كيف تنجح في العمل من المنزل؟

على مر السنين، أشاد الموظفون ممن حالفهم الحظ في العمل عن بُعد بمحاسنه، وفي الواقع، تدعم العديد من الأبحاث هذه الادعاءات.



حيث وجدَت شركة "أول لابز" (Owl Labs) في تقارير عن حالة العمل عن بعد لعام 2019 (2019 State of Remote Work Report) ما يلي:

  • أقرَّ 83% من المشاركين في الاستطلاع بأنَّ القدرة على العمل عن بُعد ستجعلهم أكثر سعادة.
  • صرَّح 82% منهم بأنَّ العمل عن بعد سيجعلهم يشعرون بمزيد من الثقة في العمل.
  • اعتقدَ 81% منهم أنَّ العمل عن بعد سيجعلهم أكثر قدرة على إدارة التعارض بين الحياة المهنية والشخصية.
  • صرَّح 81% من المشاركين أنَّ العمل عن بُعد سيجعلهم ينصحون أحد أصدقائهم بالعمل لدى شركتهم.
  • صرَّح 80% من المشاركين أنَّ القدرة على العمل عن بعد ستجعلهم أقل عرضةً للتوتر.
  • صرَّح 80% منهم أنَّ العمل عن بعد سيجعلهم يشعرون بأنَّ رب العمل يهتم لأمرهم.
  • صرَّح 74% من المشاركين في الاستطلاع أنَّ العمل عن بعد سيجعلهم أقل عرضةً لترك رب العمل.

باختصار، إنَّ الموظفين عن بعد هم أكثر سعادة وإنتاجية وولاء، وتتلخص الأسباب في الاستقلالية والمرونة وتقليل عوامل التشتيت في مكان العمل، وهذا بدوره مفيد لمهنتهم وعافيتهم، فضلاً عن الأرباح.

ثم أتت الجائحة العالمية، وفجأةً أُقحِم الناس الذين لطالما حلموا بالعمل من المنزل في هذا الأسلوب الجديد في الحياة؛ حيث نجح بعضهم ولم ينجح بعضهم الآخر، ولا أحد يلومهم في هذا؛ حيث إنَّ الكثير من الناس لا يناسبهم هذا النمط من العمل، بالإضافة إلى أنَّ هناك جانباً سلبياً له يجعل الناس تعيسين.

لماذا يجعل العمل من المنزل بعض الناس تعيسين؟

يوضح مستشار الأعمال "لاري ألتون" (Larry Alton): أنَّ "العمل من المنزل يتطلب درجة من العزلة، فإن كنتَ تعيش بمفردك، فقد تقضي يوماً كاملاً دون التحدث أو رؤية أي شخص آخر" ولكن، حتى لو لم يكن الأمر كذلك "فقد تعتاد العزلة في مكتب منفصل".

ما الخطورة في ذلك؟ تُظهِر الأبحاث المختلفة أنَّ التواصل الاجتماعي أمر بالغ الأهمية عندما يتعلق الأمر بصحتنا النفسية والجسدية؛ حيث يمكن للتعامل مع الآخرين أن يمنحنا الهدوء والطمأنينة.

ويضيف "ألتون": "يبدو عبر العديد من الدراسات، التي شملت عوامل مثل الدخل، والمناطق الجغرافية، وحتى الجينات، أنَّ العنصر الوحيد الأكثر أهمية للسعادة طويلة الأمد هو كيف وكم مرة نتواصل مع الآخرين؛ حيث إنَّ الوحدة، وبالأخص على الأمد الطويل، يمكن أن تجعلك عرضةً للاكتئاب والإحباط والإنهاك الوظيفي".

والأسوأ هو أنَّها تجعلك تقع في عادات غير صحية، فعلى سبيل المثال: في أثناء ممارسة حياتك اليومية، قد تقرر أنَّك ستتابع الأخبار المحلية فقط، ولكن تجد نفسك بعد قليل تشاهد برامج ترفيهية.

