كيف تمنع هاتفك الذكي من التأثير سلباً في علاقاتك؟

بحلول عام 2016، كان 77% من الأشخاص البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية يمتلكون هواتف ذكية، وعلى الرغم من أنَّ الهواتف الذكية مُجرَّد أجهزة صغيرة نضعها في جيوبنا، إلا أنَّها تؤدي إلى تغييرات كبيرة في كيفية تفاعلنا مع العالم؛ حيث نرى في عناوين الأخبار المثيرة أنَّ "الهواتف الذكية دمَّرت جيلاً بأكمله"، وأنَّ "وسائل التواصل الاجتماعي تعمل على تمزيق المجتمع"؛ لكن ماذا يقول البحث بخصوص ذلك؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المُؤلِّفة تشيكي ديفيز (Tchiki Davis)، والتي تحدِّثنا فيه عن طرائق مختلفة لإدارة استخدام الهواتف الذكية كي لا تؤثر سلباً في علاقاتنا بمن حولنا.

الواقع هو أنَّ الشباب الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية، أكثر عرضة لمزيد من الاكتئاب والمزاج المتقلِّب؛ حيث يبدو أنَّ الهواتف الذكية تسبب إشكاليات في العلاقات بشكل خاص؛ الأمر الذي يؤدي إلى تفاعلات اجتماعية غير مُجدية وأقل تعاطفاً، وفي حين أنَّ هناك مجموعة واسعة من الطرائق لاستخدام هاتفك الذكي، بدءاً من التقاط الصور مع أصدقائك، ووصولاً إلى تتبُّع خصوصيات الناس على مواقع التواصل الاجتماعي بشيء من الحسد؛ غير أنَّ القليل منها قد يكون مؤذياً.

إذاً، كيف تمنع هاتفك الذكي من التأثير سلباً في تواصلك مع الآخرين؟ يمكن لهذه الطرائق المدعومة بالبحث، أن تساعد على حماية علاقاتك في مجموعة متنوعة من المواقف الاجتماعية:

1. عدم استبدال التفاعلات التي تتم وجهاً لوجه بالتفاعلات الإلكترونية:

زادت مدة الوقت الذي نقضيه في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي زيادة كبيرة منذ إصدار الهواتف الذكية، ونظراً إلى الوقت المحدود الذي نملكه يومياً، فمن الممكن أن يؤدي بنا استخدام الهواتف الذكية إلى قضاء وقت أقل مع الآخرين، ممَّا يمكن أن يؤثر مع مرور الوقت في حياتنا تأثيراً كبيراً وسلبياً.

ويعود السبب في ذلك إلى أنَّ الأبحاث الوافرة والموسَّعة، تُظهر أنَّ بناء علاقات اجتماعية قوية هو أحد أفضل الأشياء التي يمكننا القيام بها للمحافظة على صحتنا العقلية والجسدية، وقد يكون من الأسهل والأسرع بالنسبة إلينا بناء هذه العلاقات شخصياً؛ حيث إنَّ المشاركة في التفاعلات الاجتماعية وجهاً لوجه، تحسِّن مزاجنا وتحد من الاكتئاب، كما أنَّ النشاطات الأخرى التي تشمل وجود أشخاص آخرين، مثل حضور المناسبات أو ممارسة التمرينات الرياضية، تؤثِّر إيجاباً في صحتنا العقلية، فمن غير هذه التجارب، تكون صحتنا العقلية عُرضة للضرر.

إنَّ التسهيلات الكبيرة التي تقدِّمها الهواتف الذكية للقارئ، جعلت من السهل تكوين علاقات اجتماعية بنَّاءة، وعلى الرُّغم من أنَّ 23% فقط من الناس يقولون إنَّهم يستخدمون هواتفهم من حين إلى آخر لتجنُّب التواصل مع الآخرين، فقد يختار بقيتنا الحل الأسهل؛ إذ قد نتصفَّح صفحات أصدقائنا على الفيسبوك، بدلاً من أن نسألهم عن أحوالهم، وقد نختار مشاهدة الأفلام على الإنترنت، بدلاً من الذهاب إلى السينما مع الأصدقاء، ولكن يجب علينا التواصل وجهاً لوجه كُلَّما أمكن ذلك، لتعزيز الصحة العقلية.

