كيف تتقن مهاراتك الإدارية وتكوّن فريقاً قوياً؟

سواءٌ كنت تعمل مديراً أم لا، فأنت بحاجةٍ إلى مهارات إدارية قوية، وقد نجد المحرِّرين يعملون مع الكُتَّاب كل يوم، ويمتلك المطورون والمصممون متدربين من أجل قيادتهم، وحتى الآباء والأمهات في المنزل لديهم أطفال لتربيتهم وإلهامهم.



وفي كلٍّ من هذه الأدوار، تعني الإدارة أكثر من مجرد إنجاز العمل؛ وتتلخَّص الرسالة التي دائماً ما يقولها المديرون العظماء في أهمية الاهتمام بموظفيهم، لذا يفوضون باستراتيجية ويكونون مثالاً يُحتذى به لكيفية تفاعل الفريق.

فما الذي يجعل المدير ناجحاً؟ تتلخَّص أول خطوة يجب تعلُّمها في مجموعة المبادئ والمهارات الإدارية.

مبادئ الإدارة:

قد يكون للقادة أساليب مختلفة في القيادة أو الإدارة؛ ولكن تعتمد مهاراتهم الإدارية على الأساس نفسه؛ ففي أوائل القرن العشرين، وضع المهندس الفرنسي (Henri Fayol) هنري فايول 14 مبدأً في كتابه "الإدارة العامة والصناعية" (General and Industrial Management) لا يزال تُدرَّس حتى اليوم:

1. تقسيم العمل:

يتحلَّى الأعضاء في كل فريق بقدرات مختلفة، ويتطلب الأمر مهارات إدارية حقيقية لتقسيم العمل بطريقة تزيد من قوة الموظفين، مع علاج نقاط ضعفهم.

2. السلطة والمسؤولية:

يُعدُّ كل عضو في الفريق مسؤولاً إلى حد ما عن نجاح الفريق بوصفه فريقاً؛ ولكي يتحمل كل شخص مسؤولياته، فلا بُدَّ وأن تتحلَّى الإدارة بسلطة الأمر والثواب والعقاب عند الضرورة.

إقرأ أيضاً: ما الفرق بين المدير الناجح والمدير الفاشل؟

3. الانضباط:

يطيع أعضاء الفريق المنضبطون الأوامرَ عندما يستطيعون، ويشرحون وجهات نظرهم باحترام عندما لا يستطيعون ذلك، كما يَنْشَط المديرون المنضبطون في تنمية مهاراتهم الإدارية ويُخضِعون فِرَقهم إلى المساءلة؛ إذ إنَّه بدون انضباط، تنهار الفِرَق.

4. وحدة القيادة:

لتجنُّب الارتباك، يجب على أعضاء الفريق أخذ الأوامر من شخص واحد والتصرُّف بناءً عليها؛ فعندما يتولى عدَّة أشخاص زمام المسؤولية، يحدث التضارب بصورة حتميَّة.

5. وحدة التوجُّه:

لكي ينشأ فريق، يجب على جميع الأعضاء السير في الاتجاه نفسه؛ ولذا يتوجَّب على المديرين تحديد أهداف واضحة ووضع خطة عمل واحدة.

6. الاهتمام بالمصلحة العامة:

تُخفِق الفِرَق عندما يخدم الأعضاء مصالحهم الشخصية؛ وبالتالي يجب على الموظفين والمديرين على حدٍّ سواء وضع احتياجات المجموعة قبل احتياجاتهم، بما في ذلك المصالح الفردية للمدير.

شاهد بالفديو: 8 أخطاء شائعة في تحديد الأهداف

7. مكافأة الموظفين:

يجب على المديرين التعرُّف إلى المساهمات التي يقدمها الموظفون، مع العلم أنَّ المكافآت ليست كلُّها نقدية، فبالإضافة إلى المكافآت المالية، يمكن للمديرين استخدام المجاملات والألقاب والامتيازات لجعل الموظفين يشعرون بالتقدير.

