لا يُقصَد بالأطعمة الخارقة المنتجات باهظة الثمن مثل مسحوق البروتين والفواكه النادرة التي لا تتوفر في بعض البلدان، بل إنَّها مجموعة من الأصناف الغذائية التي ورد ذكرها في الطب القديم، وأثبتت الدراسات العلمية الحديثة فاعليتها.
يبحث المقال في أنواع الأطعمة الخارقة، والتفسير العلمي لتأثيرها في الأداء المعرفي عند الإنسان، إضافة إلى تقديم اقتراحات عملية لإدخال هذه الأصناف ضمن النظام الغذائي اليومي.
القاسم المشترك بين العلوم القديمة والدراسات الطبية الحديثة:
اكتشفت الحضارات القديمة مجموعة من الأطعمة والأعشاب الفعالة في تحسين الوظائف المعرفية في الدماغ، وقد توارثت الشعوب على مر التاريخ هذه الحكمة جيلاً تلو الآخر، وبدأ العلماء في العصر الحديث بالتحقق من صحة هذه المعتقدات المتوارثة والبحث في خصائص الأطعمة المذكورة في الطب القديم.
فيما يأتي 3 أطعمة خارقة شاع استخدامها بين الشعوب القديمة:
1. نبات "جنكة بيلوبا" (Ginkgo Biloba):
تتميز هذه النبتة بخصائصها العلاجية، ولطالما اعتمدت عليها الشعوب القديمة في التداوي من الأمراض، ولقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة فاعلية النبتة في تقوية الذاكرة وتحسين الوظائف المعرفية، فنبات "جنكة بيلوبا" غني بمركب الفلافونيد والتربينات التي تساعد على محاربة الإجهاد التأكسدي، وزيادة تدفق الدم إلى الدماغ، ووقايته من الإصابة باضطرابات التنكس العصبي.
2. فطر عرف الأسد:
لقد كثر الحديث مؤخراً عن فوائد فطر عرف الأسد الذي يُستخدم في الطب الصيني التقليدي، ويحتوي هذا الفطر على مركبات تعزز نمو الخلايا العصبية، وقد كشفت الدراسات العلمية عن فاعليته في تحسين صحة الدماغ عن طريق تعزيز نمو الخلايا العصبية، وتقليل الالتهابات، والوقاية من أمراض التنكس العصبي.
3. الأشواغاندا:
ورد ذكر نبات الأشواغاندا في تعاليم الطب الهندي القديم الذي أُطلِق عليه اسم "أيورفيدا"، وهو يحظى بشعبية واسعة في الوقت الحالي بسبب خصائصه المضادة للأكسدة والالتهاب، وغناه بمركبات الويثانوليد.
يساعد نبات الأشواغاندا على حماية الخلايا من الجذور الحرة التي تسبب لها الشيخوخة والتلف بفضل خصائص التكيف التي يتمتع بها، وأثبتت الدراسات العلمية الحديثة فاعلية نبات الأشواغاندا في تعزيز نمو الخلايا العصبية ومقاومة أعراض القلق والاكتئاب.
أبرز الأطعمة الخارقة في الوقت الحالي:
تؤدي البوليفينولات دوراً محورياً في التغلب على الإجهاد التأكسدي، وتعزيز عمليات التواصل بين الخلايا العصبية، وتحسين لدونة الدماغ، فتوجد هذه المركبات بشكل طبيعي في بعض النباتات وتتميز بخصائصها المضادة للأكسدة.
فيما يأتي 5 أصناف غذائية غنية بالبوليفينولات ومفيدة لصحة الدماغ:
1. الشاي الأخضر:
اكتسب مشروب الشاي الأخضر شعبية كبيرة في الحضارات الآسيوية القديمة، وقد شاع تناوله في الاحتفالات والحياة اليومية، وهو يتميز بغناه بمركبات الكاتيشين ومضادات الأكسدة التي تعبر الحاجز الدموي الدماغي، وهو ما يؤدي بدوره إلى تحسين الوظائف المعرفية.
يحتوي نبات الشاي الأخضر على كمية معتدلة من عنصر الكافيين الذي يعمل مع مركب "إل ثيانين" على زيادة اليقظة والانتباه والطاقة دون أن يصيب الفرد بالتوتر أو العصبية.
2. الشوكولاتة الداكنة:
الشوكولاتة الداكنة لذيذة الطعم ومفيدة لصحة الدماغ بسبب احتوائها على نسبة عالية من الكاكاو والفلافونيدات، فتساعد هذه المركبات على زيادة تدفق الدم إلى الدماغ، وهو ما يؤدي بدوره إلى تحسين الوظائف المعرفية.
3. الأفوكادو:
يُعَد الأفوكادو من أبرز المصادر الغنية بالأحماض الدهنية أوميغا 3، ويساعد الاستهلاك المنتظم لثمرة الأفوكادو على تحسين صحة الدماغ والوظائف المعرفية، بفضل غناه بحمض الفوليك وفيتامين ك، وهما عنصران ضروريان لزيادة فاعلية الوظائف المعرفية والوقاية من الجلطات الدموية في الدماغ.
4. زيت جوز الهند:
زيت جوز الهند غني بالجليسريدات الثلاثية متوسطة الحلقات التي تتحكم بالوعي والوظائف المعرفية، ويُعد زيت جوز الهند مصدراً سريعاً للطاقة وهو مفيد في حالة ألزهايمر الذي يسبب خللاً في استقلاب الجلوكوز.
