متلازمة الموت المفاجئ للطفل: الأسباب وطرق الوقاية

"نام ابني الرضيع ولم يكن يشكو من شيء، ولم أسمع بعدها صوته للأبد"، هذا ما تقوله الكثير من الأمهات، وقلبهنَّ يُعتَصَر ألماً، فقد مات ابنهن موتاً مفاجئاً دون أي سابق إنذار، ودون أن تعرفن لماذا، فدعونا نتعرف في هذا المقال إلى سبب الموت المفاجئ للرضع، وما هي سبل الوقاية منه؟



أولاً: الموت المفاجئ للطفل الرضيع

  1. متلازمة الموت المفاجئ للرضيع أو Sudden infant death syndrome: هي تعرُّض الطفل الرضيع الذي يبدو بصحة جيدة إلى الموت المفاجئ وغير المبرر دون سابق إنذار، ولا يُعرَف السبب حتى بعد إجراء فحص وكشف شامل للرضيع بعد وفاته، ومراجعة معلوماته الطبية.
  2. غالباً ما يكون ذلك في أثناء نوم الرضيع، فلا توجد علامات لموته المفاجئ؛ إذ تُفاجَأ الأم بموت رضيعها وهي توقظه من النوم.
  3. تحدث متلازمة الموت المفاجئ للرضع ما بين عمر الشهر إلى العام الواحد، ولكنَّها أكثر حدوثاً بين عمر الشهرين و4 أشهر، وتُعرَف أيضاً باسم "موت المهد"، أو "موت الرضيع خلال النوم" لأنَّ الرضيع يموت على السرير.
  4. وهي ظاهرة نادرة ولكنَّها موجودة؛ إذ تحدث - بحسب الدراسات - بنحو 50 إلى 100 طفل من بين كل 1000 ولادة؛ أي بمعدل 1% من كل 100 ولادة في العالم.
  5. زاد الاهتمام بهذه الظاهرة منذ عام 1991 بعد وفاة "سباستيان" ابن النجمة التلفزيونية "دياموند" موتاً مفاجئاً.

ثانياً: أسباب متلازمة الموت المفاجئ للرضيع

على الرغم من أنَّه لم تُعرَف بعد بشكل قاطع أسباب متلازمة موت الرضع المفاجئ، لكن وُجِدَت مجموعة من الأسباب التي ترتبط بحدوثها وفاة الرضيع، وهي:

1. العيوب الدماغية:

يرى العلماء أنَّ أكثر أسباب الموت المفاجئ للرضيع شيوعاً هي ولادة الطفل بعيوب خلقية أو اضطرابات في أجزاء الدماغ المسؤولة عن التحكم بالتنفس والاستيقاظ من النوم.

2. الولادة المبكرة:

قد تؤدي الولادة المبكرة إلى عدم النضج التام دماغ الرضيع، ومن ثمَّ عدم قدرته على التحكم بالعمليات التلقائية من تنفس ومعدل ضربات القلب، كما قد يؤدي انخفاض وزن الرضيع عند الولادة؛ أي أقل من 2.5 كغ، إلى وفاته.

3. ممارسات خاطئة في أثناء نوم الطفل:

خصصت منظمة الصحة العالمية شهر تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام لنشر التعليمات والإرشادات على موقعها الرسمي، للتوعية بالنوم الآمن للأطفال، والحذر من الممارسات الخاطئة لنومه، مثل:

  1. السطح الناعم: قد يُسَد مجرى الهواء عن الطفل الرضيع في حال استلقى على بطنه على سطح أو فراش ناعم.
  2. طريقة نوم الرضيع: هي أحد أكثر الأسباب المؤدية إلى وفاته؛ إذ أكدت الدراسات أنَّ نوم الطفل على بطنه، أو جانبه بدلاً من على ظهره يُسبب صعوبة في التنفس لديه؛ إذ يزيد من احتمال تقلبه واختناقه، كما قد تكون وضعية نوم الطفل على بطنه فوق صدر الأم من أحد أسباب وفاته، فقد تسهو الأم أو تغفو من تعبها ولا تلاحظ اختناق الرضيع، خاصة أنَّه لا يعرف أن يُصدِر أي رد فعل عند اختناقه.

4. المصاصة:

يؤدي ترك المصاصة في فم الرضيع لمدة طويلة إلى اختناقه.

5. حالات عدوى الجهاز التنفسي:

وُجِد في بعض حالات الأطفال الرضع الذين ماتوا موتاً مفاجئاً، أنَّهم كانوا يُعانون من الزكام قبل الموت؛ وهذا سبَّب لهم مشكلات في التنفس في أثناء النوم.