8. المركزية:

بالنسبة للفِرَق الصغيرة، يمكن أن يتَّخذ شخص واحد جميع القرارات؛ ولكن بالنسبة للمستويات الأكبر، يمكن للمديرين التنفيذيين صياغةُ رؤية عالية المستوى مع ترك تفاصيل التنفيذ للمديرين المباشرين.

9. التسلسل:

تحتاج الفِرَق إلى تنظيم؛ خاصةً إذا كانت عملية اتِّخاذ القرار غير مركزية، لذا يجب أن يوجد تسلسل قيادي بدايةً من أعلى القيادات وحتى أصغر الموظفين، ويجب على الأعضاء عرض الأمور التي تشغل تفكيرهم على صاحب المنصب الذي يعلوهم مباشرةً.

10. النظام:

الفوضى هي عدو الإدارة، وينبغي على المديرين توفير النظام عبر محاور متعددة: كالنظام الاجتماعي، وبيئة العمل المنظمة، والعمليات المنظمة لإتمام العمل.

إقرأ أيضاً: كيف تنظّم حياتك بالشكل الصحيح بعيداً عن الفوضى

11. العدالة:

لا تستمر الفِرَق ما دام لا يُعامِل أعضاؤها بعضهم بعضاً بإنصاف، ولا بُدُّ أن يكون المديرون عادلين وأن يتجنبوا التفضيل، كما يجب أن يحترم الموظفون مديرهم وبعضهم بعضاً، حتى عندما يكون العمل صعباً.

12. استقرار الفريق:

توجد الكثير من الأعمال التي قد تضر بكفاءة الفريق؛ لذا ينبغي على المديرين تقليل الاضطرابات عن طريق وضع الأشخاص المناسبين في الأدوار المناسبة.

13. المبادرة:

يجب أن يولي كل عضو في الفريق اهتماماً بالعمل حتى يقوم الفريق بأكمله بتقديم أفضل ما لديه، ويجب على المديرين تشجيع مبادرات الموظفين؛ حتى عندما تتعارض تلك الأفكار الجديدة مع الطرائق الحالية للقيام بالأمور.

شاهد بالفديو: 6 خطوات لبناء فرق العمل الفعالة

14. الحفاظ على روح الفريق:

من الهام جداً الحفاظ على الروح المعنوية للفريق من أجل الحفاظ على مستوى أدائه عالياً، ومن خلال تعزيز المشاركة والوحدة بين العاملين، يخلق المديرون هذه الثقة والثقافة.

لا شك أنَّ المديرين لا يُمضون أيامهم في تذكُّر هذه المبادئ؛ ولكنَّهم يبنون المهارات الإدارية من خلال الخبرة ومن خلال التعليم المستمر، والتي تساعدهم في تطبيق مبادئ "فايول" الأربعة عشر.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تساعد المدير على ترسيخ التعاون داخل المؤسسة

المهارات الأساسية للإدارة:

اسأل عشرة مديرين مختلفين عن المهارات الإدارية الأكثر أهمية، وسوف تحصل على عشر إجابات مختلفة؛ ولكن يمكنك أن تراهن على أنَّ الإجابات الآتية ستكون شائعة:

1. حل المشكلات:

يحل المديرون المشكلات التي لا يرغب المسؤولون التنفيذيون في التعامل معها، والتي لا يكون الموظفون العاديون مجهزين لحلها، وتكون هذه المشكلات عادةً في واحدة من ثلاث مجموعات: مشكلات الأشخاص أو المنتجات أو مشكلات العمليات.

تتعلق مشكلات الأشخاص بالقِوى المُحرِّكة للفريق؛ فعندما يبدو أنَّ اثنين من أعضاء الفريق لا يتمكَّنان من الانسجام سوياً، يتطلب الأمر مهارات إدارية قويةً للتوصُّل إلى حل، ومن ناحية أخرى، ومع أنَّ المديرين التنفيذيين يتعاملون عادةً مع استراتيجية المنتج عالية المستوى، فهم يتركون مشكلات المنتجات مثل الخلل وتحديثات الواجهة لمديري الفِرَق الفنية.