شاهد بالفديو: 8 طرق للتخلص من إدمان الهاتف الذكي

2. عدم استخدام هاتفك عندما تكون مع أشخاص آخرين:

يجب علينا أيضاً لبناء علاقات شخصية قوية، أن نضع في الحسبان كيفية استخدام هواتفنا عندما نكون مع أشخاص آخرين؛ حيث ستنخفض جودة حوارك مع شخص ما عندما يستخدم هاتفه الذكي على الرغم من وجودك معه؛ إذ قد ينقطع التواصل بينكما، وتطول مدة المحادثة، ويجعلك الأمر تشعر وكأنُّه لا يكترث لسماعك.

يعتقد معظم الناس، أنَّه ليس من الجيد أن نستعمل الهواتف الذكية خلال المناسبات الاجتماعية، ويظنُّ 82% من الناس، أنَّ استعمال الهواتف الذكية في المناسبات الاجتماعية يؤثر سلباً في المحادثات أحياناً، ومن المفارقات الواضحة، أنَّنا نواصل استخدام هواتفنا الذكية على الرغم من النسب آنفة الذكر؛ إذ حسب نتائج إحدى الدراسات، أقرَّ 89% من مستخدمي الهواتف الذكية، بأنَّهم استخدموا هواتفهم الذكية مؤخراً خلال المناسبات الاجتماعية؛ حيث يعتقد معظم الناس بأنَّ ذلك لا يسلب شيئاً يُذكر من انتباههم عمَّن هم معهم.

وما يزيد الأمر سوءاً، أنَّنا حين نستخدم هواتفنا الذكية في أثناء التواصل الاجتماعي، فإنَّنا نقلل أيضاً من خبراتنا الشخصية؛ حيث اقترحت إحدى الدراسات أنَّ الأشخاص الذين يستخدمون هواتفهم الذكية في أثناء تناول الطعام مع الأصدقاء، يشعرون باهتمام واستمتاع أقل وملل أكثر، مقارنة بمن حولهم من الأشخاص الذين لا يفعلون ذلك، كما لوحظت ظاهرة مماثلة في أنواع أخرى من التفاعلات الاجتماعية.

يبدو أنَّنا تجاهلنا حقيقة أنَّ استخدام هواتفنا الذكية في أثناء وجود الآخرين من حولنا، يمكن أن يُؤثِّر سلباً في حياتنا، على الرغم من أنَّنا ندرك تماماً الضرر الذي يحدث من جرَّاء ذلك عندما يفعله الآخرون؛ لذلك عندما تستخدم هاتفك في أيِّ مناسبة اجتماعية، حاول أن تتذكر كيف تشعر عندما يتجاهلك شخص آخر ويُعير كامل انتباهه لهاتفه.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتعزيز مهارات التواصل مع الآخرين

3. إبقاء هاتفك بعيداً عن الأنظار في أثناء المحادثات الهادفة:

قد لا يكون تجنُّب استخدام الهواتف الذكية كافياً في بعض الحالات؛ حيث تشير الأبحاث إلى أنَّ الهواتف الذكية يمكن أن تكون مُشتِّتة للانتباه إلى حدٍّ كبير، ويقول أكثر من نصف الأمريكيين إنَّ الهواتف الذكية جعلت من الصعب منح الآخرين الاهتمام الكامل، كما تُظهر بعض الأبحاث أيضاً، أنَّ مجرد وجود هاتف ذكي على الطاولة في أثناء المشاركة في محادثة هادفة، وحتى إن لم يكن قيد الاستخدام، يمكن أن يقلِّل من درجة التعاطف والثقة والعلاقة بين الناس.

