هل يجب أن تقيس وزنك؟

واحدٌ من أوَّل الأشياء التي يُجريها طبيبك خلال فحوصاتك البدنية السنوية هي قياس وزنك، لكن من المُحتمل أن يكون لديك ميزان في المنزل ويمكنك قياس وزنك أكثر من مرة واحدة في السنة.



لكن على أي حال، كم مرةً يجب أن تقيس وزنك خلال مدة معينة؟ وما هي الفائدةُ من هذا القياس أصلاً؟ إليك ما يقوله الباحثون والخبراء عن ذلك، سواء كان ذلك لمعرفة التقدم الذي أحرزته في سعيك لإنقاص وزنك، أم حتى إن كنتَ تُحاول الحفاظ عليه.

ما هو وزن الجسم؟

إنَّ الرقم الذي تراه على الميزان هو مجموع كتلة الجسم، التي تشمل العضلات والأعضاء والعظام والسوائل، مثل الماء والدم مع كتلة الدهون، أو ما يُشار إليه بالنسيج الدهني؛ إذ يُعبِّر وزنك عن مدى تأثُّر جسمك بالجاذبية الأرضية، فعلى الكواكب الأخرى، قد يختلف وزنك تماماً، ولا يُخبرك هذا الرقم شيئاً عن مدى صحتك أو جمالك أو أي افتراضات أخرى يربطها البشر بهذا الرقم.

يرتبط الوزن بالتأكيد "بمؤشر كتلة الجسم" (BMI: Body Mass Index)، وهو طريقةٌ لفرز الأوزان إلى فئات، وتقصِّي العواقب المرضية الناتجة عن زيادة الوزن، ويُحسب هذا المؤشر من خلال تقسيم الوزن بالكيلوجرام على مربع طول الجسم بالأمتار، وحسب النتيجة قد تقع في إحدى المجموعات الآتية:

  1. نقص الوزن.
  2. الوزن الطبيعي.
  3. زيادة الوزن.
  4. السمنة.

فكلما ارتفع مؤشر كتلة الجسم، ارتفع خطر إصابتك بأمراض معينة، مثل: أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والداء السكري من النوع الثاني، والحصيات المرارية، ومشكلات التنفس، وبعض أنواع السرطان، وذلك وَفقاً "لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية" (National Institutes of Health)، لكن كما ذكرت مجلة "هيلث" (Health) سابقاً، فإنَّ مؤشر كتلة الجسم ليس خالياً من العيوب، وقد لا يستطيع التنبُّؤ بالحالة الصحية بدقةٍ بالنسبة إلى جميع الناس.

فلا يُعبِّر وزنك أو حتى مؤشر كتلة الجسم عن نسبة الكتلة الخالية من الدهون إلى كتلة الدهون - أو ما يُعرف بنسبة الدهون في الجسم - والتي تُعدُّ مؤشراً هاماً على حالتك الصحية، فكلما زادت كتلة العضلات لديك، زادت كتلة الجسم الخالية من الدهون، وهذا يُخفِّض نسبة الدهون في الجسم، في حين كلما زادت كتلة الدهون لديك مقارنة بالكتلة الخالية من الدهون، زادت نسبة الدهون في الجسم.

لقد حلَّلت دراسة نُشرت في مجلة "آنالز أوف إنترنال ميديسن" (Annals of Internal Medicine) بيانات أكثر من 50000 بالغ تبلغ أعمارهم 40 عاماً أو أكثر، ووجدت أنَّه مع زيادة نسبة الدهون في الجسم، يزداد خطر الوفاة أيضاً.

إذاً، لا يكفي قياس الوزن أو مؤشر كتلة الجسم، وإنَّما عليك اللجوء إلى بعض الوسائل المُخصَّصة لقياس نسبة الدهون، مثل الفرجار المُستخدم في قياس سماكة الثنيات الجلدية، أو طرائق أكثر تعقيداً مثل تخطيط التحجم بإزاحة الهواء، التي تتطلب وجودك في حُجرةٍ محوسبة على شكل بيضة.

