نحن نفهم ماهية اللطف من خلال كيفية تعاملنا مع عائلاتنا وأصدقائنا؛ لكن ماذا لو تبنَّينا النهج نفسه في طريقة تعاملنا مع أنفسنا؟ كيف ستتحسن صحتنا إذا استجبنا لإشارات أجسادنا وتعاملنا معها برعاية وتعاطف؟
هذه هي الأسئلة الدقيقة التي يجب طرحها؛ فرغم أنَّ وجود يوم سيئ والشعور بالإحباط جزء لا يمكن التغاضي عنه من الحياة، بيد أنَّ بإمكاننا تطبيق طرائق في روتيننا تعزز قوة التعاطف مع الذات بشكل أكبر:
1. اغفِر لنفسك:
قد تكون هذه هي الطريقة الأفضل والأكثر صعوبة في حياتك، لكنَّها فعالة جداً؛ فنحن نقسو جداً على أنفسنا، وغالباً ما نكون أسوأ منتقدي أفعالنا وأفكارنا؛ كما يمكننا بسهولة أن نغفر لأصدقائنا وعائلتنا، لكنَّنا نواجه صعوبة في تطبيق هذه المغفرة على أنفسنا.
لذا مارس عادة مسامحة الذات؛ وعندما تنشغل في لوم نفسك، توقف قليلاً، وفكر في كيفية تفاعلك مع صديق لك في موقف مشابه؛ إذ نحتاج في كثير من الأحيان إلى النوع نفسه من المغفرة.
إنَّنا نبذل قصارى جهدنا في نهاية المطاف؛ وعندما نفهم الأمور بشكل أفضل، يمكننا أن نفعل ما هو أفضل؛ لكن يبقى التسامح هو المفتاح لراحتنا النفسية والعاطفية في جميع الأحوال التي نمر بها في حياتنا.
2. اكتب رسالة حب لنفسك:
هذه طريقة بسيطة لكنَّها ثمينة، وتتمثل في كتابة أفكارك ومشاعرك على الورق؛ فإذا كنت تريد حقاً إضافة لمسة من الحب الإضافي وأن تكون لطيفاً مع نفسك، أحضر أرقى ما لديك من قرطاسية؛ وإذا كنت تواجه صعوبة في الكتابة، فتخيل أنَّك تكتب لنفسك عندما كنت أصغر سناً، وفكِّر فيما كنت تريد أن تقول.
كثيراً ما تكون كلمات التشجيع هي ما تريد قوله، وغالباً ما يكون لدينا الكثير من التعاطف مع أنفسنا؛ لكن بعد فوات الأوان، وبعد أن نكون قد اختبرنا الحياة بحلوها ومرها.
تقدِّم لنا كتابة رسائل الحب منظوراً نجد من خلاله مجالاً للامتنان على كل شيء في الحياة؛ لذا اكتب رسالة حب لنفسك، بحيث يمكنك إرسالها بالبريد أو حفظها وفتحها بعد بضعة أشهر أو حتى سنوات إن كنت ترغب في ذلك.
3. اعتنِ بصحتك الجسدية:
قد يبدو هذا أقرب إلى الخروج للتنزه كل يوم في حيك أو منتزهك المفضل، أو الخضوع إلى درس يوغا صباح يوم السبت، أو الانضمام إلى صالة الألعاب الرياضية ونادي اللياقة البدنية المفضل لديك.
عندما نصاب بالإحباط، تختزن أجسادنا كل تلك الطاقة والعاطفة المكبوتة، ونحتاج إلى تحرير تلك الطاقة من أجل الحفاظ على الصحة البدنية والعاطفية والنفسية، ولك حرية الاختيار؛ لكن فقط تأكد من أنَّ ما تفعله يمنحك شعوراً جيداً، وأنَّك تستمتع في أثناء قيامك به.
4. تغذَّ ومتِّع نفسك جيداً:
قد يبدو هذا وكأنَّك تدعو نفسك إلى تناول العشاء في الخارج، أو إلى طهي وجبة لذيذة لنفسك في المنزل.
تعدُّ التغذية في كثير من الأحيان -بما فيها أوقات اليأس- أولى الأشياء التي تضطرب؛ فإمَّا ألَّا نأكل بما يكفي، أو نأكل أكثر ممَّا ينبغي، أو ألَّا نأكل الأنواع الصحية من الطعام.
خصص موعداً في تقويمك لترفيه نفسك عن طريق طلب الطعام من مطعمك المفضل، أو تدليل نفسك بشيء لا تطلبه كثيراً؛ ومهما كان الأمر، احرص على أن يكون مميزاً وغير اعتيادي، ويُفضَّل أن يكون طعاماً صحياً.