سيصبح من السهل أيضاً النوم وتفقُّد الثلاجة بشكلٍ متكرر وممارسة تمرينات رياضية أقل، وإن كان لديك أطفال، فمن الصعب محاولة تعليمهم في المنزل في أثناء محاولة إنجاز عملك، ومن الصعب ترك العمل؛ وذلك لأنَّك تعمل حيث تعيش في الأساس.

عندما تعمل بمفردك، ستفقد فرصة الاستفادة من نظرية المساواة، وطبقاً لـ "ألتون" "هذه ظاهرة اجتماعية يقيس فيها الأفراد أداءهم وشعورهم بالانتماء طبقاً لعادات وأفعال الآخرين، وعندما لا يكون هناك زملاء في العمل حولك لمساعدتك على قياس أدائك، يمكن أن يراودك شعور دائم ومزعج بأنَّ شيئاً ما ليس على ما يرام".

إقرأ أيضاً: العمل من المنزل مابين الإيجابيات والسلبيات

ولكن لحسن الحظ، إن كنتَ تكره العمل عن بعد، فهناك بضعة أساليب تساعدك على التخلص من هذا الشعور المزعج من خلال تجربة ما يلي:

1. التغلب على الشعور بالانفصال:

في عالم ما قبل الجائحة لم تكن هذه مشكلة كبيرة؛ حيث كان في إمكانك إنجاز عملك في المقهى المفضل لديك، أو الانضمام إلى مساحة عمل مشتركة أو الذهاب إلى العمل بضعة أيام في الأسبوع، والتواصل مع الأصدقاء أو العائلة خارج أوقات العمل، أو أخذ فترات استراحة من العمل للدردشة مع جارك، وكذلك حضور الفعاليات الاجتماعية المحلية.

وعلى الرغم من أنَّك قد تكون قادراً على القيام ببعض ما سبق، إلَّا أنَّ العيش في ظل الجائحة يبقى صعباً، وإذا كنتَ غير مرتاح للوجود حول الآخرين أو لا يمكنك ممارسة التباعد الاجتماعي بأمان، فلا يزال في إمكانك التواصل مع الآخرين.

من الواضح أنَّ الطريقة الأكثر شيوعاً هي عبر مكالمات الفيديو باستخدام منصة مثل "زووم" (Zoom)، سواءً كان ذلك لقاءً مع فريق عملك أم الاطمئنان على صديق، فقد كان هذا الحل، لكن احذر من الإفراط في استخدام هذا التطبيق حتى لا تتعرَّض إلى ما يسمى بإجهاد "زووم"، ولا بأس أيضاً في إجراء مكالمة هاتفية، فإذا كنت تشعر بالعزلة، فاتَّصل بصديقك أو منتورك.

شاهد بالفديو: 7 أدوات ضرورية للعمل من المنزل

2. وضعُ برنامج يومي وتعيين الحدود:

عندما كنتَ تذهب إلى المكتب يومياً، كان لديك برنامج؛ حيث كان ذلك النظام يجعل من السهل جدولة وقتك، والأهم من ذلك أنَّه كان يساعد على رسم حدود واضحة بين العمل والمنزل، فليس عليك اتباع البرنامج ذاته بالضبط؛ حيث تكمن جمالية العمل من المنزل في أنَّه يمكنك ضبط جدولك الزمني ليلائم ذروة الإنتاجية والالتزامات الشخصية.

على سبيل المثال: إذا كنتَ من محبي الصباح، فيمكنك الاستيقاظ قبل أي شخص آخر في منزلك، في حين أنَّه وقت هادئ ولديك الطاقة، يمكنك العمل على أهم مهمة لك لهذا اليوم، وخلال فترات الراحة، يمكنك قضاء بعض الوقت مع عائلتك وممارسة بعض التمرينات الرياضية.

بغض النظر عن كيفية جدولة يومك، واظب وابحث عن طرائق للانتقال بين حياتك الشخصية والمهنية، يمكن أن يكون ذلك عن طريق أمر بسيط مثل إيقاف تشغيل الكمبيوتر أو تغيير ملابسك.