لكن على الرَّغم من أنَّ وزنك وحده لن يُخبرك بنسبة الدهون في جسمك أو المخاطر الصحية العامة، فقد أظهرت الأبحاث أنَّ معرفة وزنك باستمرار قد يُحفِّزك على اتباع سلوكات صحية أكثر، على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أنَّ قياس الوزن يومياً جعل المشاركين يمارسون مزيداً من عادات التحكم بالوزن، كتقليل الأطعمة السكرية، والوجبات السريعة، وتناول الطعام خارج المنزل.

تواتر قياس الوزن:

لست مضطراً دائماً إلى خفض وزنك كي تبلغ حالةً صحيةً جيدة؛ إذ يُمكنك تحسين صحتك من خلال التغذية الجيدة، وممارسة التمارين الرياضية دون أن تفقد الوزن، وعندها لا داعٍ لقياس وزنك على الإطلاق، أمَّا إذا كنتَ تُريد خفض وزنك بالتحديد، فعليك أن تفهم أولاً أنَّها رحلة طويلة؛ إذ سترى وزنك ينخفض ويرتفع بين المرة والأخرى، ووحدك فقط من يُقرِّر ما إذا كان القياس المستمر سيحفِّزك أم سيضرُّ جهودك.

إليك شيء آخر عليك مراعاته، مع ازدياد وزنك لن تكتسب الدهون فحسب، بل ستكتسب أيضاً كتلةً عضليةً لدعم الدهون المُضافة نحو 20% إلى 35% من الوزن الزائد عبارة عن عضلات وعظام، أي نسيج خالي من الدهون، ولست بحاجة إلى فقدان العضلات التي اكتسبتها لكي يعود وزنك إلى ما كان عليه في نقطةٍ زمنيةٍ معيَّنة؛ إذ إنَّ ذلك غير مفيد وغير واقعي حتى.

حتى لو كان هدفك الحفاظ على وزنك بدلاً من إنقاصه، فإنَّ القياس المنتظم قد يكون مفيداً في كلتا الحالتين، فقد فحصت مراجعة للدراسات السابقة عن القياس الذاتي اليومي للوزن وما إذا كان مفيداً في التحكم بوزن الجسم، ووجدت أنَّ القياس اليومي يبدو فعَّالاً في منع زيادة الوزن المرتبطة بالعمر، ويساهم أيضاً بفقدان الوزن والحفاظ عليه.

بالطبع، لا يوجد قرار واحد يناسب الجميع، فقد يكون القياس اليومي مُفيداً لشخص ما، وقد يجد شخص آخر فائدةً في القياس الأسبوعي، ومع ذلك قد يجد بعض الناس أنَّ القياس المتكرِّر يُحبط مساعيهم.

وجدت مراجعةٌ أخرى راجعت الأبحاث الطبية السابقة أنَّ قياس الوزن ذاتياً كل يوم كان مرتبطاً بضعف الثقة في النفس، ويحمل تأثيراً سلبياً في تصوُّر الشخص لجسمه ورضاه عنه، ومع أنَّ النتائج كانت متضاربةً بعض الشيء، فقد أظهرت بعض هذه الأبحاث أنَّ الأفراد قد يعانون من مزيد من الاكتئاب والقلق عندما يقيسون وزنهم يومياً، وكشفت المراجعة أيضاً أنَّ القياس الذاتي قد يكون مرتبطاً سلباً بتطوُّر اضطرابات تناول الطعام وتفاقهما.

لقد كتب مؤلفو المراجعة أنَّه مع أنَّ القياس الأسبوعي للوزن غالباً ما يكون جزءاً من استراتيجية علاج اضطرابات تناول الطعام، فإنَّ البيانات تُشير إلى أنَّ هذا المعدل قد يؤدي إلى رد فعل سلبي عند المريض، فمن الأفضل استشارة طبيبك أو اختصاصي الصحة العقلية إذا كانت لديك مخاوف أو أسئلة عن تواتر قياس وزنك وتأثيره فيك.

فإذا كنت تسعَد بقياس وزنك يومياً، ولا يؤثر ذلك سلباً في حالتك المزاجية أو صحتك العقلية، ولم يرَ مقدِّم الرعاية الصحية مشكلةً في ذلك، فمن المُرجَّح أن يكون القياس اليومي هو الأفضل؛ إذ إنَّ مشكلة قياس الوزن بتواتر أقل هو أنَّه يعطي كثيراً من الأهمية لقياس واحد، فبعض الناس يمتنعون عن تناول الطعام في اليوم السابق للقياس لمحاولة تقليل وزنهم.