5. الجوز وبذور الكتان:
يضيف بعض الأشخاص بذور الكتان والجوز إلى وجبات الطعام مثل السلطة، والحبوب، والمخبوزات، وهذه الأصناف الغذائية غنية بحمض ألفا-اللينولينيك، وهو معروف باسم الحمض الدهني أوميغا-3 نباتي المنشأ.
لقد أثبتت الدراسات العلمية فاعلية هذا الحمض الدهني في حماية الخلايا العصبية، وهو يساهم في تحسين الوظائف المعرفية ويقي من الإصابة باضطرابات التنكس العصبي.
العلاقة بين الجهاز الهضمي وصحة الدماغ:
ركزت الدراسات العلمية الحديثة على البحث في العلاقات المعقدة بين الجهاز الهضمي والدماغ، فيُطلَق على الأمعاء اسم "الدماغ الثاني"، وهي تتحكم بصحة الجسم والعقل، وتؤدي البكتيريا المعوية دوراً بارزاً في هضم الطعام، وإنتاج الفيتامينات، والوقاية من الأمراض والعدوى.
كشفت الدراسات العلمية الحديثة عن وجود علاقة مباشرة وتأثير متبادل بين الأمعاء والدماغ، فيؤثر اختلال توازن بكتيريا الأمعاء في اضطرابات المزاج والوظائف المعرفية؛ لذا إنَّ تناول الأطعمة الغنية بالمعينات الحيوية مثل اللبن والأغذية المخمرة مثل الساوركراوت والكمتشي يحسِّن صحة الأمعاء والحالة المزاجية والوظائف المعرفية.
تساعد الأطعمة الغنية بالألياف مثل العدس، والفاصولياء، والحبوب الكاملة على ضبط بكتيريا الأمعاء، وضبط بكتيريا الأمعاء ضروري للعافية النفسية، وتخفيف أعراض التوتر والقلق والاكتئاب.
الميزانية اللازمة لتحسين صحة الدماغ:
ثمة إقبال كبير على الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية في العصر الحديث، ولكن يعتقد بعض الأشخاص أنَّ هذه الخطوة تحتاج إلى ميزانية كبيرة، فتوجد استراتيجيات وطرائق مدروسة تساعد على الحصول على الغذاء اللازم للحفاظ على صحة الدماغ.
فيما يأتي 4 طرائق للحصول على الأطعمة الخارقة بأسعار مقبولة:
1. التسوق الموسمي والمحلي:
تقتضي هذه الطريقة التركيز على الأطعمة الخارقة في موسمها لأنَّها تكون طازجةً وغنيةً بالعناصر الغذائية وشهية الطعم وموجودة بوفرة في السوق، وهو ما يؤدي إلى انخفاض أسعارها، ويمكنك من ناحية أخرى أن تستفيد من أسواق المزارعين المحلية في الحصول على خيارات غذائية أسعارها مقبولة.
2. الاستفادة من الأطعمة المحفوظة:
يغفل كثير من الأفراد عن قسم الأطعمة المجمدة في المتاجر، فتحافظ الأطعمة المجمدة على معظم العناصر الغذائية الموجودة فيها ويُذكَر منها ثمار التوت والخضروات الخضراء، وهذه الأطعمة مفيدة لصحة الدماغ، وغالباً ما تكون رخيصة الثمن ويمكن تخزينها لفترات طويلة.
3. زراعة النباتات في المنزل:
يمكنك أن تستثمر المساحة المتوفرة في منزلك في زراعة النباتات المفيدة لصحة الدماغ، لا سيما إذا كنت تمتلك بعض الخبرة في أعمال البستنة، فتشتهر أعشاب إكليل الجبل، والميرمية، والكركم بفاعليتها في تعزيز صحة الدماغ، ويمكن تثبيت الأواني على النوافذ المعرضة لأشعة الشمس واستثمارها في زراعة الأعشاب، ويستفيد بعض الأشخاص من الفناء المحيط بالمنزل في زراعة الخضروات الخضراء مثل السبانخ والكرنب.
4. الاستفادة من الخصومات والعروض:
يشهد سوق الأطعمة الخارقة تطوراً متسارعاً، وقد تظهر بدائل جديدة تمتلك نفس الخصائص الغذائية للأصناف الشهيرة حالياً بأسعار أقل، وتقدم معظم متاجر الطعام العضوي عروضاً مغرية تشجع على شراء الأطعمة الخارقة والصحية.
تشمل هذه العروض الخصومات وبرامج الولاء، والمكافآت الخاصة بالزبائن الجدد بغية توفير الأطعمة بأسعار تنافسية تشجع أفراد المجتمع على الاهتمام بصحة الدماغ.
يجب أن تحرص في البداية على إيجاد مصدر موثوق للحصول على أطعمة خارقة صحية بأسعار مقبولة، فقد كشفت بعض التقارير عن وجود حالات استغلال واحتيال مرتبطة بإنتاج الأفوكادو وغيرها من الأطعمة الخارقة.
في الختام:
لقد أثبت المقال توافق العلوم الطبية القديمة مع أحدث الدراسات العلمية، ودور الغذاء في إطالة العمر، وعيش حياة صحية، وقدم من ناحية أخرى 5 أصناف من الأطعمة الخارقة، وشرح كيفية إدخالها في النظام الغذائي اليومي، فتثبت العلوم الطبية القديمة سعي الإنسان الأزلي إلى الحفاظ على صحته وعافيته.
تفيد الأصناف الواردة في المقال في تحسين صحة الجسد والدماغ البشري، وهي ليست مجرد توجهاً فارغاً لا يستند إلى أساس علمي كما يفترض بعض الأشخاص.
أضف تعليقاً