أمَّا مشكلات العملية فهي المشكلات الأكثر شيوعاً والتي يتعامل معها المديرون، فشكاوى الزبائن التي يُغفَل عنها، وأخطاء النسخ الموجودة بالمحتوى المنشور؛ وتراجع المبيعات تقع في الغالب على عاتق المديرين.

ورغم امتلاك كل مدير تقنياته المفضلة لحل المشكلات، إلا أنَّه هناك بعض الأساليب الشائعة:

  • اسأل عن السبب: لكي تتمكَّن من حل المشكلة يجب أن تعرف سببها أولاً؛ فاسأل عن سبب المشكلة في المقام الأول، على سبيل المثال: إذا لم تستطع النوم الليلة الماضية، فقد يكون السبب في شُربك الكثير من القهوة، وقد يكون الحل إذاً هو عدم احتساء القهوة بعد الظهيرة.
  • أجرِ استقصاءً ذهنياً حول أكبر عدد ممكن من الحلول: أحياناً ما تكون الإجابات السخيفة أو المبسطة هي الأفضل،وتحدَّ نفسك في قضاء خمس دقائق في التفكير في إجابات لمشكلة معقدة، وامتنع عن إصدار الأحكام حتى ينتهي الوقت المُحدَّد للتفكير في الأمر.
  • انتبه إلى مصطلحاتك: تؤثر الطريقة التي تناقش بها المشكلة في كيفية رؤية فريقك إياها؛ فاستخدم عبارات مثل: "ماذا لو؟" أو "تخيل!" للتعبير عن الاحتمالية، وتجنَّب مصطلحات مثل: "مستحيل" أو "صعب للغاية".

2. الإنصات:

أفضل القادة هم المنصتون، ومع ضرورة وجود شخص مُحدَّد لإصدار الأوامر، يُنصت أولئك الذين يتحلَّون بمهارات إدارية حقيقية إلى أفكار الآخرين ومخاوفهم قبل اتِّخاذ القرار، وعندما لا تتوافق خياراتهم مع اقتراحات الآخرين، يشرح المديرون الناجحون السبب.

وعلى القدر نفسه من الأهمية، يجب على المديرين الإنصات لمن يعلوهم منصباً؛ ففي التسلسل الهرمي، يجب أن ينفذ كل شخص أوامر مديره، كما يتوجَّب على المديرين فهم أهداف المديرين التنفيذيين وخططهم في الشركة لقيادة فرقهم بفاعلية، كما يهتم المديرون المتميزون بأفكار الأشخاص الذين ليسوا حتى في فريقهم.

احتفظ بقائمة لأفضل الأفكار المرتبطة بكل مجموعة في دفتر أو مستند خاص، وسجِّل الرؤى واقتراحات الموظفين للارتقاء بمستوى العمل ودوِّن، ملاحظات المحادثات التي يُجريها المديرون التنفيذيون حول تحسين مهاراتك الإدارية، وكذلك الحِكَم التي تحفزك أو تلهمك، بصرف النظر عمَّن قالها.

إقرأ أيضاً: 5 طرق تساعد المدير على إتقان مهارة الإنصات

3. مهارات التواصل:

الاستماع ليس أكثر من نصف الصورة، ويجب على المديرين التواصل بصورة مفتوحة ومنتظمة مع المستويات الأعلى والأدنى في التسلسل القيادي.

عندما يواجه المديرون تحدياً يفوق مهاراتهم الإدارية، يتحدثون إلى رؤسائهم؛ وعندما يستمر أحد أعضاء الفريق في ارتكاب الخطأ نفسه، يحاولون إيجاد حل بدلاً من ترك الأمر يمر؛ وعندما يرسل أحد الزبائن بريداً إلكترونياً أو يطلب التحدث معهم مباشرة، يستجيبون في الوقت المناسب وبطريقة احترافية.

