُقدم لنا إلسا بونتس رحلتها الشخصية في تعليم أطفالها الذكاء الوجداني، وكيفية بناء الشخصية، تدعونا هذه الرحلة إلى التعمق في الذكاء الوجداني، فكل ملَّاح عاطفي بحاجة إلى إيجاد بوصلة خاصة به، حتى يشعر بالتوازن الذي هو "نقطة النعمة" على حد تعبير بونتس، وتقول بونتس "إنَّ معرفة الذات تسمح لنا باكتشاف مصادر سعادتنا وغضبنا وألمنا، حتى نتمكن من العيش بتناغم كامل مع أنفسنا ومع الآخرين".
كتب أخرى تناولت الذكاء الوجداني:
- كتاب "الذكاء الوجداني" للمؤلفين د.صفاء الأعسر ود.علاء الدين كفافي.
- كتاب "تنمية الذكاء العاطفي (الوجداني): مدخل للتميز" للمؤلف مدحت أبو النصر.
- كتاب "دراسات نفسية في الذكاء الوجداني- الاكتئاب- اليأس" للمؤلف بشير معمرية.
- كتاب "أسرار الذكاء الوجداني" للمؤلفة حنان حسن عبد الظاهر.
- كتاب "قوة الذكاء الوجداني" للمؤلف موسى بن راشد البهدل.
- كتاب "الذكاء الوجداني (أسسه، تطبيقاته، تنميته)" للمؤلف ابراهيم السعدوني.
- كتاب "الذكاء الوجداني – إعادة صياغة مفهوم الذكاء" للمؤلف عثمان الخضر.
- كتاب "الذكاء الوجداني وتنميته في مرحلتي الطفولة والمراهقة" للمؤلف رشاد علي عبد العزيز موسى.
- كتاب "الذكاء الوجداني وعلاقته بالتوافق الزواجي" للمؤلفة سلوى مسعود الحطماني.
- كتاب "الذكاء الوجداني (الشخصية والانتكاسة)" للمؤلف عمر صلاح.
- كتاب "الذكاء الوجداني وعلاقته بالذكاء الاجتماعي والروحي" للمؤلف إبراهيم عبده.
أضف تعليقاً