شاهد بالفديو: 10 طرق مثبتة علمياً تجعلك أكثر سعادة
5. اطلب مساعدة من معالج نفسي:
عندما يتعلق الأمر بالصحة العاطفية والنفسية، يعدُّ طلب مساعدة طبيب نفسي مكسباً وطريقة رائعة كي تكون لطيفاً مع نفسك.
لا يمكننا دائماً مساعدة أنفسنا، فقد نكون بحاجة إلى شخص يخصص وقته لنا، ويصغي إلينا، ويقدم وجهات نظر لم نكن لنكتشفها لوحدنا؛ لذا لا تخجل أبداً من طلب المساعدة.
غالباً ما يتحداك المعالجون النفسيون لمواجهة طريقة تفكيرك في المواقف والتجارب المختلفة؛ لذلك إذا كانت لديك مشكلة في التفكير السلبي، فقد يكون العلاج مفيداً جداً؛ ولكن احرص على أن تستعد للقيام بذلك بعقل منفتح وكثير من التعاطف مع الذات.
6. اشترِ الورود لنفسك:
قد يبدو شراء الورود لنفسك وكأنَّه أسلوب مبتذل في التعامل بلطف مع الذات؛ ولكن فكِّر في آخر مرة اشتريت فيها الزهور لنفسك، وكم مضى من الوقت على ذلك.
إنَّ معاملة نفسك بالطريقة نفسها التي تعامل بها شخصاً تحبه له أثر كبير فيك، إذ تعدُّ المبادرات الصغيرة -مثل شراء الزهور لنفسك- بمثابة دليل على أنماط عادات جديدة تخلق نظرة جديدة من الفرح والسعادة والسلام والرضا.
للمضي خطوة أخرى إلى الأمام، اذهب لوحدك إلى مكان تحبه؛ فقد تدرك أنَّ قضاء بعض الوقت وحيداً ممتع إلى حد بعيد.
7. اطرح أسئلة على نفسك عندما تكون في حالة روتين ممل:
نتوجه غريزياً إلى المحفزات الخارجية عندما نواجه أي تحديات أو نكون في حالة روتين ملل؛ فقد نلجأ إلى الطعام، أو قد نحاول إشغال أنفسنا بشتى الطرائق، أو نشتت انتباهنا، أو نتجه نحو الأرق العاطفي واتخاذ القرارات السيئة.
لكن بدلاً من ذلك، يمكننا أن نفكر بعمق في وضعنا الحالي؛ فعلى سبيل المثال: قد يكون طرح سؤال: "ما الذي أحتاجه الآن؟" لحظة مؤثرة من التأمل الذاتي؛ فهو لا يعيدنا إلى الحاضر فحسب، بل يخترق ضجيج الأحاديث الذهنية والعاطفية أيضاً.
8. أحِط نفسك بأشخاص ذوي تفكير مماثل:
يمتلك أحباؤك بالتأكيد طريقة رائعة لإخراجك من الحالة التي تعيشها عندما لا تعرف كيف تعامل نفسك بلطف؛ إذ يمكن أن تزداد طاقتنا وتتحول بطرائق تعزز بداية جديدة في حياتنا بمجرد التواجد مع أشخاص آخرين.
احرص على العثور على أصدقاء يصبرون عليك، ويصغون إليك جيداً؛ فإذا كنت تشعر أنَّ أصدقاءك غير قادرين على ذلك، فقد تكون هذه هي اللحظة المناسبة لتحديد علاقتك بهم.
تذكر أن تحيط نفسك بأشخاص يمكنهم أن يرفعوا من شأنك مقابل التخلي عن الأشخاص الذين لا يجلبون لك سوى الإحباط.
9. اشرب ما يكفي من الماء:
قد يبدو هذا أيضاً كطريقة بسيطة، لكنَّها طريقة هامة للغاية، تماماً كأهمية الطعام؛ فقد ننسى شرب ما يكفينا من الماء عندما نشعر بالإحباط، ولا ندرك أهمية ذلك حتى يتسبب التجفاف بصداع مؤرق لنا.
لا ينظم شرب الماء عمل الوظائف الداخلية لأجسامنا فحسب، بل يؤثر أيضاً بشكل كبير في الحالة المزاجية؛ لذا التزم بشرب الماء، وتجنَّب المشروبات الغازية، فالماء أفضل رهان لك.
10. خصص يوماً للرعاية الذاتية:
لا ينبغي أن يتضمن يوم الرعاية الذاتية القيام بأمور خيالية، حيث يمكنك أن تستحم أو تتنزه في الخارج أو تستمتع بقضاء ليلة بمشاهدة فيلمك المفضل.
