كيف تنشئ دورتك التدريبية الناجحة عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)؟

مشيت إلى بوابة المطار وهناك خاب أملي تماماً عندما رأيت طابور الناس الممتد أمام لافتة كُتب عليها "أُلغيَت الرحلة"؛ إذ كانت هذه نهاية رحلة طويلة بدأت بابني الصغير وكان متشبثاً بي قبل رحيلي ويرجوني ألا أغادر مرة أخرى، وعندما جاء دوري أخيراً للتحدث إلى موظفة الطيران أبلغتني أنَّ الأمر سيستغرق يومين أو ثلاثة قبل أن يتمكنوا من إخراجي من "مينيسوتا" (المدينة التي كانت فيها) بسبب عاصفة ثلجية؛ لقد شعرت بانهيار كامل ثم بدأت بالبكاء، فقد كان لدى ابنتي مسرحية مدرسية في اليوم التالي، وكسرت روحي فكرة عدم حضورها .



ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن الكاتبة جنين بلاكويل (Jeanine Blackwell)، إذ تحدثنا عن تجربتها مع الدروس المُقدَّمة عبر الإنترنت.

لقد توسلت إليهم حرفياً، وفكرت بقيادة سيارتي إلى مطار آخر وسط العاصفة الثلجية وكنت على استعداد لدفع ثمن رحلة جديدة بواسطة شركة طيران أخرى؛ كنت لأفعل أي شيء.

ولأنَّ الموظفة المنهكة ربما أشفقت علي، أو لأنَّها ظنت أنَّها لن تتخلص مني أبداً فقد وضعتني برحلة أخرى بشيء يشبه المعجزة؛ وفي اليوم التالي عندما جلست في صالة الألعاب الرياضية في مدرسة ابنتي وشاهدتها ترقص أقسمت أنَّني لن أسافر مرة أخرى.

مثل معظم رواد الأعمال، بدأت عملي في مجال الاستشارات لأنَّني أردت الحرية والتأثير، وكان السفر إلى مقرات العلامات التجارية الكبرى لمساعدتهم في تصميم برامج تدريبية لآلاف من موظفيهم له تأثير إيجابي؛ لكنَّ المشكلة أنَّني مع نمو عملي، أصبحت حريتي أقل فأقل.

كنت أعيش وضعاً أضحيت مجبرةً فيه إجباراً على القيام بما أفعل لأنَّني كنت المُنتَج الوحيد الذي كان علي بيعه، وحينها خطرت ببالي هذه الفكرة: سأنشئ دورة تدريبية عبر الشبكة العنكبوتية تحل محل عملي الاستشاري.

خلال الأسابيع التالية، أعلنتُ عن إنشاء الدورة التدريبية الخاصة بي، لقد أعلنتُ افتتاحها في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الليلة التي سبقت الموعد النهائي للتسجيل، نمت وأنا أشعر أنَّني بحالة جيدة.

لقد سجلتُ مجموعة صغيرة من الطلاب الذين كنت متحمسة للعمل معهم، وشعرتُ بالتفاؤل لكوني -مع الوقت- قادرة على زيادة معدلات الالتحاق بالدورة التدريبية خاصتي ثم في النهاية قادرة على استبدال الدخل بالدخل الناتج عن السفر.

في صباح اليوم التالي جلست على الكرسي المفضل لدي مع فنجان القهوة وفتحت هاتفي لمعرفة ما إذا كان هناك المزيد من إخطارات البريد الإلكتروني بشأن التسجيل قد وصلت خلال الليل، وقمت بتصفح علبة الوارد الخاصة بي وكانت طلبات التسجيل تتهافت على علبة الوارد لتملأها.

بكيت مرة أخرى، لكن هذه المرة لأنَّني أدركت أنَّ كل شيء قد تغير بالنسبة إليَّ وإلى عائلتي.

ففي السنة الأولى، انتقلت من مجرد فكرة إلى تحقيق إيرادات تزيد عن المليون شهرياً من خلال تلك الدورة التدريبية عبر الإنترنت؛ ومنذ الإطلاق الأول، قمت بتعليم آلاف الأشخاص كيفية إنشاء دوراتهم التدريبية الخاصة بمشاركة ما يعرفونه عن جميع أنواع الموضوعات، لقد شاهدت أشخاصاً يحققون أرباحاً بالملايين ويغيرون حياتهم من دورة تدريبية واحدة عبر الإنترنت يساعدون من خلالها آلاف الأشخاص.

