يُعَدُّ التهاب المفاصل الروماتويدي، الذي يصيب ما يقرب من 400000 شخصاً بالغاً في المملكة المتحدة وأكثر من 1.3 مليون شخص في الولايات المتحدة، حالةً طويلة الأمد تسبب الألم وتورُّم وتصلُّب المفاصل بسبب الالتهاب، ومن الأعراض الشائعة أيضاً ضعف العضلات والتعب، وقد يعاني الأشخاص أيضاً من نوبات تفاقمٍ للأعراض، وهي فترات تزداد فيها الأعراض سوءاً.
على الرغم من أنَّه ليس هناك دواء شافٍ لالتهاب المفاصل الروماتويدي، إلا أنَّ هناك العديد من العلاجات المتاحة، مثل الأدوية المضادة للروماتيزم التي تخفف أعراض المرض؛ حيث تعمل هذه الأدوية على تخفيف الأعراض وإبطاء تقدم الحالة وتقليل آلام المفاصل والالتهابات، وقد يُنصَح أيضاً بتغيير نمط الحياة، بما في ذلك تغيير النظام الغذائي أو حضور جلسات العلاج الطبيعي، والذي يمكن أن يساعد على تحسين اللياقة والمرونة والقوة.
ولكن تُشير الأدلة أيضاً إلى أنَّ النشاط البدني وممارسة الرياضة قد يُحسِّن القدرة على التعامل مع التهاب المفاصل الروماتويدي، كما أنَّ الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي، غالباً ما يعانون من سوء صحة العضلات أكثر من أولئك غير المصابين بهذه الحالة، حتى عندما يكونون في حالة هدوء سريرية (انخفاض الأعراض)؛ لذا فقد تساعد التمرينات الرياضية على تحسين القوة وتقليل الضعف.
البدء بالتحرك:
تُشير الأبحاث إلى أنَّ ممارسة التمرينات الرياضية لها آثار مضادة للالتهابات، وهذا أمر هام؛ لأنَّ الالتهاب المزمن قد يؤدي إلى أمراض معيَّنة مثل مرض السكري، كما يقلل التمرين من الالتهاب عن طريق الحد من نسبة الدهون، وزيادة إنتاج وإطلاق جزيئات مضادة للالتهابات من عضلاتنا.
ونظراً إلى أنَّ الالتهاب هو سبب رئيس في ألم المفاصل عند الأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل الروماتويدي، فقد يكون هذا هو السبب في أنَّ التمرينات الرياضية تُظهِر تحسناً في الأعراض.
أظهرت إحدى الدراسات التي نُشِرَت في عام 2013 للتحقق من آثار التمرينات الرياضية في التهاب المفاصل الروماتويدي، أنَّ 12 أسبوعاً فقط من التمرينات المنتظمة قد حسَّنَت الوظيفة البدنية ونوعية الحياة لمرضى التهاب المفاصل الروماتويدي؛ حيث أُجرِيَت الدراسة على 108 مريضاً في المجمل، تلقَّى نصفهم علاجات معتادة لالتهاب المفاصل الروماتويدي فحسب، بينما اتبع النصف الآخر نظاماً للتمرينات الرياضية إلى جانب هذا العلاج المعتاد، وتضمَّنَت خُطط التمرين تمرينات القلب والأوعية الدموية وتمرينات القوة لكلٍّ من الجزء العلوي والسفلي من الجسم.
بعد 12 أسبوعاً، كانت هناك فروق ذات دلالة إحصائية في الوظيفة البدنية - كما يتضح من قوة قبضة اليد (قياس قوة الجزء العلوي من الجسم والقوة الكلية) - بين أولئك الذين يمارسون الرياضة وأولئك الذين لم يمارسوها؛ حيث انخفض نشاط المرض لدى أولئك الذين شاركوا في التمرين أكثر من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك؛ ممَّا أدى إلى التحسن في المفاصل المتورمة لديهم وانخفاض علامات الالتهاب في الدم.
كما وجدت دراسة نُشِرَت في عام 2020 النتائج نفسها؛ حيث بيَّنَت أنَّ ممارسة التمرينات إلى جانب العلاج المعروف يساعد على تحسين الأعراض، وبحثَت الدراسة في 66 شخصاً يعانون من التهاب المفاصل الروماتويدي، يتَّبع نصفهم برامج تمرينات مخصصة لهم مدة ثلاثة أشهر؛ حيث لاحظ أولئك الذين يمارسون التمرينات انخفاضاً في الالتهاب في الدم، وقوة في قبضة اليد، وصحة القلب والأوعية الدموية، إلى جانب تحسين الإدراك.
استناداً إلى جميع الأدلة المتاحة، يُوصى بأن يحصل الأشخاص المصابون بالتهاب المفاصل الروماتويدي على ما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط البدني معتدل الكثافة أو 75 دقيقة من النشاط البدني قوي الكثافة كل أسبوع؛ إذ يمكن أن يكون أي نوع من أنواع التمرينات مثل المشي السريع أو ركوب الدراجات، ولكن لملاحظة الفوائد، من الهام أن يكون هذا التمرين قوياً بما يكفي على الأقل بحيث يُتعبك قليلاً.
يجب على المرضى أيضاً القيام بمجموعة متنوعة من تمرينات التقوية والتمدد والتوازن لتحسين القوة والمرونة؛ حيث تشمل بعض الأمثلة على ذلك "اليوغا" (yoga) أو "السباحة" (swimming)، ولا يزال هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى الإجابة، بما في ذلك نوع التمرين الأفضل للتحكم في الأعراض، والحد الأدنى من عدد المرات اللازمة لتقليل الالتهاب.
كما أنَّنا لا نعرف أنواع التمرينات الأكثر ملاءمة للمرضى في مراحل مختلفة من المرض، ولكن، بينما يواصل الباحثون البحث عن هذه الإجابات، فإنَّنا نعلم أنَّه يمكن استخدام التمرين للمساعدة على تحسين حياة الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة المُنهكة.
أضف تعليقاً