وبالنسبة إلى الوقت الذي يجب أن تزن فيه نفسك، فمن الأفضل أن تفعل ذلك أول شيء في الصباح بعد الذهاب إلى الحمام، وسجِّل هذه القياسات في إحدى تطبيقات متابعة الوزن، عندها يُمكنك مراقبة ارتفاع وزنك وانخفاضه لتعرف كيف يتغير مع مرور الوقت.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أهم المعلومات الصحية للتخلص من الوزن الزائد

أسباب تقلُّب الوزن:

إذا كنت تقيس وزنك بانتظام، فقد تلاحظ أنَّ وزنك يرتفع وينخفض ​كثيراً حتى ولو لم تحاول فقدان الوزن أو كسبه. إليك بعض أسباب زيادة الوزن:

1. الإفراط في تناول الصوديوم:

يحتوي الملح على الصوديوم، الذي يجعل جسمك يحتفظ بالماء، خاصةً إذا لم تكن معتاداً على تناول كمية كبيرة منه، وهذا ما يجعلك تشعر بالانتفاخ بعد تناول وجبة مالحة.

2. الكربوهيدرات:

عندما تأكل كميةً زائدةً من الكربوهيدرات، يُخزِّن جسمك الطاقة التي لا تستخدمها على الفور على شكل جليكوجين في العضلات، وكل جرام من الجليكوجين يحمل ثلاثة جرامات من الماء، لذلك إذا اتبعت نظاماً غذائياً منخفض الكربوهيدرات، فسوف تفقد كثيراً من الوزن في الأسابيع القليلة الأولى، لكنَّ هذا الانخفاض ناجمٌ عن فقدان الماء وليس الدهون.

3. الألياف:

إنَّ الخضروات مفيدةٌ جداً، لكن عندما تتناول الكثير منها، قد تُعاني من إمساكٍ مؤقت، ممَّا يزيد وزنك، وهذا ما تُلاحظه إذا اتبعت نظاماً غذائياً غنياً بالأطعمة النباتية أو الكاملة.

4. الهرمونات:

يزداد الوزن عند النساء من 1.2 كغ إلى 2.2 كغ خلال الدورة الشهرية، وقد تصل هذه الزيادة إلى 3.2 كغ أحياناً؟ إذ لا تنجم هذه الزيادة عن الدورة الشهرية بحدِّ ذاتها، وإنَّما عن التغيرات الهرمونية التي تُحفِّز الرغبة بتناول الأطعمة الحلوة أو المالحة، وقد تؤدي هذه السعرات الحرارية الزائدة إلى زيادة الوزن، وقد يكون ارتفاع الوزن ناجماً أيضاً عن زيادة احتفاظ الجسم بالماء خلال هذه الفترة.

5. محتويات المعدة:

ينسى كثير من الناس أنَّ الطعام غير المهضوم يمكن أن يتسبَّب في زيادة الوزن، فإذا كنت تقيس وزنك في أوقات مختلفة من اليوم، فإنَّ كمية الطعام في أمعائك يمكن أن تحدث فرقاً في وزنك.

يمكن للسفر، والكحول، وألم العضلات، وقلة النوم، والضغط النفسي، أن يُسبِّب أيضاً ارتفاعاً مؤقتاً في الوزن، فإذا كنت تقيس وزنك يومياً، يمكنك مراقبة هذه العوامل وتوقع التغيرات التي قد تحدثها في وزنك.

قد ينخفض وزنك في بعض الأحيان بين عشية وضحاها أو خلال الأسبوع، وغالباً ما ينجم هذا النقصان عن الأمراض التي تُسبِّب الإقياء أو الإسهال أو التجفاف المؤقت، وعندما تُعاني من توتر نفسي شديد يمنعك من تناول الطعام، سوف ينخفض وزنك حتى يخف هذا التوتر.