لماذا يعد إنشاء دورة تدريبية عبر الإنترنت فكرة جيدة؟

ربما كنت تفكر في إنشاء دورة تدريبية عبر الإنترنت لتوسيع نشاطك التجاري، أو تتساءل عما إذا كانت هذه هي الطريقة المثالية لإيجاد عملٍ إضافي، كما أنَّ جمال الدورة التدريبية عبر الشبكة العنكبوتية هو أنَّها تمكنك من مشاركة ما تعرفه ومساعدة الآخرين في تحقيق الإنجازات والحصول على دخل يمكن توقعه.

لا يوجد وقت أفضل من هذا لتعلم الناس ما تعرفه؛ فمبيعات الدورات التدريبية عبر الإنترنت تزدهر. وتتزايد أرباح الدورات التدريبية عبر الإنترنت لتصل إلى 325 مليار دولار سنوياً في السنوات الخمس المقبلة، كما تقدم الشركات الآن مزيداً من التدريب لموظفيها عبر الإنترنت أكثر من ورشات العمل الواقعية.

يتعلم الجميع من خلال الدورات عبر الإنترنت، حيث يستثمر الأفراد ورجال الأعمال المنفردين والمدارس والشركات الصغيرة والشركات الكبيرة والمؤسسات غير الربحية والجمعيات في التعلم من خلال الدورات التدريبية عبر الشبكة العنكبوتية؛ وهذه فرصة هائلة.

ما موضوعات الدورات التدريبية التي تُباع عبر الشبكة العنكبوتية؟

من السهل التفكير في أنَّ الدورات التدريبية حول بناء الأعمال التجارية أو جني الأموال هي الموضوعات الوحيدة الناجحة، إلا أنَّ هذا غير صحيح؛ فالدورات التدريبية الناجحة عبر الإنترنت تجري في مختلف المجالات.

وإليكم بعض الأمثلة على موضوعات الدورات التدريبية الناجحة عبر الإنترنت:

يمكنك البدء بالتفكير بشيءٍ سبق وأن فعلته، كما فعلت ريبيكا برانستيتر (Rebecca Branstetter)؛ وهي طبيبة نفسية في المدرسة كانت تقضي كل ليلة وعطل نهاية الأسبوع في العمل لمتابعة كتابة التقارير، وعندما بدأنا العمل كانت راغبة بشدة في تخصيص وقتٍ لعائلتها لتكون مع بناتها.

توصلت ريبيكا في نهاية المطاف إلى نظام جديد لتقليل وقت كتابة تقاريرها؛ إذ أنشأت دورة تدريبية ناجحة جداً عبر الشبكة العنكبوتية تحت اسم "نجاح الأطباء النفسيين في المدارس" تُدرِّس علماء النفس الآخرين فيها كيفية السيطرة على وقتهم واستعادة عُطلات نهاية الأسبوع.

كل شخص لديه القدرة على إنشاء دورة تدريبية، ويعرف الجميع كيف يفعلون شيئاً يريد شخص آخر أن يعرف كيف يفعله، لا يتعين عليك أن تكون مؤلفاً أو أستاذاً لإنشاء دورة تدريبية ناجحة، لقد شاهدت مصففي الشعر والفنانين والبستانيين والآباء يحولون ما يعرفونه إلى دورة تدريبية عبر الشبكة العنكبوتية.

كيف تنشئ دورتك التدريبية الناجحة عبر الشبكة العنكبوتية؟

دعنا نتعرف على الخطوات لإنشاء الدورة التدريبية الأولى عبر الشبكة العنكبوتية:

1. الخطوة الأولى "تحديد نقطة القوة":

 كما يقول "ليام نيسون" (Liam Neeson) في السطر المفضل لدي من فيلم "تيكن" (Taken): "ما أمتلكه هو مجموعة خاصة جداً من المهارات، المهارات التي اكتسبتها خلال مسيرة مهنية طويلة جداً".

إنَّ أفضل طريقة لتتوصل إلى فكرة الدورة التدريبية خاصتك هي التفكير فيما تعرفه وتحديد "نقطة قوتك" في السوق والذي يتقاطع فيه ما تعرفه مع ما يريده الطلاب المتوقَّعون.

كريستين كار مدربة أعمال وزبونتي التي أطلقت برنامجاً ناجحاً لتسريع الأعمال، ففي البداية، اعتقدت كريستين أنَّ مهاراتها تشبه إلى حد كبير المستشارين الآخرين لدرجة أنَّها كانت متأكدة من عدم وجود طريقة لتبرز فيها، لكن عندما نظرنا إلى جميع مواهبها وشغفها وخبراتها، سرعان ما رأت نقطة الاختلاف لديها.