يتمحور دور الرعاية الذاتية حول التواجد مع نفسك والاستمتاع بالأشياء الصغيرة على نحو أكبر من التقدير، وهناك طرائق عديدة للاستمتاع باليوم، والتي لن تكلفك الكثير من المال من خلال استخدام أدوات موجودة بالفعل في منزلك أو محيطك.
11. خصص وقتاً للتأمل:
هذه عادة رائعة لضبط حالتك العقلية، حيث أنَّها تعمل على تعليمك كيف تعامل نفسك بلطف؛ إذ يمكِّنك وجود عدد كبير من تطبيقات التأمل من العثور على جلسات تأمل بإشراف معلم أو مؤقتات مع موسيقى خلفية هادئة لتسهيل ذلك.
غالباً ما يقول مدرِّسو التأمل أنَّ جميع إجاباتنا موجودة بداخلنا، ويمكن لبدء هذه العادة في وقت عصيب أن يوفر لنا منظوراً جديداً للأمور.
12. امنح نفسك التقدير والاعتراف:
هناك العديد من النجاحات التي لا نأخذ الوقت الكافي للاحتفال بها، وننتظر بدلاً من ذلك حتى يحتفل الآخرون بنا أو يتعرفوا على إنجازاتنا.
فكر اليوم في شيء تود أن يُعترَف به، والذي قد يكون مشروعاً كنت تعمل عليه، أو شيئاً كرَّست وقتاً وجهداً له في حياتك؛ ثمَّ احتفِ به، وشارك هذا اليوم مع أصدقائك وعائلتك، واشكر نفسك على ما قمت به.
هناك طريقة أخرى ممتعة لمنح نفسك التقدير والاعتراف، وهي تسجيل ما تنجزه في قائمة الأشياء التي تدعو إلى التباهي؛ لذا في كل مرة تنجز فيها شيئاً، اكتب ملاحظة بما فعلته، وألقِ في نهاية العام نظرة على كل ما فعلته، واحتفل بنفسك.
13. امنح نفسك جلسة تدليك:
لقد ذكرنا بالفعل كيف يتأثر الجسم بالأمور العاطفية والعقلية، حيث يمكن أن يظهر ذلك على هيئة توتر وكرب أو أوجاع وآلام.
تعدُّ الأيورفيدا (Ayurveda) علم اليوغا الشقيق، وهي تُبرِز أهمية أسلوب تدليك علاجي يُدعَى "الأبيانغا" (abhyanga)، والذي يعبِّر عن جلسة تدليك يُستخدَم فيها الزيت، ويمكنك القيام بها وأنت مرتاح في المنزل.
14. لا تتغاضَ عن الأشياء والأشخاص الذين لا يخدمونك جيداً:
تكون ممارسة اللطف مع الذات أحياناً عبارة عن قطع أوصال الأشياء التي لم تعد تجلب السعادة إلى حياتك، وقد تكون هذه الأشياء فكرة أو روتيناً أو شخصاً.
لا بأس في الابتعاد عن أي شيء يحبطك؛ فعندما تقوم بذلك، تحظى بفرصة أكبر لملء هذا الفراغ بالشيء الذي يجعلك سعيداً بالفعل.
15. خذ قسطاً من الراحة و جدِّد طاقتك:
نحن نعيش في مجتمع يقدِّس الإنتاجية؛ فرغم أنَّه قد يكون هناك حاجة إليها في بعض الحالات، إلَّا أنَّ ذلك يخلق أيضاً افتراضاً بأنَّ نقص الإنتاجية يقلل من قيمتك كموظف وكشخص، ممَّا يجعل من الصعب جداً إيجاد وقت لتعامل نفسك بلطف.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح لطلب إجازة في العمل والحصول عليها
نحن بحاجة إلى العودة إلى الطبيعة التي تُظهِر أنَّ الحياة ما تزال تزدهر وتنمو؛ فنحن لم نُخلَق للبقاء في مجتمع يقدِّس الجهد والتعب، ولسنا بحاجة إلى العمل والتنقل والإبداع على نحو دائم؛ وكل ما نحتاجه في أغلب الأحيان هو الراحة، وأن نعيش ببساطة، ونعرف أنَّ هذا أمر في غاية الأهمية.
في الختام:
نمر جميعاً بأيام نشعر فيها بالكآبة والحزن، ويمكننا في هذه اللحظات أن نغرق في يأسنا ونتركه يستنزفنا، أو نتبنَّى طرائق بسيطة لكنَّها فعالة لدعم أنفسنا.
تكمن في صميم اللطف والعناية بالذات حقيقة أنَّنا جميعاً نبذل قصارى جهدنا يوماً بعد يوم؛ وكما يقول المثل البوذي القديم: "تستحق نفسك حبك وعطفك، مثلها مثل أي شخص في الكون".
شاهد: كيف تكون لطيفاً مع نفسك؟
أضف تعليقاً