كما ينبغي على المديرين أن يكونوا متميزين في التواصل اللفظي والكتابي، ويعتمد التواصل اللفظي على ثلاثة أمور:

  • إدارة الإشارات غير اللفظية: يُعدُّ التواصل البصري علامة على الاحترام وطلب انتباه المستمع، كما يجعل الابتسامُ الناسَ يرغبون في سماع ما تقوله، وعلى النقيض من ذلك؛ يشير التململ إلى عدم الاهتمام أو الافتقار إلى الثقة.
  • أن تكون مباشراً: تجنَّب الانحراف عن الموضوع المُحدَّد أثناء الحديث؛ إذ يؤدي توضيح وجهة نظرك بأقل عدد ممكن من الكلمات إلى الوضوح، ويُظهِر احترامك لوقت الآخرين.
  • استخدام المفردات المناسبة: كن دقيقاً في مصطلحاتك، فلا ينبغي أن تصف الكارثة بمحض "خطأ" على سبيل المثال.

تنطبق التقنيتان الأخيرتان أيضاً على التواصل الكتابي؛ ولكي تقوِّي مهاراتك في الكتابة والإدارة، اقرأ واكتب بانتظام، وحاول محاكاة طريقة كُتَّابك المفضلين؛ فقد يستخدمون أسلوب المحادثة الاحترافي الذي تهدف إليه في رسائل بريدك الإلكتروني.

4. التفويض:

يتلخَّص السبب الكامن وراء منح المديرين فِرقاً لقيادتها في تمكينهم من تحقيق أكثر ممَّا يمكنهم إنجازه وحدهم؛ ولذا يُعدُّ تقديرُ الوقت والتركيز على التفويض من بين أهم المهارات الإدارية.

بعد أن تقرِّر المهام التي يجب تفويضها، والتي يجب أن تكون مهامَّ يمكن لأعضاء فريقك القيام بها بصورة أفضل منك، حدِّد الشخص الذي ستفوِّضها إليه، ويجب أن تتمشى المهارات الفنية للمفوَّض له مع المَهمة، وكذلك طباعه ومهاراته الشخصية.

بعد ذلك، ثِق في فريقك، وما دمت قدَّمت لهم تعليمات واضحة وموعداً نهائياً، فلا يجب عليك الرجوع إليه قبل حلول الموعد النهائي لتسليم المشروع، وأثنِ على أعضاء الفريق وكافئهم علناً فورَ الانتهاء من العمل.

5. التحفيز:

من بين جميع المهارات الإدارية الأساسية؛ قد يكون التحفيز هو أكثر المهارات التي يَصْعُب تعلُّمها؛ ولكنَّه أيضاً الأكثر أهمية.

كيف تُلهم شخصاً ما للقيام بما قد يكون عملاً شاقاً يوماً بعد يوم؟

لا توجد استراتيجية واحدة تناسب الجميع، فالأمور التي تحمِّس الناس مختلفة، فبينما قد تكون الزيادات والمكافآت أفضل طريقة لتحفيز أحدهم؛ يكون المزيد من الإجازات المدفوعة أفضل مكافأة لشخص آخر.

يستخدم أولئك الذين يتمتعون بأفضل المهارات الإدارية الوعودَ بحرية والتهديدات بحذر، وما لم تعمل المكافآت على تغيير سلوك شخص ما، فلا تعاقبه؛ وتذكَّر أنَّك إذا لم تتمكَّن من إقالته، فعليك الحفاظ على علاقة عمل إيجابية.

كما تُعدُّ خطط تحسين الأداء خطوةً وسيطةً جيدةً؛ فإذا لم تُحَل مشكلةٌ ما بعد ثلاثة أشهر أو نحو ذلك، فقد يكون خفض المنصب أو الراتب خياراً مطروحاً.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتوظيف عنصر التحفيز بشكل فعال في العمل

في الختام:

لا تبني الفِرَقُ القوية نفسها؛ إذ يمكن فقط للقادة الذين يفهمون المبادئ والمهارات الإدارية الأساسية تحويلُ حفنة من الموظفين إلى آلة تعمل بدقة؛ فتعلَّم هذه المهارات وستكون قد أحدثت فرقاً أكبر من أي استراتيجية تسويق جديدة أو ميزة منتج جديدة.

المصدر




مقالات مرتبطة