ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "مارك تشيرنوف" (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية الشعور بالامتنان في حياتنا.
سوف أعطيك مثالاً سريعاً، منذ فترة من الزمن، كنت أمرُّ بليلة أشعر فيها بحزنٍ وبتوتر شديد لكوني مُفلساً، وعاطلاً عن العمل، وغير راضٍ عن مجرى حياتي؛ فقد كنت مكتئباً وضائعاً للغاية.
لكن في تلك الليلة ضغطت على نفسي لأضع الأمور في نصابها الصحيح؛ فكتبت قائمة بكل الأشياء التي كنت ممتناً لها، مع أنَّ كل شيء في حياتي كان يبدو أنَّه يسير باتجاه خاطئ، فكتبت يومها قائمة كبيرة جداً، وما زالت القائمة معلقة في مكتبي في المنزل حتى اليوم، وبعض الأشياء الرئيسة المتضمنة في القائمة هي:
- أنا متزوج من امرأة مُحِبَّة ومُشجِّعَة وجميلة.
- أنا على قيد الحياة.
- جسمي خالٍ من الأمراض نسبياً.
- لدي منزلٌ يأويني.
- لدي والدان مُحِبَّان وأفراد آخرون أحبهم من الأسرة.
- لدي بعض الأصدقاء المقربين.
- لدي القدرة على التطور وتعلُّم الأشياء الجديدة.
- أستطيع القراءة.
- أستطيع سماع الموسيقى.
- أستطيع رؤية شروق الشمس وغروبها.
- يمكنني الركض على الشاطئ.
- يمكنني تذوُّق الطعام اللذيذ المطهو في المنزل، وزوجتي "أنجيل" طبَّاخة ماهرة.
القائمة لا تنتهي، لكنَّ هذا هو جوهرها؛ الأشياء الصغيرة والرائعة التي كانت تحدث معي يومياً، والتي كنت أعدُّها من المسلمات، وبدأت أعرف معناها اليوم، والأوقات الصعبة التي كنت أكافح للتأقلم معها لم تختفِ فجأة، ولكنَّني أصبحت أرى الأمور من منظورٍ أفضل.
لم أعد أركز على الأوقات الصعبة فقط، لكن بدلاً من ذلك أصبحت أركز تركيزاً أكبر على الأشياء الجيدة في حياتي، وتوجد قائمة كبيرة تضم الأشياء الرائعة الموجودة في الحياة، والتي يمكن أن تغذِّي روحي الداخلية.
نعم، توجد أجزاء تعيسة جداً في حياتي، ولا بأس بالشعور بالألم الذي تسببه هذه الأشياء، لكن من الضروري أن أتذكر الأجزاء الأخرى من حياتي أيضاً، وأن أتذكر أنَّ حتى التجارب المؤلمة تجعل الحياة معقدة ورائعة أيضاً؛ فالحياة ستكون مستحيلة دون تحديات، ولا توجد سعادة دون بعض الحزن، فأحدهما يستلزم الآخر.
لقد كان التغيير في طريقة تفكيري وشعوري حيال حياتي في تلك اللحظة، وفي تلك الليلة الصعبة التي مررت بها تحديداً، أمراً غير عادي، وبالعودة إلى الأساسيات، استطعت أن أجد بعض الامتنان.
شاهد: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك
لقد استخدمت نفس هذه العملية في كثير من المرات منذ تلك الليلة، وما تزال تُحدِث فرقاً كبيراً في حياتي حتى الآن، ومن هذه المواقف:
- عندما يزعجني أحدهم، أحاول أن أجد شيئاً واحداً عن هذا الشخص أشعر بالامتنان حياله.
- عندما أجد نفسي أمارس التسويف في مهمةٍ ما، أبحث عن سبب امتناني لهذه الفرصة لإكمال المهمة.
- عندما أمرض أو يتضرر جسدي من شيءٍ ما، أركز على مدى امتناني لكوني على قيد الحياة وقدرتي على الشفاء.
- عندما أفقد شخصاً أحبه، أشعر بالحزن، ولكنَّني أيضاً أشعر بالامتنان للوقت والتجارب التي شاركتها معه.
- عندما يحدث شيء سلبي في العمل الذي أقوم به، أتذكر أن أكون ممتناً لقدرتي على العمل وخدمة الآخرين، وأنَّ هذه التحديات تسمح لي بأن أصبح أكثر حكمة.
- عندما لا أنال إعجاب شخص ما، أو يحكم عليَّ حكماً غير عادل، أبذل قصارى جهدي لأكون ممتناً؛ وذلك لأنَّه مهتمٌّ بما يكفي لأن يعيرني اهتمامه، فالاهتمام يستغرق وقتاً، والوقت هدية ثمينة.
في الختام:
إنَّ قدرتك على أن تكون ممتناً حتى في الأيام الصعبة، هو أمرٌ يبدأ منك، فأنت اخترت أن تكون ممتناً، وأنت مَن يقوم بالامتنان مرةً بعد أخرى.
إنَّ قضاء بضع دقائق يومياً في كتابة قائمة بالأشياء التي تشعر بالامتنان بشأنها، أو مجرد التفكير فيما أنت ممتن له في الوقت الحالي، من شأنه أن يغير حياتك؛ لذا افعل ذلك كل صباح أو مساء، وإذا احتجت إلى ضبط منبه لتذكيرك، فلا تتردد، ولاحظ كيف سيؤثر الأمر فيك.
لا تتعجل في الأمر أيضاً، ولا تفعله بلا مبالاة، فقط حاول أن تشعر بالامتنان الحقيقي، في كل ما تدرجه في قائمة الامتنان الخاصة بك، وركِّز على المعجزات الصغيرة في حياتك، وقدِّر تقدُّمك أيضاً، فقد مررت بكثيرٍ من الأمور، ولكنَّك تطوَّرتَ كثيراً خلال فترات حياتك السعيدة والتعيسة؛ لذا امنح نفسك التقدير والامتنان لمرونتك، ولما وصلت إليه.
أضف تعليقاً