6. التدخين:

يزيد تدخين الأم في أثناء الحمل، أو التدخين بجانب الطفل الرضيع بعد ولادته من احتمال تعرُّضه للموت المفاجئ.

أيضاً قد يكون من أسباب متلازمة الموت المفاجئ للرضع:

  1. ارتفاع درجة حرارة الرضيع أو درجة حرارة الأم التي ترضعه.
  2. إصابة الرضيع بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي.
  3. قد تُسبب مشاركة الطفل الرضيع الفراش مع والديه أو إخوته أو حيوان أليف، اختناقه ووفاته بسبب تقلُّب أحدهم عليه بالصدفة وتغطية أنفه وفمه.

شاهد: 10 أنواع أطعمة تقوي جهاز المناعة

ثالثاً: عوامل خطيرة لمتلازمة الموت المفاجئ للرضع

أي طفل معرَّض للموت المفاجئ، لكن توجد مجموعة من العوامل تزيد من خطر حدوثه، مثل:

  1. الجنس: الرضع الذكور أكثر عُرضة للموت المفاجئ من الرضع الإناث.
  2. السن: الطفل الرضيع في عمر 2-4 أشهر يكون أكثر عرضة للموت المفاجئ.
  3. العرق: لأسباب غير معروفة وُجِد أنَّ الرضع أصحاب البشرة الداكنة أكثر عرضة للموت المفاجئ.
  4. التاريخ العائلي: إذا كانت المتلازمة لها تاريخ في العائلة ومات بها أكثر من طفل، يزداد خطر إصابة الطفل الرضيع بها.
  5. التدخين السلبي: يزيد وجود الطفل الرضيع مع أشخاص مُدخنين، من خطر إصابته بالموت المفاجئ.
  6. الولادة المبكرة: تزيد الولادة المبكرة من خطر الموت المفاجئ للطفل.
  7. الشتاء: تحدث متلازمة موت الرضع المفاجئ في فصل الشتاء أكثر من الصيف.
  8. عوامل خطر لدى الأم: قد تكون الأم هي سبب إصابة رضيعها بالموت المفاجئ، إذا كانت:
  • عمرها أقل من 20 سنة.
  • تتناول الكحول أو المواد المخدرة.
  • تدخِّن السجائر.
  • أهملت الرعاية الطبية خلال حملها.

رابعاً: دراسة حديثة

ما تزال الدراسات مستمرة لكشف المزيد من أسباب الموت المفاجئ للرضع، وتوصلت آخر الدراسات إلى فكرة مفادها أنَّ متلازمة الموت المفاجئ للرضع قد تكون بسبب جين مُصاب بخلل؛ وهذا يمنع الرضيع من هضم الحليب.

وقد قال العلماء في هذه الدراسة التي قادها "د.جيسون ميكلاس" من "جامعة ستانفورد" والتي نُشِرَت في مجلة (Nature Communications): "إنَّ الرضيع يكون غير قادر على استقلاب الدهون، والجزئيات المحتوية على الدهون والكوليسترول والأحماض الدهنية، بسبب طفرة في جين (HADHA)؛ وهذا يُسبب اعتلالات قلبية بسبب عدم القدرة على تحطيم الدهون".

وقال "د.ميكلاس": "إذا حدثت الطفرة لدى الطفل، فإنَّ الأشهر الأولى القليلة للرضيع تكون مُخيفة للغاية؛ لأنَّه قد يموت فجأة"، ويُضيف: "لا يكشف تشريح الجثة بالضرورة سبب الوفاة، ولكنَّنا نظن أنَّ السبب هو توقف قلب الرضيع عن النبض".

شاهد أيضاً: أمراض القلب: 7 أعراض تنذر بإصابة الطفل بمرض القلب

خامساً: الوقاية من متلازمة الموت المفاجئ للرضع

هذه مجموعة استراتيجيات لوقاية الطفل الرضيع من الموت المفاجئ:

أهم استراتيجية يطرحها الأطباء والعلماء بخصوص الوقاية من الموت المفاجئ للرضيع؛ هي الانتباه دوماً أن يكون الرضيع نائماً على ظهره، والتأكيد على مراقبته في أثناء نومه وتفقُّده دائماً.

وتوصلت الدراسات إلى ازدياد خطر تعرُّض الرضيع الذي ينام على بطنه للموت المفاجئ مقارنة بالرضيع الذي ينام على ظهره، وفي حال كان يحتاج الطفل إلى إراحة ظهره والاستلقاء على بطنه، فيجب أن يكون ذلك وهو مستيقظ ومع المراقبة.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تضمن الحفاظ على صحة الطفل

ومن اللافت للانتباه أنَّ عدد وفيات الأطفال بمتلازمة الموت المفاجئ قد انخفض في أمريكا بنسبة 50%، بعد اتباع وصايا المعاهد الوطنية للصحة، والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بالالتزام بنوم الرضع على ظهره.

