لماذا قد تمتنع عن شرب الكحول؟
بدأت أشعر أنَّ الكحول يتملَّكني، وأنَّني أُلحق الأذى بجيراني، وأبتعد شيئاً فشيئاً عن الناس بدلاً من التقرب منهم.
أمّا في هذه الأيَّام، أصبحت نادراً ما أتذكره، كما أنَّ الحوادث المؤذية التي بدرت منِّي تناقصت تدريجياً، بحيث انعكس ذلك بشكلٍ إيجابيٍّ على صحتي أولاً، وعلى أصدقائي ثانياً.
ولقد بدأت ألاحظ أنَّ القليل من التراخي في الأمر يعيدني أدراجي، كأنَّني أقود والفرامل مرفوعة.
إنَّ كأساً واحداً من الشَّراب كان كفيلاً بأن يوقظني من نومي، ويترك عقلي يدقُّ كعقارب الساعة، إذ بات الكحول يؤرقني ويزيد من قلقي.
أقول لكم مرّةً أخرى: هذه ليست محاضرةً، لكن هل تعلم كم سيكون الحال سيئاً في الصباح بعد تعاطيه؟
الطريقة المثلى لتدمير صحَّتك:
تقول "ماري ويسلون ليتل" (Mary Wilson Little): "قد يُشكِّل الكحول خطراً على الصحة، والسعادة، والمال".
لعلَّك قد أصبحت تحيط علماً بالجانب المظلم للمشروب، إذ أنَّه سببٌ في: حوادث السير، وإنهاك القوى، ومشاكل الحلق والفم والمريء، وسرطان الصدر وأمراض القلب والأوعية الدموية والعيوب الخَلقية، وهشاشة العظام والشدِّ العضلي والعقم والضعف الجنسي، وسوء التغذية ومضاعفات السكري. كما أنَّه يُلحِق الضرر بالجهاز العصبي، ويسبِّب ضموراً في الدماغ وتوتُّراً، واكتئاباً، وشعوراً بالعصبية والدوار والغازات والتَّعرق الشَّديد والانتفاخ والإسهال، والقرحة والبواسير، والسكتات الدماغية والأزمة القلبيَّة والالتهاب الرئوي؛ ناهيك عن أنَّه يجعل من مقاومة المرض أمراً مستعصياً، كما أنَّه قد يسبِّب لك تراجعاً في وضعك المادي.
عندما كُنْتُ في العشرينات وقررت التوقف عن شرب الكحول، قمت بتوفير ما يقارب 800 دولار. إنَّ تجميع هذه المبالغ على مدار عدة أعوام كافٍ لرحلةٍ ممتعةٍ حول العالم، أو كدفعةٍ أولى لشراء منزلٍ.
تبدَّدت طاقتي بعد احتسائي للكحول، حيث كنت أتكاسل في الذهاب إلى النادي الرياضي، وأهملت المطالعة ومتابعة برامجي الصَّباحية المفضلَّة، وأدركت أنَّه بهذا النَّهج لن أمضي قدماً أبداً.
نُدرك جميعنا مخاطر الأمر على صحتنا وعلى أمورٍ كثيرة، ومع ذلك نستمرُّ في تعاطي الكحول. وذلك لا يُعزَى إلى غياب الوعي، بل إنَّ المشكلة تكمن في إرادتنا.
كيف سيبدو الاختلاف؟
لسنةٍ تقريباً، بدأ شغفي بتناول الكحول يتراجع: لم يعد أمراً ممتعاً بالنسبة إليَّ بقدر الاستيقاظ باكراً لرفع الأثقال أو التّأمل على ضفاف النهر. العشرينيُّ المتهوِّر في داخلي لم يعجبه هذا الحال، لكن لحسن الحظ، لم يَعُد له أيُّ سيطرة على قراري بترك الكحول.
قررت في شهر حزيران أن أمتنع عن المشروب حتَّى عيد الميلاد، بعد مضي شهرٍ وبكلِّ صدقٍ؛ باتت المشاكل نفسها ترافقني، لكنَّ قلقي أمسى أقل، وبات نشاطي بحالٍ أفضل.
ثلَّةٌ من العظماء كانت لديهم عادة الإفراط في تناول الكحول، وكمثالٍ على ذلك: ونستون تشرشل، إذ كان يبدأ نهاره بتناول الويسكي والفودكا، والنبيذ والبراندي على الغداء، وضعف الكميَّة على العشاء.
وستيفن كينغ، والذي كان قد أفرط في شرب الكحول ذات ليلةٍ حيث لم يعد يتذكَّر كتابه (Cujo)؛ الحائز على عدَّة جوائز، والذي أُنتِج كفيلم لاحقاً. لطالما لجأت إلى تلك الأمثلة لتبرير طيشي وإفراطي في شربه لما يقارب العشرين سنة.
لكنَّ القائمة تطول بأسماء من تجنَّبوا المشروب، نذكر منهم: غاندي وبروسلي، ووارن بافيت، وستيف جوبز، وتايرا بانكس، وجاي لينو، وتوم كروز، وجينيفر لوبيز، وآبي لينكولن، والكثيرون غيرهم.
مما لا ريب فيه: أنَّ هؤلاء الذين استطاعوا الحفاظ على صحتهم وصحة عقولهم، هم الأكثر نجاحاً وإبداعاً.