تقول كريستين: "قد تعتقد أنَّ معلوماتك تشبه معلوماتهم؛ ولكنَّ الشيء الفريد هو الطريقة التي تتعامل بها مع ما تفعله".

فكر في مواهبك وشغفك وخبراتك السابقة، وكيف يمكن لما تعرفه أن يساعد شخصاً آخر في حل مشكلة ما؟

إقرأ أيضاً: لماذا يخفق العديد منَّا في تحديد نقاط قوته ونقاط ضعفه؟

2. الخطوة الثانية "التعامل مع جمهورٍ محدد":

يمكن أن يساعدك توضيح من تريد مساعدته في الدورة التدريبية الخاصة بك على تحسين موضوع الدورة التدريبية.

أحضر ورقة وقم باستقصاء ذهني للأشخاص المختلفين الذين يمكنك مساعدتهم فيما تعرفه، يمكن أن يكون هذا بسيطاً فيمكنك التفكير في الطلبات التي تحصل عليها للحصول على المساعدة من العملاء أو الأصدقاء أو العائلة أو حتى الآباء الآخرين في مدرسة طفلك.

يمكن أن يساعدك تحديد جمهورك على بناء دورة تدريبية أفضل عبر الشبكة العنكبوتية والعثور على الأشخاص عبرها، هنالك سؤالان يمكنك التفكير فيهما لمساعدتك على تضييق نطاق البحث عن الجمهور المناسب:

أولاً: من يريد تحقيق نتيجة يمكنك مساعدتهم على تحقيقها؟ وثانياً: هل سيستثمر هذا الجمهور الوقت والمال للحصول على هذه النتيجة؟

فيما يلي بعض الأمثلة على جمهور الدورات الناجحة عبر الشبكة العنكبوتية:

  • رجال الأعمال المنفردون الذين يرغبون في الحصول على عمل على "لينكد إن" (LinkedIn).
  • الباحثون عن عمل الذين يرغبون في الحصول على وظيفة دون أن يستغرق الأمر شهوراً من البحث عبر الشبكة العنكبوتية.
  • أصحاب الخيول الذين يريدون التواصل عاطفياً مع خيولهم.
  • علماء النفس في المدرسة الذين يريدون التوقف عن كتابة التقارير.
  • مصممو الديكور الداخلي الذين يريدون معرفة كيفية الجمع بين الألوان.
  • وكلاء العقارات الذين يرغبون في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لكسب مزيد من الزبائن.
  • الفنانون الذين يرغبون في إنشاء أعمال أكثر عمقاً وأصالة.
  • الخياطون المستعدون لصنع قطع جميلة لأصدقائهم وعائلاتهم.
  • الآباء الذين يرغبون في إعداد وجبات صحية لأطفالهم.
  • الأزواج الذين يرغبون في إعادة بناء علاقتهم.
  • كُتَّاب الخيال الذين يريدون إنهاء كتابهم.

ابدأ إجراء جلسة استقصاء ذهني لأنواع الجمهور من خلال التفكير في من يريد أن يتعلم ما تعرف كيف تفعله حتى يتمكنوا من تحقيق نتيجة مماثلة.

إقرأ أيضاً: 6 أخطاء جسيمة قد يقع فيها المتحدثون أمام الجمهور

3. الخطوة الثالثة "تحديد الأسلوب":

سينجذب طلابك إلى دورتك التدريبية لأنَّهم يواجهون نوعاً من المشكلات التي تولد نقاط ضعف لهم، فهم يريدون الانتقال من هذه النقاط المؤلمة إلى إمكانية جديدة هي النتيجة المرجوة من مسارك الدراسي.

أسهل طريقة للتفكير في هذا الأمر هي أن تتخيل أنَّ عملائك في نقطة معينة "هنا" وأنَّهم يريدون الوصول إلى نقطة أخرى "هناك"، في الدورة التدريبية عبر الشبكة العنكبوتية؛ يمكنك ببساطة تقديم طريقة تدريجية للانتقال من مكانهم الحالي إلى المكان الذي يريدون أن يكونوا فيه.

تكمن المشكلة في أن معظم منشئي الدورات التدريبية يركزون على ما يعرفونه بدلاً من كيفية مساعدتهم في تحقيق نتيجة، وتبدأ الدورات الناجحة بالعمل بشكلٍ عكسي مما يساعد الطالب على القيام بالعمل.