  1. الانتباه دوماً لأن تكون درجة حرارة الرضيع ودرجة حرارة غرفته معتدلة؛ إذ تُحذِّر الدراسات من الحرارة المرتفعة للرضيع أو للغرفة؛ لأنَّ ذلك يجعله يدخل في نوم عميق، ومن ثمَّ يقل وصول إشارات الاختناق إلى الدماغ في حال حدوثه لسبب ما.
  2. عدم التدخين بجانب الرضيع سواء من الأبوين أم من أي شخص آخر.
  3. تنويم الطفل في سرير خاص به وحده وعلى فرش ثابت، وألا يشاركه أحد من إخوته سريره، مع الحرص على وجود السرير في غرفة الأبوين خلال الأشهر الستة الأولى من عمره.
  4. يُنصَح بالرضاعة الطبيعية للطفل الرضيع لمدة 6 أشهر على الأقل؛ نظراً لكونها تقي الرضيع من بعض الأمراض التي قد تُسبب الموت المفاجئ.
  5. الانتباه إلى عدم ترك المصاصة في فم الطفل لمدة طويلة، ووضعها في فمه فقط عندما يريد النوم، وتجنُّب إعادتها إلى فمه بعد أن يغفو، مع الامتناع عن استخدام مصاصات تحمل ألعاباً في نهايتها من خلال حبل؛ لأنَّها قد تُعرِّض الرضيع لاحتمال الاختناق بالحبل.
  6. الانتباه إلى عدم ترك الكثير من الألعاب أو الوسائد السميكة والمنفوشة بجانب الطفل في أثناء النوم؛ لأنَّها قد تعوق تنفسه في حال جاءت على وجهه.
  7. الحرص على حصول الطفل الرضيع على اللقاحات والتطعيمات المخصصة له ولمن في سنِّه.
  8. تجنُّب استخدام أجهزة مراقبة الرضيع، التي يُروَّج لها على أنَّها تُقلل من خطر إصابة الطفل بالموت المفاجئ؛ إذ إنَّها أثبتت عدم فاعليتها، إضافة إلى أنَّها تُسبب مشكلات تتعلق بسلامة الرضيع.
  9. عدم الإفراط في تدفئة الرضيع وإلباسه الكثير من الملابس، أو تغطيته بالكثير من الأغطية، أو تغطية رأسه، ولا بأس من استخدام كيس النوم المخصص للأطفال مع الوعي بطريقة استخدامه.
  10. الحرص على نظافة الأهل الشخصية وكل مَن يقترب من الرضيع، ونظافة الأشياء التي يلعب بها أو يلمسها؛ إذ تنتقل أغلب الأمراض للرضيع من أيدي المحطين به، أو من لمسه لأشياء غير نظيفة.
  11. تهوية غرفة الطفل الرضيع دائماً.
  12. اصطحاب الطفل الرضيع لزيارة طبيب الأطفال دورياً والاطمئنان على صحته.
  13. المتابعة الطبية للأم خلال الحمل، لتقليل احتمال إنجاب طفل خدج أو بوزن صغير، بالإضافة إلى ضرورة إقلاع الأم الحامل عن التدخين أو الكحول خلال الحمل والإرضاع.
  14. تجنُّب استخدام مقاعد السيارات أو الأراجيح وعربات الأطفال بشكل يومي للنوم؛ لأنَّ الرضيع لا يتنفس جيداً في وضعية الجلوس.
  15. تثقيف جليسة الطفل - في حال كانت الأم مضطرة إلى تركه - عن ممارسات النوم الآمن؛ إذ وجدت إحدى الدراسات أنَّ نسبة كبيرة من حالات وفيات موت الرضع المفاجئ كانت في غياب الأبوين، وفي حضور جليسات الأطفال أو أحد الأقارب.
إقرأ أيضاً: 4 طرق وقائية لحماية الطفل من أمراض الشتاء

الوعي ثم الوعي:

لا توجد إلى الآن أسباب معروفة وحاسمة لمتلازمة الموت المفاجئ للرضع، لكن يجب على الأهل وخاصة الأم الوعي لخطورة الأمر، ومحاولة الوقاية من حدوثه قدر الإمكان، والتركيز على القواعد والإرشادات التي تحمي حياة الرضيع في أشهره الأولى، وخصوصاً قواعد النوم الآمن؛ وذلك لحمايته والحفاظ على حياته، وتجنيب أنفسهم مرارة الفقدان، وصدمة الموت المفاجئ، وعذاب تأنيب الضمير، ومواجهة حزن لا يُطاق.

المصادر: 1،2،3




مقالات مرتبطة