إذاً ماذا لو أقلعت عن شرب الكحول؟ ما النَّتائج التي ستترتَّب على ذلك؟
1. ستتوفر سيولة نقدية بين يديك دائماً:
أصابتني الحيرة عندما وجدت 100 دولارٍ في محفظتي، وسرعان ما تذكَّرت أنَّني تركت المشروب. توفير النقود يعني أنَّك سوف تصبح قادراً على توظيف مدرِّبٍ، وشراء أجود أصناف الطعام والمستلزمات، وأن تذهب إلى الطبيب متى شئت.
2. سيكون بمقدورك الاستيقاظ باكراً في عطلات نهاية الأسبوع:
هل تعلم أنَّ هناك العديد من النَّاس الذين يستيقظون قبل العاشرة صباحاً في أيَّام عطلتهم؟ يا إلهي لقد أصبحت مثلهم، وأشعر بأنَّ العطلة أطول بمرَّتين.
3. ستتعرّف على أشخاص جدد إيجابيين:
كما يقال: "الطُّيور على أشكالها تقع". لا ريب أنَّك ستصادف أنجح النَّاس عندما تبدأ بالتَّخلي -شيئاً فشيئاً- عن شرب الكحول، هؤلاء من يمنحوك فسحة الأمل في حياتك. لكن ضع في اعتبارك أنَّه عليك قطع بعض العلاقات السيئة القديمة.
4. قد تخسر بعضاً من وزنك:
تحتوي كلّ زجاجةٍ من المشروب على 200 سعرةٍ حراريةٍ، و85 سعرةٍ في النبيذ و96 في الفودكا. لذا انسَ أمرهم، وعد رشيقاً كما كنت.
5. سوف ترتاد النوادي الرياضية أكثر من ذي قبل:
سمعت أنَّه لا مشكلة في أخذ المشروب معك إلى النادي، لكن لا صحة لذلك. إنَّه لأمرٌ مدهشٌ أن تزيد حماستك لممارسة الرياضة عندما تبتعد عن الكحول، وهكذا تتشكَّل دورة حياةٍ إيجابية؛ فكلَّما تدرَّبت أكثر، قلَّ تعطُّشُك إلى الكحول.
6. لن تغادر الدنيا في عمر مبكِّر:
تشير بعض الدراسات إلى أنَّ 1.5% من الوفيات ترجِع إلى الإفراط في شرب الكحول. علاوةً على ذلك، 6% من مشاكل الإعاقة والعجز سببها الكحول أيضاً. قد تكون هذه الأرقام صغيرةً، لكن ماذا لو أصبحت تعاني من تلك الحالات يوماً ما؟
7. يصبح عقلك أكثر اتّقاداً:
لا شكَّ أنَّ الكحول يُلحق الأذى بالخلايا العصبية ويعيق تواصلها. أخيراً، حافظ على سلامة عقلك المسؤول عن ذكائك، وإدراكك، وشخصيَّتك.
8. تتحسَّن صحتك العقلية:
يدمِّر الكحول الناقلات العصبية لديك؛ تلك التي تُفرز تفاعلاتٍ كيميائيّةً وظيفتها إبقاؤك سعيداً. يعدُّ الحدُّ من استهلاكك للمشروب الطريقة الأمثل للتخلص من الاكتئاب والقلق، وهذا ما أدركته بعد تجربة.
9. تتطور علاقاتك بمحيطك:
تؤدي حالة الثمل إلى أن يتصرّف الناس كالمهرجين. ولكن سرعان ما تنقلب الأمور رأساً على عقب، فذاك الذي يختلق المشاكل، وآخر يتهجَّم بكلامٍ جارحٍ على غيره، فنخسر بعضنا بعضاً.
10. تمضي قدماً في عملك:
كان زميلٌ سابق لي يعاني مشكلةً لا حلَّ لها، فعندما نكون في العمل، يغيب عن الوعي فجأة. هذا الرجل الذي يشرب من دون وعيٍ ويترنَّح ساقطاً عن السلم كاسراً قدميه؛ أصبح الآن حكايةً تروى، فإيَّاك أن تتشبَّه به.
وماذا بعد؟
لربَّما تعتقدون أنَّني سأثقل مسامعكم بوابلٍ من النَّصائح الرَّتيبة حول مخاطر الكحول، وأن أعود بكلامي وأطيل عليكم بمثاليَّاتٍ بعيدةً عن الواقع؛ لكن أودُّ أن أخبركم أنَّ هذا لن يحدث.
لا يمكنني أن أعظكم بأن تكونوا مثاليين، ولا أن تعودوا لتناول الكحول. فأنا -بكلِّ شفافيّةٍ- لا أجرؤ على أن أُملِيَ عليكم ما يجب فعله.
لقد زرعت الفكرة في عقولكم؛ لكن ومع ذلك، يُحتمَل أن يبخسَ أحدٌ منكم قدر نَفسِه، ويتابع المضيَّ في الطَّريق المهلك للكحول؛ ويُحتمَل أن تُزهر الفكرة وعياً أكبر وتنجح بترك الكحول نهائياً.
هل استطعت أن أغيِّر تفكيركم؟ أرجو ذلك.
أضف تعليقاً