3. إنشاء مساحة مكتب في المنزل:

من المغري ممارسة العمل وأنت مرتاح في سريرك أو أريكتك، لكن تذكَّر أنَّك بحاجة إلى الفصل بين المكان الذي تُنجِز فيه الأشياء وبين الاسترخاء، وعلى هذا النحو أنت بحاجة إلى مساحة مخصصة للعمل؛ إذ يُفضَّل أن يكون مكاناً هادئاً؛ حيث يكفي وجود غرفة نوم احتياطية أو قبو أو مرآب أو حجرة صغيرة، وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تحتوي أيضاً على الأدوات والمعدَّات المناسبة، مثل مكتب للتفكير وإنترنت عالي السرعة وأي شيء آخر تحتاج إليه للعمل.

ومع هذا فهذه ليست سوى الأساسيات، فاجعل مساحة العمل مُنارةً بالضوء الطبيعي والنباتات والألوان التي تتناسب مع عملك، على سبيل المثال: إذا كانت وظيفتك تتطلب قدراً كبيراً من التركيز، فأَحِط نفسك باللون الأزرق، ويمكنك أيضاً إضفاء طابعك الشخصي على مساحة العمل الخاصة بك عن طريق وضع أشياء شخصية مثل الصور أو تذكارات من رحلة سابقة، والأهم من ذلك، حافِظ على هذه المنطقة نظيفة ومرتبة.

4. المرح في فترات الاستراحة:

ليس سراً أنَّ فترات الراحة المتكررة على مدار اليوم يمكن أن تُعزِّز الإنتاجية، فالمفتاح هو استخدام هذه الاستراحات للراحة واستعادة النشاط والقيام بشيء ممتع؛ إذ يُفضَّل قضاء الوقت في الخارج؛ وذلك لأنَّه يقلل من القلق والتوتر والاكتئاب، ولكن يمكنك تجربة أي شيء يجعلك سعيداً، مثل الاتصال بصديق أو الرسم أو الرقص.

إقرأ أيضاً: المرح في العمل، أهميته، فوائده، طرق الاستمتاع به

5. الاستفادة من العمل من المنزل:

صحيحٌ أنَّ العمل عن بعد له مساوئه، لكن لننظر إلى الجانب المشرق، فلست مضطراً إلى تحمُّل تنقلاتك اليومية؛ ونتيجةً لذلك، فإنَّك توفِّر المزيد من الوقت والمال كي تنفقهما على ما هو مُرضٍ أكثر، وأيضاً، قد تكون قادراً على البقاء إلى جانب أطفالك طوال اليوم، وما لم يكن لديك اجتماع بالفيديو، فسوف يكون كل يوم بمنزلة عطلة قصيرة.

6. تقبُّل المشاعر السلبية:

وفي النهاية، تقبَّل أيَّ مشاعر سلبية تمرُّ بها، فهي طريقة مضمونة لمساعدتك على العمل، وإلى جانب ذلك، فإنَّ السعي الدائم إلى السعادة يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، يقول "بريت فورد" (Brett Ford)، عالم النفس الذي يُدرِّس العواطف في جامعة "تورنتو" (University of Toronto): "عندما تضع معياراً لمزاجك ثم لا تفي بهذا المعيار، فإنَّ ذلك سيكون مؤلماً؛ لأنَّك بذلك تضيف الألم بشكل أساسي إلى نقص السعادة".

ويقول الدكتور "جودسون بروير" (Judson Brewer)، الطبيب النفسي الذي يُدرِّس التغير السلوكي: "لا يمكننا أن نشعر بالسعادة طوال الوقت، ولكن يمكننا أن نتصالح مع أيِّ مشاعر نمرُّ بها، وبهذا المعنى يوجد مستوى من الرضا يأتي مع ذلك"، ويضيف: "أنا سعيد لأنَّني سعيد، وسعيد لأنَّني تعيس، أياً كانت المشاعر فلن آبه لها".

المصدر




مقالات مرتبطة