تخيَّل ما تشعر به عندما تُفصح عمَّا في داخلك لشخص ما، في حين أنَّه لا يتفَّهم حقيقة ما تمرُّ به أو يتفاعل مع ما تقوله، بل ورُبَّما يلقي نظرة سريعة على هاتفه من وقت إلى آخر، القدرة على البقاء حاضراً والإصغاء باهتمام، مفتاح بناء الثقة بالآخرين، وإذا لم نتمكن من فعل ذلك، فإنَّنا نجازف بعلاقاتنا؛ إنَّه أمر يجب أن نتذكره في المرة القادمة التي نُجري فيها محادثة مهمَّة.

4. عدم السماح لهاتفك الذكي بمنعك من التواصل مع أشخاص غريبين:

تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أنَّ التفاعلات التي تبدو غير هادفة مع الغرباء، مثل الدردشة مع نادل أو أمين صندوق، تؤدي دوراً كبيراً في كيفية شعورنا بالتواصل الاجتماعي، لكنَّ السؤال هنا هو: كيف يمكن للهواتف الذكية أن تُؤثِّر في هذه التفاعلات؟ ما دمنا نستخدمها بدلاً من التواصل مصادفة مع الآخرين، فإنَّنا نفوِّت على أنفسنا فرص التواصل.

في إحدى الدراسات، وجد الباحثون أنَّ وجود الهاتف الذكي في متناول اليد، جعل الأشخاص الذين يحتاجون إلى توجيهات يعتمدون اعتماداً رئيساً على الهاتف، ولا يطلبون المساعدة من الآخرين؛ ونتيجةً لعدم التفاعل مع الآخرين، شعر الأشخاص الذين يستخدمون الهواتف الذكية بأنَّهم أقل تواصلاً اجتماعياً عموماً، على الرُّغم من أنَّهم وصلوا إلى وجهتهم وصولاً أسرع، ويشير هذا إلى أنَّ الهواتف الذكية يمكنها القضاء على التفاعلات الاجتماعية بطرائق بسيطة ولكن مؤثِّرة، وقد تُخلِّف عواقب طويلة الأمد على حياتنا.

بعد قضاء العقود القليلة الماضية في سماع عبارة: "لا تتحدثوا إلى الغريبين"، من الطبيعي أن نشعر بشيء من الخوف من التحدث إلى أشخاص لا نعرفهم، لكنَّ اختيار التواصل مع شخص آخر في كثير من الظروف، يمكن أن يكون مهماً للغاية لسلامتنا وسلامتهم.

5. التواصل النشط عبر الإنترنت:

نحن نعتقد أحياناً -أو كما قيل لنا- أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك (Facebook) وتويتر (Twitter) يمكن أن تساعدنا على التواصل مع الآخرين، ولكن اتَّضح أنَّ استخدام الأجهزة الإلكترونية للتواصل الاجتماعي لا ينجح كما هو مطلوب، على الأقل ليس على الأمد القصير؛ حيث أظهرت دراسة حديثة أنَّ مزاجنا ومشاعرنا فيما يتعلَّق بالعلاقات الاجتماعية، ليس أفضل حين نتواصل عبر الإنترنت ممَّا هو عليه الحال عند عدم التواصل الاجتماعي على الإطلاق، وفي الواقع، كلما زاد تفاعل الشخص مع الآخرين عبر الإنترنت، ساء مزاجه وانخفضت رغبته في التواصل الاجتماعي.

قالت تشيكي ديفيز (Tchiki Davis)، الحاصلة على شهادة الدكتوراه، إنَّ "82% من الأشخاص، يعتقدون أنَّ استخدام الهواتف الذكية في المناسبات الاجتماعية يؤثِّر سلباً في المحادثات في الواقع".

