ما هو أشد أنواع المرض النفسي خطورة؟

العالم اليوم وبسبب الانفتاح الكبير الذي يشهده والتطور الهائل في كل مجالات الحياة، أصبح مصدراً لكثير من الضغوط النفسية التي تُصيب الناس؛ فالشعور بالعجز أمام هذه التغيرات التي تحدث كل يوم تُسبب نوعاً من الإحباط الذي سيؤثر حتماً في الصحة النفسية، وقد تتطور الحالة النفسية السيئة وتتحول إلى مرض نفسي خطير يعوق متابعة الإنسان لحياته بشكل طبيعي، وسنتعرَّف في المقال على أشد أنواع المرض النفسي خطورة.



ما هو المرض النفسي؟

تُعَدُّ الأمراض النفسية من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان؛ لأنَّ المصاب بها يصبح عاجزاً عن ضبط نفسه والتحكم بتصرفاته وهذا ما يجعلها تؤثر تأثيراً سلبياً جداً في حياته، فالمرض النفسي هو: اضطراب في التفكير وتغيرات في المزاج واعتلال في حالة الشخص النفسية أو السلوكية أو الشخصية أو فيها جميعاً، ويحدث بسبب الضغوطات التي يواجهها الإنسان في حياته؛ مما يُسبب اضطراباً في سلوكه، ومن الهام التفريق بين ردة الفعل التي يُحدِثها الشخص بسبب مروره بموقف عصيب وبين المرض النفسي؛ فالتغير في المزاج والسلوك الحاصل بسبب هذا الوضع سيكون تغيُّراً مؤقتاً وسيزول بزوال الشدة، وأيضاً لا يمكن عَدُّ التصرفات والسلوكات المخالفة لعادات المجتمع والغريبة عنه مرضاً نفسياً طالما لم تتصاحب تلك التصرفات الغريبة بخلل عقلي، كما أنَّ الحالة النفسية السيئة لشخص ما لا تعني اضطراباً نفسياً إلَّا إذا بدأت تؤثر في وظائفه وفي قدرته على ممارسة حياته بشكل طبيعي.

ما هي أشد أنواع المرض النفسي خطورة؟

يوجد الكثير من الأنواع للأمراض النفسية التي تختلف في درجة خطورتها ودرجة انتشارها، وفيما يلي سنقوم بعرض أمثلة عن أشد أنواع المرض النفسي خطورة وأكثرها تأثيراً في حياة المصاب ومنها:

1. القلق:

يُعَدُّ القلق حالة نفسية عادية تُصيب الجميع في أثناء ممارسة نشاطاتهم اليومية؛ إذ يتحول القلق إلى مشكلة خطيرة عندما يُصبح اضطراباً نفسياً يقف عائقاً أمام ممارسة الشخص لحياته الطبيعية ويؤثر في قراراته وفي سير حياته، ويُعَدُّ القلق من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً في العصر الحديث، فالقلق مزيج من مشاعر الخوف والعصبية وتظهر أعراضه على شكل خفقان في القلب ورجفان في الجسم مع عصبية ومشكلات في النوم.

إقرأ أيضاً: مرض القلق النفسي: أسبابه، أنواعه، أعراضه، علاجه

2. الاكتئاب:

نقصد في حديثنا عن الاكتئاب الاكتئاب السريري المَرَضي وليس حالة الكآبة التي قد تُصيب الإنسان بين فترة وأخرى وبشكل مؤقت، فالاكتئاب من أخطر الأمراض النفسية وأكثرها انتشاراً في العالم؛ حيث تبلغ نسبة المصابين بالاكتئاب 12%، ويؤثر الاكتئاب تأثيراً سلبياً في حياة المصاب به ويسبب الكثير من المشكلات الخطيرة على جميع الأصعدة سواءً في العائلة أم في العمل أم في المجتمع؛ الأمر الذي يوصل الشخص في النهاية إلى حالة من الانعزال والابتعاد عن الجميع وعدم الرغبة في الحياة التي ينتج عنها ميول انتحارية ورغبة بإنهاء حياته؛ نتيجة المشاعر السلبية الكبيرة التي تنتابه كالشعور بالنقص والدونية والفشل؛ إذ يُصيب الاكتئاب الإنسان في أي عمر ولكن تُعَدُّ فترة العشرينيات الفئة العمرية الأكثر تعرضاً للإصابة به.