قد تكون تقلبات الوزن ناتجةً أيضاً عن إصابتك بمرض ما، وقد يساعدك قياس الوزن بانتظام على اكتشاف هذا المرض، على سبيل المثال، قد تنجم الزيادة المفاجئة في الوزن عن أسباب متنوعة كأمراض الغدة الدرقية، وقصور القلب، وأمراض الكليتين، والأدوية، وعدم التوازن الهرموني، أمَّا فقدان الوزن غير المبرر، الذي تحدده عيادة "كليفلاند كلينك" (Cleveland Clinic) على أنَّه فقدان 4 كغ على الأقل أو فقدان أكثر من 5% من وزن الجسم على مدى ستة إلى 12 شهراً، فقد يُعزى إلى مجموعة من المشكلات الطبية المتنوعة، التي تتراوح من الداء المعوي الالتهابي إلى السرطان، فمن الضروري جداً استشارة الطبيب إذا كنت تكتسب أو تفقد الوزن دون معرفة السبب.

شاهد بالفديو: عادات خاطئة يجب أن تبتعد عنها بعد تناول الطعام

طرائق أخرى لتراقب صحتك:

كما ذُكر سابقاً، فإنَّ قياس الوزن وحده لن يعطيك معلومات كافية عن صحتك العامة، وفيما يأتي طرائق أخرى يمكنك من خلالها تتبع صحتك بسهولة في المنزل والتي يمكن أن تعطيك معاً صورة شاملةً أكثر:

1. ضغط الدم:

يعرِّف "المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة" (National Institute on Aging) ضغط الدم الطبيعي على أنَّه ضغط انقباضي أقل من 120، وضغط انبساطي أقل من 80 بالنسبة إلى معظم البالغين، إنَّ جهاز قياس ضغط الدم رخيص الثمن ويمكنك استخدامه بنفسك.

إنَّ ارتفاع ضغط الدم هو في الواقع أحد عوامل الخطر الاستقلابية التي قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وغيرها من المشكلات الصحية، مثل مرض السكري، والسكتة الدماغية، وذلك حسب "المعهد الوطني الأمريكي للقلب والرئة والدم" (National Heart, Lung, and Blood Institute)، لذا فإنَّ المراقبة ضروريةٌ جداً.

2. قياس محيط الخصر:

يتعلَّق هذا العامل أيضاً بخطر الإصابة بأمراض القلب والمشكلات الصحية الأخرى؛ إذ تؤدي الدهون الزائدة في منطقة البطن إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالسمنة، وذلك وَفقاً لـ "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية" منها (Centers for Disease Control and Prevention)؛ إذ تتعرض النساء لخطر أكبر إذا كان محيط خصرهنَّ أكثر من 35 بوصة، والرجال أكثر من 40 بوصة.

3. نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك:

يُسلِّط هذا القياس الضوء على كمية الدهون الحشوية في مركز البطن - وهي الدهون المخزنة في أعماق البطن والمحيطة بالأعضاء - إذ تزيد البدانة المركزية من خطر الوفاة والإصابة بعدة أمراض، ويمكنك الحصول على هذا القياس من خلال تقسيم محيط خصرك على محيط وركك، ووفقاً لـ "لمعاهد الوطنية للصحة" (National Institutes of Health)، فإنَّ نسبة الخصر إلى الورك البالغة 1.0 أو أعلى تعدُّ عُرضةً لخطر العواقب الصحية غير المرغوب فيها، وذلك بالنسبة إلى الرجال والنساء.

إقرأ أيضاً: أسباب السمنة ومضاعفاتها الخطيرة على الصحة

4. النوم:

يحتاج البالغون إلى النوم سبع ساعات أو أكثر في الليل، وفقاً لعيادة "مايو كلينك" (Mayo Clinic)، والنوم لمدة أقل بانتظام يزيد المخاطر الصحية، بما فيها مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والاكتئاب؛ لذا يجب أن تكون منتظماً في أوقات نومك واستيقاظك.

5. الصحة العقلية:

إنَّ العناية بصحتك العقلية لا تقل أهميةً عن صحتك الجسدية؛ إذ يوصيك "المعهد الوطني للصحة العقلية" (National Institute for Mental Health) بممارسة الاسترخاء، والحفاظ على تواصلك مع الآخرين، وممارسة الرياضة بانتظام، وتناول وجبات صحية على أساس منتظم، وشرب كمية كافية من الماء، والحفاظ على نظرةٍ إيجابية كوسائل للرعاية الذاتية، فإذا كنت أكثر نشاطاً وتأكل بطريقة أفضل، فإنَّ صحتك الجسدية والعقلية ستتحسَّن، حتى لو لم تخسر كيلو غراماً واحداً.

المصدر




مقالات مرتبطة