من الطبيعي أن نحتاج إلى التواصل؛ لذلك، بدلاً من تصفُّح الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي من دون سبب معيَّن، وهو ما نقوم به شبه دائماً بمفردنا، علينا القيام بشيء يتضمن المشاركة الفعَّالة من الآخرين، على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أنَّ طلاب المدارس الثانوية الذين يدردشون دردشةً متكررةً عبر الإنترنت، أو يستخدمون أجهزة الكمبيوتر للتواصل مع أصدقائهم، غالباً ما تكون صداقاتهم أكثر متانة وقيمة، ويشير هذا إلى أنَّه يمكن استخدام التكنولوجيا كدعامة لبناء علاقات أقوى.

إقرأ أيضاً: 8 طرق تختطف عبرها التكنولوجيا عقولنا... هذا ما يقوله أحد خبراء جوجل!

6. التواصل مع الأشخاص في هاتفك الذكي للتعامل مع مشاعر الألم:

على الرُّغم من أنَّ معظم الأبحاث تشير إلى أنَّه يجب عليك إعطاء الأولوية للتفاعلات وجهاً لوجه، إلا أنَّ التفاعلات الشخصية ليست ممكنة دائماً؛ ماذا تفعل إذا سافر أحد أقاربك من أجل العمل، أو ترك أحد أصدقائك المفضلين البلد وانتقل إلى مكان آخر؟

تشير الأبحاث إلى أنَّ التفاعلات الإلكترونية يمكن أن تكون مفيدة في بناء الروابط والحفاظ عليها، والتي لا يمكن أن توجد بخلاف ذلك، ويبدو أنَّ الدردشة أو التواصل مع الأشخاص الذين لا يمكنك رؤيتهم وجهاً لوجه، لها فوائد مثل الشعور بمزيد من التواصل الاجتماعي؛ حيث إنَّه في أوقات الشدة، يبدو أنَّ مدَّ يد العون عبر الهاتف الذكي مفيد جداً.

على سبيل المثال، قُسِّم المرضى في إحدى الدراسات إلى أربع مجموعات، وبعد خضوعهم لعمل جراحي بسيط، طُلب من كل مجموعة، إرسال رسالة نصية إلى شخص غريب، أو إرسال رسالة نصية إلى صديق، أو لعب لعبة تُشتِّت الانتباه مثل لعبة (Angry Birds) على هواتفهم الذكية، أو عدم استخدام هواتفهم الذكية على الإطلاق، وفي نهاية المطاف، احتاج الأشخاص الذين أرسلوا رسائل نصية إلى صديقهم أو شخص غريب إلى مسكنات ألم أقل من أولئك الذين لم يستخدموا هواتفهم الذكية؛ يوضِّح هذا البحث أنَّنا نحصل على مجموعة واسعة من الفوائد عند التواصل الاجتماعي، والتي يمكن لهواتفنا الذكية أن توفرها لنا إذا لم تتوفر خيارات أخرى.

إقرأ أيضاً: فهم ديناميكيات الرسائل النصية في العلاقات

باختصار، هناك العديد من الطرائق المُحتملة التي يمكن أن تضرَّ بها الهواتف الذكية في حياتنا الاجتماعية، لكن في الوقت نفسه، يمكن للهواتف الذكية أن تجعل العديد من المهام اليومية أسهل، والمفتاح إلى تحقيق هذه الغاية يتلخَّص في معرفة متى ولمصلحة من قد تكون مفيدة أو ضارة، والآن يعكف الباحثون على استكشاف هذه التساؤلات، فإذا كنت لا تستطيع الاستغناء عن هاتفك الذكي، فضع هذه النصيحة البسيطة في ذهنك: تواصل مع الآخرين تواصلاً شخصياً في أغلب الأوقات، واستخدم هاتفك الذكي في حالات الطوارئ.

المصدر




مقالات مرتبطة