3. الفوبيا:

أي الخوف الشديد من شيء ما خوفاً غير واقعي ومبالغاً فيه ولكن لا سلطة للإنسان عليه، فهو يقف عاجزاً عن إيقاف مشاعر الخوف التي يحس بها بسبب شخص ما أو مكان معين أو موقف أو حيوان، ويحدث هذا المرض بسبب ضغوطات الحياة الشديدة وتظهر أعراضه من خلال إصابة الشخص برجفان يصاحبه خفقان شديد في القلب ورغبة بالهروب.

4. الوسواس القهري:

يمكن عَدُّ الأسباب الرئيسة للإصابة بهذا المرض هي أسباب وراثية، وقد تُسبب ضغوط الحياة الشديدة الإصابة بهذا المرض الذي يظهر على شكل مجموعة من التصرفات والأعمال والأفكار التي يرفضها الإنسان ولكن في الوقت نفسه يجد نفسه غير قادر على السيطرة عليها، فهو فعل قهري يعجز فيه المصاب عن إيقاف أفعاله القهرية التي يشعر بأنَّه مُجبَر على القيام بها مثل تكرار غسل اليدين أو تكرار العد أو تكرار كلمات بشكل مستمر، ومن الجدير بالذكر أنَّ الوسواس القهري يُصنَّف على أنّه مرض خطير عندما يكون عائقاً أمام ممارسة الشخص لحياته الطبيعية.

شاهد بالفيديو: أسباب الوسواس القهري وأعراضه وعلاجه

5. الهلع:

يظهر هذا الخوف على شكل نوبات ذعر تصيب المصاب بشكل مفاجئ وتتصاحب هذه النوبات مع الإحساس بأعراض مَرَضيةً مؤقتة، وتستمر نوبة الهلع لمدة عشر دقائق تقريباً يشعر خلالها المصاب بآلام في الصدر وخدر كما يشعر بحالة من الانفصال عن الواقع.

6. الهوس:

هو مرض نفسي خطير يعني ارتفاعاً كبيراً وغير طبيعي في مزاج الشخص واضطراباته، حيث يُبدي المصاب اهتماماً مبالغاً فيه بأشياء يصعب الوصول إليها، وللحكم على شخص بأنَّه مُصاب بالهوس يجب أن تظهر عليه ثلاثة على الأقل من الأعراض التالية: التشتت العقلي، والتوتر، وقلة الحاجة للنوم، وتطاير الأفكار فجأة.

7. الانفصام:

يجعل هذا المرض المصابين به يقومون بتصرفات غريبة من الصعب تفسيرها، وفي الحقيقة الفصام من أخطر الأمراض النفسية، فهو مرض مزمن يُسبب تغيرات كثيرة في مشاعر الشخص وسلوكاته؛ مما يعوق حياته ويعرقلها، فقد يقوم الشخص بمجموعة من الأفعال والتصرفات غير المفهومة ولا يشعر بما فعله إلا بعد مرور وقت، وقد يرى أشياء وأموراً ليست موجودة من الأساس.

8. فقدان الشهية العصابي:

الخطر الحقيقي لهذا المرض يأتي من تأثيره على حياة الشخص حيث أنّ شخصاً واحداً من بين كلّ خمس حالات يفقد حياته كنتيجة مباشرة للإصابة بهذا المرض، ومن بين كل خمس وفيات يوجد شخص مات انتحاراً؛ لذلك يُعَدُّ هذا المرض أشد خطراً حتى من الاكتئاب والفصام، ويشعر المريض بسبب الإصابة بهذا المرض بأنَّه سمين ويحتاج إلى إنزال وزنه على الرغم من أنَّ وزنه ينزل بشكل خطير، يتوقف المريض عن تناول الطعام؛ مما يؤدي إلى ظهور أعراض خطيرة كتراجع في قدرات المصاب الذهنية والإدراكية مع هزال شديد وخلل في وظائف الجسم.

إقرأ أيضاً: أهم المعلومات المتعلقة بالأنوريكسيا أو فقدان الشهيّة العصبي

9. الشره المرضي أو البوليميا:

يشعر المريض برغبة كبيرة في تناول الطعام بكميات كبيرة جداً، ليقوم بعدها بالتقيؤ والاستفراغ عمداً 0.17% من المصابين يقضون نحبهم بسبب مضاعفات هذا المرض التي تتمثل بالنوبات القلبية والسكتات وغيرها، وقد ثبت وجود علاقة بين هذا المرض وأمراض نفسية أخرى كالانعزال والاكتئاب، و23% هي نسبة الانتحار لدى المصابين بالشره المرضي وتُعَدُّ هذه النسبة مرتفعة جداً.