لنتخيل أنَّ لديك شغفاً بالصحة وترغب في إنشاء دورة تدريبية عبر الشبكة العنكبوتية حول التغذية كخطوة أولى لبدء نشاطك التجاري، إنَّ الخطأ الذي يرتكبه معظم الناس هو إنشاء دورة تدريبية تبدو مثل "كلُّ ما تحتاج لمعرفته حول الأكل الصحي".

سيستغرق هذا الأمر وقتاً طويلاً حتى تقوم بها وستكون مربكة لطلابك.

بدلاً من ذلك، فكر في كيفية تضييق نطاق الدورة التدريبية للتركيز على نتيجة معينة لجمهور معين، قد تبدو مثلاً الدورة التدريبية التي تُقدَّم تحت عنوان "التخلص من آلام المعدة خلال 30 يوما" أكثر تركيزاً.

عندما تصبح أكثر تحديداً بشأن النتيجة التي تساعد طلابك على تحقيقها (تخفيف آلام المعدة)، يمكنك بسهولة تحديد الخطوات التي ستوجه طلابك من خلالها لتحقيق هذه النتيجة.

لتوضيح خطواتك، تخيل صديقاً يتصل بك ويقول، "مرحباً، هل يمكنني أن أستشيرك؟ كيف (املأ الفراغ)؟ " ماذا ستقول لصديقك؟

4. الخطوة الرابعة "إنشاء المحتوى الخاص بك":

سواءٌ أكان هدفك هو إجراء عملٍ إضافي أم تقديم أول منتج يُدِرٌّ عليك المال دون الحاجة إلى المشاركة فعليَّاً في العمل، فلتُبقِ هذا الأمر بسيطاً.

يمكنك تعليم طلابك من خلال ندوة عبر الشبكة العنكبوتية مباشرة أو مكالمة جماعية للبدء بأقل الإعدادات التقنية الممكنة، وهناك أدوات بسيطة يمكنك استخدامها للقيام بذلك بما في ذلك الخيارات المجانية.

من المرجح أن يكون هدفك على المدى الطويل أتمتة هذا الأمر حتى تتمكن من تعليم المحتوى مرة واحدة ثم إتاحة التسجيل للعديد من الطلاب بمرور الوقت؛ كما يمكنك تبسيط هذا الأمر من خلال تسجيل كيفية التعرف إلى ما تقوم به باستخدام هاتفك الذكي.

من الهام التركيز على توجيه الطلاب نحو النتائج بدلاً من انشغال التفكير بتقديم مادة مميزة.

إقرأ أيضاً: 4 طرق لتنشئ محتوى جيّد ويحظى بالانتشار

ابدأ الآن:

يُعدُّ إنشاء دورتك التدريبية عبر الشبكة العنكبوتية طريقة فعالة لمشاركة ما تعرفه وإحداث فرق لمساعدة الآخرين وعيش الحياة التي تتخيلها.

من السهل التفكير في أن وجود سنوات من الخبرة في الأعمال التجارية أو الكثير من الموارد هي الشروط المطلوبة لإنشاء عمل تعليمي ناجح عبر الشبكة العنكبوتية، فخبرة العمل والموارد يمكن أن تساعد، أليس كذلك؟ لكني هنا لأخبرك أن معظم الأشخاص الذين ينشئون دورات ناجحة عبر الشبكة العنكبوتية ليس لديهم أياً منهما.

من المفيد الإيمان بأنَّك تستطيع مساعدة الآخرين على اتخاذ الإجراءات اللازمة، كما أن انتظار دليل على أنَّ الناس سيحبون فكرتك قبل طرحها في العالم يشبه انتظار وصول ترشيح الأوسكار قبل أن تبدأ في تصوير فيلمك، وهذه ليست طريقة جيدة لتعمل بها.

عليك أن تضع هذه الفكرة الخاصة بك موضع التنفيذ وتشاركها مع الآخرين، فحتى أول جمهور صغير من الأصدقاء أو الزملاء سيساعدك في إطلاعك على كيفية تحسين فكرتك.

لإنشاء دورة تدريبية ناجحة، عليك أن تؤمن أنَّه يمكنك إضافة قيمة لطلابك؛ كما يقول جورج مايكل (George Michael): "يجب أن تتحلى بالإيمان".

 

المصدر




مقالات مرتبطة