إن مررت بمثل هذه الظروف، فاعلم أنَّك لست وحدك من مرَّ بها، وافهم أنَّك لست الملامُ على ذلك بأيِّ حالٍ من الأحوال؛ فضغوطات الحياة باتت أمراً مُتأصِّلاً تفرضه علينا مجتمعاتنا الحديثة. وهو ما من شأنه أن يُثيرَ أعصابك ويشتت ذهنك جاعلاً من الاستقرار أمراً بعيد المنال. لكن يمكنك من خلال وضع استراتيجياتٍ مناسبة، أن تُوجد لنفسك الهدوء في بحرٍ من الفوضى. ومن أجل مساعدتك في هذا الأمر، نُقدم إليك فيما يأتي 9 أدواتٍ تُساعدك في التغلب على ضغوطات ومشاغل الحياة.
1. إيلاء الرعاية الذاتية أهميةً قصوى:
إن بدأت علامات الإرهاق بالظهور في حياتك، يصبح الإقرار بالحاجة إلى وضع الرعاية الذاتية في مقدمة أولوياتك أُولى الخطوات الهامة التي يجب عليك اتّخاذها.
لا تنتظر إلى أن تبدأ سفينتك بالغرق كي تتخذ الإجراءات التي تحافظ فيها على سلامتك؛ وتوقف مؤقتاً لتقييم الموقف وإيجاد آلياتٍ تُمكِّنُك من التأقلم، وتساعدك على البقاء في حالة اتزانٍ وتركيزٍ عند ظهور أوّل بوادر تُشير إلى أنَّ عبء العمل والأسرة ومخاوفك الشخصية قد بدؤوا يثقلون كاهلك.
2. تغيير المنظور:
من المهمّ تَذكّر أنَّ الضغوطات الساحقة تبدأ بتصورات، والتصورات هي تفسيرات ذاتية للحالات والأحداث من شأنها أن تُحدِّد طريقة إدراكك للأشياء وكيفية تأثير أيِّ موقفٍ عليك شخصياً.
لذا جرب إعادة صياغة تجاربك، والنظر إليها من زاويةٍ مختلفة حينما تشعر بالإرهاق؛ إذ يساعدك النظر في تفسيراتٍ مختلفةٍ للمواقف والأوضاع على التعامل مع الأمور بجديّةٍ أقل.
3. التنفَّس بعمق:
يُثير الارتباك الشديد الناجم عن ضغوطات الحياة الجملة العصبية في الجسم ويجعلك تصاب بالهلع، مما يرفع وتيرة التنفس ويزيد معدَّل ضربات القلب وضغط الدم وتوتر العضلات وإفراز هرمونات التوتر، بالإضافة إلى طائفةٍ أُخرى من الآثار الفيزيولوجية التي تضرّ بعقلك وجسمك.
لذا فأفضل شيءٍ يمكنك القيام به للتصدي إلى ذلك الأمر هو التنفس بعمق؛ إذ تساعد تقنيات التنفس المعروفة باسم البراناياما في اليوغا والأيورفيدا على تنظيم مستويات طاقتك، وتهدئ عقلك وجسمك عندما تشعر بالتوتر الشديد.
4. ممارسة التأمّل:
للتأمل فوائد لا حصر لها عندما يتعلق الأمر بمعالجة الآثار الناجمة عن الضغوطات الشديدة؛ فبالإضافة إلى إبطاء وتيرة تنفسك، يساعد التأمل أيضاً على تخفيف حدة نشاط عقلك وعواطفك خلال أوقات التوتر الشديد. وعندما يصبح عقلك هادئاً، يستجيب جسمك إلى هذا الأمر؛ مما يخلق حلقة تغذيةٍ راجعة من الطمأنينة والتوازن تستمر لفترةٍ طويلةٍ بعد التأمل.
5. التمهّل وتنظيم الوقت:
يجعلك الإرهاق والضغط النفسي والعاطفي تشعرُ وكأنّ الوقت ينفد منك؛ وهو ما يجعل إدارة وقتك خطوةً استباقيّةً لتجنب الشعور بالاضطراب الناجم عن كثرة الأولويات. لذا التزم بوضع قائمة مهام واضحة بحيث ترتب مهامك حسب الأهمية، ثم اعمل على كلّ منها بطريقةٍ منهجيّة.
بالإضافة إلى ذلك، حاول أن تبطئ من وتيرة عملك لتنجز مهامك بإتقان، فتتحكم في الوقت بدلاً من أن تسمح إليه بالتحكم بك.
6. اتّباع حمية "معلوماتية":
في عصرٍ يجتاحه وابلٌ من المعلومات من كلّ حدبٍ وصوب، أصبح الناس أكثر تبعيّةً واعتماداً على التكنولوجيا؛ حيث يعمل العصر الرقمي -بكلّ أجهزته وشاشاته ووسائطه الاجتماعية وإمكانيّة الوصول المتاحة على مدار الساعة- على زيادة نشاط عقولنا المرهقة أصلاً.
ويمكن للإفراط في التعامل مع المعلومات أن يحرمك من الاستقرار والتوازن اللذين تحتاجهما بشدّة. لذا ألزم نفسك باتباع حميةٍ معلوماتية من خلال الانقطاع عن العالم الرقمي لبضع ساعاتٍ في اليوم أو الأسبوع، أو لفترةٍ أطول من ذلك. وفي حين قد تجد صعوبةً في القيام بهذا الأمر في البداية، لكنَّك مع مرور الوقت ستتفاجئ من مدى استقرار حالتك الذهنيّة عندما لا يتمّ إغراقها طوال اليوم بوابلٍ من المعلومات غير اللازمة.
7. النوم لعدد ساعات كافية:
من شأن عدم استخدام طاقة الجسم والعقل بفعاليّة أن يتسبّب لك بالإرهاق المزمن ويزيد من ضغوطاتك، لذا احرص على النوم جيداً لتجديد طاقة عقلك وجسمك. يُنصح عموماً بالنوم من سبع إلى ثماني ساعات في الليلة، ولكن عندما تشعر بالإرهاق، قد تكون هناك حاجةٌ لفتراتٍ أطول.
بالإضافة إلى التأمّل بانتظام، فكّر في إضافة غفوةٍ مدتها 20 دقيقة في منتصف الظهيرة إلى روتينك (قيلولة). واحرص على تهيئة الجوّ للنوم المريح من خلال وضع روتينٍ يساعد عقلك وجسمك على جني أقصى استفادةٍ من الوقت الذي تقضيه في السرير.
8. الابتعاد في الوقت المناسب:
يكون الخيار الأكثر صحّةً للجسم والعقل والروح هو مجرد الابتعاد عن كلّ ما يتسبب لنا بالضغط والإجهاد؛ إذ لا يمكنك أن تكون كلّ شيءٍ لكل الناس، ومن المهمّ أن تعرف متى استنفدت الحدّ الأقصى من طاقتك.
لذا كن على استعدادٍ لرسم خطٍّ واضحٍ لنفسك، واعلم متى يجب أن تقول لا. فعندما تقوم بذلك، يمكنك استعادة قدرتك على إدارة حياتك بوعي، من دون الحاجة إلى الدفاع عن نفسك أو تقديم مبررات إلى الآخرين.
9. الخضوع:
كن مستعداً للخضوع للموقف تماماً؛ وهذا لا يعني الاستسلام، بل الانفصال عن أيّ نتيجةٍ تنتج عنه. والخضوع هو فعلٌ يدلّ على التواضع؛ بحيث تكون على استعدادٍ إلى تسليم أمرك إلى قوّةٍ أكبر منك؛ فبقيامك بهذا، تخطو إلى المجهول وأنت واثقٌ من أنَّ كلّ شيءٍ سيكون على ما يرام.
أضف تعليقاً