10. اضطرابات الشخصية الحديَّة:

يمكننا القول إنَّ هذا المرض من أكثر الأمراض إيلاماً للمريض نفسه الذي يعاني من الكثير من الاضطرابات في مشاعره ومن الكثير من المخاوف وتقلبات المزاج إضافةً إلى الأفكار الانتحارية والرغبة في الموت.

11. اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع:

تؤثر هذه الاضطرابات في المجتمع تأثيراً مباشراً؛ حيث تظهر أعراض المرض على شكل سلوكات عدوانية ورغبة بإيذاء الآخرين من البشر وحتى الرغبة بإيذاء الحيوانات فيقومون بتعذيبهم، كما يقومون بالاعتداءات الجنسية.

12. اضطرابات الشخصية الانفصامية:

يُعَدُّ هذا المرض من الأمراض النفسية غير الشائعة ولكنه من الأمراض الخطيرة جداً، وهذا المرض ليس مرض الفصام نفسه؛ بل يختلف عنه، فالشخص المصاب هنا يمتلك أكثر من شخصية ويعاني من مشكلات في الذاكرة تسبب فجوات فيها، كما أنَّ المريض لا يستطيع التحكم بشخصياته ولا بوقت ظهورها أو تصرفاتها.

13. اضطراب ثنائي القطب أو الهوس الاكتئابي:

يعاني المريض بسبب هذا المرض من تقلبات مزاجية هائلة بين الحزن والسعادة والهدوء والغضب، وتشمل أعراضه أعراض كل من الهوس والاكتئاب معاً.

14. اضطراب ما بعد الصدمة:

يحدث هذا الاضطراب بعد مرور الشخص بتجربة سيئة أو بعد مشاهدته لحدث صادم، ويرتفع معدل الإصابة بهذا المرض في فترة الحروب والكوارث الطبيعية، أو بعد التعرض للعنف الجسدي أو اللفظي، ومن أبرز أعراض هذا المرض عدم القدرة على تجاوز الماضي مع نوبات هلع وخوف باستمرار.

إقرأ أيضاً: ما هو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)؟

كيف أتعامل مع شخص مصاب بمرض نفسي؟

من الطبيعي أن نصادف في حياتنا أشخاصاً مصابين بأمراض أو اضطرابات نفسية، ومن الطبيعي أيضاً أن نتساءل عن كيفية التعامل الصحيح معهم، وخاصةً إذا ما كان المريض من المقربين أو من أفراد العائلة، ولذلك سنقدم فيما يلي مجموعة من النصائح التي قد تكون مفيدة:

  • امنح المريض الفرصة للكلام والحديث عن نفسه دون ضغط أو إجبار، ولن يحدث هذا إلا إذا خصصتَ له جزءاً من وقتك وأعطيتَه الثقة وسمحت له بالنقاش بالشكل الذي يريحه ويجده مناسباً له، ومن الهام أيضاً ألا تُطلق أحكاماً مسبقة عليه بل اسمح لنفسك أن تدخل إلى عالمه وأن تفهمه لتتمكن من مساعدته.
  • استمع له وقف إلى جانبه ولكن تذكَّر أنك لست شخصاً اختصاصياً أو مرشداً نفسياً؛ لذلك لا تقدم أي حلول أو تشخيص عن حالته، وإذا شعرتَ بأي خطر، فاستشر الطبيب النفسي.
  • افهم مشاعره جيداً ولا تضغط عليه بأسئلة من نوع لماذا أنت حزين؟ أو ما الذي يُشعرك بالإحباط؟
  • مارس معه النشاطات، مثل الرياضة أو التنزه، وساعده على اتباع نظام حياة صحي.
  • أرشده وساعده وقدِّم له المساعدة وشجعه على طلب المساعدة من المختص.

في الختام:

المرض النفسي ليس عيباً، وضغوط الحياة وصعوباتها الكثير لا ترك إنساناً بشأنه، فالجميع معرضون لها، والاختلاف يكون في طريقة التعاطي مع المشكلات وتقبلها، فعلينا أن نتعلّم المواجهة بدلاً من الرضوخ والاستسلام للمصائب والعوائق التي سنتعرض لها، وعلى المقلب الآخر يجب علينا أن نتعامل مع المصابين بالأمراض النفسية بشكل مناسب لطبيعة مرضهم وتقبل اختلافهم وفهم تصرفاتهم ومحاولة تقديم المساعدة لهم قدر الإمكان.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة