يتفق الخبراء أنَّ اتباع نظام غذائي صحي يتجنب الأطعمة المُحرضة للالتهاب مثل الجبنة واللحوم الحمراء، قد يساعدك على الشعور بالتحسن إذا كنت مصاباً بالتهاب المفاصل الروماتويدي، لكن ماذا عن تغيير أوقات تناول الطعام؟
لقد أصبح هذا النوع من روتين تناول الطعام المعروف باسم الصيام المتقطع، شائعاً جداً في السنوات الأخيرة، وقد استخدمه بعض الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي لفقدان الوزن، وأكَّد آخرون أنَّه يساعدهم على الشعور بالتحسن بشكل عام.
على الرَّغم من وجود عدد من الأنماط المختلفة للصيام المتقطع، فإنَّ كل نمط منها يتضمن تناول الطعام بشكل طبيعي لبعض الوقت، وتقييد السعرات الحرارية بشدة أو حتى الامتناع عن تناول الطعام تماماً في فترات أخرى.
لا توجد أبحاث كافية للجزم بأنَّه يجب على مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي أن يتبعوا الصيام المتقطع، لكن توجد بعض الدراسات الصغيرة التي تشير إلى فوائده المحتملة؛ إذ يستطيع معظم الناس اتباع هذا النظام الغذائي بأمان، لكن من الأفضل دائماً أن تستشير طبيبك أو اختصاصي التغذية لمناقشة نمط تناول الطعام الأنسب لحالتك الصحيَّة والنتائج التي ترجوها.
فيما يأتي ست نقاطٍ يجب أن يعرفها المصابون بالتهاب المفاصل الروماتويدي:
أولاً: توجد عدة أنواع من الصيام المتقطع، ولا يصلح كلٌّ منها للجميع
هو مصطلح واسع يشمل مجموعة متنوعة من خطط تناول الطعام، وفي جميع هذه الخطط، يُشجع الخبراء على: شرب الماء، والقهوة السوداء، وشاي الأعشاب خاصةً؛ وذلك خلال فترة الصيام.
تتضمن بعض أنواع الصيام المتقطع الأكثر شيوعاً ما يأتي:
1. أيام الصيام المختارة:
يختار الناس يوماً أو أكثر خلال الأسبوع؛ إذ يأكلون القليل جداً من الطعام، بينما يأكلون خلال الأيام الأخرى بشكل طبيعي أو حتى أكثر من المعتاد.
2. طريقة 5/2:
يسمح هذا النهج الشائع بتناول الطعام بشكل طبيعي دون تقييد السعرات الحرارية لمدة خمسة أيام كل أسبوع، ولكن عليك الحد من استهلاك السعرات الحرارية؛ إذ تقتصر على نحو 500 سعرة حرارية في اليوم للنساء وَ600 سعرة حرارية للرجال في اليومين المتبقين.
يمكنك اختيار هذين اليومين حسب رغبتك، ومعظم الناس لا يختارون يومين متتاليين، وتكمن الفكرة في هذين النوعين أنَّه إذا اشتهيت تناول وجبةٍ دسمة، فمن السهل أن تمتنع عن تناولها عندما تعلم أنَّه يمكنك تناولها في اليوم التالي، حتى لو لم تفعل ذلك في النهاية.
3. تناول الطعام المقيد بالوقت:
هذه طريقةٌ شائعة أخرى؛ إذ يختار الناس فترةً زمنية معينة خلال اليوم يتوقفون فيها عن تناول الطعام، توصف هذه الطريقة عادةً حسب عدد الساعات التي تأكل فيها والساعات التي تصوم فيها.
4. طريقة 12/12:
تُعَدُّ هذه الطريقة من أشهر نماذج تناول الطعام المقيد بالوقت الذي تحدَّثنا عنه في النقطة السابقة؛ إذ تأكل بانتظام خلال فترة 12 ساعة، وعادةً خلال النهار، وبمجرد الانتهاء من العشاء في الساعة الثامنة مساءً على سبيل المثال، لا تأكل مرةً أخرى حتى الثامنة صباحاً في اليوم التالي، وهذه الخطة مُفضلةٌ عادةً من قبل اختصاصيي التغذية.
5. طريقة 8/16:
مشابهةٌ للطريقة السابقة وتُستخدم أيضاً على نطاق واسع، وتتميز عنها أنَّ وقت الصيام فيها أطول، فبدلاً من تناول وجبة الإفطار في الساعة الثامنة صباحاً، عليك أن تستمرَّ في الصيام حتى فترة الظهر تقريباً؛ وبذلك تُستهلك جميع السعرات الحرارية في غضون 8 ساعات فقط.
شاهد بالفيديو: 8 وصايا لغذاء وصوم صحي في رمضان
ثانياً: الأبحاث قليلة ولكنَّها واعدة
أظهرت العديد من الدراسات الصغيرة التي أُجرِيت على عموم الناس أنَّ الصيام المتقطع هو طريقةٌ فعالة إلى حد ما في إنقاص الوزن.
وَفقاً لمراجعةٍ نُشِرَتْ في الفترة الأخيرة في مجلة جاما نيتوورك أوبِن (Jama Network Open) ؛ فإنَّ بعض أنواع الصيام المتقطع، وخاصةً طريقة 5/2 أو طريقة الصيام اليومي المتناوب، تؤدي إلى فقدان الوزن باعتدال؛ وذلك بناءً على أدلةٍ ذات موثوقيِّة تتراوح بين المتوسطة والعالية.
فيما يتعلق بالتهاب المفاصل الروماتويدي، فقد أظهرت بعض الدراسات الصغيرة أنَّ تقييد السعرات الحرارية في أثناء اتباع إحدى طرائق الصيام المتقطع، قد يكون له تأثير مضاد للالتهاب، وعلى الرَّغم من أنَّ الآليات الدقيقة وراء ذلك ليست واضحةً تماماً، وبينما أظهرت التجارب المبكرة تحسُّناً في أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي مع الصيام، بدا أنَّ الأعراض تعود فوراً عند إيقاف الصيام.
أُجريت دراسةٌ مثيرة للاهتمام خاصة على الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي خلال شهر رمضان، نُشرت الدراسة في الفترة الأخيرة في مجلة كلينيكال روماتولوجي (Clinical Rheumatology)، وقيَّمت 35 شخصاً مصاباً بالتهاب المفاصل الروماتويدي لتحري فاعليَّة المرض قبل شهر رمضان وفي أثنائه.
بعد ثلاثة أشهر تبيَّن أنَّ فاعلية المرض قد انخفضت انخفاضاً كبيراً خلال شهر الصيام وفي الأشهر اللاحقة، وعلى الرَّغم من أنَّ الفوائد بدأت تتلاشى بعد مضي ثلاثة أشهر تقريباً، مما دفع الباحثين إلى التوصية أنَّ المرضى قد يستفيدون من القيام بهذا النوع من الصيام بشكل روتيني كل ثلاثة أشهر.
ينتظر الباحثون بفارغ الصبر نتائج دراسة تجري حالياً في ألمانيا، والتي تختبر 84 مريضاً عشوائياً وتقارن بين فوائد الصيام العلاجي المتبع بنظام غذائي نباتي، وبين نظام غذائي تقليدي مضاد للالتهابات، ومن المتوقع أن تُلقي النتائج مزيداً من الضوء على تأثير الصيام المتقطع في فاعلية المرض.
بالمقابل، أصدرت الجمعية الفرنسية لأمراض الروماتيزم (France’s Society for Rheumatology) في الفترة الأخيرة توصيات عن أفضل خطط تناول الطعام من أجل فقدان الوزن، وأوصت الأشخاص المصابين بأمراض الروماتيزم الالتزام بحمية البحر الأبيض المتوسط، وتجنُّب الخطط الغذائية التي تنطوي على الصيام، ولكنَّ ذلك نابعٌ إلى حدٍّ كبير عن عدم وجود أبحاث قوية عن فائدة الأنظمة الغذائية التي تعتمد على الصيام.
ثالثاً: تخفيف الحالات الأخرى التي تؤثر في مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي
بالإضافة إلى فقدان الوزن وتقليل فاعليَّة التهاب المفاصل، يشير عدد محدود من الأبحاث إلى أنَّ الصيام المتقطع قد يُساعد على خفض مستويات سكر الدم والواسمات القلبيَّة، وكلاهما هامٌ للأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل الروماتويدي؛ وذلك لأنَّهم معرَّضون لخطر متزايد للإصابة بأمراض القلب.
وجدت مراجعةٌ نشرت في مجلة "جاما نيتوورك أوبِن" أنَّ البالغين الذين يتبعون أنظمة الصيام المتقطع قد شهدوا بعض التحسُّن في مستويات الكوليسترول المنخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول الكلي، والشحوم الثلاثية، وضغط الدم، بالإضافة إلى سكر الدم والأنسولين الصيامي.
رابعاً: توجد خطة معدلة
يقترح بعض الخبراء نمطاً معدلاً من الصيام يُعرف بالنظام الغذائي المحاكي للصيام، يسمح هذا النظام الغذائي بتناول كمية طبيعية من السعرات الحرارية في معظم الأيام، لكنَّه يقيدها بشدة لمدة خمسة أيام كل شهر، يؤكِّد مؤيدو هذا النظام أنَّ اتباعه أسهل من اتباع الأنظمة الغذائيَّة التي تتطلب تقييداً أشدَّ للسعرات الحرارية.
وجد العلماء عند تجربة هذا النوع من النظام الغذائي على الفئران أنَّه يعزز التأثيرات المضادة للالتهابات، ويقترح بعضهم أنَّه قد يؤدي إلى نفس النتيجة عند البشر أيضاً.
تبيع شركة تدعى برولون (Prolon) بسكوت طاقة نباتي، وحساء، ووجبات خفيفة، ومشروبات، ومكملات غذائية لتوفير الأطعمة منخفضة السعرات الحرارية والمتوازنة من الناحية التغذوية التي يجب تناولها خلال فترة الصوم لمدة خمسة أيام.
خامساً: الحذر من تناول الأدوية في الصباح
توصف بعض أدوية التهاب المفاصل الروماتويدي مع وجبات الطعام؛ فالهيدروكسي كلوروكوين (Hydroxychloroquine) على سبيل المثال يجب تناوله عموماً مرةً أو مرتين في اليوم مع كوب من الحليب أو وجبة طعام؛ وذلك لتقليل حدوث الغثيان، فإذا كان المريض يتناول هذا الدواء مع وجبة الإفطار، يجب تجنُّب خطة 16/8 أو حتى 5/2.
يُنصح أيضاً بتناول الستيرويدات الفموية مع الطعام أو الحليب لتقليل عسر الهضم قدر الإمكان، ومع ذلك من الممكن أن تجد خطةً تسمح لك بتناول أدويتك.
سادساً: استشارة الطبيب قبل اتباع نظام غذائي جديد
من الهام أن تناقش أي خطة جديدة لتناول الطعام مع طبيبك، وخاصةً إذا كانت هذه الخطة تُقيد السعرات الحرارية بشدةٍ في بعض الأيام أو في جزء من اليوم.
تذكَّر أنَّ نوعية الطعام الذي تتناوله هي دائماً أكثر أهميَّة من وقت تناوله؛ أي إنَّ تناول كمية كبيرة من الوجبات السريعة خلال 8 ساعات من اليوم، لن يكون مفيداً لالتهاب المفاصل الروماتويدي كاتباع نظام غذائي مضاد للالتهاب يستمر لفترةٍ زمنية أطول.
شاهد بالفيديو: 7 نصائح لتغذية صحية سليمة
في الختام:
أظهرت المزيد من الأبحاث فوائد الصيام المتقطع للأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي، فقد يصفه الأطباء يوماً ما لمرضاهم، لكن في الوقت الحالي، ما زلنا نحتاج إلى مزيد من الأدلة قبل أن يتمكن الأطباء من وصف نظام غذائي صيامي محدد لمرضاهم.
أضف تعليقاً